https://m-salihalbdrany.blogspot.com/ فكــــــر اليقظـــــــة Mindfulness: أبريل 2025https://m-salihalbdrany.blogspot.com/

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 25 أبريل 2025

170 - السياسة والاماني الضالة

 رابط عربي 21

بيئة منظومة تنمية التخلف:

ننظر هنا إلى زاوية فقط في بيئة نعيشها واقعا لم نعرف طعم الحياة التي قضى بعضنا عمره وغادرها وهو في انتظار طيف الرفاهية والراحة، ويتباهى فيها الفاسد بنزاهته والجبان بشجاعته، ويتحدث كل من هب ودب بتافه القول المعبّر عن غرور الجاهل ويسميه نشاطا سياسيا، راكضا وراء ما يظنه مصلحته ولو كان الضرر مما يفعل يحيق ببلد يدّعي حبه.

وهكذا تختفي وتتدارى الكفاءات ومجاميع البناء ويظهر أناس غير قابلة للقياس تلقب بالسياسي وتفتقد سلوكية السياسي.. عند هذا ببساطة نقرر ولا حاجة للتعليل: نحن في بيئة منظومة تنمية التخلف.

السياسة المظلومة:

السياسة يمكن أن تدرس أكاديميا أو تعبر عن مواقع سياسية من أناس طارئين أو انتهازيين، لكنَّ الحالتين لا تصنعا ساسة، عندها ستظلم السياسة لأنها ستتهم بسلوكيات من يوصفون بها.

الطارئون الذين لا يحملون رؤية أو قيمة مدنية لا يشكلون أمة وبالتالي لا يشكلون دولة، فهم يلجأون إلى العصبيات واستثارتها كالعرقية والطائفية والمظلومية والروابط الهابطة التي لا تنتج إلا الاستقطاب، وهذه استثارة الغرائز وإعماء المنظومة العقلية ليصلوا إلى كراسي الأماني الضالة، ويسخّرون في هذا كمّا من التفاهة والتافهين الذين يزيدون التشظي والتخلف، وعندها لن تجد إلا تعبيرا عما يضع الظلم والتفاهة


فعندما تجد حديثا عن الفوز بالمناصب دون الحديث عن برامج وحلم وتطلعات لبناء من خلال هذا المنصب، فأنت حتما أمام مغامر يركب الموج، يريد الوصول وكل همه من الوصول هو تحقيق لذاته بما يحلم لذاته، والحقيقة أن هؤلاء الناس لا يملكون إلا مهارة صناعة التخلف للأمة.

هذه الحالة السائدة تعني التعبير عن حاجات وغرائز الطامعين وغياب الضمير والفكرة الأساسية من السياسة والعمل السياسي، فالهدف امتلاك وسائل النفوذ وديمومته وهو مقتنع تماما بأن عدم انتخابه خسارة ومجرد وجوده نصر، وأن أي منافسة على السلطة يخوضها وينتصر بها أهم من تغلب منتجمري على رومل في العلمين، مع أن سلطته لا ينتفع بها الشعب الذي انتخبه.

الطارئون الذين لا يحملون رؤية أو قيمة مدنية لا يشكلون أمة وبالتالي لا يشكلون دولة، فهم يلجأون إلى العصبيات واستثارتها كالعرقية والطائفية والمظلومية والروابط الهابطة التي لا تنتج إلا الاستقطاب، وهذه استثارة الغرائز وإعماء المنظومة العقلية ليصلوا إلى كراسي الأماني الضالة، ويسخّرون في هذا كمّا من التفاهة والتافهين الذين يزيدون التشظي والتخلف، وعندها لن تجد إلا تعبيرا عما يضع الظلم والتفاهة أمام الجمهور وترسيخ الجدل السطحي دون مناقشة ما يوقف التدهور المدني للبلاد. وتستعيد تلك الروابط أهميتها لمجرد أن يحصل "المستنفذون" على دعم لوجودهم وخداع الناس واستلاب حياتهم، وتعميق فاعلية منظومة تنمية التخلف بإعادة تغذيتها بالأمراض الاجتماعية والسموم الفكرية والتخلف عن العالم والتباهي بإنجازات وهمية ليست مبرمجة إلا لزيادة مراكز القوى.

في سياسة الأماني الضالة في منظومة تنمية التخلف تجد خلية لا تنتج عسلا، بل هنالك صراع ومهمة العاملات -تلك الزنابير المتحولة- فيه هي احتلال المكان وطرد الآخرين من الخلية التي تتفكك أواصرها اعتقادا أن الخلية لها وحدها، فالملكة عاقر مفقودة والذكور ميتة والعاملات القادمة من خلايا الزنابير هائمة تأكل عسلا متبقيا فيها ولا يعوض بإنتاج جديد.

الكيان الذي تنشئه سياسة الأماني الضالة في منظومة تنمية التخلف هو كيان هش ضعيف يعتمد الظلم، وأي خطر يحس به يحوله إلى اضطهاد داخلي لمن يَفْتَرِض أنهم أعداؤه، ويسخّر كل التفاهة التي هو فيها لتبرير إحداث الشروخ الكبيرة التي تصل حدا لا يمكن إصلاحه، فيبقى البلد على حافة التفكك وإعادة هيكليته من جديد؛ إما بعنف يستعيد وحدته، أو بالتفكك إلى أجزاء هي جاهزة للابتلاع من المحيط الإقليمي؛ لأن التفكك لا يقوم بدافع نضج فكري أو عقلي وإنما على الغرائز والمشاعر السلبية ولا رؤية غيرها، لتستمر في التلون والاستحواذ وإن تغيرت المسميات ما لم يتولى الأمر أناس آخرون.

يظنون أنهم سياسيون ولكن لا يبدعون حلولا بل يواجهون الاستقطاب باستقطاب، وقد يكون مقبولا من المتنافسين والمختلفين لكنه لا يبني دولة ولا يحل مشكلة أمة، المتنافسون لا يأتون برؤية تعالج مشاكل المجتمع وإنما هذا الأسلوب لتفاقم تضارب المصالح على الوليمة والخلية التي لم يعد عسلها كافيا ويوشك على النضوب، أما الشعب والناس الآخرون ففي حسابات لا تأتي أهميتها إلا لتعطي شرعية اللعبة التي تكرر الوجوه في الخلفية، وإن أبدلت الواجهات التي غالبا تجد نفسها أهلا لتكون وجوها وليس واجهات، وقسم منها يضاف إلى الدار بعد أن كان من الخطّار.

في بيئة الأماني الضالة لا تعرف من الرأس ومن يتخذ القرار، ولماذا هنالك شخص لا يحاسب بما يحاسب معشار معشاره المواطن. الكفاءات غريبة مضطهدة مسفهة، والتمكين والثقة للناس المزايدين، فالغاية الكرسي؛ لا ما يمكن فعله عليه وما يجلبه الكرسي من "مستحقات"، فالبناء لا يتعدى العنوان والشعارات بالوعود وديمومة الأمل بالأوهام.

فما هي السياسة عمليا إذن؟

إذا فهمنا السياسة من الجدلية أعلاه وأنها أمر فيه معاير القياس لدرجتي الرقي والانحدار، وليس عملا يقوم به أي كان ناقلا فوضى داخله للمجتمع، نكون عندها سياسيين، أما إن رأينا أن المعيارية مختلة عندنا فنحن نشارك في احتضار أمتنا ومجتمعنا


1- حقيقة أن السياسة مهمة عندما تكون "إدارة مصالح الأمة"، ويبذل المتصدر الجهد للتعاون مع طاقات البلد ووضع برامج وآليات للارتقاء بالواقع الفكري والمدني إلى الأفضل، وهنا يأتي الاختلاف بين الأحزاب إما على الأولويات أو التزامن أو الآليات، ومحاولة كل منهم إقناع مقابله بخططه ومن ثم الانتقال بالبرامج وشروحات الخبراء إلى الجمهور ليختار بين الرؤية والمنهج والآليات، ومن يفضل أن تمشي خططه أولا إلى اختبار الجمهور فإبقاء أو تغيير في انتخابات قادمة؛ فمن الضروري تعاون الجميع لتحقيق ما يريده الجمهور برؤية الفائز التي أدت لانتخابه وتصويب ومتابعة المعارضة بكل اهتمام.

2- سعي الجميع لوأد أية فتنة وبذل الجهد للتلاحم المجتمعي، وتحفيز الطاقات والارتقاء بالمنظومة العقلية، ووضع النظم للاستفادة من كل طاقة حتى نهاية قدرتها على العطاء.

3- لا يبقى أي شخص في منصبه الوظيفي إن تبين له فشل تفكيره في قيادة عمل ما، فيستقيل ليتقدم آخر بما يملك من كفاءة.

4- محاولة إبداع الوسائل لإزالة العقبات الداخلية والخارجية والأولوية للتنمية.

5- فهم السياسة أنها توظيف السلطة والنفوذ للتنمية.

6- تحقيق المصالح العليا مع الربح إن أمكن ذلك، وعندما تضر الأيديولوجيا بأي بلد تعتبر تلك الأيديولوجيا غير صالحة لدعم عمل سياسي ناجح.

فإذا فهمنا السياسة من الجدلية أعلاه وأنها أمر فيه معاير القياس لدرجتي الرقي والانحدار، وليس عملا يقوم به أي كان ناقلا فوضى داخله للمجتمع، نكون عندها سياسيين، أما إن رأينا أن المعيارية مختلة عندنا فنحن نشارك في احتضار أمتنا ومجتمعنا؛ وكما أن حمل هموم الأمة بالتضحية والعطاء قيمة عدل؛ لا يكون الاستحواذ سياسة وإنما ظلم بطغيان التفاهة والأماني الضالة.

الجمعة، 18 أبريل 2025

169- التسامح سلوك للتعايش



 ما هو التسامح؟


عندما يُرتكب ضدك أمر أو تنزعج من سلوك، أو تعرضك لاعتداء وأنت قادر على الرد عليه، فهو

 تسامحك وهذا المخالف، لكن هذا لا يعني أنك راض عنه، أو أن هنالك مشروع صداقة مع من خانك 

وتسامحت معه بإغفال فعله وما سببه من أثر، سواء أزيل أو لم يزل الأثر، وغالبا لا يزول هذا الأثر بمعنى 

يبقى الخلاف وأسبابه، لكن يتم التغاضي عنه.وهنا الخط الفاصل بين العفو والتسامح والصفح، فالصفح 

أعلى رتب العيش المشترك، والعفو هو حجب الأثر والعقاب، والتسامح ليس مصطلحا فكريا عقليا، وإنما 

سلوك نفسي حمال أوجه؛ أغلبه القبول بلا مطابقة ويحتمل استمرار القطيعة لكن بلا أثر، وهذا يعني 

مساحة من إلغاء الماضي وما ترتب على العلاقات السابقة كافة إلى مجرد التغافل والرغبة بالنسيان، وله 

أجر الصبر ومصنف كقيمة أخلاقية في الإسلام وعبادة عظيمة.

وللزمان وثقافة المجتمع الفاعلة في التطبيق تعريف؛ فقد يعد تصرفك ضعفا ويشجع الذي تسامحت معه 

ليقوم بسلبية أكبر، وهنا دور الإفهام والإعلام وإحاطة المقربين علما، مهم لتفادي شطط لا يتوقف غالبا 

عن الأذى.

الصفح أعلى رتب العيش المشترك، والعفو هو حجب الأثر والعقاب، والتسامح ليس مصطلحا فكريا عقليا، وإنما سلوك نفسي حمال أوجه؛ أغلبه القبول بلا مطابقة، ويحتمل استمرار القطيعة لكن بلا أثر، وهذا يعني مساحة من إلغاء الماضي وما ترتب على العلاقات السابقة كافة.

هل الإسلام دعا للتسامح؟

قال ﷺ: ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا. فالعفو كله 

خير: "وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" (البقرة: 237). الحقيقة 

أن الإسلام ذكر مضمون التسامح كقيمة عظمى، رغم 

أنها أقل أنواع العفو في التعامل: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ 

وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت: 34)، ودعا إلى 

المغفرة والعفو والصفح. والمغفرة تتجاوز الحدث إلى مسح الحدث وما سبقه، وهي الصفح الجميل: "فَاصْفَحِ 

الصَّفْحَ الْجَمِيلَ" (الحجر: 85)، الصفح الذي لا يترك أثرا للسلبية بالغفران، "وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا 

فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (التغابن: 14). وهذا محبب في التعاملات بين الناس عند انتباههم إلى ظلمهم 

والإنابة وطلب رد ما فعلوا من سوء بالحسنى: "فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، 

وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (الشورى: 40-43). هذا أمر غير محدود من التعويض والأجر، 

إنه التفكير والقرار الصائب.

يذكر دوما التسامح بين الأديان وهذا خطأ كبير إن لم أصفه بالشنيع، فمن وجهة نظر الإسلام أن 

المنظومة العقلية لها كامل الأهلية في خياراتها، وهي مسؤولة عن العزيمة في التفكير ثم الإرادة في 

التنفيد، وليس لمن يحمل عقيدة أن يحاسب الآخر على معتقده، إلا إذا أضر بالمجتمع واعتدى على الأمن 

العام والسلامة في المجتمع، فما هي الضرورة لأسامح شخصا لأنه يعتقد معتقدا آخر وأنا لست متضررا 

منه أو استبد بحقوقي، وإنما مجرد له عقيدة مخالفة ولا يعتدي بها عليّ؟ هنا ليس التسامح بالكلمة 

المناسبة ولا كلمة التعايش تلائم الدقة في الوصف والإنسانية وإنما العيش المشترك، وهو الحياة الطبيعية 

التي يحميها الإسلام للكل في الضروريات الخمس المعروفة، وهي: الدين والنفس والعقل والنسل والمال. 

وهذا عند قيام دولة تعمل بالفكر الإسلامي، فهي ضامنة لمواطنيها هذه الحقوق والتمكين لهم بالعيش 

بعضهم مع بعض، والحقيقة أن هذا ليس تناغما مع الليبرالية التي هي ليست مفهوما فكريا، وإنما 

آلية مدنية ضمن مجموعة الآليات الحامية المثبتة للرأسمالية، فالدولة الحديثة تتبنى هذه الآليات 

لحماية رأس المال وسيادتها، هي لا ترتكز على الأخلاق، وإنما هنالك قيمة فاعلة هي النفعية، لذا نرى ألا 

خجل في التصريح بما هو ضد الدين.

العيش المشترك:
التسامح الذي يتحدث عنه من ينقصهم النضج مهما علت مراتبهم، إنما هو نوع من الاستسلام والتخلي، وتأكيد لهزيمة جيل سابق أمام الانبهار بمدنية ثبت أنها ليست متسامحة فعلا عند بروز التنوع؛ وإنما تريد من الآخر أن يكون مثلها أو يفهم عقيدته مثلها، لكي ينجح اندماجه في مجتمعها، وهذا ما لم يفعله الإسلام.

المسلمون الفاهمون لدينهم يفعلون ما نصحوا به، 

ويطورون وسائل الحياة ويهذبون مشاعرهم ويضبطون 

عواطفهم. عندما يقولون بالمحبة فهي حب الله الذي 

يشع منه كل حب، حتى لعدوك عندما يصبح عاجزا 

عن إيذائك، أو تمكنت منه حيا فأسرته وأنت دولة. 

الثقافة المنبعثة من العقيدة يعبر عنها سلوك 

السلطة، ففي الوقت الذي برز الأسرى عند القسام على ما رأينا، يودع الكيان الأسرى بجولة تعذيب، 

وبدل شهادة الحرية التي تمنحها حماس حفاظا على حقوقهم من النسيان، يضع الكيان أسورة شريطية 

كتب عليها "الشعب الأبدي لا ينسى.. أطارد أعدائي وأمسك بهم". هنا نرى حالة تسامح قلقة ومحدودة، 

وهي منهج سياسة لا يبنى عليها أكثر من حدثها، ولحل القضية تحتاج إلى التعايش، وهو ممكن كخطوه 

نحو العيش المشترك.

إن التسامح الذي يتحدث عنه من ينقصهم النضج مهما علت مراتبهم، إنما هو نوع من الاستسلام 

والتخلي، وتأكيد لهزيمة جيل سابق أمام الانبهار بمدنية ثبت أنها ليست متسامحة فعلا عند بروز 

التنوع؛ وإنما تريد من الآخر أن يكون مثلها أو يفهم عقيدته مثلها، لكي ينجح اندماجه في مجتمعها، 

وهذا ما لم يفعله الإسلام عبر العصور وبمتعدد الأفهام، فقد حسم الأمر لكم "دينكم ولي دين"، أي لكم 

طريقكم ولي طريقي، هذا قبول دون طلب تغيير الآخر، وإنما العيش معا من أجل إدامة السلالة وعمارة 

الأرض، ولكل أمة قوانينها وطرقها في منهجها، تتفاهم عليها سواء كتابة بدستور أو عرفا.

الخلاصة أني أسامح أحدا إن أضر بي وأنا لست متنازلا عن حق، لكن أعطيه فرصة لتعديل وضعه، أو 

التعامل معه دون غفران لما اقترف ضدي، وهذا موجود في التعاملات العامة بين الدول والأفراد، أما 

العفو والصفح والمغفرة فهي ليست تسامحا، وإنما هي درجات لقيمة أخلاقية اسمها العيش المشترك، 

وهي محو أو نية بمحو أي أثر، غير أن الذاكرة قد تستعيد هذا إن حيد العقل لحظة استثارة الغريزة 

بوجود التحفيز لمؤثرات، وهذا ما يسمى الفتنة التي يمكن أن تحدث بعد التقادم ونسيان الموجبات 

للتفاهم، وهنا تتحول إلى تسامح ثم إلى استعادة مجسمة للظلم، وهذا يمكن أن يشعل الفتنة كما تجري 

محاولات اليوم لإشعالها في جنوب أفريقيا بخبث وانتقام لمواقف سياسية، وهي تستغل بطء ما اتفق عليه 

في العدالة الانتقالية، أو تستنهض في رواندا إن أريد إشعال الفتنة مثلا، كما أشعلت في مناطقنا بغياب 

الفهم والعقلانية وباستثارة اإحدى الغرائز، كالتدين والتملك وحب السيادة وغيرها، أو استثارتها 

جميعا ليكون فسادا شاملا وخرابا بلا إعمار.

الجمعة، 4 أبريل 2025

167- نحو معالجة فكرية للموروث في الشرق والغرب

رابط عــــ 21ـــــــربي 



عوامل فاعلة:

عوامل نتحدث من زاويتها حول انحدار أو سقوط الأمم بعد ارتقاء، وهي الفكر والزمان، والقدرة على التجدد ومعالجة التحديات. أما الفكر المتجدد؛ فهو ما يحوي آليات تجديده أو يتقبل الاستنباط وفق قراءة أو استقراء الواقع، وأحيانا الاستقراء الخطأ يقود إلى اختراع أو ابتكار آليات تبدو كعنصر قوة وتجديد، لكنها تشكل خللا بنيويا في الأمة يؤدي إلى انهيارها الحضاري الفكري، أو تقطع وسائلها المبنية على تفاصيل بديهية نسيت مع الزمن فتصبح بلا صيانة. النظم الوراثية مثلا، تحتاج إلى صيانة وإلى تجديد بالآليات، لكنها بقيت على آليات قديمة كمحافظة على الهالة وما يشبه الألوهية أو التفويض الإلهي، وهذا لا يمنع تحديثها وأساليب ديمومتها فقط، بل يجعلها تتراجع للأفول أو ضعف الفاعلية أو أذى الشعوب، وقد تنعزل في برج عاجي كما في بريطانيا، أو تصبح تقليدية طاردة للكفاءات لا تسير على قواعد علمية في التنمية، وهذا لا يعني أنها لا تتطور، ولكنها تتطور سرطانيّا وليس بشكل متسق، فيحدث الأمر خللا في العوائد والموازنات الاقتصادية والتنموية والفكرية أيضا.


الأمم تعني الانسجام وقواعد الحياة:

قواعد الحياة قد يعبر عنها بنمط الحياة عندما تبنى الأمور على صيغ علمية وقانونية بحته ومعالجات لحاجات الناس، وفق نمط معين من المسارات الاقتصادية والإدارية، مثل النظام الرأسمالي الغربي بأشكال متعددة وبمستويات متعددة من التطور، وفق قدرات البلاد وتطورها الإداري المحكم.

ظهرت المذاهب المتعددة على أمور بسيطة أو من منطلق سياسي كالذي أحدثته صِفّين والطف، وأراد أن يدعم نفسه كتوجه بالفقه والتأصيل ليكون مذهبا ثم طائفة.


النظام الرأسمالي بني على التجانس ولم يُصغ صياغة متينة للمختلف بأعداد مؤثرة قابلة لإحداث تغيير بوجود بارز؛ والناس يتعاملون مع القانون في تشكيل نمط الحياة، والقانون يفترض أن المختلف أمر طبيعي، لكن مع ازياد الأعداد ظهرت الفجوة التي تتوسع لتصل إلى رأس الحكم والحكومات، فهم بحاجة إلى وضع آليات جديدة لاحتواء هذا، لكن لا يوجد فكر قابل للتوسع وقبول المعالجات. والنفعية تجسم الخطر خصوصا عندما يكون الدين فاعلا في رفض الآخر من كل الأطراف، فإما أن تحل هذه أو سيتفكك نمط الحياة والاستقرار الذي يمنحه هذا النمط، ومن ثم ستتخلف المدنية والحياة وقد يظهر نوع من الدكتاتوريات المستبدة لتمزق المجتمع، خصوصا مع فشل الرأسمالية والانهيارات الاقتصادية، التي طلت في فترات متعددة وآخرها ما زال مستمرا منذ 2008.

المنطقة الإسلامية:

الأمة منهارة فعلا لفقدان أواصر الارتباط العقلية، وانهارت تدريجيا بزرع عوامل الفرقة والاختلاف مع ارتفاع أدائها المدني والحكم والانتشار الذي لم يرافقه تغيير في الأساليب؛ لأن الطابعة لم تك موجودة والنسخ لا يوفر الكتاب الأساس في الإسلام (القرآن) ولا الحديث والسنة، فظهرت المذاهب المتعددة على أمور بسيطة أو من منطلق سياسي كالذي أحدثته صِفّين والطف، وأراد أن يدعم نفسه كتوجه بالفقه والتأصيل ليكون مذهبا ثم طائفة، أما المعتزلة والأشعرية والسلفية وغيرها، التي نشأت في تلك الفترة، فنقلت معتقداتها ومشاكلها واجتهاداتها أيضا بالتقليد وضعف التفكر، وفق المعطيات المستجدة أو التي اتضحت مع التطور بالمجالات كافة، وعندما يزداد الاختلاف يتولد التعصب ثم التعصب الأعمى، إلى أن أصبح الإسلام دينا بعيدا عن واقع الحياة.

أمتنا المنقسمة والمتنوعة في الوقت نفسه، بحاجة إلى إصلاح يوقف ذهابها في طريق يريد إحياء أنماط ميتة، وأن تتوقف عن استجلاب الماضي بخلافاته وإحيائها في واقع لا صلة له بها وليس طرفا فيها وبأسوأ ما فيها من تفاصيل، بل على المسلمين واجب وجهد لاستقراء الواقع واستنباط ما يناسبه من أناس متفتحين.

وما زال الاختلاف بين الفرق الأشعرية والصوفية والسلفية بأنواع فهم السلفية ما بين الخضوع والتمرد، وكلها متطرفة في هذا وذاك، إلى أن أصبحت الأمة لا تعرف الطريق، وهي أصلا انهارت منذ زمن لتكون جاهزة للاستعمار والاحتلال، وتخلفت عندما تركت فهم العلم، وأنكرت أي تجديد أو تحديث واعتبرته بدعة وضلالة، ومن يقولها فهو في النار، وهذا متفق عليه عند المختلفين بكل شيء.

فهم الإسلام المتقوقع هذا، وأنه قوالب جاهزة لا يمكن أن تتسع لهذا العصر، وتطلب من الناس أن يكونوا بحجم تلك القوالب، هو أمر ليس ممكنا، فالعالم فيه مشاكل تحتاج حلولا من أجل الاستمرار في الحياة، وفيه أسئلة لا تجيب عليها المذاهب والفرق، ونحتاج إلى اختصار التوسع في مسألة كتبت بها كتب لتكون بصفحة واحدة، فالعبادة ليست باتباع رأي الفقهاء وقسم من الاجتهادات، أصلا لا يعقل ولا يمكن أن يُقبل، وكان نوعا من الهروب الفكري بعيدا عن السياسة، بل العبادة في ما يوضح ويعين الآدمية على فعل ما خلقت له، وإعادتها إلى رشدها بدل ما نرى مما وصفته الملائكة لربها.

لا بد من التغيير.. تلك السنة الكونية المهملة

إن أمم الغرب لا بد أن تعدل من قواعد تأسيس الدولة الحديثة التي لا ترتكز على قيم أخلاقية بل النفعية في القرار والتعاملات والسلوك، وهي أيضا باتت تقليدية ومنكمشة لفقدان آليات التحديث لما لم يحسب له حساب.

أمتنا المنقسمة والمتنوعة في الوقت نفسه، بحاجة إلى إصلاح يوقف ذهابها في طريق يريد إحياء أنماط ميتة، وأن تتوقف عن استجلاب الماضي بخلافاته وإحيائها في واقع لا صلة له بها وليس طرفا فيها وبأسوأ ما فيها من تفاصيل، بل على المسلمين واجب وجهد لاستقراء الواقع واستنباط ما يناسبه من أناس متفتحين. الأمة غارقة بعقليات مغلقة، صوتها عال ومرتفع، تُسكت وتشوش وتشوه أفكارا تتلمس الطريق نحو يقظة فكرية، تجمع الأمة على ما يكون هو الحل لمشاكلنا ومشاكل الأمم، بدل ما نرى من فساد وسفك للدماء وتخلف فكري في الغرب، مع تخلف فكري ومدني في بلداننا التي لن تتقدم، إلا إن أعملت التفكير ونزعت جلابيب الماضي واتخذت مسار القرآن والسنة والسيرة وتحقيقها، ثم بناء ما يناسب الحياة وصناعتها من خلال استنباط يتبع استقراء الواقع

181 - الوستفالية ، وتعويضات أضرار العـــــــــراق

 رابط عـــــــــــــــــــــــــــــ 21 ــــــــــــــــــــربي حقوق تحتضر تحتاج مطالب عندما نتكلم بحثا عن الحقائق، لا نجامل صديقا ولا نظلم ...

يقظة فكر