رابط المصــــــــــــــــــــــــــدر
اليهودية والصهيونية:
الهوية والأخلاق اليهودية تقوم على قيم
خاصة بها وتعرف حدود التمكين بدقة لذا أكد الحاخامات المناهضون للصهيونية (7)، مثل
الحاخام موشيه فريدمان، أن الأفعال الإسرائيلية في غزة، بما فيها "الإبادة
غير المسبوقة"، تتناقض مع القيم اليهودية الأساسية، هؤلاء الحاخامات، ومعهم
شخصيات مثل ستيفن كابوس، الناجي من الهولوكوست، يرون أن الصهيونية، التي استغلت
الحنين اليهودي لجبل صهيون، انحرفت عن اليهودية التقليدية التي تربط عودة اليهود
إلى أرض الميعاد بحدث إلهي مرتبط بالماشيح المنتظر، وليس بمشروع استعماري بشري، أي رفع أي نوع من
الارتباط باليهودية.
الصهيونية، منذ نشأتها في أواخر القرن
التاسع عشر، كانت حركة علمانية تهدف إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين، متجاهلة
الاعتراضات اليهودية الأرثوذكسية التي اعتبرتها "كفرًا"
و"خيانة" للعقيدة؛ على سبيل المثال، رفض مجلس الحاخامات الألماني في عام
1897 عقد المؤتمر الصهيوني الأول في ميونخ، مما أجبر ثيودور هرتزل(العلماني) على
نقله إلى بازل. هذا الرفض يعكس الصراع الداخلي بين اليهود المتدينين والصهيونية،
التي رأى فيها العديد من الحاخامات تهديدًا لهوية اليهودية الأصيلة.
صياغة الفكرة الصهيونية:
هذا الدعم المسيحي للصهيونية الكاره
لليهود، كان يعكس معاداة السامية السائدة في أوروبا بأسلوب إعطاؤهم حلم، حيث رأى
الكثيرون أن إقامة دولة يهودية ستخلّص القارة من اليهود الذين اعتبروهم
"غرباء" غير قابلين للاندماج.
والحقيقة أن الحركة الصهيونية الصهيونية الفاقدة للشرعية والغطاء الآن لها كجذور
للفكرة الصهيونية سبقت هرتزل بقرون، وكانت متأصلة في أفكار لاهوتية وسياسية مسيحية
في أوروبا، مدفوعة بمزيج من النبوءات الدينية والمصالح الاستعمارية؛ لعلنا نستعرض
بعضهم:
- جون داربي (1800-1882): أفكاره أثرت على الصهيونية المسيحية في
بريطانيا وأمريكا (3).
- اللورد شافتسبوري (أنتوني آشلي كوبر، 1801-1885): إنجيلي
بريطاني بارز تحدثنا عنه في مقال سابق في عام 1839، اقترح خطة لتوطين اليهود
تحت حماية بريطانية (2).
- ويليام هيكلر (1795-1878): دعا إلى إقامة دولة يهودية في
فلسطين، متأثرًا بالنبوءات الدينية والرغبة في تقليص الوجود اليهودي في
أوروبا (1).
هؤلاء المفكرون المسيحيون لم يكونوا
مجرد داعمين عَرَضيين، بل وضعوا الأسس الفكرية التي استندت إليها الصهيونية لاحقًا،
دوافعهم لم تقتصر على الإيمان الديني، بل شملت أيضًا أجندات سياسية واستعمارية
تهدف إلى تعزيز النفوذ الغربي في الشرق الأوسط، ومعالجة "المشكلة
اليهودية" في أوروبا عبر إبعاد اليهود.
نهاية المهمة المستحيلة:
الكيان الذي أُسس عام 1948 على أنقاض فلسطين
كبديل لأفكار سابقة ولان فيه فكرة مركزية، لم يفشل وإنما انجز المهمة ولم يعد له
أهمية بل بات عبئا على مصالح العالم ومانع للاستقرار عندما يريد إخضاع أمة بالقوة،
وسيترك على مدى قدرته على خداع العرب الذين يتجاوز الغرب المنطق بتعامله معهم من
ضمن استراتيجية الكيان.
تدمير منهجي للوجود وحق الحياة في حرب غزة المستمرة منذ أكتوبر 2023، ولم تك هي البداية وإنما معاناة الفلسطينيين منذ 1948 في تهميش وظلم وتهجير إقصاء لكن 7 أكتوبر كانت الكاشفة للمسلمين والفاضحة للصهيونية بحقيقتها الإجرامية حول العالم بما لا يحتمل بعضه اليهود لينسب لهم بما عرفه العالم ولا نحتاج إلى ذكره من تجويع والم لا يقوم به إنسان وان كان مختلا،
هو الفشل ليس فقط عسكريًا أو سياسيًا،
بل هو فشل أخلاقي وسوسيولوجي تتشاركه الولايات المتحدة؛ ففي الوقت الذي تتردد فيه إدارة ترامب في إدانة
الجرائم الإسرائيلية، يوحد العالم صوته ضد هذه الانتهاكات، بما في ذلك أصوات
يهودية شجاعة (7) ترفض الصهيونية وتتمسك بالقيم الإنسانية هذا التوحد العالمي إلى
جانب صمود الشعب الفلسطيني، يشير هذا إلى أن المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة بعد
رفع الغطاء اليهودي والشرعية الوهمية، حيث يمكن للعدالة والتعايش أن يحلا محل
الاحتلال والصراع.
الإبراهيمية سذاجة الفكرة
وجهل المفكر:
ظهرت محاولات للترويج لما يسمى
"الإبراهيمية" كدين جديد يهدف إلى توحيد اليهودية، المسيحية، والإسلام
تحت مظلة واحدة، نوع من السذاجة في فهم الدين والتطاول على رب العالمين لكن هذه
الفكرة، التي تُروج لها بعض الأطراف الصهيونية والغربية، تفتقر إلى الجذور
التاريخية والثقافية في المنطقة العربية. الإسلام، كرسالة للآدمية، يقدم بالفعل
إطارًا شاملاً للتعايش بين الأديان، حيث يعترف باليهودية والمسيحية كديانات، ويضمن
لأتباعها الحرية الدينية تحت مفهوم "أهل الذمة". في الفقه الإسلامي، واهل الذمة مفهوم يشمل
جميع المعتقدات، وهم تحت حماية المنهج الإسلامي، قال رسول الله، (من قتل معاهدا في
غير كنهه حرم الله عليه الجنة) هذا المبدأ يعكس التزام الإسلام بحماية حقوق المعتقدات
حتى عابد "الفأر"، ليس كأقليات وإنما جزء مميز في المجتمع محميا بذمة
رسول الإسلام، كما يُشار في التراث الإسلامي، يُحترم حقه في العيش بسلام طالما لم
يؤذِ الآخرين، لأن إيذاء أي إنسان هو إيذاء لرسالة الإسلام نفسه.
مستقبل المنطقة: تبني الجذور باتت مسالة
وقت الكيان الصهيوني انتهت مهمته كقاعدة متقدمة للغرب وكممثل لليهود في العالم
والمنطقة بتاريخها العريق وتنوعها الثقافي، لا تحتاج إلى مشاريع استعمارية أو
أديان مصطنعة مثل "الإبراهيمية"؛ الإسلام بقيمه العادلة وتاريخه الطويل
في احتضان الأديان الأخرى، يبقى الإطار الأنسب لتحقيق التعايش والسلام وتبقى أمريكا في قفص
الاتهام ما لم تتبرأ من هذا الثقل الغير مبرر حمله.
المراجع
- Hechler, W. (1845). Restoration of the Jews.
London.
- Hodder, E. (1886). The Life and Work of the
Seventh Earl of Shaftesbury. London: Cassell.
- McDonald, J. (2017). Christian Zionism: Road-map
to Armageddon? IVP Academic.
- Mendes-Flohr, P. (1998). The Jew in the Modern
World. Oxford University Press.
- Ravitzky, A. (1996). Messianism, Zionism, and
Jewish Religious Radicalism. University of Chicago Press.
- Stein, L. (1961). The Balfour Declaration. Simon
and Schuster.
- UN OCHA (2025). Gaza Humanitarian Overview.
United Nations.
- Webster, C. (1951). The Foreign Policy of
Palmerston. G. Bell & Sons.