السبت، 27 يناير 2024

90-لغة أمريكا والهروب لوهم التطبيع

 

  

المشكلة

ما أتحدث به اليوم، يمثل مشكلة أمة ممزقة تتقاذفها الأهواء والأنانية، وليست خلافاتها بسبب رأي أو اجتهاد أو طائفية مزعومة أو أية رابطة هابطة مما سبق ذكره أو لم يذكر؛ كالعرقية التي يُلتجأ إليها بغياب أو تشوه الرابطة العليا لأمتنا، والتي هي رابطة جامعة للتعدد والتنوع وإنتاج الإيجابية من هذا التعدد والتنوع، وليس كما نرى الآن التطاحن والتشاحن بل مداراة أعداء الأمة بضرب الأمة بعضها ببعض، واختراق قدسية معتقدها الأساس وتغليب الروابط الهابطة.

هذا ليس سببه التنوع؛ فالأمة أمة حية تتنوع فيها الرؤى مذ ظهرت، لكن جُعل التنوع سببا لتدهور الأمة وإذلالها بواسطة قادتها طاعة لإرادة أعدائها، غير مستفيدين من التاريخ الذي يعيشون سلبياته ويستحضرونها ولا يستفيدون من مواعظه وأحداثه، فما أشبهنا اليوم بعصر دويلات المدن وعشية سقوط الأندلس التي انتهت بسقوط غرناطة!

المشكلة الحقيقية هي لغة الفهم لأعداء الأمة الذين اتضحت هويتهم كحكومات حتى لشعوبهم التي تتظاهر اليوم ضد أفعالهم وقراراتهم، ووقوف من له ضمير أمام الإبادة الجماعية. وتميزت خطوط وهويات ومرامٍ في معركة طوفان الأقصى بين غزة والكيان، لكننا من شرق الأمة وغربها لم ندرك لغة من يغزوها، بل أضحينا نعين الغازي باسم طائفية أو باسم قومية، فتسول لنا أطماعنا والأنا الإبليسية ما نفعله كقادة لهذه الأمة وحكومات؛ غالبا يتعرض الشعب بسلوكياتها إلى طغيان وأذى كبير، يضعه كل يوم أمام اختبار الإيمان بالعقيدة والوجود في الحياة.

لغة الولايات المتحدة:

الولايات المتحدة تمثل نموذجَ الدولة الحديثة وفي مراحل متقدمة، لها سياقاتها في كل شيء، حتى في المغامرة وحدودها، حتى في علاج الطبيب لمريضه وفي أي حركة للمجتمع؛ بالمختصر نمط حياة قريب من نمط حياة الغرب عموما لكنه أكثر علمية، لهذا فهو مجتمع مترابط ليس بالمواطنة المعروفة والعلاقات المجتمعية العائلية التي نعرفها في الشرق، بل بسيادة القانون والحفاظ على نمط الحياة.

كمثال للفهم: بايدن أو أي رئيس ليس الحاكم بأمره كما هو عندنا، وإن نسبت القرارات إليه، لكن لديه هامشا من الإنجاز والاجتهاد وتنفيد وعوده أمام ناخبيه، ومثال ذلك التزامه أمام اللوبي الصهيوني. فالتطبيع رسالته ورسالة الجمهوري ترامب ورسالة أوباما وكلهم لا يختلفون إلا بالوسيلة، فأوباما مثلا يعتمد على إضعاف المنطقة العربية وإثارة المخاوف من إيران التي تتماشى مع هذا الأمر باتفاق للمصالح، بيد أنها تتوقع تحقيقها والحقيقة أنها لن تحقق أي شيء ولن تحقق أبعد مما هو مسموح لها؛ فقوى الغرب ضاربة جدا وتطورها المدني في آليات الحرب كجبل الجليد.

ونلاحظ اليوم أن هنالك إبقاء على حالة اللا غالب ولا مغلوب، وأن بايدن غير سعيد بطوفان الأقصى؛ لأنه أعاقه عن تحقيق درجات إضافية لإعادة انتخابه بتحقيق أكبر تطبيع مع السعودية وربما في مرحلة لاحقة إيران. فالتطبيع هو نقاط يجمعها الرئيس الأمريكي ليس اهتماما بالنتائج أو صالح المنطقة، بل بنجاحه في مهمة ما. تنظر السعودية إلى هذا الأمر بمدى استمرار العلاقات التاريخية والتخلص من إرث التاريخ القريب، وتنظر إيران إلى أنها تمتد اتكالا على توافق بين المصالح التكتيكية الأمريكية والاستراتيجية الإيرانية، لكن هذا تكتيك وتلك استراتيجية، فهنالك تخادم لكنه في التكتيك.

والتطبيع مستقبلا سيخلق جوا تنافسيا بين المطبعين، وسوء تفاهم سيُغذّي حالة حرب لا غالب ولا مغلوب، وإنما استنزاف للأطراف فيسقط الجميع في عبودية الكيان الصهيوني بذات الأسلوب التنافسي الآن بين دول مطبعة؛ ممنوع الحرب بينها لأن حربها تتعارض مع استراتيجية دول عظمى، لكن الجفاء غير ممنوع بين دول المنطقة بل هو مطلوب.

هذه اللغة التي لا تفهم من مراكز القوى والحكام في المنطقة، لذا نرى الضحية الشعوب والعقيدة والدين والثقافة والكينونة، بل الحياة بعبارة أكثر جمعا.

ترامب ينظر إلى الأمور بتكتيك تقليدي تتبعه الولايات المتحدة ومتكيف جيشها معه وهو المنهج الأسبرطي، فهو يرغم الهدف، عدوا أو صديقا لا فرق، ليس قلة احترام وإنما هذا هو المنهج وأسلوب ونمط تعامل بالقوة، التي هي عنصر تعامل الولايات المتحدة مع الخارج في حماية الاقتصاد والمال، ولا تجامل أحدا في سلطة الدولار، فهي تتعامل مع حلفائها على هذا الأساس وأنها الحاكم المتحكم، وضربهم ببعضهم في توصيف دقيق لا يمتد خارج حدود ما يريد شعرة.

فالولايات المتحدة لا تخرج عن النظام وليست دولة مغامرة كما يتصور البعض، بل دولة متجبرة وشركة مؤسساتية قادرة على التكيف وصنع الأحداث، لا ترضى عنك باعتذارك أو بتغيير سياستك، بل تفترض أنها أخضعتك وستنتهي من أمرك عندما يحين التوقيت، فإن كنت ضمن استراتيجيتها، فهو أمر غير أن تكون ضمن التكتيك، فهي تمد الحبل إلى أن تنتهي مهامك عندها تنظف الساحة. دولة قوية لكنها ضعيفة تماما أمام فقدان سيادة القانون والسيطرة الحديدية؛ عامل انهيارها في داخلها فهل تصمد أمام فوضوية الليبرالية الحديثة كصمود النظام أمام اليسار الأمريكي. هنا مربط الفرس والشيخوخة؛ لذا يحرص الكيان الصهيوني على استنفاد الولايات المتحدة واستخدام هيمنتها لتحقيق هيمنته عبر التطبيع والاستحواذ على محيطه المفكك، قبل أن تتلاشى القوة العظمى وفق حركة التاريخ.

هل كلامي مفهوم؟

أجيب واثقا "لا"؛ لأن عموم أهل المنطقة عرب وغير عرب، وحتى الكيان لهم جهاز معرفي تقليدي يعيش في الماضي وقيود الأوهام بأيدولوجيات لا تؤمن بها السلطات فعلا لإنشاء دولة.

ويستديم العبث ما لم ينهض فكر إصلاحي يقود التغيير يتعامل مع الأفهام وإعادة تنظيم مخرجات المدنية، ويعلم كيف يستخدم أوراق القوة بدل التيه والتبديد.

رابط الناشر     عــــــــــ21ــــــربي

السبت، 20 يناير 2024

89 - الطاغية الصغير

 

رابط عربي 21

مارد
 الطغيان

أكثرنا وبالذات من عاش تحت وطأة الظلم والطغيان داخله مارد مقموع غاضب مشوه ثائر، يحس بالظلم لكن ليس لأنه ظلم بل لأنه يتعرض له، إنه مارد الطغيان الصغير الذي يبرز أحيانا برأسه في التعاملات البينية لكنه يبقى في معاناة قمعه من البيئة، وعندما تحين الفرصة سنجد أن هذا الطاغية الصغير الساكن فينا يتحول إلى مارد مسخ يجتر غضبه في وقت ينبغي أن يرقد ليكون القائد حاضنة الجميع.

إننا إن كرهنا الظلم لجنس الظلم وكرهنا عمل السوء وليس من يعمله، سنبقى في مأمن من طغياننا والجلوس موضع الظالم وسلوك سلوكه.

الظلم شطط وجنوح وسيطرة غريزة على الإنسان في حب التملك بقناع الإخلاص والمحبة، فلا الظالم شخصية قوية ولا من يفرض إرادته على الآخرين شخصية قوية، ورغم أن هذا يدخل في تعريف الشخصية القوية في العرف الغربي إلا أنه تشوه وضعف سيطرة على الذات، واستعمار الغرائز للمنظومة العقلية التي تتمكن من إبراز وتمكين الظلم وتشريعه بقوانين يخضع لها الجميع مقهورا، وإن بدا مقتنعا إلا أنه مستسلم لواقع الحال فلا تجد ضعفا في العلاقات البينية إلا من خلال توقع المصلحة والحاجة للآخر.

الظلم شطط وجنوح وسيطرة غريزة على الإنسان في حب التملك بقناع الإخلاص والمحبة، فلا الظالم شخصية قوية ولا من يفرض إرادته على الآخرين شخصية قوية، ورغم أن هذا يدخل في تعريف الشخصية القوية في العرف الغربي إلا أنه تشوه وضعف سيطرة على الذات، واستعمار الغرائز للمنظومة العقلية التي تتمكن من إبراز وتمكين الظلم وتشريعه بقوانين يخضع لها الجميع مقهورا


محبة موقع الظالم يعني انهيارا للقيمة الإنسانية وتقديم غريزة حب السيادة مسبقا وإعطاءها سلطة على المنظومة العقلية بشكل مبكر، وعندها ستتمكن بقية الغرائز من الدخول لإنتاجٍ فاسدٍ ومجتمع مختل متحلل من القيم إلا بالكلام وزعم البراءة واستثارة التعاطف لتبرير كل سقطاته وخياراته السيئة، لأن معظم هؤلاء إن تمكنوا فجروا.

حقيقة ليست بالمثالية أن من يحب إنسانا أو أمة أو شعبا من هذه الأمة سيبحث عن سعادته من خلال إسعادهم، أما هذا الحب الذي تشوبه غرائز كحب السيادة والتملك فهو تشويه للقيمة الراقية للعلاقات السليمة أو المشاعر الإنسانية التي تهفو للخير والقيمة لإنسان مكرّم.

الطغيان القاهر وتشويه الديمقراطية:

الطغيان كما نوهنا هو طغيان الغرائز وإن وجدنا دهاة فهذا يعني سيطرة الغرائز على منظومة العقل واستعمارها وتشغيلها لتحقيق رغبات ونزوات وربما أهداف بعضها يبدو عظيما لهؤلاء الطغاة، فمن ينظر للأمر من باب الحسن والقبيح سيتيه في فهم الطاغية وقد يمجده أو يصنع له صنما وهو لا يعدو أكثر من مريض مشوه الخلق والسلوك، لكنه يخاطب الطاغية الصغير المقموع داخلنا، وينجز ما يرى أنه سيكون أكثر سلطة ويبدو جوانب إيجابية كالصروح والأبنية ومظهر الجيوش والصلابة. فعندما يكون هناك سعي للإصلاح سيوأد هذا الإصلاح إن كان سياسيا في الحكم وتستغل الآليات العمياء لتزيد الطاغية طغيانا بإعطائه الشرعية التي لا تطلب أن تكون مثالية ضمن تنفيذها، ويتمادى في هذا لدرجة تفرّغ من معناها ويستعملها الطغاة لإقناع أنفسهم أنهم طغاة بإرادة الشعب، فلا يعود الطغيان أمرا سلبيا بل هو رحمة.

وهذا يبدو جليا عند فشل التحول السياسي فيرجع الناس في طلب الطاغية والأسى على فراقه، ناسين أن من يصنع الطغيان هم أنفسهم بتنميتهم الطاغية الصغير وابتعادهم عن الوسائل التي تبدأ بالحوارات ومراعاة الآخرين والتفاهم على كلمة سواء، وإنما يسعى الطاغية الصغير للنمو بقمع الطغاة في أنفس الناس. ومن هنا تفشل الوسائل المدنية كالديمقراطية أو تطبيقات الشورى، فكل يريد العلو في الأرض وليس العيش والتفاهم، وإنما كل يحرر المارد الذي في داخله بغضبه وتشوه خلقه، حيث نراه مسخا متى ما أزيل عنه غشاء التكلف المخادع وبان على حقيقته وتفاهة تكوينه.

طغيان من نوع آخر:

الحل الأمثل للشعوب المقهورة وهي تثور من أجل الحياة أن تسعى لحوار الطغاة الصغار وانتزاعهم من النفس أو إصلاحهم ومداواتهم، وأن يكون هنالك هدفا واضحا هو الحب الحقيقي للأمة وليس الأنا الإبليسية


عندما يظهر الطغاة بهذه السلبية لا بد من تغييرهم وإزالتهم والتفاهم بين الناس على العيش الكريم والكرامة الإنسانية التي هي منحة الرب عندما خلق آدم وأراد أن يكون إنسانا، لكن ما يحصل أن هنالك أناسا يبدون غير مهتمين، بيد أنهم أناس يحوون الطاغية الصغير داخله لكن لم تأت الفرصة له للانطلاق والنمو بدافع تغلب غرائز أخرى على غريزة حب السيادة، والتي تصادر بطغيانها الغرائز الأخرى كما منظومة العقل، وهي غريزة حب البقاء، والأنا التي إن تعمقت ثبطت الفعل الإيجابي باتجاه التغيير، فيجلس الإنسان منتظرا كما صياد السمك بالصنارة، وقت طويل يرسل طعمه، وقد يعود له طعمه أو تخطفه سمكة حصيفة دون الوقوع في فخه. هؤلاء الناس سيطلقون طاغوتهم الصغير عندما تضيق الأحوال ويختارون للواجهة وينتفخ المارد المضغوط بانتظار هذه الساعة، فلا تكون إلا حجة سلامة موقف للمُحبطين.

ما الحل؟

الحل الأمثل للشعوب المقهورة وهي تثور من أجل الحياة أن تسعى لحوار الطغاة الصغار وانتزاعهم من النفس أو إصلاحهم ومداواتهم، وأن يكون هنالك هدفا واضحا هو الحب الحقيقي للأمة وليس الأنا الإبليسية أو المارد الفاجر الذي مهما تزيّا بالورع يبقى مكشوفا، فتلك ملابس الملك الشفافة التي خدعه بها الخياط.

الإصلاح الحقيقي بتثبيط الطغيان وأحادية النظرة وبذور تفرق نامية باتت أشجارا من سم زعاف، وإلا ما نفع قتل مارد طغيان وتنمية مارد آخر وتعطيل التطور المدني والفكر البشري بظلام الطغيان وتحويل جمال الحياة إلى أرض بوار.

رابط عربي 21

88 -العدل في منظور الطغيان وصدى صرخة مانديلا

 


نموذج حي من الإيمان بالعدالة   نشــــــــــــــــــــــــرت جريدة الزمـــــــــــان بطبعتيهــــــا

العدل في منظور الطغيان وصدى صرخة مانديلا – محمد صالح البدراني

قال رئيس جنوب إفريقيا: لم أشعر بفخر كهذا من قبل، الخطوة التي اتخذناها محفوفة بالمخاطر، نحن بلد صغير ولدينا اقتصاد صغير قد يهاجموننا، لكننا لن نكون أحرارا ما لم يتحرر الشعب الفلسطيني.

المتأمل لكلام رئيس جنوب أفريقيا يجد عمق الأحاسيس التي عبر عنها بالفخر، بيد انه ليس فخرا وإنما قناعة راسخة بكرة الظلم لجنس الظلم وليس كرهه عندما يقع عليهم فقط، هذا بلد في هذا الموقف عبر عن نبع العدالة وقيمة العدل التي ينادي بها الإسلام وهو ليس بمسلم في وقت نجد التخلي عن تلك القيم عمليا وحتى بالكلام من الغالبية من المسلمين وحكامهم وهم يلوذون بالصمت وقهر الرجال الذي تتعرض له الأمة وهي عاجزة حتى عن صرخة الم أو تضامن مع قوم من جلدتها ناهيك عن معنى يكمن يبين معاناتها كأمة في عدم القدرة على قول كلمتها لنفسها والدفاع عن حريتها وكينونتها الإنسانية، ناهيك عن المشاركة الرسمية ظاهرا لدرجة الوقاحة أم باطنا أم تطوعا في دعم الظالم وحربه التي تبقي أبناء الجلدة جوعى ومرضى ومعرضين للإبادة الجماعية والتهجير وتمارس عليهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و التي رفضها صرخة الحرية وصدى مانديلا وإيمان امه أن الظلم لابد أن يقمع وان تعلو الإنسانية.

غرور الطغيان الأخرس

كان مشهد محامي الدفاع الصهيوني نموذجا أيضا عندما يخرس الباطل أمام الحق، وراح يقلب أوراقه ويشتكيها، الغرور الإبليسي الذي يرافق الطغيان يخرس أمام كلمة الحق المبين، هكذا حال الطغاة أينما كانوا صمتوا أم نطقوا برروا أم فاخروا قلبوا الحقائق ولووا الكلام أم لم يهمهم الأمر وتابعهم ذيولهم وذبابهم الكاذب الذي اتخذ دور جند إبليس لدرجة أن الحكام أنفسهم قد يصدقون انهم أناس طيبون.لكن من باع البعض نفسه لشيطانه باع لمغادر مطرود وقوى آفلة وتسببوا في قهر الرجال لشعوبهم عندما يصمت الشعب ولا يبدي أي رد فعل عندها سيكون الحساب من جنس العمل.

نحن نحب الظلم

الطاغية اعمى أسير غرائزه كاره للبشر لجنس البشر وليس لفعله، يحب الظلم ويحب أن يظلم ولكن يكره أن يمنع عن الظلم بل يعتبر منعه عن الظلم ظلما له، لهذا يجد أن من يعترض عليه مجرما ومعتديا، بل من يناصره هو مناصر للظلم الواقع عليه بمنعه من التلذذ والانتقام. انه مرض كالطاعون بل اشد ولابد استئصاله اسمه الظالمون في الأرض إننا ولا شك نرى في جنوب أفريقيا بزوغ شمس جديدة وذاك الصوت المنادي بالحق قد بانت ملامحه وان الفوضى في الأمم المحتضرة والمريضة تتحرك بها الفوضى وتسودها سواء فوضى الفكر أو فوضى الإدارة والسياسة أو الغياب لمعنى الحياة، انه استنتاج يؤلم الفؤاد.

الدول لا تقيمها عصابات

إن القاتل ابسط حلوله القتل ولا يمكن أن يعيش في جو العدالة، والسارق السرقة أقرب الحلول، أما العصابات فهي بيئتها الفوضى ولا يمكن أن تصنع النظام، فلا يعيش في الجو النظيف طويلا من بيئته الأسن، من اجل هذا فلا نتوقع أن تكون هنالك دولة لمن أتى بالقتل والتهجير أو النهب والتدمير، قد يصنع مظهر دولة لكنه لا يتجاوز سلطة فارغة غير قادرة على الصمود أمام أهون التحديات لتعود إلى ممارسة القيمة المعتادة للعصابات بالقتل والتدمير والفوضى.   

لقد رأينا كيانا زادت أوصافه أكثر من اللبون المدلل لكن عند المواجهة تفكك بسرعة لان الثكلى ليست كالمستأجرة ولا يستقر في نفس اللص أن يصمد في دار ينهبه. إن أية دولة لا يمكن بناؤها بإلغاء المخالف أو على هيمنة فئة بغير حق أو عدل أو ضمانات، أو يكون للمواطن درجات، ولا يقودها عصابات في الفكرة إن لم يك بالمظهر، لقد تجمعت القوى الكبرى لحماية كيان اتضح على أصله وأسس تكوينه، وانه لا يصمد أمام صاحب الحق باندفاعه، وبانت عورته ومواطن ضعفه، فلم يك أمام العصابة إلا الإجرام.

هنالك دوما إمكانية لتفاهم الإنسان مع الإنسان إن كان جادا وصادقا في طلب الحياة، وبالإمكان تأسيس دولة يعيش بها الجميع وفق عقد اجتماعي بعيد عن الأطماع والطامعين والفساد والفاسدين وقريب من البناة الراغبين في صنع الحياة بلا أوهام أو خرافات

رابط الزمــــــان

السبت، 13 يناير 2024

87- تدين بلا ديــــــــــــــــن

 

معنى التدين:

التدين استجابة لغريزة في الإنسان والعبادة جزء من كينونته، فإما أن يعبد ما وجد آباءه عليه أو يتجه لغيره، فإن لم يستقر على أمر فهو يقدس شيئا ما؛ جاها أو منصبا، أو نفسه.

التدين لا علاقة له بالأخلاق كقيم فذاك له معادلته، بيد أننا نلاحظ أن هنالك من يتخذ الدين لتسفيه (تكفير) مخالفه وإصراره على امتلاك الحقيقة والتكبر الإبليسي الذي يعتريه دون دليل أو فهم، أو هو ينسب الأمر للعقل، والعقل فعل منظومة عقلية تستمر بالتمحيص والانتقال وتدوير المعلومات وما يكتسبه الإنسان في مراجعات مستمرة.

التدين لا علاقة له بالسلوك بشكل مباشر، فهو غريزة، والغريزة تتوقف عند نيلها ولا انعكاسات بعد ذلك على السلوك، لذا نجد من يصلي ويصوم ويقيم الليل بأوراد وذكر، وربما يرتقي المنبر أو يقدم قداسا ولا يتخلف عن واحد ويقدم النذور، لكن سلوكه لا يتناسب مع مكانة منبر يرتقي عليه ووعظ أو عظة يقولها، فتراه ينصح بالمحبة وهو عدو لدود وحسود حقود. هؤلاء الناس، أشد ضررا على ما يحملون من الفكر من بأس أعدائه.

الغرائز فاعلة والحاجات والمتطلبات في تنام مع المدنية وغياب العدل، والتشوه في الجهاز المعرفي والفكر الفاعل، وأكثره لا يحل مشكلة ولا يلامس الواقع إيجابيا. بغياب منظومة القيم الرائدة للواقع، ستستعمر الحاجات والغرائز منظومة العقل، ويصبح التدين مظهرا إشباعا لغريزة وحديث مجالس وخطب لا تلامس الواقع أو تؤثر فيه.


التدين لا يمثل حصنا ضد عوامل التأثير في النفس البشرية وانعكاس ذلك على السلوك، أو أنه كل عوامل التأثير، فهو غريزة وهنالك الغرائز الأخرى، والبيئة، والوضع الاقتصادي، أي ما يمكن تلخيصه في الحاجات والغرائز والفكر كعوامل مؤثرة، ولو انتبهنا سنجد أن الغرائز فاعلة والحاجات والمتطلبات في تنام مع المدنية وغياب العدل، والتشوه في الجهاز المعرفي والفكر الفاعل، وأكثره لا يحل مشكلة ولا يلامس الواقع إيجابيا. بغياب منظومة القيم الرائدة للواقع، ستستعمر الحاجات والغرائز منظومة العقل، ويصبح التدين مظهرا إشباعا لغريزة وحديث مجالس وخطب لا تلامس الواقع أو تؤثر فيه.

مشكلة الغريزة:

الغريزة أمر مغروز في الإنسان ضمن ثوابت تكوينه، ولها وظائفها في الديمومة والحياة، لكن عدم القيام بها عند استثارتها لا يؤثر على وجود وحياة الإنسان الفرد كما تؤثر الحاجات كالأكل مثلا.

الغرائز الرئيسة عند الإنسان هي غريزة حب البقاء (ومنها مثلا تكوين المجمعات البشرية، الخوف)، وغريزة حب التملك، وغريزة النوع، وغريزة التدين، وحب السيادة.

حب البقاء يراه المستقصي أول الغرائز ظهورا، فهو تصرف طبيعي حتى برد فعل الطفل الرضيع، وربما هو أولى الغرائز التي تحتاج تنظيم وموازنة عقلية، فهي غريزة تغيب العقل برد الفعل أو تستعمره لتوقع التداعيات.

غبش وعدم وضوح الفكر والدين وتضاربه غالبا، يقود إلى الإلحاد عندما لا يجد الإنسان الباحث عن ذاته أجوبة منطقية تتوافق مع الحياة التي تتقدم مدنيا، لهذا نجد الإلحاد واللاأدرية وغيرهم على نطاق واسع في الدول المتقدمة مدنيا، ويمتد في مجتمعنا عندما يسيطر على الحركة الفكرية أناس متخلفون يطلبون القدسية لأنفسهم، ويستثيرون الشكوك في الآخرين لإبعاد رعاياهم عن الانسلاخ والنظر في أجوبة عند الآخرين.


أما حب التملك، فهو يبدد أركان الحياة ما لم ينظم، وهذا مشترك في كل الغرائز. وتغلب الغريزة في حب التملك قد ينتقل إلى العلاقات البينية الأسرية في سلب الأنا للآخر وإذلاله، رغم أنه قد لا يكون بقصد الإهانة، وإنما إبقاؤه يشعر بالدونية لتسهيل استعباده، وهذا مرض له امتداد كبير نتيجة اضطراب الجهاز المعرفي في العلاقات وبالذات بين الزوجين، بحيث لا تفهم كرفقة طريق، وإنما ملك وحقوق وتفسير ذكوري لما يمكن أن يلتبس في تفسيره. ولعل هذه تتفق وتتعاضد مع حب السيادة لتحدث خرابا في العلاقات الإنسانية، ما لم تنظم وتوضع لها صيغ عملية للمجتمع، ولا يمكن الحديث عن هذا بالتفصيل لضيق المساحة وهدف الموضوع.

وتبقى غريزة النوع ذات طغيان غالب، ما لم ينظم المجتمع وفق قيمه وأن يكون متصالحا معها، ويمكن أن نرى مشاكل كبيرة تحصل لعدم تكيف المجتمع وحلول في قيمه بينما هو يحكم هذه القيم كمعيار للفضيلة مثلا، ونرى تصالح الغرب مع العلاقات الشاذة وفق منظورنا، لكن وفق محددات متعارف عليها.

ونأتي إلى التدين، فالتدين غير فهم الدين والالتزام به عن علم، وهو غالبا ما يسلك منافذ الانطباعات؛ فالتدين كغريزة لا يُحدث التوازن أبدا؛ لأن الغرائز ليست معيارية، ولا منضبطة بمنطق وتفكير، هذا لا يعني أن العالم بدينه لا يخطئ أو يذهب بدوافع غريزية إلى مخالفات قيمية، لكنه يختلف بأنه لا يطغى ما لم يفسد؛ لأن غريزة التدين لا تمنع الطغيان لمن يضعف أمام التملك والمال، فتراه يصلي ويسبح، لكنه لص إن خلا بالمال أو يضعف أمام غريزة النوع، ويستمرئ الجنوح هذا مع ما يبرره لنفسه، وهكذا في أي ظلم يحدثه حتى في قتل الأبرياء أو استباحة الأنفس، وتنصيب نفسه قاضيا وجلادا، أو يستسيغ هذا دون النظر إلى أن الأنفس كرّمها الله.

غبش وعدم وضوح الفكر والدين وتضاربه غالبا، يقود إلى الإلحاد عندما لا يجد الإنسان الباحث عن ذاته أجوبة منطقية تتوافق مع الحياة التي تتقدم مدنيا، لهذا نجد الإلحاد واللاأدرية وغيرهم على نطاق واسع في الدول المتقدمة مدنيا، ويمتد في مجتمعنا عندما يسيطر على الحركة الفكرية أناس متخلفون يطلبون القدسية لأنفسهم، ويستثيرون الشكوك في الآخرين لإبعاد رعاياهم عن الانسلاخ والنظر في أجوبة عند الآخرين، فيحبط الإنسان ليرفض كل شيء، ويستسهل ما يستجيب لغرائزه قبل منظومته العقلية.

المطلوب مراجعة حقيقية والنظر في أصل الأفكار وقراءتها لحل مشاكل العصر بمنطق مفهوم من العصر، وليس وضع القوالب والصناديق وإدخال الآخرين فيها كمعايير ثابتة، فهنا سيكون التدين بلا دين.


ما العمل؟

المطلوب مراجعة حقيقية والنظر في أصل الأفكار وقراءتها لحل مشاكل العصر بمنطق مفهوم من العصر، وليس وضع القوالب والصناديق وإدخال الآخرين فيها كمعايير ثابتة، فهنا سيكون التدين بلا دين، أما إن نظمت غريزة التدين لتكون قيمها المعيارية تدير العصر وليس بالمستورد من التاريخ أو المستورد من تجارب نجحت فأضحت مقدسة، بينما هي قد لا تنجح، وإن كان نجاحها قبل أعوام قلائل.

الاجتهادات البشرية ليست مقدسة ولا دائمة وإن كانت ناجحة، والقوالب تشوه الفكر والإنسان وإن كان القالب هو في ظن البعض من الإسلام، فاجتهاد وفهم الرعيل الأول ومن تلاهم حل مشاكلهم لكن لا يحل مشاكلنا، ولا ينبغي إضفاء القدسية على الأشخاص ومخرجاتهم بل كل شيء خاضع للمراجعة، وما يُجتهد به يعرض على أصل القيم، ونجاح الغرب في عصر التنمية، لا يعني أنه سيبقى ناجحا أو ينفع لنا، فهنالك شيء جديد ولا بد أن ندرس ونجتهد لإخراج آلية نموه ومعالجاته كمنهج في فهم بشري جديد لمقدس مثاني حمّال المعاني.


رابط لقراءة المقال على العـــ 21 ـــــربي 

الخميس، 4 يناير 2024

86 - الثنائية في عمر الانســـــــــــــــــان


الإنسان يرى أنه نموذجا للوحدة بين الثنائيات الكونية فليس من واحد إلا الله في ماهيته، أما المخلوقات فهي أنفس وأجساد ولكل ميكانيكية فعله وتعامله مع الزمن.

النفس:

لم تأت من عدم وإنما أتت من المشيئة والمشيئة شيء له خلود في الوجود وله مهمة وفق ماهية ما تصنع المشيئة ما بين النشأة الأخرى في الرحم، والغياب عند الموت لكن هذا الغياب والموت ليس فناء وإنما انتقال وفق مصفوفة البناء والخلق للنفس البشرية إلى شكل آخر من الحياة؛ مغادرة الجسد الأرضي وحاجاته ومتطلبات وجوده ومهمته في السلالة من غرائز.

النفس لا تكبر بالزمن ولا تهرم وإنما تكبر بالتعلم، والمعرفة، ففشل آدم في إدارة المعرفة لن يواجه أولاده على مدى العصور، فالتعلم يأتي نقطة فنقطة وفقرة فقرة، فمن فعّل منظومته العقلية التي هي ما بين نفسه ووجوده الجسدي كمهمة في الأرض وغاية من الخلق سيتفكّر ويحلل المعلومة ويحدثها ويعيد تنظيم أفكاره ونفسه تنمو بهذا العمل وتسمو. هنا المعلومة ليست كمعلومة آدم الحافظة وإنما تجاوز ضعف العزم بالتفكير والتحليل، فمن لم يتفكر أو أصر على ما حفظ في ظاهره أو تقاعس عن التفكير لن يصل إلى إتمام المهمة، لكن هذا ضمن عزمه وإدراكه وإرادته وهنا اختلافه عن آدم الذي لم يجهد في التعلم أو معرفة المعلومة التي يستخدمها، ونسي ما حذره خالقه منه فتحركت غريزة عنده، لكن الغرائز باتت تضبطها مجموعة المعارف والقوانين والمعتقدات وذات فعل ثنائي.

* العلاقة البينية بين الفرد والمجتمع وهو ما يكون مخالفا للقانون في المجتمع الملتزم بأن العقوبة ليس على الفاحشة وإنما إشاعة الفاحشة، كما أن العقوبة أو المكافأة على العمل بغض النظر عن النوايا.

* العلاقة البينية بين المخلوق والخالق والتي تتعامل مع جنس المخالفة وإساءة استخدام المنظومة العقلية والخلل في التكليف وهذه حسابها وفق المشيئة في الآخرة أو الدنيا أو كليهما، فإن شاء غفر كما غفر لآدم وان شاء عذب. وهذه إن شاء ليست هوى أو جبروتا ظالما بل هي مخرجات حسابات الله التي لا يقوم بها بشر ولا يحددها ففيها تفاصيل لكنها ليست بعيدة عن الفهم.

فالنفس إذن تنمو وتنضج ولا تهرم، ودرجة هذا النضج هو درجة العزم الذي هو معيار النجاح ففشل آدم بأنه لم يفكر ونسي. ونفشل نحن إن لم نفكر، أو خدعنا أنفسنا، أو لم نفكر بجدية ونحلل ونبحث عن الصواب، فهذه الدنيا لهو ولعب والعاقبة للمتقين. من هم المتقون؟ هم أولئك الذي يفكرون ويعلو العزم عندهم وتكون العزيمة عندهم في طرق الخير وطرائقه فيكون لهم العزم، والإرادة تبقى على الأحوال والقدرة لذا كانت الأعمال بالنيات، أي بما ينوي الإنسان فعله مهما كان ظاهر فعله..

وسنرى كما نرى اليوم استخدام المنظومة العقلية والأفكار والمعلومات وتسخيرها في الشر وطرق الشر، وهنا نأتي مرة أخرى إلى كيف استخدم إبليس معرفته، لنعرف لماذا سمي هؤلاء بشياطين الإنس، فلأنهم اتبعوا ذات منظومة التفكير الأنانية التي قادت إبليس إلى الشطط فقاد أولاد آدم من ذكر وأنثى إلى حيث ذات الشطط فكانوا شياطين؛ فهم مسؤولون مسؤولية مباشرة وبعزيمة وإرادة وليس بسبب الإغواء الإبليسي فقط أو فقدان العزم عند آدم حيث قادت عزيمته غرائزه التي استثيرت من إبليس مباشرة.

علينا أن نفهم معنى القضاء والقدر وما معنى الحياة ومهمتها، وسنن الكون وإدارتها، ونعرف أننا أفراد أمام الله وأن المجتمع للدنيا وتسيير الحياة وإدارة التكافل والعلاقات والمسؤوليات لتسهيل الحياة وفي الآخرة لا أنساب بينكم، وأن لا منقذ لك إلا نفسك وكيفية إدارتها للحياة وأنك في امتحان العزم والعزيمة وأين تتجه إرادتك، وكل هذا يعني نجاح أو فشل المنظومة العقلية التي نجاحها يعني درجة ووفق الدرجة تكون مكانتك في الجنة؛ لا مجاملات ولا محاباة وتبقى رحمة الله فوق كل امر.

إذن النفس لا تكبر بالزمن فلا تهرم وإنما تكبر بالمعلومة وتنمو ومن تفكر وأدار المعرفة نما نماء حسنا ومن أساء انخفضت قيمة النفس هذه وتهاوت وهانت، فسعة النفس علو ورفعة والفهم والتدبير مخرجات منظومتها في الدنيا فتؤجر عليها كمعيار إنجاز للآخرة.

الجسـد:

الجسد من مكونات الأرض وإلا لأصابته الحساسية ولا يقدر على العيش، من أجل هذا وانتظاما مع سنن الكون كان خلق عيسى مثلا في رحم امرأة وفي بويضة تحمل صفات الآدمية ولكن نفسه كانت نفس مهمة إعجاز وليست السلالة من مهامه ليتزوج وينجب فهي مهمة سلالة آدم.

الجسد يكبر بتأثير الزمن والنمو المادي وفق ماهية خلقه، لهذا يتدرج في استقبال مهامه وفق تطور حجمه وقوته من محمول عاجز إلى محمول عاجز أو ميت وما بينهما المهمة التي يؤديها من الطفولة والتعلم إلى الشباب ونهضة التفكير إلى النضج والرجولة أو الأنوثة ومهامها إلى الكهولة فالشيخوخة، هكذا مسار الجسد المعروف عندما تغادر النفس الجسد حاملة معها بصمة الذاكرة التي توثق كينونتها وأفعالها وتعرض بما سجلت لتتلقى التقييم ومصير الخاتمة.

فلسفة النفس والجسد

إن ما نفهمه أعلاه أن العمر الجسدي يحدد المهمة ويتبع تأهيله لها وأن العمر النفسي هو حصاد الارتقاء وخلاصة الفهم والرقي في الآدمية كما أرادها الله، لهذا نجد أن مسيرة الإنسان الفاعلة نهاية عمره وما توصل إليه فهمه وأن حصاده الدنيوي في الإخلاص لها وهي أمجاده سواء ظهرت أم اختفت، فازت أم ظلمت، والميزان عند إله الكون رب العالمين مالك يوم الدين. 

تابع ....انقر على الكلمة  العـــ21ــــــــــــــــربي

101 - امـــــــة الزومبي

رابط عــــــ21ـــــــربي من عبادة الأصنام إلى عبادة الأعلام ملاحظات تحمل ألما أظهره باستحياء من أمه الزومبي، لمحة من سلبيات تحتاج حل لنحيا: ...