القــــوارب:
الامة بكافة اتجاهاتها علمانية
بمسمياتها وإسلامية بفروعها، تعبر عن حالة غرق لقوارب مهترئة لم تعد صالحة للإبحار
في الحياة،
والحديث عن الأفضلية هو حديث في الصندوق واجترار للفشل المنطلق من نقطية التفكير لا شموليته، والحاجة
ماسة ليقظة فكر جديدة للامة وفكرها الحضاري الممثل لحالتين:
1. الحالة الأولى انه
فكر يمثل حضاريا هوية الامة، وفيه قيم تعرّف السلوك.
2. الحالة الثانية
انه يمثل مفهوما حضاريا أيضا يراد ان يكون له واقعا مدنيا وهو العدل وواقعه يكون بالإنصاف
للإنسان بما كرمه الله تعالى وكدولة تطرح المساواة امام الناس بالعدل وليس بفكرة
المساواة بالعطاء، وتحدثت عن هذا في مقال سابق (مواضع العدل والمساواة والانصاف)[1].
نحن اليوم نحتاج الى ثورة فكرية حقيقية
في نفض غبار التاريخ وركوب قوارب تمخر في الفكر وتنقي ما رسبه التاريخ من كوارث
فكرية مزقت الامة بسيف حاد شتت الانسان بين ازدحام الأيدولوجيات وتتبع كتبا بشرية
حتى في الدين وضعت كشروحات بعلم زمان مضى نفعت حينها وأضر الامة أولئك المقلدون
الذي وضعوها في قدسية تغلبت على كلام الله وهي فعل او كلام بشر، وتركوا القرآن
وطياته (مثانيه) ومر الزمن ولم يفتحوها وانما استمروا بمنهج الشروح على الشروح، بل
بات كل جديد محدث وضلالة والضلالة وصاحبها في النار تكرر الى يومنا، وبقينا نرفض
الجديد الى ان يتمكن فنبرر له وجوده، لكن بقت التربية النفسية والعصبيات تصيب
الجميع إسلاميين وعلمانيين حتى باتت العلمانية دين ضد الدين بفهم المتخلفين ممن
يصفون انفسهم بها.
كيف نقيم اليقظة بفكر الامة:
أولا: الإسلام منهج حياة: الفهم ضرورة،
ان الإسلام منهج حياة بمعنى انه دليل وليس مجموعة من القوانين التي يقولها مفسرو
عصر سابق او اجتهادات لخلفاء او ملوك، وانما نحتاج الى فتح طية كمنهج لعصرنا وهذه تليها
طيات وطيات ليستمر متجددا وبمفكرين مجددين على مر الزمن.
ثانيا: العدل وليس الكرسي: ان مفهوم
الحكم ليس بتسميته وانما بماهيته، فالحكم اساسه العدل والعدل هو حكم الإسلام وان
لم يكنَّ بالإسلام
ليس حكم الإسلام ان يسمى بالإسلام بلا محتواه ويعمم الظلم.
ثالثا: الإسلام صالح لكل زمان ومكان: ان
الحكم مؤسسة وليس شخص وبوجود التقنيات الحديثة فهي منظومات تباعدت ام تقاربت تكون
مؤسسات لا قدسية لها ولا طاعة عمياء وانما تحاسب كما تعمل ضمن نصوص قوانين توضع
وفق مقتضيات الزمكان، وهذا معنى الاسلام صالح لكل زمان ومكان.
رابعا: الاهلية والكرامة الإنسانية: ان
الانسان لكي يحاسبه الله فلابد ان يكون له كامل الاهلية، وهو ما ينبغي ان يوفره له
(نظام العدل والانصاف)، وخياراته محترمة ككرامته والدولة توجه نصحا وليس بفرض
القرار، فالله جل وعلا وعظ عباده ولم يأمر إلا بضروريات لا تقبل الهوى كالعدل والإحسان
والصلات بين الناس والدولة تحمي مواطنيها من التغرير بهم او الضعف من خلال ضعفها
هي بتحسين معاشهم وتغذيتهم أخلاقيا لتساعد سلوكهم الى الصواب.
خامسا: الدولة تخطط (ولا تسمح باستنزاف
مواردها البشرية من جشع الشركات المستثمرة): الدولة لابد ان تضع تخطيطا لكل شيء
وتوظف عندها من يتطوع للعمل معها وتتيح منافذ العمل بتسهيلات للأعمال والاستثمارات
وفق نظام يجعل لمواردها البشرية ان تُستثمر من كل داخل للاستثمار في البلدان، لا
ان يستعبدوا ويمتصوا ثم يتركون بلا حقوق او مصدر عيش بعد ان يستنزفون.
سادسا: جدلية الحضارة والمدنية: كما لا يحقق
الهوية ولا العدل ان تستورد فكر الامة وهو من أسباب الازدواج الذي فيها وتبلد الإحساس وهلامية حضورها، بينما أبنائها يبدعون حيث وجد القانون والنظام ويحترمونه،
وهنا تأتي المدنية وقوانينها، وان لا يبني شيئا كنقل عشوائي وانما وفق تخطيط وتدريب
مجتمعي وتوعية والانتباه لكل حركة وخطأ مهما كان صغيرا وتربية النشأة على
المصداقية والصراحة لا المراوغة وكيف يتخلص من اثر القوانين، وهذا كله مرة أخرى يحتاج للعدل والمصداقية وإزالة اثر المحسوبية والانحراف وخيانة الامانات ثم الذهاب
بعدها والنوم مرتاح الضمير، ولكي يكون المعنى واضحا الخص معنى الحضارة( انها فكر
الامة وهي تتوسع وتنمو ولا يتغير اصلها وجذرها) والمدنية (هي تراكم الجهد البشري
وتجاربه في العلوم والإدارة والسياسة والتكنولوجيات وغيرها)
سابعا: الجميع عليه ان يفكر وان يرتقي
بعيدا عن تقليد الماضي او الشرق والغرب، حتى بات الجميع رجعيا متخلفا عن جدلية
يقظة الفكر المطلوبة
خلاصة القول: نحن بحاجة الى تمرد على
تخلف أنفسنا، واستعادة الهوية وإقامة العدل بالإنصاف، وإزله الرواسب والكف عن
تقديس التاريخ وتقليد تجارب الاخرين بعبودية واغلاق للمنظومة العقلية فقد فعل كل
مجتهد لعصره سواء إسلاميا ام لبراليا ام شيوعيا ونحن في امة لم ولن تنهض بالتقليد والتبعية
العمياء، وان ما نحتاجه هو الاجتهاد ويقظة المنظومة العقلية في مسار نهضة الامة والحديث
مَنْطِقُهُ الحاجة والامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق