الأحد، 28 يوليو 2024

117" تموضع التعليم والارشاد من احل النهضة


الرابط في عربي 21

محاور:

ـ التموضع الأول: غاية التعليم مع تشكيل العراق كدولة:
ـ استمرار التعليم بذات المنهج دون إعادة تنظيم وإنما بتطوير بسيط.
ـ لم الناس تميل لإدخال أبنائها في مجال الطب والهندسة دون العلوم الأخرى؟

ـ التموضع الثاني وانحدار أهمية التعليم بانحدار المكانة الوظيفية المادية.

ـ التموضع الثالث: التعليم غير الواضح والذي شوهته تعددية مصادره بلا سيطرة حقيقية:
ـ امتحان الإبداع أم امتحان الذاكرة

ـ التموضع الرابع: ضرورة إعادة نظام الإرشاد ولكن بشكل جديد إلى المدارس من الابتدائية إلى الإعدادية وربما سيكون من الجيد إضافته إلى الجامعات.

التموضع الأساس:

عندما أتحدت عن التعليم، فالحديث يأتي عن التعليم مع مطلع القرن الماضي ووضع العراق تحت الانتداب ثم استقلال الترضية وهو حكم أهل البلد مع بقاء النفوذ البريطاني، وكانت مرحلة موجهة قام التعليم بها على ترسيخ التقليد لمظاهر المدنية وإنشاء طبقة وسطى من الموظفين الذين يديرون البلد وما تكون من منظومة حكومية بوزارات، في ذات الوقت كان هنالك تدريس للتاريخ وبشكل انتقائي يعظم الفخر بما لا يمكن تطبيقه كان يجسد القادة بشكل يتجاوز وصف البشر، وهذا نوع من التعجيز عن ادراك القدوة بأكثر من صيغة ذهنية بسيرة مستحيلة، مع تعظيم الفردية كان ينطبع في الذهن وهذا سائد لحد الآن، أن القائد أوحد وانه المتميز الأعظم، وان العبقرية في الفرد ولم تظهر في المجموع، فترى التنافس بين الموظفين أن يكون هو الخبير الأوحد وليس خبيرا بين مجموعة خبراء، وانه القائد الأوحد وليس احد القادة فترانا اليوم نفتقد إلى كفاءة وفاعلية عمل المجموعة.

التموضع الأول

هو تموضع التعليم من اجل الوظيفة، بيد انه كان تعليما ثريا بالمواد التي تعتبر ثقافة عامة قد لا يهتم بها كثيرا في الغرب ويختبر الذاكرة ولا يختبر الإبداع، لنكون أمام التعليم العالي حيث تبدأ مسيرة التعليم الحقيقية، ومن يتساقط في الطريق يذهب إلى كادر المساعدين أو الأعمال الحرة، والمجتمع عموما ارض بكر ممكن أن يتحمل هو والدولة الفتية هذا المسار.

لم المهندس والطبيب؟

الآباء وهم في الحقول، وعندما انتدبوا للعمل في شق الطرق وسكك الحديد والبنايات الحكومية كمنشآت ومدارس ومقرات إدارية، كانوا يرون الآمر الناهي المتحكم بمن يعمل ومن لا يعمل والذي عند حضوره تصمت الفوضى وعلى راسه قبعة وينظر في جهاز غريب أو يتعامل مع القياسات بشكل مذهل، من هذا؟ هذا المهندس... ابني لا بد أن يدخل المدرسة ليكون مثل هذا الحاكم بلا كرسي حكم وإنما بعرش العلم.

التعليم هو العمود الأول لنهضة الإصلاح ولابد أن توضع قيم حاكمة للسلوك في الجامعات جديدة فينبغي أن تمثل الحالة التي يجب أن يكون عليها المجتمع وليس حاوية لأمراضه.

كان يصاب في عمل، أو يتمرض ابنه فيذهب إلى الطبيب أو طبيب "الكامب" فيعطيه دواء ليتعافى كأنه السحر ينتقل من الألم إلى السكون... ابني اذن لابد أن يدرس ليكون طبيبا.

فأصبح التعليم المهني والتقني كمرحلة ثانية وثالثة وغيرها من الدرجات حتى احتاروا بماه و تعليم جامعي أم تعليم يتبع التربية المدرسية.

انطباعات ترسخت ومازالت وشجعت عليها مسيرة الحكومات غير المؤهلة للتخطيط ومواكبة العصر فقد تربى المسؤولون فيها على نمط وظيفي يؤدي ما يؤمر به وغالبا ما يتلقى الأذى إن أبدع أو أخطأ لان هنالك خوف من المبدعين وخوف على كراسي إدارة المنظومات، أو مكانة علمية تحجرت وتحتاج إلى جديد ولكنها لا تسمح بالجديد.

التموضع الثاني:

في الحصار على العراق، وهبوط الدينار، أصبح الموظف في طبقة جديدة خارج التصنيف، فهو ليس من الفقيرة بل دون الفقر، فمرحلة التدني بدأت في الثمانينات عندما اجتاز التضخم قدرة الموظف على أن يشتري سكنا من راتبه المجرد مثلا، لكن في التسعينات أمسى غذاؤه المشكلة...

وهنا أصبحت الأعمال الحرة في الطبقة العليا وانتهت وتدنت فكرة الوظيفة كهدف رغم بقاء المهندس والطبيب في مكانته لكن في مجال الأعمال الحرة وليس الوظيفة، التعليم تراجعت أهميته بتراجع الوظيفة وعادت الأمية إلى الظهور من جديد، فتموضع التعليم في درجة ما لكن لم تصل الهبوط، فهنالك تقليد العائلة وأصبح من ضمنها السلك الوظيفي والتعليمي، بعد لا يطال.

التموضع الثالث:

بعد 2003 ظهرت حمى الشهادات وانفتاح العراق على العالم والإنترنيت والتعليم عن بعد وغالبا ما تؤخذ الشهادات بطريق أو أخرى ليحتل من يحملها مكانا ما وهو غير مؤهل له وتكدست الشهادات في طلب الوظيفة الحكومية.

إعادة تنظيم الدولة ككل ومن ضمنها قيم الوظيفة وقيم التعليم وأخلاقياتها، حيث أنها لم تنظم لمواكبة التغييرات التي حدثت في مسار الإنسانية خلال المائة عام إلا بحلول ترقيعيه والتي تمزقت في واقعنا اليوم بشكل لافت للنظر عندما خرج التعليم عن جدول التقييم العالمي.

لان المسار لم يتطور وغالبا من يدخل سلك التعليم يصبح عاجزا عن عمل آخر ليكسب رزقه فهو مازال يؤهل لوظيفة حكومية في بلد توقفت به الأعمال وتراجعت وأغلقت المصانع والمزارع واصبح بعيدا عن المدنية إلا في ظاهرها نتيجة المشاكل والحروب الداخلية التي تمنع أي عمل حقيقي، ومع الفساد المعلوم يصبح للفساد نفوذا وعندما ينتقل للتعليم يكون الانهيار،  فمعايير الجامعات والحصول على الشهادات عبر الإنترنيت وغياب المراقبة الحقيقية أو معادلة الشهادات بمعايير تناسب الظرف يجعل عمود البناء لأي مجتمع متداعيا مكسورا.

التموضع الرابع: الإرشاد بمنظومة جديدة

ومن التموضع الثالث وأسبابه والأحداث والتغييرات الاجتماعية والنفسية وغلبة التدين على الدين وظهور الانحرافات، نجد أن ضرورة ملحة للتعليم الإجباري وهذا يعني رصد أموال للتعليم بغية استعادة وعي المجتمع.

من الضرورات إعادة الإرشاد المدرسي، وبأسلوب مؤسسي فاعل يتفاعل به المرشد للصف مع قسم الإرشاد في كل مدرسة، وهو قسم يتبع التربية يتكون من مختصين بالبحوث الاجتماعية والصحة النفسية والإحصاء ومهارات الحاسوب، ومعلمي أو معلمات المدرسة الكبار السن اللذين يرفدون القسم بخبرتهم في تصويب التحليل والإجراءات، فليس واجب الإرشاد فقط تحديث المعلومات أو ملئ الدفتر المدرسي عند نقل الطالب أو الانتهاء من المرحلة، وإنما وثيقة تاريخية تمثل نمو الطالب الفكري والبدني أو تدنيه وبحث الأسباب وتثبيت العلاج المطلوب وما يمكن أن ينجح فيه كوظيفة مجتمعية.

خلاصات

ـ التعليم هو العمود الأول لنهضة الإصلاح ولابد أن توضع قيم حاكمة للسلوك في الجامعات جديدة فينبغي أن تمثل الحالة التي يجب أن يكون عليها المجتمع وليس حاوية لأمراضه.

ـ وأن يعاد النظر في أهداف التعليم وبرمجته وفق التخطيط لطلب السوق.

ـ وإصدار قوانين تحمي العاملين في الأعمال الحرة أو الشركات الأجنبية أو المتشاركة مع المحلية التي تستنزف العاملين بها دون ضمانات فيهربون إلى الوظيفة الحكومية.

ـ إعادة تنظيم الدولة ككل ومن ضمنها قيم الوظيفة وقيم التعليم وأخلاقياتها، حيث أنها لم تنظم لمواكبة التغييرات التي حدثت في مسار الإنسانية خلال المائة عام إلا بحلول ترقيعيه والتي تمزقت في واقعنا اليوم بشكل لافت للنظر عندما خرج التعليم عن جدول التقييم العالمي.

ـ الاهتمام بالإبداع ليس بتوظيفه وحسب وإنما بوضع صيغ التعليم بحيث تختبر الإبداع وتنميه وليس الحافظة.. فما هو مطلوب الآن المشاركة في رفد المدنية وليس استخدامها فقط.

الاثنين، 22 يوليو 2024

116 - لماذا كمالا هاريس

 


الديمقراطية في تعريفها الأساس طوباوية غير ممكنة التحقيق وهي (حكم الشعب بنفسه لنفسه)، فهذا لم يحصل أبدا، ديمقراطية أثينا التي استبعدت الأجانب والنساء والعبيد وفق قيم اجتماعيه في النظرة الى المرأة والعبيد ليس هنا مجال شرحها، ولم تك النظام المحبذ لدى طلاب سقراط لان النظام هذا يحلب الغوغاء عندما تسود الغوغائية والرعاع البلاد، وحسب ويكيبديا أن الأثينيين كانوا نحو 300 ألف ولم يك يحق للتصويت إلا نحو 30000 أو 50000 أي رسميا نحو 20 % من السكان، ومع هذا كان هنالك إحساس بالظلم رغم أن الانتخابات مباشرة وهي اقرب للديمقراطية كفكرة نظريا، فانقطعت واستعيدت، واستمرت الى 440 ق.م حيث دخلت اسبرطة لتقضي على الديمقراطية، فنظام إسبرطة نظاما عسكريا يعتمد الإخضاع والإذلال للعدو وهو شبيه بالنظام العسكري الأمريكي والذي لا يظهر بوضوح إنما يراه من يقع تحت الاحتلال، وهو يتماهى والمشاعر البدائية التي تجدها عند الجماعات المتطرفة المتخلفة التي تشبع عندهم غريزة حب السيادة فيشعرون باللذة التي لا تلبث أن تتحول الى أمراض نفسية إما بالارتداد نحو يقظة الضمير أو الاستغراق بالجريمة.

ولعل من المبالغة وصف الديمقراطية الرومانية بالمباشرة ما خلا الرومانية القديمة الى أن أتت لاحقا الأباطرة كيوليوس قيصر ثم سلطة مجلس الشيوخ (القناصل في الجمهورية) ومن أشهرهم أنطونيوس ماركوس وكان من مساعدي يوليوس قيصر وفابيوس الذي انتخب قنصلا خمس مرات أيضا كدكتاتور مرتين وفق معلومات ويكيبديا

النظام الديمقراطي في العصر الحديث:

ليس غير سويسرا تتبع نظام الديمقراطية المباشرة، في استفتاء الشعب.

في الولايات المتحدة كنموذج يبدو اليوم في وضوح الديمقراطية بحسناتها ومساوئها، وليس ممثلا لها بمحافظتها كبريطانيا، فان الأحزاب من تقرر الشخصيات التي تحكم البلاد والشعب يختار من بين المعروض الى أن وصلنا اليوم الى ترامب وبايدن وكان الولايات المتحدة عقيمة ليس فيها غيرهما، وبعد تراجع بايدن سنجد احتمال أن تكون كمالا هاريس المرشحة والتي ستواجه ترامب والأرجح في تقديري أنها ستفوز في الانتخابات ليس لانها افضل من ترامب فهو رجل ميزته انه من أصحاب المصالح ممن يمكنهم الظهور والا فهما ليسا مختلفين من حيث الثقافة العامة أو نظرتهم الى العالم والجغرافية.

المجتمع في أمريكا ظهر كمدن تأتلف على أشخاص يديرون أمرها ثم تكونت الدولة الكونفدرالية ثم الفدرالية لكن هذه المجتمعات بدأت تدريها عمليا القوى المتنفذة ورؤوس الأموال والذين يؤثرون في اختيار من يرعى مصالحهم.

وعندما ظهرت الأحزاب فهي أحزاب برامج ومدنية لها برامجها في التنمية وترعاها طبقة من أصحاب المصالح سماها كارل ماركس (الرأسمالية)، والنظام كله آليات دائمة التحديث لحماية الرأسمالية ومصالحها وضبط الأفعال عند الجمهور ليكون راس المال آمنا والتنمية والسوق فاعل وتثبيط أي شعور بالغبن أو إحباط فاعليته التي تؤدي الى ثورة أو فوضى معيقة للأمن الذي لا يمكن لاي مدنية أن تنمو بفقدانه، وكل ما نراه هو ترجيح المصالح وإدارة التوجهات لتحقيق افضل حالات الاقتصاد للولايات المتحدة التي يثبت اقتصادها سلطة الدولار الذي تثبته القوة العسكرية وإمكانية الردع للمخالف لها، وان بدأت روسيا اليوم تتعامل بالروبل إلا أن القاصمة إن اتفقت الصين ودول أخرى على التعامل بغير الدولار، وربما الدول النفطية الأقدر على إنجاح هذا التحدي إن استخدمت عملة ترتكز على النفط في الوقت المناسب وهو ليس الى ما لانهاية مع التقدم التقني والعلمي؛ وهذا قد يبدو غريبا إلا انه بالتأكيد يعتمد على مدى فاعلية روسيا في حربها على أوكرانيا والتي تتردد في حسمها لان الغرب لن يتردد في دخول خرب عالمية من اجل ألا تفوز روسيا.

الديمقراطية بالخلاصة اليوم اختيار وليس انتخاب، وهي لا تمثل الشعب وإنما الأحزاب، لهذا نرى الاضطراب في دول العالم الثالث ما بين بركان يغلي وبركان متفجر، أو خامد لا تعلم متى يطلق حممه، كل هذه الفوضى من نظام عالمي ينقصه العدالة وليس العدل فقط.

لماذا كمالا هاريس:

ترامب شخص يغلب عليه الغرور مع السطحية، وهذا امر خطر عند العقلاء ولا شك أن أصحاب المصالح عقلاء في اتجاه مصالحهم، فهم يريدون أن تمضي مصالحهم مع واجهة مطيعة،  وفي هذا الوقت والتوتر العالمي لا يحتمل النظام الأمريكي المفاجئات، لان معاناته كثيرة وهم لا يخافون أن يبدأ ترامب حربا، بل قد يخافون ألاّ يبدأها فالرجل من خلال سيرته ينمي المال ويستدره باستغلال نقاط الضعف والخوف عن الآخرين، فيستثيرها ويتعامل بطريقة اسبرطة مع من يظن انهم أدنى منه وانهم يملكون ما لا يستحقون وليسوا إلا سوقا لبضائعه وهذا خطر جدا إن صدر قرارا من هذه الدول بعكس الاتجاه، لكنه يحترم القوة عند ايران وروسيا، اللذان يبدو انهما لا يدركان ذلك بتأكيد وإنما يختبران ردود الفعل ويثبطاها، وهي فرصة للدولة الأمريكية العميقة أن تزيد معاملات معادلة النجاح في إخضاع الدولتين.

كمالا هاريس كانت تمتحن في فترة توليها نيابة بايدن والأرجح أنها كانت تنسجم مع إرشادات الخطوط العريضة لأصحاب المصالح لذا لم نجد أي تردد في ترشيحها مباشرة، فهي مناسبة اكثر من الجميع، وحتى لو فاز بايدن فانه كان سيترك الرياسة متنحيا لها غير انه وصل حدا لم يعد به منافسا منطقيا يحقق المنطق الديمقراطي عند فوزه، فكانت الحركة الأخيرة التي ستبقي المصلحة وترامب لن يفوز أبدا بمنهجه القديم المستخف بالآخرين وزمن الاعتراف بالقدرات ضروري بعد طوفان الأقصى، الذي مازال فعلا ليس له رد فعل في البلاد المحيطة بغزة، غير أن منطق فوزه إن بقى بايدن هو الأرجح بعد حادثة اطلاق النار وتعاطف السطحية الغالبة التي تقدس لمسات الإثارة في مشاهد واقع الحياة

ومع هذا فهنالك سياسات كثيرة سيعاد النظر فيها بما يسترجع من توجه الى الجمهوريين وترامب لأهمية ذلك في المرحلة الحرجة القادمة، لكن هذا سيفرض تغييرا منهجيا في الحزب الديمقراطي.



الجمعة، 19 يوليو 2024

115 - طوفان الأقصى والاستراتيجية الأمريكية

 


اهمال التفاوض واهمال الشعوب وتسليط من يقمعهم خطأ كبير يقترفه الغرب

الامبريالي

اتبـــع الرابـــط عـــــــــــــربي 21

الاستراتيجية الخطأ

بناء الاستراتيجيات على تنبؤات دينية ليس من واجب البشر، فالله يفعل ما يريد ولا يحتاج أحدا ليمهد له الطريق فيضل نفسه ويضر أهله. ومن الواضح أن نقاط الضعف في الاستراتيجية الأمريكية أظهرتها نهضة طوفان الأقصى.

الغرب بنى استراتيجيته على أن الكيان الصهيوني هو القاعدة المستقرة أمام أناس يملكون النفط وهم يشترون صداقة الغرب ويعظمون فيه، ولا يترك الغرب فرصة إلا ويغرس الخنجر في صدورهم وهم صابرون، وهذا أمر يتطلب المراجعة.

أين الخلل؟

هل الخلل في بناء المجتمع وهو يخرج من الاحتلال الغربي بطريقة أو أخرى على شعارات بانت واقعا استحالتها؟ وهل يدرك فعلا الحكام الذين تبنوها هذا أم أنهم يعلمون مسبقا أنها لا يمكن أن تتحقق وإنما استخدمت لتحشيد وتزعم الجمهور بالأمنيات والعقل الجمعي؟ وكان يمكن أن لا يبنى مجتمع متمدن على العداء والأفكار الطوباوية وإنما إقناع الغرب بأن الدول النامية يمكن أن تكون شريكة في النهضة وتعظيم المال والأعمال والاقتصاد ككل، وعندما أُحبطت الشعوب صرخت بصوت عال ليخبرها الغرب بالصرخة قبل أن تحدث فأصبح انطباع واهم عند الحكام بأن الغرب يحميهم من شعوبهم، أم هو انطباع الغرب بأن هؤلاء الناس استخدامهم وليس مشاركتهم هي الأفضل وهم مجبرين على قبولها بدون مزايدات، لهذا تجد مصداقية الحكومات يفضحها الكيان قبل أن تظهر ليزيد الخوف والتباعد النفسي بين الشعب والحاكم وليظهر حرجهم بلا أقنعة ومجاملات؟

إن الشعوب تريد دعم حكامها، ولا بد أن يتخلص الحكام من عقدة الخوف أن العدو في الداخل فهذا الداخل محتج فقط وليس عدوا.

الغرب يهمل الشعوب في المنطقة ولا يعتبرها أكثر من فزّاعة لتبقي الحكام مستندين إلى ركنه، كذلك اعتبر أن القضية الفلسطينية ماتت وأرسل البقرات لذبحها، لكنها انجرفت بطوفان الأقصى فظهر الشعر الأبيض على ظهورها، لذا فلا ينبغي أن يُستبعد طوفان الشعوب ليس لإزالة حكامها وإنما لتقول نريدكم أقوياء لندعمكم، وأن التطبيع ينبغي أن يكون بين الغرب ودول المنطقة التي فيها ومعها المصلحة الحقيقية ولا تمثل إن تصالحت مع أهلها عبئا أو تكلف الغرب، بل ترفد اقتصادا مشتركا وصناعات تكاملية وعلاقات استراتيجية مع شرعية بلا تكلفة، أما ترك كيان بات ثقيلا فسيظهر لاحقا ما ارتكبه بايدن وحكومته من مشاركة في جرائم ضد الإنسانية في غزة شاء أم أبى، والشعب الأمريكي الحر أول الشهود على ذلك عندما رفض التنازل عن حرية التعبير وامتهان حقوقه من أجل الكيان.

تحذير وبيان

هذا تحذير وتنبيه لأمريكا والغرب أنهم يخاطرون عند دعمهم للكيان بمصالحهم وأن وقوفهم في هذه الحرب بشكل مشارك في قتل الفلسطينيين سيسجل عليه، وهم كما حساباتهم في المقاومة خطأ فإن حساباتهم بإهمال رد فعل الشعوب خطأ، وأن دعمهم لكيان طفيلي هو استنزاف لدم ومصالح الغرب في المنطقة وبناء جدار عزل نفسي مع الغرب، وتعظيم معاداة الغرب وتشجيع الكراهية للغرب بين شعوب المنطقة لتقول للغرب، فنحن فقط وبهذا الوضع البائس من يمثلكم حتى ولو كنا محض قراد يلتصق بدرّة وأضرع البقرة التي هي أنتم، ونريد مشاركتكم في منافع دول المنطقة. ولا بد من إبعاد الغرب وكرهه لشعوب المنطقة، وهذا لعمري أمر يحتاج نظرا، وإن بناء علاقات استراتيجية واندماجية مع الحكومات الواعدة في الديمقراطية والنهضة كشريك ناجح هو الأفضل بدل الكلام الفوقي وفرض السياسات التي تدركها تلك الدول بشكل أوضح من منطلقات الكراهية والاستصغار.

مواقف لا بد أن يعيها الغرب

إن الكيان يُدخل الغرب في رحلة تبديد المصالح ونفور الحلفاء من سلوكية سيئة واستكبار مقيت بصبر الحليم والذي يسد المواقف بتصور الغرب، وأن ما يفعله العرب هو إرغام واستسلام وليس خطبا لشراكة بسلام ورغبة في التعاون.

جرب الغرب أن الطاقة من غير السعودية لا تتوازن، وهل سيتوازن المال والأعمال بلا الإمارات؟ وهل ستتوازن السياسة والمفاوضات المستحيلة بلا إبداع سياسي قطري؟ وهذه دول صغيرة بحجمها كبيرة أعمالها، وهي تستحضر الأمل بالسلام والنهضة فما بالكم ببقية البلاد إن استقرت، بينما دعم الغرب للكيان على خرافات ثيوقراطية أو قاعدة ثبت فشلها أمام فصيل بنيف وألف، وشعب محاصر منذ ما يقارب العقدين لا يتنفس ولا يأكل إلا بالإشارة، وهو ما ثبتت هشاشته وتكلفته ومدى تأثيره على الداخل والعلاقات الخارجية.

إن استقرار منطقتنا ينبغي أن يكون هدفا ليس بتغليب كيان طفيلي على المنطقة يسبب القلق، بل بدعم الإصلاحات والشراكة مع دول المنطقة المنتجة للخام والتي يمكن أن تكون حاوية للمشاريع المشتركة والصناعات وبكلفة قليلة لأنها مصدر الطاقة، عندها سنجد بلادا غير البلاد وأفكارا بلا كراهية المغلوب المظلوم، ونجد التحول إلى الصداقة والمشاركة في بناء المدنية، بدل أن تبعدهم ملامح الاستكبار فيتجهون ليكونوا مع قطب آخر، وهذه خسارة للقطبين وللمنطقة في تحطيم أمل السلام والاقتصاد والتوازن العالمي الذي هو دول المنطقة السليمة المعافاة المليئة بالموارد الطبيعية والموارد البشرية والهمة عند السلام وإحياء الأمل.

الجمعة، 12 يوليو 2024

114 -- القدوة-الخيانة/ والالحــــــــــــــاد

 


رابــط عربي 21

الصدارة السامة

هذا المصطلح هو تصحيح لمصطلح القيادة السامة؛ فالقيادة عرفناها في مقالات سابقة وبها عناصر الإبداع الفكري والوجداني، وهي عقلانية فؤاديه إنسانية متواضعة، تفعل المهم من أجل الهدف المدروس وصولا إلى الغايات، سواء في حرب أو سلم أو ما بينهما من تفاوض، فهي تسعى للنتائج بنوعية العمل ومراميه بما يجلب المصلحة، ويضاف في الإسلام أخلاقيته.

الصدارة تختلف عن القيادة بأنها تسعى للبروز موقعا ومكانة وجاها، والصدارة غالبا مسمومة قاتلة لصاحبها ومدمرة لمن يتصدرهم، فهي تسعى للبقاء حتى لو تضحي بالمعلن من أهدافها وبالشعب وبكل شيء، وهي لا تتصور أنها تفعل سوءا بل من لا يطيعها فهو خائن ومجرم، هي ذكية جدا تجاه هذه المصلحة، لكنها في منتهى الغباء في حساب المآل، والغالب هو عدمي أو تحييد للشخص في أفضل الأحوال، ووفق الظرف ومرونته ودرجة خطورته في صدارته وإمكانية ارتكازه، ليفكر ويتحول إلى أن يكون قائدا.

الصدارة تختلف عن القيادة بأنها تسعى للبروز موقعا ومكانة وجاها، والصدارة غالبا مسمومة قاتلة لصاحبها ومدمرة لمن يتصدرهم، فهي تسعى للبقاء حتى لو تضحي بالمعلن من أهدافها وبالشعب وبكل شيء، وهي لا تتصور أنها تفعل سوءا بل من لا يطيعها فهو خائن ومجرم.


كل أمر في مسار حياة الآدمي، ينطلق من الإنسان ومآله إلى الإنسان ومنظومته العقلية وغرائزه وحاجاته، ومدى قدرته على إدارة الأمور وموازنتها، ودرجة الحاجة أو الاستثارة والإشباع للغريزة؛ التي إن تمكنت واستعمرت المنظومة العقلية وبنت مخيلات بقائها، فإنها ستستمر إلى الانتحار الذي يغلَف بعبارات الانتصار وإلقاء لوم الفشل على الآخرين؛ من ضمنهم الناس الذين يتصدر عليهم، ويزعم أنه يتزعم قضيتهم ويفكر لهم كقائد، ولعل نموذج نتنياهو مثال حاضر تسبب في جرائم حرب، واندفعت الكراهية لتتحول إلى ماكينة قتل للمدنيين، وهذا ينطبق على من ساعده في إتمام هذه الأمور؛ خوفا على كرسيه ومكانته أو أسراره.

سلوكيات عكسية

الصدارة استجابة لحالة غريزية، ويمكن أن تتميز عن القيادة بغياب البرنامج أو الفهم الإداري، وفقدان وسائل المراجعة والتغيير والتطوير.

الغريزة ليست أمرا سهلا، أو أن السيطرة عليها شعوريا سلسة، أو أن سيطرتها على الإنسان لا تظهر بشكل مؤثر سلبيا على المجتمع والحياة بشكل عام.

تصور الإنسان أنه يمتلك الحقيقة في أي أمر كان ولا يحتاج المزيد، هذه الحالة ستتفاعل مع غريزة حب السيادة والتملك، فتجده ينعزل اجتماعيا لسوء سلوكه وفرضه الأمور دون نقاش أو تصوره الوصاية على الآخرين. ذات الشيء يحصل مع المتمسكين بالدين غريزة، وعندهم كم من الحافظة، وربما مواظبون على دقائق العبادة، لكنه ينفّر الآخرين من تعامله ونزقه.

ونلاحظ أن أغلب هؤلاء ممن قفل عندهم المصدر والتطور، وأنه وصل الحقيقة وغيره تائه مبدد مبدل مؤول، وما إلى غيرها من الأوصاف؛ يأخذ الأمور بحرفية حتى آيات الكتاب وهي مثاني، ويعد اجتهاد بشر لعصرهم مقدس، بينما لا يسمح بالاجتهاد في هذا العصر لهذا العصر، يستخدم كلمات جارحة، وربما القوة، ولا ينتبه إلى أن سلوكه مخالف للنص والتفسير، ويأخذ بمعايير الدولة على الفرد ومعايير الفرد على الدولة، ولا يأخذ بالواقع والظرفية، ويقول؛ إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وهو يريد أن يعود الناس بالزمن، ولا يحس بسلبية فيه ويراها في غيره، يبني الحياة على الصراع، قاس في العقاب للآخرين لخطأ فيه لا يراه، يظن الصلافة جهرا بالحق، وهو ذات المنهج في بناء المدنية الغربية والعدو الضرورة.

إنه صراع مع الآخرين وأن الحقيقة هو يملكها، لهذا فأي مخالف يحسه خطرا على نمط حياته ولقناعته بأنه الأفضل، وأن الآخرين يتلقون منه ويطيعون فقط، فهمٌ يتعامل كناصح ولا يصغي إلا وفق قواعد النفعية ولإيجاد مواطن الاختراق، بل يُظهر كرهه للآخر عندما يرفض ضحالة طرحه.

المشكلة اليوم واضحة، أن المنظومة الآدمية في خطر، وأن عليها أن تستخدم منظومتها العقلية للإصلاح، وفق قواعد ومنطق العصر بحساب متغيراته نتيجة أي حدث أو مستجَد.

القدوة والخيانة/ الإلحاد

أي فساد في الإنسان هو نتيجة خلل بناء معلومة المنظومة العقلية للإنسان، هذا الفساد في المنظومة العقلية يصل إلى الإلحاد والتعصب الأعمى في كل دين وما يتبنى الإنسان، حتى لو كان متبنيا للعلمانية أو الليبرالية، ويظن أنه ملك الحقيقة، وأنه سيدعو لها كحقيقة مطلقة، وكأنها نهاية العالم في سردية فوكو.

فساد في الإنسان هو نتيجة خلل بناء معلومة المنظومة العقلية للإنسان، هذا الفساد في المنظومة العقلية يصل إلى الإلحاد والتعصب الأعمى في كل دين وما يتبنى الإنسان، حتى لو كان متبنيا للعلمانية أو الليبرالية، ويظن أنه ملك الحقيقة، وأنه سيدعو لها كحقيقة مطلقة.


الإلحاد والذهاب إلى ما يسميه الناس خيانة، بينما يصفه المنحرف عن قيمه ومبادئه وعيَ ويقظة النفس، والخلاص من القيود والخرافات، كلها إحباط. وغياب السلوك القيادي في دعم هؤلاء، وتفهم مشاكلهم النفسية وتجاوزها حدود طاقتهم، ووجود تأثير الصدارة السامة، فهم ضحايا الأنا وطغيان الغرائز عند المتصدرين، ممن لا يملكون شخصية القائد.

القدوة مهمة لتأطير أي مسار يوصل الإنسان ليختط مساره الخاص بأمان، فإن فقد الثقة بالقدوة أو انهارت نتيجة السلوك الخطأ، سواء كانت هذه القدوة أبا أو مدرّسا أو أحد الموجهين أو الوعاظ؛ تلاشت القيم أمامه ككلمات مبعثرة، وأضحى هو بحاجة أن يجمع شتات نفسه، فيلقي كل ما كان يشكل حملا أو واجبا نتيجة التديين ونقص فهم الدين -أي دين-، فيذهب لإنكار كل شيء بقوة بقدر قوة تمسكه بها؛ لأن القدوة التي تصدرت المشهد، لم تكن ذلك القائد الذي يهتم بهؤلاء المحيطين به.

إنكار القيم ينحرف بالسلوك، ولكن ليس بالمطلق حتما، ففرعون ناقش موسى عليه السلام ولم يعدمه مثلا، رغم أنه عذب زوجته، وكانت قد تبنت موسى عليه السلام، فعلاج الملحدين إصلاح فكرهم بالقدوة؛ لأنه عنصر التوازن في المنظومة العقلية.

وعلى الآباء أن ينتبهوا لسلوكهم في أسرهم، ولا ينبغي لواعظ أو سياسي التصدر ما لم يكن قدوة، ويكون قائدا وزعيما، وألا يتراجع إلا أن يشرح أسباب تراجعه، أو يعترف بأسباب هزيمته دون لوم الآخرين.

إن التصدر السام بلبوس القيادة سبب كبير في انهيار الأمة التدريجي، وتكوين منظومة تنمية التخلف.

السبت، 6 يوليو 2024

113 - جانب في نظرية إسلامية الحكم

 


تابع الرابط الى عربي 21 

هنـــــــــــــــا

الأرض مملكة الإنسان

إن فهم منطق الخليقة الذي أوضحه الله عز وجل في القرآن كما أفهمه، أن الإنسان في الأرض لاختبار منظومته العقلية بإقامة سلالته وإدارة حياته؛ وأن الشرائع والنظم هنالك منها التوقيفية التي تعالج مراحل متعددة لبناء المجتمع من الحالة المستضعفة إلى التمكين، وهذه تتطلب أجواء من الوفرة والعدل لتطبيقها، وخير دليل لذلك زمن حكم الراشد عمر بن الخطاب رض ومنها ما يقبل الاجتهاد، وأن الأحكام الشرعية والحكم ليست غاية في الأرض وإنما هي وسيلة لإقامة الاستقرار والعدل، ولإعانة الإنسان في امتحانه ولهذا تختم الأوامر الأساسية بـ"يعظكم".

والأوامر تعبير عن ثوابت لإقامة الصواب في المسير، العدل والإحسان والتكافل والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، وأن الدولة على منهج الإسلام ليست دولة لقمع الإنسان وتطبيق الأحكام كيفما اتفق، والاهتمام بها على حساب الحكم، أو الظن بأن معنى حاكمية الشريعة هي حاكمية الله أو أنها مقدسة حتى باجتهاد بشر وتأتي بأحكام استنبطها بشر في زمان مختلف ومكان تغيّر ومدنية تطورت بوسائلها، لنبقى أمام تجاهل كل شيء والعودة إلى الماضي بعقليتنا مع بقاء استخدام مبتكرات المدنية لرفاهية من يتسلط فينا بحكم التغلب الذي ما زال بعض الناس يعتبره شرعيا للحفاظ على مصداقية التاريخ، بينما هو ليس شرعيا لأنه سلب الأمة أهليتها، وأي فكر يسلب الأمة إرادتها ينتقص من أهليتها ولا ينسجم مع أساس فكرة الخلق وأن تكون خليقة وسلالة آدم في الأرض، فإن أحسن من تولاه فذاك منجاة لنفسه.

إن الأحزاب التي لها أيديولوجيا أو تستلم السلطة وتسعى لتمكين الإسلام فإنها ستمكن الشعب لا أن تتمكن عليه، وأن تفهم معنى القيادة والريادة ومعنى الخلافة لرسول الله في الحكم. فالخلافة ليست شكلا يعود بنا إلى الماضي وإنما هي مفهوم لعمل مؤسساتي قابل للتطوير، لأنها مسألة مدنية فرضها واقع بصيغة بدائية تتلمس الطريق ولا بد من تطويرها بشكل مؤسساتي لواقعنا


إن الله خلق الزمان والمكان، وإلا لكانت حياتنا في عالم افتراضي أفضل مما يصنعه الإنسان. هذان العاملان يراعيان لأنهما يؤثران على الإنسان وتكوينه النفسي والفكري.

الحكم لتمكين الشعب:

إن الأحزاب التي لها أيديولوجيا أو تستلم السلطة وتسعى لتمكين الإسلام فإنها ستمكن الشعب لا أن تتمكن عليه، وأن تفهم معنى القيادة والريادة ومعنى الخلافة لرسول الله في الحكم. فالخلافة ليست شكلا يعود بنا إلى الماضي وإنما هي مفهوم لعمل مؤسساتي قابل للتطوير، لأنها مسألة مدنية فرضها واقع بصيغة بدائية تتلمس الطريق ولا بد من تطويرها بشكل مؤسساتي لواقعنا.

المدنية جهد بشري لمنظومة عقلية تختبر في الحياة، والحكم أو الخلافة أيا كان اسمها لا ترتكز على الشخص وإنما ترتكز على المهمة التي فصلناها. والحاكم يُنتخب ويعاد انتخابه وإن لم يُحسن يُعفى من الحكم ويأتي غيره. هذه ولاية الأمة لأمرها، ولا تنبغي أن تكون هنالك سلطة لأحد على أحد أو توكيل، فالجهة التشريعية تُنتخب لمهمة التشريع والرقابة المبرمجة ولكن ليس كما يجري الآن، وإنما تحدَد الاختصاصات المطلوبة ويُعرض الأشخاص المؤهلون على الشعب ليختار منهم، أو تؤسس مجالس مناطقية في كل وحدة إدارية ومنها ترشح الكفاءات المطلوبة، فالآلية الديمقراطية بالانتخاب تنتخب الغوغاء في الفوضى وتقدم الطالح على الصالح، وهي تعتمد على نضج المجتمع لهذا كانت محددة في عصر ابتكارها الأول..

كذلك يُنتخب رئيس الدولة كحاكم أعلى للبلاد للعمل في قيادة مؤسسة الرياسة، وهو من يعين الوزير الأول الذي يختار بدوره الوزراء من خلال آلية مجالس المناطق، أو من خلال الأحزاب وبرامجها، وأي وزير يتم اختياره لبرنامجه ومكانه، وأي برنامج أفضل سيُختار وزيره. ويتابَع الإنجاز والاستمرار من ديوان رياسة الجمهورية كمؤسسة عند تغيير رئيس الوزراء ورئيس الدولة عن طريق مجلس تخطيط ضمن بنية المؤسسة. وهذا له بحث آخر -لا يتسع له المجال هنا- يشمل نظاما انتخابيا لكافة الوحدات الإدارية وعلى متعدد مستوياتها.

خلاصة النظرية:

1- إن الحكم هو لضمان أهلية المنظومة العقلية، وعلى الحكومة والأحزاب وأي تنظيمات السعي في هذا الاتجاه للتعليم وتوفير الخدمات والرفاهية وسد الحاجات وإدارة الأعمال في القطاعات والحفاظ على أهلية وتمكين الإنسان، وليس قمعه أو التسلط والتمكن عليه، وإن الدولة ترعى وتنمي الثروات وتحاسب بشدة أي خلل أو فساد، أما العقائد والانتماءات فهي محمية بما يصب بالإيجابية التي لا تخلق توترا أو أذى.

لا شكل محددا للحكم وإنما يراد منه الرشد وتمكين الأم فلا قمع إلا لفساد، ولا سجون إلا إن اقتضت الحال دون إهانة لكرامة الإنسان


2- لا شكل محددا للحكم وإنما يراد منه الرشد وتمكين الأم فلا قمع إلا لفساد، ولا سجون إلا إن اقتضت الحال دون إهانة لكرامة الإنسان، ولكل وضع تشريعه وحكمه. والدولة الفاضلة هي من تحسن إدارة شعبها وفق نظام يلائمها وليس قالبا مسبقا تطبقه.

3- على الدعاة والعاملين الجادين أن يدركوا أن قالبا مسبقا للحكم باسم الإسلام هو اعتداء على الفكرة المركزية للإسلام، وينبغي فهم أن الناس سيقبلون هذا عاطفيا بمنطلق غريزة التدين لكن لا يقبلونه عمليا، لأن هنالك زمنا من البعد عن الحياة الإسلامية، والحياة الإسلامية اليوم ليست بذات المسارات السابقة، وهذا سيسيء إلى من يحاول فعل ذلك، وللإسلام بتجربة تنسب للإسلام، فاشلة أو فاسدة في التطبيق، وإنما هي اجتهادات بشرية للواقع ومنه، وليست تُستحضر من الماضي بفقه الماضي لأنها ستواجه الاستحالة في التطبيق، وتمسك من يقوم بها بحكم غريزة حب السيادة سيفسد ويفشل في امتحان الدنيا والآخرة.

الجمعة، 28 يونيو 2024

112- مراجعـــــــــات _ الهـــــــــــــــروب

 



رابـــط عربي 21

المراجعة والتفاصيل:

المراجعة لها أهمية ملحة، حتى تلك الذاتية لأحداث اليوم، ومسار التنظيمات الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني وحتى العلاقات الخاصة الاسرية والعامة. فالمراجعة نوع من الرقابة الذاتية للأمة، عبرت، مضت، مرت بسلام ودون تدقيق؛ هو هروب من العجز والجهل الذي يمكن حله بالتدريج مع الخبرة، فعندما لا تتراكم الخبرة فلن يكون ممكنا منع تكرار الخطأ مهما كان حجمه، وأحيانا ما نراه صغيرا في ظرف ما يصبح مؤثرا وخطيرا في ظرف آخر.

فالتفكر والمراجعة يفيدان التعلم، والإنسان يتعلم بالتجربة ويتحقق بالممارسة، لكن كيف يقيّم الأمور؟ فهذا مؤكد له محدداته في كل أمر وفق الأهداف والآليات والمتاح والمفقود، لكن ما يجمع الكل هو كفاءة المنظومة العقلية وفاعلية مخرجاتها.

التعلم مهم لاستقرار البشرية وتغطية حاجاتها، فالآدمية بدأت بآدم وحواء وصلت اليوم نحو خمسة مليارات، تحتاج البشرية إلى طاقة وإلى آلات ومعدات وموارد مستجدة، وعمل دؤوب في تبسيط الأمور من سلاسة الحياة والإجراءات الإدارية إلى بناء أعقد المنشآت، لتنتج البشرية ما يدعم الاستقرار والأمن الغذائي والمواصلات والاتصالات وغيرها. وهنا ستظهر الشعوب تباينا في الاستخدام والتطوير للإنترنيت مثلا، أو مهارات بناء السدود والمنشآت أو التقنية في الزراعة والصناعة والفن والأدب.

التجربة حركة وكما قلنا التوقف تلاشٍ، فإن توقف الإنسان أو أصحاب القرار في أمة عند إنجاز ما وبقي يراجع الذكريات ولا يبذل جهدا لتجاوز تلك المرحلة، فسيبقى يكرر إيجابيات عالقة في الذاكرة ويسد الدرب على القادم، وبالتالي هذه ليست مراجعة وإنما خداع للذات


التوقف تلاشٍ:

إن الخليقة قدرت حياتها على الحركة فإن سكنت تلاشت. الكواكب والمجرات والكون كله في حركة، تدرك تلك الحركة بالبصيرة بما لا يطاله النظر؛ لأن البصيرة أمر فكري ومخرجات منظومة تحليل تشحن بالتجربة والمعرفة المدركة وليس المعلومة المجردة، وعندما زل آدم قبلت توبته بعد استغفاره واعتباره، فالاعتبار أمر أساسي لفهم الدرس المفيد من التجربة.

الإنسان قد يصاب بالإحباط نتيجة عمله الدؤوب ومقابلته بالجحود والنكران، فالمعايير مهمة سواء السلوكية أو القيمية، والفعل أو رد الفعل الإيجابي من تفاعل البيئة يدفع للاستقرار، لكن عندما يحس النظام بالخطر قد ترفع دروع الإخفاء عن البشر فنرى تطبيقات غير الزعم بالحقوق والحريات أو التقوى ورحابة الفكر، فبلا اعتبار لا فائدة وبلا توبة لا اعتبار، لأن التوبة تبدأ بالتراجع عن الإصرار وتعطي المجال للمنظومة العقلية التي لا ينبغي أن تتوقف.

ديمومة الخلاصات تستقر مع ربط الخلاصات إلى تقييم المبدأ بعقيدة أفضل من السائبة.

التجربة والنقل:

تجارب الأمم لا تنقل كما هي سواء كانت مدنية أو فِكَرا، حصلت بموطن زماني أو مكاني آخر، وكذلك الشريعة لها اجتهادات وأحكام تتابع الزمن فهي مثاني يفتحها الفكر المستنير.

التجربة حركة وكما قلنا التوقف تلاشٍ، فإن توقف الإنسان أو أصحاب القرار في أمة عند إنجاز ما وبقي يراجع الذكريات ولا يبذل جهدا لتجاوز تلك المرحلة، فسيبقى يكرر إيجابيات عالقة في الذاكرة ويسد الدرب على القادم، وبالتالي هذه ليست مراجعة وإنما خداع للذات.

من دون شك الاعتبار هو ثمرة الابتلاء، والاثنان مهمان في المراجعـــة.

المراجعة باختصار:

هي عملية إعادة تنظيم فكرية وايدلوجية وآليات، لا تقام بشكل عشوائي وإنما توضع وفق اركان رصينة قابلة للتطوير والاستطالة، بحيث تجيب عن جميع الأسئلة بكل وضوح.

1- اعتبار الفشل مسألة قدرية هذا فشل في المراجعة.

2- إعادة المسارات على اعتبار أن الخلل ليس فيها وإنما هنالك عوارض مانعة، هذا فشل وليس مراجعة لأن أي منظومة لا بد أن تأخذ التحديات بالاعتبار بحيث تزيلها دون التأثير على الكفاءة والفاعلية.

3- هنالك خلل في صلاحية الأفكار كما فهمها القائمون بالعمل لا تجعل النموذج الفكري صالحا، فلا بد من البحث وتعديل الأفهام ومن مراحل عميقة.

4- الندوات والخطابات وورقات العمل دون دراسة وتمحيص من أناس ذوي إبداع ورؤية وعلم ومهارات وآلية مراجعة ووضوح معايير ومرونة في التفكير والنفسية، وإلا فإن الجهود لا تتعدى الخطابة وزرع الأمل الزائف، والنجاح لا يتعدى نجاح الندوة وانعقادها، وإن كانت النوايا مخلصة.

الحفظ والنقل والمعلوماتية ليست مفيدة ما لم تعالج في الذهن، ولا بد من التوقف عن مجاملة المنقول باعتباره حقائق مقدسة. وهذا لا يخص المتدينين فقط بل الجميع، والمراجعة أساسا لاختيار الطريق الأصوب وليس لتحسين الأداء فقط، وتطبيق الشكليات ليست طريق النجاح، ولا بد من السعي للحفاظ على أهلية المنظومة العقلية للإنسان ليصل إلى القرار وتكون فاعليته أمرا مشهودا


5- التوازن بين الأمل والعمل والبيئة ومدى نفاذ التخطيط في الأساليب المتاحة.

6- النجاحات السابقة قد لا تتكرر بتغير الظرف، فهي محض تاريخ لا يدل على صلاحية الآلية للظرف الجديد الحالي في الزمان والمكان.

7- الوعود الدينية والمعتقدات قد تصنع الأوهام الظرفية لكنها لا تمهد طرق التمكين.

8- إن الأفراد والأمم ممن لا يملكون آلية مراجعة سيكررون أنفسهم وطرقهم مسدودة.

9- إن التعلم مهارة بشرية وتعطيلها أيضا فعل بشري، والإحساس بعدم الجدوى هو من معالم ضبابية الطريق ومسار التكتيك دون استراتيجية، أي تهدئة المشاكل دون وجود حل أو رؤية لحل فاعل ناهيك عن تمهيد طرق النجاح.

إن الأمم لا تدوم بتمكينها والظلم لا يدوم، بل هو ما ينبغي أن يمنع تسلله في الحكم والسلطة، لكن يمكن تقصير زمن ضعف الأمم وهبوطها بحسن منهج المراجعات.

إن الحفظ والنقل والمعلوماتية ليست مفيدة ما لم تعالج في الذهن، ولا بد من التوقف عن مجاملة المنقول باعتباره حقائق مقدسة. وهذا لا يخص المتدينين فقط بل الجميع، والمراجعة أساسا لاختيار الطريق الأصوب وليس لتحسين الأداء فقط، وتطبيق الشكليات ليست طريق النجاح، ولا بد من السعي للحفاظ على أهلية المنظومة العقلية للإنسان ليصل إلى القرار وتكون فاعليته أمرا مشهودا.

الجمعة، 21 يونيو 2024

111 - مراجعــــــــــات الأفكار السلبية

 


مراجعـــــــ الأفكار السلبية ـــــات

عربي 21 رجاء انقر هنا

الإسلام صالح لكل زمان ومكان.. ليست مقولة وإنما لأنه فكر محمول بكتاب الله وهو لا يمر عليه الزمن، لكنه ليس جاهزا لكل زمان ومكان، فلا بد من تجهيزه وهنا يأتي دور الفكر البشري والمراجعات الإيجابية المستمرة، أما الظن بأن تطبيق الإسلام كما هو تطبيقه في صدر الإسلام باجتهاد الصحابة والفقهاء -وهي رؤية بشرية في عصر آخر وبيئة أخرى- فهذه أفكار سلبية لن تصل بنا إلى إمكانية الاستفادة من الفكر الرباني، هذا انفصال عن الواقع الزماني والمكاني بأبسط توصيف.

اما اعتباره كدين موقوف ونتعامل معه باستحضار التاريخ ومشاكله ونريد أن نتمسك باجتهادات عصر من العصور فهذا من المعيقات لصلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، فالإسلام لو جرى التفكر فيه فإنه سيتعامل في عصر وزمن واحد مع مدنيات متعددة في الرقي بطرق وتشريعات مختلفة، ولعلنا على سبيل المثال وليس التفصيل، نجد للشافعي اجتهادات فقهية متباينة بين ما أفتى في العراق وما أفتى في مصر في زمان واحد، وهذا في الفقه فما بالنا والزمن في تغير سريع مع معطيات المدنية؟ ونحن نحتاج إلى دراسات قرآنية مستمرة للمثاني القرآنية (الطيات أو المعاني التي تعطي أجوبة متعددة).

التطور في الواقع لا بد أن يرافقه توسع في الدراسات من أجل إبقاء العدل في الأمة والعدالة في اللوائح والقوانين المنبثقة عنها


التطور في الواقع لا بد أن يرافقه توسع في الدراسات من أجل إبقاء العدل في الأمة والعدالة في اللوائح والقوانين المنبثقة عنها، ففكرة التزمت أو ترك فهم العامة من الناس وأحيانا الغوغاء أو الرعاع أو الرويبضات فهذه حرب داخلية، وصديق جاهل مؤذ أكثر من عدو عالم يحفزك بتحديه على إنتاج المزيد من الرصانة وأحكام المخرجات للمنظومة العقلية.

ما زال قابيل يقتل هابيل:

لم يخلقنا الله لتطبيق احكامه بشكل انسيابي وإلا لكنا ملائكة وإنما أتينا لإعمال منظومتنا العقلية للقراءة والتبحر في المنهج الرباني للإنسان والحياة، ونتذكر ونذكر دائما أن إرادة الله هي بجعل سلالة في الأرض، فهذا ينبهنا إلى أن المعلومة لا تكفي وإنما إدارة المعلومة هي المهم لأن آدم كان يعرف كل ما يلزم من معلومة وأن إبليس عدوه، ومع هذا اتبع غريزة حب البقاء والتملك والتمكين عندما استثارها إبليس عنده فنسي وزل ولم تنفعه معلوماته لأنه لم يحرك منظومته العقلية ويفكر.

كذلك نحن أمامنا مغريات هي ذاتها، ما زلنا نجنح تاركين غرائزنا تستعمر في منظومتنا العقلية فنهين تلك المنظومة أمام مغريات الجاه والتمكين أو الشهوات والمال والسلطة، ويمكن أن يكون كل منا قابيل يقتل أخاه هابيل الذي هو أكثر آدمية منه وإنسان راق بدل أن يتعلم منه ويساعده، لكن مع فرق الإصرار على الفعل وينسى بل ربما لا يعلم أنه في اختبار منظومة يفشلها بغرائزه وتمكينه الزائف.

الله لم يجبرنا على نظام:

إن الأهلية عند الإنسان أساس لسلامة مسؤوليته عن قراره، وأن الإسلام ومجيئه إلى يوم يبعثون كمنهج رائد أعاقه المسلمون أنفسهم بعقلية لا تراجع ولا تقرأ، وتميل إلى التبسيط لا التعمق والتفكير بينما الإسلام عميق يحتاج إلى سعة وتفرع في التفكير.

إن الأهلية عند الإنسان أساس لسلامة مسؤوليته عن قراره، وأن الإسلام ومجيئه إلى يوم يبعثون كمنهج رائد أعاقه المسلمون أنفسهم بعقلية لا تراجع ولا تقرأ، وتميل إلى التبسيط لا التعمق والتفكير بينما الإسلام عميق يحتاج إلى سعة وتفرع في التفكير


أهلية الإنسان وامتلاكه لقراره مقابلة للعدل الإلهي في محاكمته، فلا يمكن أن يفرض الله عليه أمرا أو حكما أو حاكما ويستعبد برأي هذا وذاك ثم يحاسبه وكأنه حر. التشريع ينظر بعمق إلى الحر وغير المالك لإرادته، والله أرادنا أحرارا، لم يفرض الرسول نفسه على صحابته كحاكم إلا ببيعة ورأينا من السيرة أنها بيعة مشروطة بزمان ومكان؛ كما في بدر حيث طلب بيعة الأنصار، وعندما أراد الحرب لفقد عثمان، طلب البيعة تحت الشجرة، وهكذا مواقف كثيرة فهو يعلمنا معنى الحاكم أنه برأي الأمة رغم أنه نبي فما بالك بغير النبي.

لم يفرض الرسول نظاما ملكيا أو جمهوريا أو نظاما قبليا، وإنما اتبع وثيقة المدينة التي هي أول وثيقة مواطنة واضحة ومفصلة تبين الحقوق والعلاقات في مجتمع متعدد متنوع الاعتقاد والتحالفات.

المجتمع والدولة:

هذا عنوان لمقالتين سابقتين، فأوضحنا معنى المجتمع الذي يقيم الدولة، ولا دولة بلا مجتمع متعارف متفاهم وإلا فهو مشروع اضطراب وسقوط وليس استقرارا ونهضة، ومن ينظر في أمر المجتمع هو المجتمع نفسه، فليس في البشرية اليوم من هو أفضل من محمد r ليضع لنفسه سلطة ووكالة وولاية عن الأمة ما لم يضعها رسول الله لنفسه، وكان بإمكانه وضعها لكنه رسول جاء بالمنهج فقيل له قل فقال قل، لذا فكل نظام يمكن أن يفي بمنهج الإسلام يمكن أن يُتبع ويغير عندما نجد الأفضل منه، وهنالك قواعد عند المفكرين ومنطق للتصويب والتصحيح ومنع الاستبداد.

إن الاستبداد يأتي بشعارات لطالما كانت جاذبة (فلسطين قضيتنا الكبرى ولا بد ان نستقر حتى نحررها، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، أنا لا أريد إلا خيركم ومستعد للتضحية في سبيلكم)، والنتيجة واقعنا اليوم ولا يحتاج شرح أو توضيح، إنه الهروب الذي سنتحدث عنه في المقال الآتي.

128 -نحو استراتيجية عراقية للموارد المائية

 رابط صحيفة الزمــــان الدولية المياه في العراق قصة مدنيات نشأت على الحوضين، وكانت الأنهار دوما تسجل في حياتهم الأساطير والى يومنا هذا؛ هو م...