الأربعاء، 22 يونيو 2022

33 - معـالــــم انقـــلاب عــالمــــــــــي

 

منظـــــــــــومة إصلاح الحـــداثة

 

مقدمات:

عندما تبدأ أية منظومة منتجة أو مديرة أو متغافلة عن الأزمات وبغرض الاستفادة منها وليس منظومة تنتج الإصلاح عالميا، فهي منظومة آيلة للسقوط وهنالك خلل في أقطاب العالم تحتاج إلى إعادة اصطفاف

منظومة الحداثة التي بنيت على الإقطاع أساسا ولتتطور نحو الرأسمالية وتتخذ طريق العلمانية وغيرها كآليات والنفعية كمنهج سلوك قيمي عندها وتعاملت مع نظم استبدادية في الخارج لتحقيق النفعية، كما اتخذت في الشرق آليات أيدلوجية قمعية غالبا.

جنوح نظام الحداثة الغربي وعجزه أمام أسئلة ولدتها الحداثة نفسها بتوسع الاختراعات والمواصلات والتواصل لدرجة تقارب العالم دون إمكانية السيطرة عليه، وعجز الاتحاد السوفيتي السابق عن تمثيل التحدي وحصول القطب الواحد الذي اثر سلبا على العالم من امتصاص للثروات وقلاقل وفوضى تتيح عملية السلب هذه دون التفكير بأسلوب الارتقاء المدني وتبادل المنفعة وهو أسلوب نشأ منذ الاستعمار القديم باستنزاف الشعوب وعندما ثارت تلك الشعوب والتي كانت تركز دعواها لقرون على أن المحتل غريب أبدلت تلك الدول نفسها بمستبدين يحققون ذات الأغراض تقريبا ولتبقى تلك الدول سوقا.

معالم تململ:

الغرب وأمريكا وصلت مرحلة انسداد في اختلال التوازنات مع رغبة واضحة للصين وروسيا ويمكن ضم كوريا الشمالية كقوة استراتيجية، ظهرت قوى تدفع باتجاه ضرورة إعادة التوازن إلى معادلة مضطربة على حساب الدول الضعيفة رغم أن بعضها يقوم عليه اقتصاد العالم كما دول الشرق العربي عموما، فالان العالم بما يشبه مرحلة التعويم وعلى الدول بما فيها دول الخليج والمشرق إن تجد لها مكانا في التوازن الجديد.

في عشر سنين مضت ظهرت بوادر

·      اتضاح تضخـــم الصين كقوة متطورة في النظام السياسي رغم بقاء الحزب الشيوعي، ومتطورة اجتماعيا رغم بقاء الاشتراكية كفكرة عاملة واتجاه الاقتصاد بشكل مواز للاقتصاد الرأسمالي، لكنها لم تك تشكل قطبا ثانيا فهي تعلم أنها لا تملك أدوات التغيير في اقتصاد مبني على الدولار ، لكن الآن باتت تريد أن تأخذ موقعها في مرحلة التعويم.

·      دخول روسيا في مرحلة إحياء للقيصرية وليس الارتكاز على الشيوعية من جديد، وهذا سيتطلب دخولها في التوازن ليس كخزين للنفايات السوفيتية أو عامل تهدئة لدول كانت في الاتحاد السوفيتي، بل وتريد استعادة ما فقدته بسبب الاتحاد السوفيتي عن زمن القيصر وهذا السبب الرئيس في التحركات العسكرية في أوكرانيا وبعد تحقيقه تنتقل إلى خط السباق على النفوذ لهذا تتجنب الخوض في حرب نووية أو عالمية رغم دخول الغرب العملي في هذه الحرب بالمال والسلاح وتقييد روسيا.

·      هذه الحرب أبرزت تعديلا على خطط الغرب عندما استخدم سلاحه في حصار روسيا ضده، فبعد أن كانت الفوضى عزم و إرادة لمنطقة الشرق والخليج، متناسين أنها تدعم أساس اقتصادهم وعملتهم، تسببت روسيا بقلب المعادلة عندما بان العجز واضحا في مواجهة التدهور الاقتصادي حتى قبل أن يدخلون مع روسيا حربا مباشرة، لهذا فان تعديلا سيكون على استراتيجية المنطقة عندما تململت وتلكأت عن التجاوب المجاني ومن المستحسن أن تضع قيودا للعبة ليكون لها دور في الجيوسياسية والتوازن بعد القادم من فوضى حتمية تفرضها مخاض إعادة التموضع الجيوسياسية والقطبي في العالم وهو ممكن في اجتماع الخليج القادم.

لماذا يجب أن تعيد الدول العربية حساباتها:

واقع الحال أن التغيير حاصل قادم لكن إعادة التموضع لا ترتكز على أيديولوجيا أو بروز فكر جديد، وإنما تكرار لتموضع حصل في الحروب العالمية السابقة، بيد أننا أمام تموضع فشل وصناعة أزمات وليس تموضعا واعدا بحياة أفضل وان لن تحصل لكن تقارب العالم يجعل الثقة بها شبه معدومة.

النظم الغربية نفسها تتعرض لضغوط شعبية للخروج من نظام العولمة آلية الحداثة في الانتشار والهيمنة ورأينا خروج واضح لبريطانيا، بيد أنها بقت تكافح لبقاء مكانتها بالحداثة لهذا وضعت نفسها في الواجهة في حرب القرم الحالية رغم أنها ليست الأولى في تقديم الدعم، لكن بصوت عال وفقدان الدبلوماسية التي عرفت بها بريطانيا، ولابد لها أن تعود لتضع أسس جديدة مع الشرق العربي لتحصين وضعها القطبي من خلال مشاركات وارتقاء مدني متبادل يجعل المنطقة هادئة والشعوب مسترخية في رفاهية لا تخسر بها شيء لأنها أموالهم حقيقة.

تداخل الغرب مع النازحين نتيجة المشاكل، اظهر إن الغرب ليس متصالحا مع نفسه وان هنالك بروز لمشاكل من نوع جديد وتحديات واهتزازات أكثرها وضوحا في العلمانية اللائكية والتي تبدو متناقضة للناظر، وظهور الإسلام فوبيا.

العالم كخلاصة يتحرك بلا عروة، ولو إن المسلمين فهموا الإسلام وكأنه ينزل اليوم وتخلصوا من سجنهم التاريخي في الاجتهاد والنموذج، لكان خير العالم وإعادة توازنه على قيم أخلاقية وتفاهم بدل الصراعات التي ستتقارب زمنيا إلى أن تصبح مستمرة كما الفوضى شائعة اليوم خفية أو ظاهرا كذلك ستكون الحروب إن لم يتيقظ المسلمون بفكر رباني مفهوم صحيح وليس طلاسم وطقوس ونقل التاريخ بمشاكله وأفكار ظنية تضيع قيمة التاريخ كعظة وأشخاصه كقدوة.




رابط الزمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان

https://www.azzaman.com/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A5%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A/

                                                                                                              

الاثنين، 13 يونيو 2022

32 ــ السلبيـــــــــــــــــــــــــــة

 




السلبية والإيجابية:

منذ خلق آدم ومسيرة خلقه وفاعليته تشير إلى الإيجابية في الخلق والسلبية في انحراف المهام أو غياب معالجة المعلومة (يسميه القرآن العزم) وبالتالي الفهم، فإعطاء المعلومة إيجابية، لكن عدم تدبرها سيقود إلى نقطة ضعف الخلق وهي الأنا، والانا نار تأكل ما تمر عليه تتعاظم لكن لا ديمومة لعظمتها بل تخمد محتضرة تحت رماد خلفته.

الإنسان يتجاوز سلبيات الأنا بالحب، لكنه قد يحول الحب إلى أنا عندما تطغى الغرائز والمشاعر السلبية فيخلق وهما لا وجود له فيولد رد فعل عند الآخرين سلبيا بينما هو يظن انه يشع إيجابية، كذلك حبه للإنجاز في عمله قد يعطيه رغبة بإنجاز ما لا يطيق فيتوهم صنعه، وقد يفقد الإنسان عزيزا فتجمد الأنا عنده على محبة مشاعره تجاه من فقد فيكون سلبيا في استقبال الحياة بذات كفاءته.

سلبية خطأ الفهم:

الله ﷻ علمنا معنى القضاء والقدر بيد أننا فهمنا معانيها خطأ فقاد عجزنا فكرنا، لتنعكس على قوة إيماننا ودورنا في الحياة؛ بل حتى تفسير وقبول مؤامرات الأخرين، والمؤامرة هي تعبير عن تخطيط مسبق لهدف غالبا وفق فهمنا يؤدي إلى الإضرار بالآخر، لكن هذا التخطيط جزء من الحياة وليس قدرا مقدورا نستسلم له إلا بشذوذ فكرنا وتمرينه على معنى القدر انه امر مقر للإنسان بينما هو مجموعة من سنن للكون وضروريات صنعها الله ووضعها لتكون لمن يديرها من البشر وفق كفاءته، فترى استسلاما حتى لمخططات البشر والقوى التي تبدو لا تقاوم، وكما أوُهِم آدم بالخلود وملك لا يبلى يوهم الضعيف بان القوي له إمكانية التحكم بمصيره، فالتحكم في مواطن ضعف النفس هو تصديق عملي من الإنسان لتقبل أية حركة يعتبرها بما فهمه من معنى القدر انه لا يرد، ومعنى القضاء بان هنالك مقررات لحياته بالتفاصيل، لكن القضاء له معنى آخر ناقشناه في مقال سابق.

الخلط بين الرغبات والغايات:

الحاجات والغرائز تؤسس الى أمنيات ورغبات وغالبا هي تعبير عن نقص ينبغي سداده ولا سؤال عن الوسيلة، لكن العمل وفق هذا سيقود إلى ارتجالية سلبية حيث جعل هذه الهواجس أهدافا لكن بلا تخطيط، ومن المؤكد أنها ستفشل وفي احسن الظروف سيضطر الإنسان إلى التوقف والتخطيط وهذا لا يعني نجاحه لان التخطيط في مرحلة التنفيذ يعتبر تكتيكا ولا يكون محكما قطعا ويخضع للخطأ والصواب، هذه السلبية سيقوم المسؤول عن الفشل بتحميلها للظروف أو للآخرين أو لموانع وتحديات كان ينبغي دراستها والتخطيط للتغلب عليها وتكون مضمن المسار الطبيعي في إدارة المنظومة، وأما اعتبارها رئيسة ومعوقة بل شماعة الفشل فهذا هو من مخرجات السلبية في الشروع إلى الغايات التي لن تدرك.

الإنسان منظومة

وكما التخطيط مهم لأي منظومة فان أي إنسان هو منظومة بحد ذاته فهو أمة متى حمل غاية عظمى حتى لو كان وحده (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً)، الحوار يحتاج إلى تخطيط وتحديد الأولويات، فمن سلبيات الحوار أن يتجول إلى حالة دخول بالفروع والانشغال بها بعيدا عن المسالة المركزية فلا يصل المتحاورون إلى جدلية لما يريدون أن يطورون من امر، أو انهم يظنون أن الفائز واحد فينشغل الجميع بإعاقة البعض بدل الهدوء والتفكير الإيجابي بالمحافظة على ما عندك وعند الآخر للفوز ، وهذه لها فعالية معروفة أجراها رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد مع نخبة تعليمية

نكمـــــــــــــــــــــــــــل بعضنا:

التطوير للأهداف بالضبط تطبيق ما ذكر بالسطور السابقة، جمع الطاقات والاهتمام بما عندك وعند العاملين الأخرين تكاملا للوصول إلى الأهداف بجمع الطاقات وهذا هو ما يسمى بالموازنة ومنها التخطيط ودقة المراقبة وحساب المعطيات، والسلبية تحصل عندما تتصور أن حلمك سيفسره من لا يمتلك معرفة به وان عرف فلا يملك آلياته وان ملك آليات فهو لا يدير التحديات من اجل تحجيمها وعزلها، ثم نسمع من كثر ولسنا نتحدث عن إخلاصهم أن هنالك تحديات منعت العمل!

أو أن هنالك تخطيط خارج المنظومة لإعاقة العمل فيها، وما يفعل استخدام أساليب تقليدية وإظهار عواطف تتفاعل مع التحديات لتكون من ضمنها وليست بحل على أية حال.

خلاصة القول إن السلبية بمواقفها ومشاعره متولدة عنها هي حصيلة غياب المنطق عن منظومة الإنجاز، في تحديد الأنشطة والمؤثرات والمتطلبات، وعند الفشل تبدأ أوهام النجاح الذي بلا دليل أو برهان وهذا محزن عندما يقع فيه الطيبون.

رابــــــــــــــــــــــــــــــــــط الزمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان

https://www.azzaman.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D9%85/

رابط كتــــــــــــــــــــــــــــــــــــابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات

https://kitabat.com/2022/06/12/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a8%d9%80%d9%80%d9%80%d9%8a%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d8%a9/

 

الخميس، 2 يونيو 2022

31 ديالكتيك الحداثـــــــــــــة

 



الحداثــــة حداثات


لم تأت الحداثة كقطعة منعزلة أو أحياء للثقافة اليونانية كما يزعم، بيد أنها واقعا حداثات، سواء في التسلسل التاريخي أو التعدد في التطبيقات واقعيا، متأثرة بطبيعة البيئة التي هي فيها كأي مخرج مدني وهي ليست إلا تراكم للجهد البشري وان صنِّف إلى حالات متعددة، فالحداثة في أمريكا ليست الحداثة في فرنسا وفرنسا غيرها في إنكلترا، وهذه متغايرة مع من دخل في نظامها مثل الصين ودول الشرق الأخرى المشاركة في تطوير المدنية.

الحداثة هي انقلاب مدني مجتمعي قيمي سلوكي ولكن ليس بتعريف واحد، فالقيم في الحداثة التي أتت مع الرسول ص هي قيم أخلاقية نابعة من فكر له نظرة عن الكون والإنسان والحياة، وتفاعلت عالميا لقرون عدة، وابتكرت وأنتجت نظاما حدث الرؤى وطرح أسئلة وإجاب عن أسئلة، وكان مرتكزا على الربوبية  والألوهية لله وان اصل العمل هو ما ينفع الناس والحقوق لا تؤخذ بالغلبة وإنما تعطى الحقوق عدلا لأضعف الناس واقل فئة في المجتمع مع القوي ومع الأكثرية؛ لكن الحداثة في عصرنا الحالي هي ليست أخلاقية ولأنها لا تنطلق من فكر عميق وتعتمد التدين كحالة غريزية معتبرة وربما تتعالى وتنخفض وربما تعالج منظور الدين كي لا يعترض طريق النفعية لان اليهودية هي شريعة دين لا تصلح للتطور والعصرنة، والمسيحية دين كما يصفه المسيحيون دين بلا شريعة، فيكون الأمر حسب من يتولى صناعة القرار، لكن سلوكيتها منطلقة من النفعية وتحويل الاله الواحد إلى الدولة لهذا استغرقت في فوضى الاستبداد تحت أي مسمى، وتراجعت الأخلاق وفق التدهور القيمي الطبيعي نتيجة بعده عن ربط السلوك بالله وباليوم الآخر، أو ما يسميه المسيحيون بيوم الدينونة، فكانت تبعية عكسية انتقلت من قوة ومحاكم التفتيش إلى التعايش وقوانين تستحدثها الحداثة والتعايش مع أخلاقيات منافية للقيم التي تؤمن بها وهذا ليس تعميما وإنما هو غالبا ما يحدث كوضع المثلية مثلا وهو احد الإفرازات المرضية للحداثة وعجزها عن إدارة مجتمع سليم كآدمية، حيث انتقلت بقانون العقوبات من الرفض الحاد بعقوبات كالإعدام والحرق إلى أن من يعارضها الآن يصبح متعدي على حقوق الإنسان وفي نفس الدول التي كانت تحكم بذاك وهذا وحدث هذا الانتقال ربما خلال قرن من الزمان.

اللامعقول في الطرح الغربي

يرتكز الطرح الغربي كما نوهت إلى انقطاع الحداثة وكأنه زرع بلا بذور ولا سابق له، وان إلغاء القيم وتاليه الدولة هو البديل لإحداث تقدم ورفاهية لم تتحقق بوصفها فعلا واغلب ما يحصل هو الاستيلاء على ثروات الأخرين وعدمية في العداء المستتر أظهرتها حرب القرم الأخيرة، ورؤية أن الحق ما يفعل بما لا يحق للآخرين تكراره وهذا التخلف في العقلية والنفسية يوضح اذا ما استقرئ كمواصفات الشخصية غير المستقرة، فالحداثة والمعروضة وكأنها إنتاج غربي بحت هي حالة مدنية عبر التاريخ وان عالميتها التي لم تنجح نجح بها الإسلام دون إخضاع للبسطاء وإنما بإزالة جلاوزة الظلم والاستعباد لتترك للناس خياراتها، وهذا ما اعتمد تشويهه بل درس لأبناء المسلمين بطريق مشوهه إثارة غريزة السيادة والتملك فكان الفساد مرافقا حتميا للحركات الإسلامية عند توليها السلطة أو العجز عن إدارة الدولة وفرض أمور تخرجهم عن اصل من أصول القيادة والسيطرة في الإسلام للحاكم (ما أنت عليهم بوكيل) فلا إجبار ولا إخضاع ولا احتقار للآدمية فالإنسان كريم مهما اعتقد حتى لو كان ملحدا، علي واجب أن يكون حرا في قراره ولله الحكم في أمره ما لم يشع فاحشة أو يروج لخداع ناس لم تكتمل أهليتها وعلمها.

نوع من القوننة في حداثة مطلوبة في الفكر الإسلامي لكيلا يكون هنالك ازدواج أو ضعف في الشخصية بتشتت العقلية وتدهور النفسية بالعجز والكراهية وهذا حتما يحصل عندما يكلف الإنسان نفسه بما لم يكلف به، هذه الأمور واضحة حتى في النص، لا إشاعة للفساد ممن فسد، فان لم يؤثر بسلبية على بيئته فهو حر بأمره.

جدلية تراجع المدنيات الحداثية

المدنية حالة متطورة ترفض الثبات والموثوقية وإنما منهج علمي يرتكز على مبدأ الصح والخطأ لكونها نتاج بشري وليس من ماهية الإنسان الحسن المطلق.

لقد قامت دولة مدنية تحمل عقلية لقيم إسلامية ترافق عملية التطور المدني بدرجة ما، وانتشرت عبر العالم لتغير الموازين، ومن الطبيعي أن يكون هنالك رفض في بقاع العالم للتغيير خصوصا وان له صبغة دينية لكن ما في العالم من قوى مضادة عاجزة عن صد تقدمها وهي تتصاعد في الانتشار تماما كما يعجز عالمنا اليوم عن التصدي لمخرجات الحداثة الشاذة سلوكيا أو أي منها، لكن تقدم الحداثة الإسلامية بدأ يأخذ طابع الثقة والغرور ونوع من التمكين بدرجة أن لا ينظر إلى العدو بجدية أو يرى ضرورة التطور ليتفاجأ بتطور الأسلحة المواجهة كما الالتفاف عليه من الشرق ليس الهند ودول شرق آسيا تمثل هذا الالتفاف كليا، بل الاختراق الداخلي غير المسيطر عليه في الاقتصاد.

صحيح أن الحداثات الغربية سدت تلك الثغرات التي اخترقت بها الدولة العثمانية وغيرها من الدويلات التي تمثل حالة التمزق الممثلة للترف والغفلة وضيق الأفق من الحكم الوراثي المنتشر آنذاك رغم تعدده الذي لم يك إيجابيا قطعا بل كان ينخر بعضه والجميع منشغل عن تقدم الغرب في شرق آسيا ولذي منه بدأ احتلال البلاد العربية بجنود هنود أصلا، وكان يمكن أن يحدث تلاقح ثقافي ممتاز يوقف حالة الصراع التاريخية التي استمرت ولحد الآن في تصاعد عندما افرت عصبة الأمم الانتداب المباشر على العراق مثلا، لكن مراوغة بريطانيا وتحويل إدارتها إلى إدارة الهند الشرقية خلق اضطربا في الداخل العراقي فالهنود متدربين كتكنوقراط وليس متدربين على إدارة احتلال، وهنالك انفه عند العراقيين كان يمكن أن تعالج بالإقناع لو تولت بريطانيا الانتداب مباشرة، وبدأت مرحلة التطوير والمشاركة مع العراقيين الذين يمكن أن يضيفوا الكثير للحداثة المشتركة وكان يمكن أن يبقي بريطانيا في المقدمة، كخط ثاني مقارب لها بالحجم وذو ثروات، وهذا لا يترك أمريكا تتفوق لتحل محل بريطانيا ثم لتكون بريطانيا شبه تابع للقرار أو تأخذ دور الأسماك المرافقة للحيتان أو القرش.

اليوم الحداثات تتهاوى لاصطدامها ببعضها فلا قيمة تجمعها وإنما هنالك القيمة الأساس وهي النفعية ما يفرقها حتى وان بدت مجتمعة، حتى التوجه بنفس مسيحي لم يخطط له إحيائيا وإنما نوع من العصبية بلا فهم كمظهر يبرز الفشل، الإنسان أصبح عمليا عبدا للدولة، وباتت المنظومة القيمية أمرا حتميا للإنسان، معاداة الغرب للإسلام ظنا انه ضد الحداثة هو انطباع أتى من زمن حروب الفرنجة والتحشيد بتصوير الإسلام شر مطلق لتبرير التحشيد الذي اتضحت مراميه وبما ثبته التاريخ لكن لم ينعكس ما اكتشف على تقييم السلوكية الغربية تجاه الإسلام لانهيار المنظومة ولم تعد تشكل اكثر من خطر يصطنع عند الحاجة لحاجة منظومة الحداثة إلى تحديات كي تستمر ونلاحظ حذا وانتقال التحديات في حرب القرم الحالية.

ما يهدد الحداثة من المسلمين هي الصورة المشوهة التي حولت إلى واقع على الأرض كحالة الكل يعلم أنها شاذة وغباء من يشيطن الإسلام لمجرد انه مخالف له، لكن لو تركت الأفكار المستنيرة باستقراء للواقع والمستنبطة للحلول فان هنالك ما سيعود على الإنسانية بخير كثير لان الإسلام بأصله لا يرفض المخالف بل يحمي المعتقدات الأخرى وما نراه اليوم من التطرف عكس هذا بل المخالف فئة واسعة هي المسلمون انفسهم وتطورت إلى كل ما لا يفكر بطريقهم، وتضييق الواسع ليس فهما صحيحا، فغاية الإسلام العدل وغاية المسلمين تهيئة البيئة لامتلاك الإنسان أهليته وقراره وهو مسؤول عن قراره وليس فرض أي صيغة أو منظومة حكم إلا مما اتفقت الأمة عليه.

عندما تتحول العلمانية أو محاولات التميز بالدين وكأن الحقيقة عدمية وتتخندق فهذه من معالم التخلف والانحدار الفكري ولابد أن نفكر جميعا بالارتقاء الفكري لأنه المقدمة الصحيحة نحو حداثة من نوع آخر تتناسب مع تقارب المسافات والزمن في صناعة حياة تحترم الآدمية والكرامة الإنسانية ذلك لان ما يعرف بمصطلح الحداثة اليوم بات يعاني من التيه والهرم؛ فلابد من رؤية جديدة تقود الواقع كقيمة أخلاقية ليس لخلق العدو بل لإيقاف الانحدار في الآدمية.

 

 

نشر في عراقيون بعنوان (جدلية الحداثة وعلى جزئين)

 

101 - امـــــــة الزومبي

رابط عــــــ21ـــــــربي من عبادة الأصنام إلى عبادة الأعلام ملاحظات تحمل ألما أظهره باستحياء من أمه الزومبي، لمحة من سلبيات تحتاج حل لنحيا: ...