نشرت في مدونات الجزيرة مباشر
ومضة من الدولة المستحيلة
علاقة الزمان والإنسان تحتاج إلى إعادة تعريف عندما يتعلق الأمر بالقرآن فهو كتاب منزل بالحرف والهمزة [سَأَلْتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ؟ فَقالَ: سَأَلْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: قيلَ لي فَقُلتُ فَنَحْنُ نَقُولُ كما قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ] (صحيح البخاري 4976).
القرآن والإنسان:
القرآن ونفس الإنسان روحان (أي أمران) لا يمر عليهما الزمن، الإنسان ينظر إلى ما مضى من عمره وحاضره وامله في المستقبل، الزمان عند الإنسان له ثلاث أوجه، لماذا؟ لان نفسه في جسد يتأثر بمرور الزمن، أما القرآن فليس له جسد يتأثر بفسلجة فهو مولود كل عصر كلام الله بنصه وحرفه ...
معنى مثاني:
كلام مثاني أي طيات تفتح بالمنظومة العقلية البشرية لتتحول إلى منظومة قيمية أخلاقية تشريعية تتفاعل مع الشخصية البشرية لتدير الحياة المدنية، الأمة لابد أن تبنى على التقوى كي تهتدي إلى مثانيه فهو هدى للمتقين، فالأحكام تستنبط لكل عصر وليست ثابتة، كلامي هذا من التفكر بالقرآن، النصوص لا تطبق وفق هو فهم العامة، بل لابد من كيان إداري متفق عليه ويشرع قوانين يقبلها المجتمع، ثم تسود هذه القوانين وتوازن دوما وتتابع قيمياً.
الخطاب الرباني:
الإنسان خلق ذو أهلية، والله في خطابه يعظ الإنسان ولا يأمر إلا بما ذكر من عدل وإحسان والتكافل الاجتماعي وتأدية الأمانة إلى أهلها في كل امر (صاحب الإبداع يقدم للمقدمة أمانة، صاحب العلم يقدم بالعلوم، صاحب الراي يستشار... وهكذا) وكذلك ينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، فهذه حدود لا جدل فيها، عدى ذلك فالإنسان وخياره وهو من سيحاسب على خياره ولا يجوز قطعا غصبه على شيء لأنه لن يكون بالإجبار ولو على ما نرى حق إلا أن نحوله إلى النفاق والله يتباهى بخلقه كما هو وينظر إليه حين يتنقل في بحر الفكر والمعتقدات إلى أن يصل إليه بعد البحث باليقين وهكذا وصل من قبل الصحابة وكلفوا، كذلك نحن ينزل علينا القرآن ونحن محاطون بعلوم عصرنا وعلوم الأولين والآخرين بكبسة زر تحصل عليها لتقرأ كما امرت أمة اقرأ فننتج لعصرنا، أعطانا منظومة عقلية ولم يخلقنا بلا إرادة أو ببغاوات مقلدة.
الإسلام ليس تاريخ
التفكير بان الإسلام أتى من الماضي خطأ ينفي ديمومة كتابه وصلاحيته لكل زمان ومكان والتاريخ المكتوب تعجيزي يخرج القدوة عن قدرة البشر
إن الغوص في التاريخ للعبر وليس لمعالجة الحاضر باجتهادات الماضي فهذا لن يجعل من الإسلام علاج بل يشوهه ليكون مشكلة لأهله قبل غيرهم ليس لأنه هو المشكلة بل تفكيرهم الجامد وغير المراعي للزمان وما مطلوب منهم لإدارة الحياة، فالتقدم المدني التكنولوجي الذي يطغى ليدمر العالم إن لم تنهض حضارة قيمية وفكر أخلاقي يقودها إلى السلام ومهمة الآدمية في العمران ورعاية السلالة الآدمية.
الانبهار والخضوع لماكنة الإعلام لن ينقذ الإنسان من فوضى فقدان السيطرة على تغييرات الحياة المدنية المتسارعة وتعاريفها المشوهة التي ترسخ كانطباعات.
الفكر الإسلامي بسعته وطياته قادر على ترويض الجنوح نحو الانفلات وجعله أكثر توازنا وعقلانية، لكن هذا لن يحصل والمسلمون يجهلون الإسلام أو يخرج من يريد أن يجبر الآخرين على ضحالة فهمه وضيق أفقه، وتحجيمه للكتاب وغلق لمثانيه.
لن يحصل وأمة اقرأ لا تقرأ، أو تمسك بتلابيب الذات في منافع صغيرة، أو تستقطب كل لساتر وتتراشق بينها من خلف متاريس بدل الانفتاح والمحبة ليس بينهم فقط بل في كل مجتمعهم الذي ثقافته واحدة وتطلعاته واحدة مهما تعددت مشاربها ومخرجاتها، فإدارة التنوع تجعل نعمة التنوع والتعدد واضحة وليس وبالا، وهنا فالكلام موجه للكل باي عقيدة أو دين، لابد أن تتعلموا التفاهم ولا أقول التسامح، فانت تتفهم أخيك ولا تنتظره ليخطئ كي تسامحه، وإنما يكون الانفتاح بلا رعوية أو القول أنا افضل منك وأنت لست مثلي بينما أنت تستغفل نفسك حين تشيع الكراهية باسم المحبة.
المسألة هي اعتبار الاختلاف بديهية، ولست بحاجة إلى طرح ما أظنه سيئا أو سلبيا عند الغير من وجهة نظري لأكون ومن وجهة نظري الأفضل أو انتظر سقوط أخي لأقول له أعماك الله بل اطرح ما عندي فقط، وللناس خياراتها.
محمدصالح البدراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق