السبت، 25 فبراير 2023

48 - الدولـــــــة، السلطـــــة،النظـــــــــــــام

 



 


المجتمع:

أساس الحياة الإنسان الفرد، ومن أفراد تتكون الأسرة أو مجموعة أسر، فإن تفاعلوا بأمر مشترك كالعمل لأمر متفق عليه له استمرارية سموا جماعة، فإن ربطت بينهم قوانين ونظم أو دولة كانوا مجتمعا. ولاستمرارية المجتمع هذا فلا بد من عقد اجتماعي، ويتم اختيار نظام ما، وتنبثق القوانين فتحتاج إلى سلطة تطبق هذه القوانين باتفاق المجتمع ولحمايته، وحفظ كرامته واستقراره في الحياة وأمنه، وبذلك تكون الدولة التي ينبغي أن يكون العامل فيها أجيرا، والسيد هو الأمة أو الشعب، وكل يعرف واجبه.

مهام وتكليف:

هنالك خط رفيع ينبغي أن نفهمه، هو واضح في الإسلام كمنهج ونظام، بيد أننا متعلقون بصيغ منظومة تنمية التخلف ومعايير الجاهلية في تعريف الأشراف من الناس، فنرى فاعلية واضحة لأصحاب السلطة سواء في الحكومة أو أصحاب المال والأعمال. وسلوك الوظيفة العامة يعتمد على التربية البيتية في التعامل وعلى إمكانية الفرد في أن يحدد دوره، ومع غياب فهم مفهوم الخدمة العامة خارج مصطلحها، نجد انحدارا نحو الفساد متى ما سمح الوضع العام، وخيانة عملية مبررة بعدم القدرة على مقاومة الفساد، لفقد الوظيفة أو التعرض لعمليات إزاحة للنظيف؛ قد تكون بلا تخدير وبكل الوسائل التي تخطر أو لا تخطر على بال، والحجة صحيحة وفاعلة في الواقع.

لكن لمنع هذا، لا بد من تفعيل أصول الخدمة العامة وتربيتها وثقافتها، وتدريب القائم على السيطرة كيف يتعامل مع الشعب بحفظ كرامتهم وأنه موجود لخدمتهم، وهم ليسوا مجرمين أو متهمين، بل هو موجود من أجلهم. كذلك الشرطي، هو منفذ للقانون وليس هو القانون أو القاضي، كما يفهم الموظف أنه مؤتمن على الوظيفة وليس موجودا ليعطي ميزة ما، بل كلما زادت مسؤوليته كلما ثقلت مهمته في تحمل التابعين له وما تعني خدمته، ومن أجل هذا يرتفع راتبه.

الفساد الإداري مجهر كاشف لوجود الفساد المالي، وإلا لسعت الإدارة لتنظيم الإجراءات وترشيدها، ما لم تكن غير مؤهلة لمكانها، وهذا من أسباب الفساد الإداري الذي يقود لمضاعفات شتى، وغياب الدولة واستبداد السلطة وضعفها أمام كل مهامها، وقوتها تصب على المواطن البسيط الذي يستغيث لكرامته.

واجب المدير المتعامل مع المال إدارته بأفضل مخرجات، والمتعامل مع المواطن أن يجد أسلس الطرق التي تساعد المواطن بحفظ كرامته، وليس اعتباره كأنه عبد يطيع الدولة، وليست الدولة من ينبغي أن تكون خادمة له. ما نلاحظه من سوء إدارة وفقدان التنظيم وجهد المواطن الكبير والصغير، وإحساسه بالمهانة والازدحام والفوضى بسبب فقدان التنظيم، يجعل هنالك خطّا آخر للرشوة والفساد المالي، فالفساد الإداري مجهر كاشف لوجود الفساد المالي، وإلا لسعت الإدارة لتنظيم الإجراءات وترشيدها، ما لم تكن غير مؤهلة لمكانها، وهذا من أسباب الفساد الإداري الذي يقود لمضاعفات شتى، وغياب الدولة واستبداد السلطة وضعفها أمام كل مهامها، وقوتها تصب على المواطن البسيط الذي يستغيث لكرامته.

الدولة إذن تمثل ترجمة العقد الاجتماعي والحافظ للقيم وكرامة الناس وعيش كريم، فالدولة هي المجتمع الصحي الذي يسعى للمجموع وحقوق الفرد فيه مصانة وكرامته مقدسة.

أما السلطة، فهي القوة التي تضبط بها القوانين المنبثقة عن العقد الاجتماعي والمعاني لهذه القوة، التي لا تعني الإخضاع والإجبار، وإنما الأمان وتدريب القائمين على السلطة من الحكومة على أفضل الطرق لسيادة المجتمع بالقانون والعدل، وهنا يطمئن الناس أن الخطأ نادر، وإن حصل يعوض ويرمم، وهذا للأسف مفقود في مجتمعاتنا المتعددة في العالم المتخلف، حيث يخشى المواطن على كرامته من إنسان في السلطة لا يفهم دوره أين يقع ولم يتدرب أو يتعلم كيف يقوم بمهامه، ولم يعط الأسبقية في أمور ويؤخر في أمور أخرى.

النظام:

النظام نظامان، نظام المجتمع وهو ما يعبر عن السياسة والدولة وإدارة الاقتصاد، وتعبر عنه رؤية الأحزاب إن وجدت أو الحكومة بطريقة ما، كذلك واجب المواطن تجاه صيانة السلطة وثباتها والدولة والنظام وكيفية تصويبه.

والنظام الاجتماعي، وهو ما يعبر عن العلاقات البينية بين الناس والأسرة والعائلة والجيران، والتعامل مع الدولة اندماجا بنظام المجتمع، وتنظيم العلاقات بما يكون عرفا أو قيما يؤمن بها المجتمع.

التوازن مهم بين الدولة والسلطة والنظام، فلا ينبغي أن تركز على مفهوم وتعطل الأخرى، وهذه السلبية عادة تحصل في العالم إلا ما ندر، حتى الدول المتطورة مدنيا باتت تترهل وتفقد الجوهر؛ لأنها ألهت النمط ولم ترسخ الأسس بالتعليم المستمر وترميمها ومعالجة السلبيات في المتطور من نظام.

لا يمكن إقامة الدولة أو نجاح أي نظام بفرض رأي أو معتقد على المجتمع ككل، بل بإدارة الاختلاف وتماهيه بألا تكون خصوصية المعتقدات أو طقوسها فاقعة، ليكون ذلك مقبولا وسمة ثقافية لا تشكل خطرا على أية ناحية حياتية، من أجل هذا كان النظام الإسلامي يمنح خصوصية للمعتقدات الأخرى لتسوية أمورها الخاصة، ما لم تتداخل مع الدولة عندها، فقوانين الدولة تحكم الجميع، أما أن يفرض رأيا لمعتقد ويتم تجاهل الاختلاف، فإن العقد الاجتماعي يعتبر منفرطا؛ وهذا خطر على كينونة الدولة، وامتحان لصلاحية النظام وشرعية السلطة ومشروعية ما يؤهلها للقيادة باسم الشعب، بل هو نهاية للعقد الاجتماعي الذي يشمل كل هذا. وعندها لا بد من إعادة التنظيم للعوامل الثلاثة أو الجغرافيا، وعدم تلازم والتزام الشرعية بالمشروعية يقوضها أو يقوض الدولة والسلطة والنظام.

التوازن بين الثلاثي:

التوازن مهم بين الدولة والسلطة والنظام، فلا ينبغي أن تركز على مفهوم وتعطل الأخرى، وهذه السلبية عادة تحصل في العالم إلا ما ندر، حتى الدول المتطورة مدنيا باتت تترهل وتفقد الجوهر؛ لأنها ألهت النمط ولم ترسخ الأسس بالتعليم المستمر وترميمها ومعالجة السلبيات في المتطور من نظام.

المؤكد أن التناغم بين فاعليات العوامل الثلاثة يعزز نجاح الإنسان كمنظومة عاقلة.

https://arabi21.com/story/1496255/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%8 9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9- 5


الأحد، 19 فبراير 2023

47 - الجامعة العربية وإدارة الازمـــــــــة

 


معالم تغيير مطلوبة

في حديث لي مع صديق عزيز ودبلوماسي قديم تطرقنا إلى الجامعة العربية ودور غائب عن الأزمات والأحداث حتى لتبدو باردة برود فكرة القومية العربية التي أنتجت الجامعة العربية والتجاذبات التي تجعلها كالقطب المنجمد الجنوبي في تفاعله والحياة، أزمة الزلزال الأخيرة والحرك العشوائي للمنطقة في تجاوب غريب مع بلاد منكوبة أصلا ونكبت بالزلزال وفي السلوك الارتجالي للقائمين على الأمور لمساعدة الناس، بيد أن هذه الأزمة كانت كاشفة لواقع مهترئ في البلاد العربية، هيكل تنظيمي مترهل وتنسيق لا يبدو إلا ممثلا للحد الأدنى كمجموعة ترى ببغاء جميل وكل يريد الاستحواذ عليه ليكون بعد ذلك فاقد لريشه الجميل ويصرخ بصوت مبحوح أو لائذ بالصمت.

أزمة المياه

المياه من العناصر الغير واضحة في منظومة الجامعة العربية بينما هي المشكلة التي تسير حثيثة على الواقع والتي ممكن أن تضعف الاستقرار في المنطقة، هذه المهمة العظيمة ليس لها وضوح في الجامعة العربية وتركت البلاد العربية كل تعالج مشكلاتها لوحدها عدى منظومة لا ادري مدى فاعليتها حول نهر الأردن ومؤتمرات لا تبدو ملزمة تعقد لوزارات الري والموارد المائية والتي لم يبدو أنها تداخلت ومشكلة مصر وسد النهضة فهذه مشكلة ليست سيادية بل تهم الأمة، كذلك حالة الجفاف المتراكم في الدول الخليجية في السنوات الطوال ، ومشكلة العلاقات المائية بين تركيا وايران وسوريا والعراق والجفاف الرهيب وتدهور الزراعة ومقوماتها وتراجع المعالم البيئية، مشاكل كبيرة وغموض حول سدود تقع خارج الحدود لابد من معرفة سلامتها البيئية.

سد النهضة يعالج وكان المشكلة حصص مائية، وجدل بين الأطراف حول السد كل حسب رايه وظرفه، بينما لم يفكر أحد في أن كمية الخزين رفعت عدة مرات تصميميا دون دراسة كافية على ارض متكونة من البازلت وممكن أن تنزلق لتكون كارثة في السودان ومصر، فمراجعة التصاميم اهم من كميات المياه التي يمكن معالجتها فنيا من خلال تعديل تصميم السداد الملحقة أو بإدارة مشتركة في الإطلاقات وتنظيم الكل على الوضع الجديد، والاستفادة من الواقع الجديد إيجابيا في سد أسوان العالي بالذات.

العراق وسوريا وتركيا ممكن أن ينشئوا بإضافة إيران ضمن المنظومة ما يشببه الوزارة العابرة للحدود لإدارة الموارد المائية والمشاريع الزراعية والأمن الغذائي التكاملي من تربية الدواجن واللحوم والمشتقات في الصناعات للموارد الزراعية والحيوانية.

ذات المشروع ممكن أن يكون عاملا مساعدا لمد أنابيب المياه من سدود على سيحان وجيحان ونقلها بأنابيب إلى سد حديثة ومنه بمشروع أنابيب من أسفل سد حديثة ينقل المياه إلى الجنوب ودول الخليج عن طريق زبيدة أو الكويت، وهو ما يقرره الدارسون للمشروع بشكل مساحي وهندسي في التصاميم، ومحطة ضخ إلى الأردن.

هذه المشاريع تحتاج الجامعة العربية للتنسيق بعيدا عن التجاذبات السياسية والاستقطاب وإنما بسياسة إدارية وفنية

اتحاد تعاون الدول العربية:

إن المنظومات تحتاج إلى تكامل فيما بينها، فدول الخليج تحتاج إلى اتحاد بينها وهي قادرة على هذا من خلال امر الواقع الذي يلح بهذا.

دول المغرب العربي وصلت حالة من الاختلاف فيما يبدو بين التمزق الداخلي إلى طبول الحرب البينية واستغلال الضعف البيني لكل منها

حالة الأمة ككل يعتريها الواقع المهلهل الهلامي وتحتاج إلى منظومة قرار مشترك لا يبدو جامعة الدول العربية قادرة عليه أو مصممة له.... من اجل هذا لابد من منظومة تساعد في كل هذا وربما سيكون من المفيد رغم أنى اقر بصعوبته بان يشكل اتحادا عربيا له القدرة والصلاحيات على التدخل في الأزمات بل السعي لمعالجة أسبابها قبل حصولها سواء اللازمات البينية بين دول الاتحاد أو الأزمات بين دول الاتحاد وخارجها والإشراف الموثق والتفصيلي على الاتفاقات الثنائية بين دول الاتحاد وبينها وبين دول من خارج الاتحاد وتقديم الاستشارة لحكومات الدول وفق دراسات وأرقام تنتج بالتعاون مع مؤسسات دول الاتحاد بالأرقام والمقترحات البديلة أو تعديل ما ليس مناسبا لها.

غاية في الأهمية:

أننا في واقع يشير بوضوح لاختلال في الأمن الغذائي والتعاون البناء الثنائي بل وصل إلى التناحر وان الحال كما هو بدون تعاون وتشاور ضمن منظومة مؤهلة وناس خبراء قدرين على التكامل ونقل الخبرات بوضوح بين الدول فان المستقبل معتم

إعادة التنظيم ضروري للجامعة العربية في أسوأ الأحوال إن لم تك هنالك رغبة في الاتحاد وهو امر سيبدو من الحكمة السعي إليه، وإعادة تعريف المهام بما يتناسب والواقع الجديد، سواء في المياه أو الأمن الغذائي بشكل عام وان يكون لها وجدود فعلي في تحسين حياة الأفراد وإدارة المساعدات بين الدول وبعضها للتكامل في القدرات وإدارة الموارد البشرية والطبيعية بشكل أمثل وكذلك الأزمات ونحن نرى كم من الناس فقدت حياتها وعيشها نتيجة سوء إدارة الأزمة والاستعداد أو تدقيق الأبنية وفق معايير علمية.


46 - صورة واقع المنطقة مع بعض الرتوش

 




نظرة إلى المنطقة


إن نظرة واجبة إلى المنطقة تجبر المثقف أيا كان توجهه أن يقف متأملا ليكون مواجها لحقيقة وضع الأمة كجزء منها وليس كناصح أو معارض. إن منطقتنا اليوم تتفاعل بها أمور صعبة، لكننا نستبشر الخير الذي لا ينبغي أن يكون أمنيات، وإنما خططا ودوافع تبعدنا عن سكة نكون فيها عربات، ولكن لسنا قاطرة ذاك القطار المرغم على ألّا يغادر قضبان الانهزام التي يسير عليها.

دعونا نقر بأننا لا بد أن نبتعد بمركبة تقل قوى فاعلة تسير على طريق منحدر وسط جرفين تصعّد منهما أبخرة براكين، ولا نعلم أي مصير ينتظرنا إن لم نحسن التفكير بلا عواطف أو أحاسيس سلبية أو مواقف لا تتصف بالعقلانية؛ يعد أمامها ترفا ما اختلفت العرب عليه كناقة البسوس.

دول الخليج بالذات وكما ذكرت في مقالات سابقة، هي الأكثر قدرة على أن تكون نواة لأي عمل تكاملي جاد، فمنظومتها الخليجية المتمثلة بمجلس التعاون، يمكن إصلاحها وترميمها لتكون قوة وموطن قرار لتحالف وجودي أمام القادم مع تركيا، التي تشكل فضاء تكامل وانسجام مع الخليج.

إذا نفكر بواقعية، هنالك دول ثرية وأخرى صناعية وأخرى تعبث بها المغامرة وسوء الإدارة، وأضحت كالثقب الأسود يسحب بمن يمسك بأطرافها إلى غياهب المجهول.

هذا واقع المنطقة فعلا، وعلينا أن ننظر بواقعية للأمور، ولا نراهن على رضا الصياد عندما تقترب منه طريدته وتقع في فخه، فتوفر عليه طلقة بندقيته، ليمسح عليها بهدوء قبل أن ينحرها.

فضاءات التكامل

اليوم، لا بد من إدارة فضاءات التكامل الإداري، ليس للقوة فحسب، بل لعناصر القوة من موارد طبيعية وبشرية وطاقات صناعية وعسكرية وزراعية، وهذا يعني فضاءات التكامل أيضا في إدارة الموارد المائية.

إن دول الخليج بالذات وكما ذكرت في مقالات سابقة، هي الأكثر قدرة على أن تكون نواة لأي عمل تكاملي جاد، فمنظومتها الخليجية المتمثلة بمجلس التعاون، يمكن إصلاحها وترميمها لتكون قوة وموطن قرار لتحالف وجودي أمام القادم مع تركيا، التي تشكل فضاء تكامل وانسجام مع الخليج، ليس لمعاداة أحد أو قطبا مبادرا لحروب، وإنما لتشكيل سياج عدم انحياز ودفاع مشترك أمام أي طارئ يمكن أن يذهب باستحقاق الأجيال في العيش الكريم والآمن.

الانحدار والفوضى:
المنطقة لا يوجد فيها نهضة ولا مراحل متكاملة لإنشاء تصنيع أو حركة نقد متكاملة، وإنما ممكن إيقافها في أي وقت من خلال تفكيك المفاصل، لذا نجد دولا بها أراض زراعية وتستورد خبزها، ونجد بلدانا نفطية لكنها لا تتحكم في السوق النفطي ناهيك عن الطاقة، فحلقات الكيانات هذه ليست كافية لتقفل دائرة التكامل للدولة

في منطقتنا أنشئت كيانات متعددة، فمنها ما هو وظيفي يتفاعل معه ويتفاعل مع الواقع من خلال وظيفته السياسية والمال والأعمال أو الموارد الطبيعية أو كيانات سياسية تتحرك في معادلة المصالح، لتشكل كما يقال بيضة قبان أو تنفيذ محتوى رسائل لكل الفواعل في المنطقة، وهنالك من البلاد ما وُضع في قيادتها من يضمن تخلفها وإبقاءها كسوق ومصدر للخامات، وهذا في أفضل أحوال ما بعد الاستعمار والقيادة لمخططات في المنطقة.

المهم في هذا، أن المنطقة لا يوجد فيها نهضة ولا مراحل متكاملة لإنشاء تصنيع أو حركة نقد متكاملة، وإنما ممكن إيقافها في أي وقت من خلال تفكيك المفاصل، لذا نجد دولا بها أراض زراعية وتستورد خبزها، ونجد بلدانا نفطية لكنها لا تتحكم في السوق النفطي ناهيك عن الطاقة، فحلقات الكيانات هذه ليست كافية لتقفل دائرة التكامل للدولة.

هذا الانحدار يجعل البلدان معرضة للفوضى في أي وقت؛ لأن العمل فيها والدراسة وتهيئة الكوادر ليست منتظمة لتشكل تناغما أو تماهيا مع الاهتزازات التي يسهل إحداثها، أو تحدث طبيعيا في المنظومة لترسخ التخلف. فالدولة كمعنى الدولة المعروف وسيادة القانون ليست موجودة فعلا وإنما سلطات وبقايا هيكليات تثبت الوضع؛ لتحتفظ بالقدرة على استعادة الهدوء بعد أي اضطراب، لكن سوء التخطيط يجعل من بلدان غنية فقيرة، أو غنية وأهلها متمكنون لكن لا يصلون للرفاهية بحكم التضخم نتيجة اختلال حلقات الاقتصاد ما بين الإنتاج والمصروف فعلا، ودول غالبا تفيض بسكانها وأخرى تستورد كوادر عاملة دون أن تتمكن من صيانة ما تقوم بها الكوادر الأجنبية، وأخرى تفيض بالجهل نتيجة تنحي الحضارة الفكرية وتعاظم التقليدية، والفشل الحياتي والتربية التي تقوم على الأوهام والخزعبلات، وفهم الدين بطريق غريزية سطحية، وتحويله إلى طقوس يهرب بها الناس من حالة الضنك وفقدان التوازن، كلها تجعل أي حركة إصلاحية عدوا لنمط مقفل متخلف، اعتادت الناس هدوء استعباده لها، فتقمع الحراك لأمل حريتها الذي يبدو مخيفا.

ما العمل؟
رأينا في ثورات الربيع العربي كيف حصل الارتداد وهروب البلابل التي تربت في الأقفاص وأخرجت منها؛ كيف تطير عائدة مهاجمة لمن أراد تحريرها، خصوصا أن من أراد تحريرها كان أسيرا في فخ التقليدية، والخوف من التحديث ومسايرة العواطف السلبية.

ما ذكرنا من فضاءات التكامل، لا يقوم مدنيا من غير فكر حضاري رصين، لكن أي مصلح لا ينبغي أن يتصور كل مهمته كيف يوصل فكرته؛ لأنه سيواجه معضلة إقناع الخاصة قبل العامة بأي فكرة تنويرية، نتيجة رسوخ قناعات تعتبر مصدرا طبيعيا لأي فكر جديد. وهذا ناتج من ترسيب لثوابت وضعت بطريق لها نوع من النغم المنسجم مع التطلعات وقلة الجهد، فمن ثم أي مصلح هو مصدر هرطقة.

ورأينا في ثورات الربيع العربي كيف حصل الارتداد وهروب البلابل التي تربت في الأقفاص وأخرجت منها؛ كيف تطير عائدة مهاجمة لمن أراد تحريرها، خصوصا أن من أراد تحريرها كان أسيرا في فخ التقليدية والخوف من التحديث ومسايرة العواطف السلبية.

لا بد من تجديد الهوية وتوجه المفكرين لفعل هذا، ودعم بعضهم للوصول إلى مفرق طرق، والأمة تختار لأن الفوضى لا تنتج نظاما، والنوايا لا تصنع بالجهل صروحا، وسلطة ضيق الأفق لا تؤدي إلا إلى التخلف المدني والانحدار الحضاري.

https://arabi21.com/story/1494823/%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A8%D8%B9%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AA%D9%88%D8%B4

 


الأحد، 12 فبراير 2023

45: الزلزال

 



لماذا اكتب عن الزلزال؟

لم يخطر ببالي أن اكتب عن الزلزال وقد كتب كل من يرى ما يرى فمنهم من اعتبره عقوبة، ومنهم من اعتبره إنقاذ، ومنهم اعتبره غسل للخطايا، ومنهم من اعتبره تدمير لا يحتاج إلى دبابات وما بين كل هؤلاء مشترك وهو الراي الذي ينطلق من مفهوم كأي مفهوم آخر من السرديات التي تنسب للدين والقدرة واعتبار رفض هذا التقييم إنما اعتداء على القدرة الإلهية، أو الكراهية المنحدرة بالقيمة الآدمية وهذا لعمري أثار نوعا من الأسى عندي لكن ما دفعني للكتابة هو صورة لفتاة تحمي راس أخيها وتبتسم لفريق الإنقاذ، عندها كان لزاما أن نكتب في هذا الموضوع وهو يبين الأمل مع الألم، وما مطلوب استخلاصه.

ليس من امر بغير إرادة الله فهذا محسوم أمره ولكنه ليس قرارا آنيا أو يا زلزال اضرب هنا بل خلق الله كل شيء بنظام وقوانين ولكل مخلوق ماهيته، هو حي وان بدى جامدا لكنه يخضع لماهيته ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ   11 فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.

هي حية في ماهيتها تخضع لقضائه بان تكون السماوات السبع والأرضين السبع وجعل السماء الدنيا مميزة بزينتها وهي حيث نحن ولم نتمكن علميا لحد الآن من الوصول إلى نهاياتها.

إذن هنالك قضاء للأرض وقوانين موضوعة ثابتة وسنن للحياة، هنالك ارض تتكون من طبقات أرضية وصفائح متعددة ، تتكون من لب وسائل عازل وقشرة أرضية، الكل في حركة ودوران، ومن التقارير أن اللب الأرضي توقف عن الدوران منذ مدة في العقد الماضي، وقد يتحرك بالاتجاه المعاكس في المستقبل، وربما ما حصل هو تململ لحركته من جديد سواء باتجاه حركة القشرة أو عكسها، لا احد يمكن أن يجزم ما لذي سيحصل فعلا إن عاود اللب الحركة باتجاه معاكس لحركته السابقة، وتأثير ذلك على الأقطاب المغناطيسية، والتي توجد دراسة أنها انحرفت فعلا عشر درجات عند حصول تسونامي اليابان، هذا كله ضمن قوانين الأرض والسنن، ولا يتغير لوحده ومن ذاته فهو ضمن ماهية الأرض، فما يحصل هو جزء من حركة الحياة كابتسامة الطفلة عند حضور أغراب لإنقاذها واخيها.

 

ماذا ينبغي أن يكون رد الفعل:

1.    اليوم تتركز جهود على الإنقاذ ومن يمكن إنقاذه وهذا امر إنساني لابد منه ومن واجب الإنسان للحفاظ على النسل والبشر والروابط الإنسانية والاجتماعية والا بقينا كقطيع الإيل لا يهتم لمن كان من قطيعه ويموت خنقا بأنياب الضواري أو الوحوش، وان تعويض هذه الناس بسكن كما فعلت قطر بإرسال بيوت جاهزة وهو الحل الأسلم حاليا مع الأجواء الباردة والثلوج.

2.    لابد من تنقل سريع على المنشآت وفحصها ليس بالنظر وإنما بأجهزة السونار خصوصا السدود التي لها أولوية إن كانت في طريقها للامتلاء لأنها حتما ستتجه للسقوط والانهيار إن حصل ما يؤثر على استقرارها أو يسمح لمرور المياه من داخلها أو شقوق قابلة للتطور كذلك الأبراج السكنية القريبة من أبراج سقطت أو في المنطقة.

3.    واضح جدا أننا نستقبل تغييرا ما لم يحصل في التاريخ المنظور في منطقتنا، لهذا لابد من إعادة النظر في التعليم وفهم معنى الدراسات، والتعمق في دراسات البيئة والصيانة للمنشآت وعوامل السلامة عند إقامة الأبنية والمنشآت لتواجه هكذا حالات ليست محض هزات أرضية بل زلزالية تؤدي إلى تشققات في التربة وهذا يعني تبني نظام الأعمدة لأعماق تدرس أطوالها داخل الأرض وصب أسس كأرضية تقام عليها الأبراج السكنية لا تعتمد على تراص التربية حتى أعماق مدروسة وتزويدها بلدائن أو مطاط يمتص الحركة العنيفة.

4.    إنشاء مراكز دراسات للنظر بصيغة تعاونية بين بلدان المنطقة ومشاريعها التي لم تعد أمرا سياديا وإنما يؤثر عطبها على غيرها مثل السدود وانهيارها فقد يغرق بلادا ويقتل أعدادا لا تحصى من الناس

5.    اتباع نظام فضاءات التكامل في إدارة الموارد كلها ومنها الموارد المائية.

6.    تكوين منظومة تتعاون في إدارة المصالح بين الدول المتجاورة تنسق الأمور بأولوية أكبر من شكليات السيادة على الحدود السياسية للحكومات.


الأربعاء، 1 فبراير 2023

44 - الزواج رفقة وليس عبودية

 





في مجتمعنا ظهرت أمورٌ تزيد من التفكك الأسري نتيجة فهم يقارب الخطيئة في معنى القوامة والعلاقة الزوجية التي تقتل المودة والرحمة واضحى الطلاق نسبة عالية لمتزوجين اشهر أو نيف من السنين، وصفة الزواج بعقد النكاح لإعطاء شرعية واضحة للعلاقة وليس لأنه ملتصق بالغريزة لصفته هذه، وهو عقد بين اثنين كاملي الأهلية والنضج العقلي وليس لإشباع غريزة فقط أو انه عقد تملك وعبودية وإنما لديمومة السلالة وإقامة مجتمع، فمعنى الزواج الموصوف بوضوح في القرآن انه علاقة راقية عقلية عاطفية متوازنة ووضعها ليس في باب الشراكة وإنما الرفقة التي يمكن مغادرتها مالم يحصل وفاق واتفاق، إن الإسلام إنسانيا وليس ذكوريا، أما تفسير الإشارة إلى المسؤولية (القوامة) وترجمتها بصيغة فوقية وسلطة يد عليا إنما هو تحريف عملي لمعاني القرآن في التطبيقات الحياتية بخلط سلوكيات متخلفة جاهلية بعد أن حفظ الله لفظه من التحريف.

[عن زيد بن أرقم:] بعثَ رسولُ اللهِ ﷺ معاذَ بنَ جبلٍ إلى الشامِ..........لَوُ كنتُ آمِرًا أحدًا أنْ يسجدَ لَأَمَرْتُ المرأةَ أنْ تسجدَ لِزَوْجِها. الهيثمي (ت ٨٠٧)، مجمع الزوائد ٤‏/٣١٣... وضعفه البخاري وجماعة

هذا الحديث  بمتعدد مراجعه ومتونه وتعدد روايات حالته وظروف طرحه كثرة من علماء الحديث ضعفوه وقليل من قال صحيح حسن، وبعضهم أسقطه، والمطلع على علم الحديث يجد أن هنالك شروط وأحوال تنقل الحديث من درجة إلى درجة ربما ترفع من الضعف إلى الصحيح والعكس صحيح، لكن مقارنة الحديث مع جوهر الإسلام ونوع العلاقات سنجد انه حديث اشتهر رغم أحواله لأنه يعطي للرجل شيئا، وتجاوزوا انه مسبوق بحرف امتناع لامتناع وهذا يعني انه ليس موجودا أصلا وإنما استطرادا في الحوار لا يبنى عليه حكم، هذا الحال لم يك واقعا في سير الصحابة الكرام الإعلام كالراشدين وأهلهم، ولن ينفع أن يكون في واقعنا ولا يحتج به إلا من ضعفت شخصيته وزاد ظلمه، والرجل الذي يظلم المرأة إنسان فاقد للمروءة وحقير، فالرجولة أن ترفع من مقام زوجك ووجودها وسترفعك حتما عند هذا لتسد نقص تفكيرك أو ضعف عيشك أو ضيق الدنيا ورخائها فالمرأة ينبوع عطاء وسلم ارتقاء إن كسرته بقيت وضيعا.

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21، الروم)، والتفكر عند العقلاء والأصحاء وهو تحقيق المراد من السكينة وليس الاعتداء والإرغام بالقول والعمل أو عبودية

والبعض يفسر الآية التالية على هواه باجتزاء من اصل المتن {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، والدرجة هنا ليس للتفضيل وإنما ما مطلوب من الرجل اكثر لتحقيق للاستقرار من جديد بعد طلاق، وليس الاستشهاد بها لتحقيق سلطة ذكورية وهمية لا تقبلها شخصية الفكر الإسلامي في جعل العلاقة علاقة رفقة والرفيق هو من سرت وأياه في طريق لا تخضعه ولا تستغله ولا سلطة لك عليه إلا بحكم اللياقة والتفاهم، وهذه لله الحمد متاحة في نفسية المرأة التي هي عنوان العطاء والعاطفة والود؛ فعطاء المرأة ومساهمتها في القوامة أي المسؤولية صدقة أما الرجل فواجب عليه لا منّة ولا فضل إن قصر حوسب من أهل الأرض ومن الله، وقد وردت الآية السابقة في سياق الطلاق والافتداء؛ (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) حيث إن الطلاق حقُ الرجل في إنهاء الحياة الزوجية دون رجوعه لأحد، بينما الافتداء حق المرأة في إنهائها، لكن بإشراف الولي؛ كضمانٌ لحق المرأة ومنعٌ من ابتزاز الزوج إياها وليس حجرا لرايها أو استخفافا بقرارها فهي ذات أهلية وحق والآية لا تجبرها على الرجوع أصلا لكن تعطي الرجل فسحة للتراجع إن طلق لحماية النسل.

وعلى أي حال لا يُفهم من قوامة الرجل تسلطه على المرأة أو إذعانها له، وإنما تبقى العلاقة كما قررتها الآيات بنيانها السكينة والمودة والرحمة، وكل ما يرد مخالفة لمنهج القرآن ينبغي أن يكون فيه نظر كاللعن لمن لا تحقق رغبة بلا رغبة فالعلاقة هي اكتفاء لاثنين وليس حق للرجل فقط واللعن ليس لمؤمن.

إن سوء تصرف بعض الأزواج واحتجاجهم بالذكر الحكيم هو تلفيق على الله وكتابه، وتشويه لسمعة الدين الحنيف لا تقل عن إبداء الإهانة والاستهانة بكتاب الله كالتي يفعلها بعض الحاقدين؛ بل سلوك هذا البعض من الرجال يجعلها تزيد لأنها تحرف معانيه في بناء المبادرة والسلوك والنموذج وتشوه مقاصده وتميت النظام الاجتماعي في العلاقات الأسرية وقوته بسبب مرض الذكورية الذي يعاني منه البعض أو الأمراض النفسية التي يفرغها في أهله بدل رفع الضغط عنهم، أو كسل البعض عن البحث في المثاني القرآنية.


101 - امـــــــة الزومبي

رابط عــــــ21ـــــــربي من عبادة الأصنام إلى عبادة الأعلام ملاحظات تحمل ألما أظهره باستحياء من أمه الزومبي، لمحة من سلبيات تحتاج حل لنحيا: ...