الرأي:
عندما تتحدث وجمع من الناس سيتردد
على مسمعك (هذا رايي، واحترام الراي واجب، والخلاف في الراي لا يفسد للود قضية)،
كلام يقارب الترديد بالتقليد، فاكثر الناس تعبر عن رد الفعل وانطباع عن موقف ما
بالرأي بينما هذا ليس رايا، فالراي يتكون عندما يكون عندك بوابات نقد تحمل صفة
تفكير النقد، والنقد ليس معناه الانتقاد حتما، أي تبيان المساوئ، بل النقد كتبسيط
لمعناه هو عرض الإيجابيات والسلبيات لأي فكرة ، وحقيقتها أنها عرض الإيجابيات
والسلبيات ليس من وجهة نظرك إليها وحسب بل من وجهة نظر من يطرحها كحجج منطقية
متشكلة بعد تفكير يظن من فكر انه تفكير عميق وهذا يعتمد على آليات التقييم والقيم
الحاكمة إن وجدت، عندها سيتحول انطباعك عن الموضوع بما قد يخالف ما تكون أول مرة
إلى راي وهذه النتيجة خالية من الأنا وإنما هي عملية علمية عقلية بحتة لهذا فهي لا
تفسد الود لان لا علاقة لها بالود، واحترام الراي كمخرجات تفكير علمية ويرد عليها
بمخرجات تفكير عقلية وليس بالتسفيه أو التقليل من شأنها وهذا ما يعنيه احترامها.
والراي مهم لأنه يعتبر ركيزة تتحول
كحقيقة موثوقة علميا مالم تدحض بالتجربة والبديل وخلاصة عندما تدخل التجربة ومعترك
الصراع السياسي أو الاقتصادي وتنجح لزمكان ما، لكن الراي ليس موقفا عقديا أو
قيميا وإنما هو من مخرجات التفكير بالدليل العلمي وان كان يتحد مع البحث العقلي
الاستقرائي والاستنباطي لكنه اساسا علميا لا يعتبر ولا يؤدي إلى ثوابت أو مواقف
حدية لا تقبل الجدل والتراجع، وادراك هذه التفاصيل مهما لان ما يجري في واقعنا
من مآسي هو الذي يتعلل به الفاشلون بالثبات على الموقف باعتبار رايهم موقفا وهذا
ليس صحيحا وفق ما ذكرنا.
الراي العام:
الراي العام هو انطباع وايحاء
بالراي وإقناع بالتعامل مع الغرائز والحاجات من أناس يجيدون هذا باساليب علمية أو
مخاطبة تلك الغرائز مباشرة لاستحصال راي عام مؤقت لفترة مؤقتة حول قضية أو حزب أو
امر يحتاج إلى دعم للثبات في سوق السياسة والاقتصاد، بالعموم هو راي يتشكل عند
عامة الناس أو راي شعبي غالب وبه عدة أنواع تعتمد على منطق الاستقبال للفكرة
والراي أو ما يمكن أن يكون كرد فعل وقابلية الناس على رد الفعل أو العمل الإيجابي،
وقد يكون راي عام دولي يستقطب لفكرة يقودها طرف ما دفاعا عن قضية تهم البشرية أو
يكون لها زرعا في الاهتمام الدولي وحصادا للنتائج ويمكن أن يتكون نتيجة التقاء
المصالح المتعددة في الانحياز لراي أو فكرة.
أنواع الراي العام:
الراي العام ما بين ظاهر وباطن يعتمد
على قوة وفاعلية الحراك الشعبي لإبراز أو إخفاء الراي خشية إظهاره، وهو غالبا ما
يكون عند شعوب العالم المتخلف متدنيا بغياب معنى الدولة وان كان بها تراتيب
ومسميات إدارية وليس من الغرابة أن يصرح اثنان في لقاء واحد برأيين متناقضين وكل
يصر انه يعبر عن راي الجمهور بل عموم الشعب.
الراي العام السلبي وهو في وجهين إما
تلقي الأحداث والمطروح بالانسياق وراءه بحثا عن مصلحة مرتجاة أو اتخاذ جانب
الانتقاد بلا أية دراسة أو أفكار بديلة وإنما رفض كل شيء إما كرها بالمقابل أو
عجزا عن تقديم حل أو الرغبة بالسعي لتحقيق المطلوب، أو قبول كل شيء نتيجة الجهل
والأمية أو المعتقدات المتخلفة والتي تخاطب غريزة التدين سواء كانت دينا أم لم تك
فهي تدخل في باب التقديس وغالبا ما يكون هذا في مجتمع مفكك بغلب عليه قصر النظر
وأحادية النظرة والركض وراء متطلبات الغرائز والحاجات، وهذا مجتمع ميت يتنفس ممكن
أن يكون وقودا لأي مغامر أو دجال، أو صراعات عبثية من اجل رفض الآخر.
الراي العام قد يكون ليس بحثا عن
الحقيقة وإنما المصلحة ومحكوم بالجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والتشابه في النظم
بين الدول.
معظم الأمور التي ترتكز إلى غير الفهم
هي توافقات مؤقتة ومشاريع بركانية خامدة محتملة الثورة في أي وقت، فراي الأغلبية
تجاه فكرة اقتصادية أيا كان هو تجاهل لحقيقة عند الأقلية قد تكون أنجع فعلا،
والتوافقات هي تحييد لمشاكل فاعلة لكن دون إطفائها.
أين النخب:
إن كنا نعني بالنخب كتلة التأثير فهي
حاضرة دائما لأنها من يصنع المشهد غوغاء أم رعاع أو نبلاء حملة الفكر والقلم
ونظريات الاقتصاد والسياسة.
أما إن كنا نعني النخبة الإيجابية في
المجتمع السلبي أو المفكك وفق ما وصف سابقا، فان هذا لا يعني الطبقة المنتقدة
المتذمرة السلبية والتي تلقي عجزها على الجمهور، ولا يعني الإيجابية المتفاعلة مع
الواقع لتعضيده، ولا السلبية المتفاعلة مع الواقع في تعطيله بإضرار البلاد والعباد.
ولعل المفكرين هم الأسوأ حظا عندما
يظنون بان النخب ممكن أن تصنع من خيالهم أو فيه فيخططون لها أمورا لا يمكن إلا أن
تكون جهدا عبثيا يعبر عن هفوة فيلسوف أو مفكر وهذا الأمر يحصل تكرارا.... فلا يمكن
أن تكون الأدوات الفاسدة منارات إصلاح وان تمكنت فهي تتمكن لتفسد، ولا يمكن أن
يكون العاجز قائدا لأنه لن يأمل أكثر من كرسي يرضي غروره.
النخب التي نعني تضع الآليات وسبل إدارة
الأزمة ليس تبريرا وإنما وفق تخطيط وتدبير لقيادة الواقع نحو ما يحبه الشعب ويصمت
عنه، وللأسف هذه النخب شحت مع الزمن وغلبة المصالح والغرائز على النخب نفسها فتصطف
في الجانب السلبي من مصلحة الجمهور لأنها لم تعد تبني على علم وإنما يغرها أن
تتجمع الناس وهي تقرع كالطبول.
محمدصالح
البدراني
https://arabi21.com/story/1475713/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AE%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق