https://m-salihalbdrany.blogspot.com/ فكــــــر اليقظـــــــة Mindfulness: 07/04/25https://m-salihalbdrany.blogspot.com/

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 4 يوليو 2025

185 -عندما تحكم على أوهامك بأوهامك

 رابط جريدة الزمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان



من خلال حياة وظيفية طويلة لم تك سهلة أبداً في عالم يبدو يعمل كمجموعة لكن كل من هذه الأفراد له طموحه ويتخذ من الآخرين وسائل لنجاحه، فمنهم يراه قلما ومنهم يراه مالاً ومنهم يراه قوةً تبعد المتطفلين، تعاملت مع أجانب وعراقيين وعرب ولا يتصور البعض أن الأجانب اكثر أريحية بالتعامل وإنما هذه ناس عندها "PMBOK"أو (مجموعة معارف إدارة المشاريع)ولم يصل لإدارة مشروع لأي سبب غير كفاءته لذا فهو حين ينجر لوضعك في صندوق لا يلبث إلا أن يصطدم بقواعد الإدارة التي تقوم مقام الضمير فيضعك في مكانك بل يريد أن يستفيد من طاقاتك ويطور مهاراتك فانت بالنسبة له إن كنت نابغا ووفق قواعد الإدارة ثروة أو معدن مكتشف، هكذا تعاملت مع كوزينا اليوغسلافي مدير مشاركة موداكوم ومساعده الذي كانت صراحته وأسلوبه لا تريح كثر من زملائنا وهو بريطاني اسمه كوبر وكان ذكيا شفافا لم يهتم لبرود تعاملي معه ليدعمني بقوة ويحولني من رئاسة قسم إلى قائم بمهام مهندس مقيم إيطالي الجنسية دمث الأخلاق موجود فعلا لكن ليس له خبرة بتحشية السدود وهي ما أجيده، كوزينا كان يدعم أية فكرة اطرحها في الأزمة بلا تردد بل يدافع عنها، وكان يعطيني تقارير تقدم له من بعض المقيمين لابدي الراي فيها، فهم اندفاعي والطاقة فاخذ ينميها وفي ذات الوقت يدخلني في ممارسة مع أناس ربما خبرتهم بقدر ثلثي عمري حينها من حوار حول ما اكتبه كتقييم لتقاريرهم، أرى بوضوح انهم ليسوا مستائين، بل سعداء للتكامل والانتماء لاحد كوادرهم واستفادة من ضيق الوقت ونشاط تراجع عندهم ربما فهمته من تراجعي عندما تقدمت بالعمر.

ما انفكت الناس ترى السهولة في وضع الإنسان داخل صندوق معروف لتسهيل تصنيفه، لكن الأساليب العلمية في الحكم على العاملين مثلا هي كلام مجالس وندوات ففي بلدي تعتمد الأمور على المزاج وتربية الشخص البيتية وطموحاته الشخصية والاهم من كل هذا الحاشية المحيطة به، وتضطر للتصادم و أناس في موقع الإدارة لانهم وضعوك في صندوق كتبت عنوانه الوشايات والنرجسية؛ مجرد أن تكون دون أن تدري حجر عثرة أمام طموحات أو فساد فالإبداع مزايدة عندهم للسباق على الكرسي، ليس مهما خبرتك بل المهم طاعتك وتفهمك لطموحاتهم بغض النظر عن مشروعيتها وان لا تحاول الخروج بأفكار قد تضيف عليه جهدا أو تسبب عقبات، وهذا ما لن يجده أي مدير عند مبدع فالمبدع طاقة خارج الصندوق، فان وضعته في صندوق وضعت نفسك في صندوق وهمك وبالتالي ستحكم على طاقة بالإعدام إن كان شابا أو الاستغناء عن فائدتها إن كانت ناضجة رغم أن التكنوقراط يشخص الخطأ ولا يشهّر أو يشتكي لكن هذا لا يدرك ممن يصارع من اجل ذاته.

الأوهام: مرآة الذات

في عالمٍ يزخر بالأفكار والتصورات، يبدو أن الإنسان غالبًا ما يقع أسير أوهامه، ليس فقط لأنه يؤمن بها، بل لأنه يحاول اسنادها بأوهامٍ أخرى، الوهم في جوهره، هو فكرة أو اعتقاد لا يستند إلى الواقع، لكنه يحمل قوة هائلة في تشكيل سلوكنا وتصوراتنا. قد يكون الوهم حلمًا نعيش من أجله، أو خوفًا يسيطر علينا، أو حتى صورة مثالية نرسمها عن أنفسنا أو عن الآخرين. لكن اللافت أننا، بدلاً من مواجهة هذه الأوهام بالحقيقة، غالبًا ما نلجأ إلى أوهامٍ أخرى للسيطرة عليها أو تبريرها.

على سبيل المثال، قد يعيش شخصٌ وهمًا بأنه غير كفء أو غير محبوب. لمواجهة هذا الشعور، قد يخلق وهمًا آخر، كأن يبالغ في إنجازاته أو يسعى لإرضاء الجميع، ظنًا منه أن ذلك سيبدد شعوره الأول. لكنه، في الحقيقة، لا يحل المشكلة، بل يضيف طبقة أخرى من الخداع الذاتي، المشكلة أن نفس الفعل يصدر من الواثق من نفسه والذي يعتبر أن ما يحسه من الآخرين ليس أكثر من حسد وغيرة وضعف بشري.

لماذا نفعل ذلك؟

على المستوى الاجتماعي، نرى هذه الظاهرة بوضوح. المجتمعات غالبًا ما تخلق أوهامًا جماعية لتبرير أفعالها أو للحفاظ على تماسكها. فمثلاً، قد يُروَّج لوهم "العدو الخارجي" للسيطرة على وهمٍ داخلي، كالخوف من الفوضى أو فقدان الهوية. هكذا، تصبح الأوهام أداةً للحكم والسيطرة، سواء على مستوى الفرد أو الجماعة.

كيف يمكننا الخروج من الرتابة؟

إدراكنا أننا نعيش تحت تأثير أوهامنا هو بحد ذاته إنجاز. لكن الفهم وحده لا يكفي؛ فالتغيير يتطلب شجاعة لمواجهة الحقائق، مهما كانت قاسية. هنا، تلعب التأملات الفلسفية والنفسية دورًا كبيرًا فعلم النفس الحديث يشير إلى أهمية تحديد الأفكار السلبية واستبدالها بتصوراتٍ أكثر واقعية.

كون الأوهام جزءٌ من طبيعتنا البشرية نداي بها نقصنا أو فشلنا أو حيرتنا لا يعني الاستسلام لها، بل فهمها ضمن الارتحال، المسألة هي السلام مع الذات، نستبدل الأوهام بالوعي والتدقيق عندما نشكل أفكارنا عن الأشخاص أو التحديات، ونستبدل كبر الخداع بالشفافية.

كلمة لابد منها:

لا ينبغي من يظن بضعف كفاءة المرأة إلا أن يتذكر هايدي لامار أو خولة أو أحد المبدعات، فالمهمة هي من تحدد الفكرة وليس تقييمنا من خلال الصندوق الذي قد يضيع طاقة امرأة لأنها امرأة أو نابغا لأنه يبدو مشاكسا، أو عالما ينبغ ما كان لينبغ ويفيد الملايين لو بقي مكانه.

"عندما تحكم على أوهامك بأوهامك" ليست مجرد عبارة، بل دعوة للتأمل في كيفية تعاملنا مع أنفسنا ومن حولنا. إنها تذكرة بأن الإدارة الصحيحة لمفاصل الحياة ليس في الاستسلام لأوهامٍ نصنعها، بل في الجرأة على رؤية الحقيقة، مهما كانت مرآتها قاسية. ما نحتاجه هو أن نكون آدميين فقط

185 -عندما تحكم على أوهامك بأوهامك

 رابط جريدة الزمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان من خلال حياة وظيفية طويلة لم تك سهلة أبداً في عالم يبدو يعمل كمجموعة لكن كل من هذه ...

يقظة فكر