المياه في العراق قصة مدنيات نشأت على الحوضين، وكانت الأنهار دوما تسجل في حياتهم الأساطير والى يومنا هذا؛ هو ما يحصل رغم أن التطور والتسارع والأحداث والفوضى المناخية التي تتقدم معلنة عن تغيير مناخي قادم بغض النظر عما ينسب إلى أسباب كالاحتباس الحراري أو توقف لب الأرض والتغيير المحتمل بالمغناطيسية وما سيتأثر به المناخ في العالم وهل ستنقلب الأقطاب وما يعني هذا من كوارث على البيئة والبشرية.
الموارد المائية وزارة الحياة:
الناس تظن أن مواجهة المشكلة تكون بانتظارها تأتي ثم نرى الحلول، هذا للأسف واقع وطبيعة تفكير من لا يعرف معنى وزارة الري أو الموارد المائية كماهية وفلسفة عمل ويتعامل معها وكأنها وزارة خدمية تتعامل مع المواطن بشكل وظيفي يومي متعلق بمراشنة المياه أو كيف تصل المياه إلى الفلاح أو ملئ الأهوار، أو مشاريع غير ناجعة ولا أقول غير مدروسة كاستخدام مياه المنخفضات الميتة المالحة عمليا كالثرثار في تجاهل المضطر لتلوث المياه عند زيادتها لتحقيق وسد أكثر ما يمكن من الطلب.
ادارة المياه
الموارد المائية في منطقة كمنطقتنا (حوض دجلة والفرات من المنابع والروافد والى المصب) مختلفة في مشاكلها عن الدول العربية الأفريقية كمصر والسودان أو الجزائر مثلا، فخبرة العراق في إدارة المياه موجودة ولكن ليست مستثمرة أو هنالك نوع من التكييف الإداري للاستفادة من الخبراء والباحثين بأساليب غير تقليدية، فالندوات تقام من اجل الندوات ويدعى لها أناس يعرفون بالعلاقات أو يقبلون أن يحاضروا فيها، لكن ليس من مراكز دراسات تستطيع أو مصممة للقيام بمهمة استقبال القادم من متغيرات ستصل بشكل لا أظن انه معلوما بشكل واسع بأكثر من توقعات وفرضيات وربما سيحصل بشكل مفاجئ، تستعد له دول تفهم مجرى الأمور وتهمله أخرى، وبلدنا يرصد لوزارة الموارد المائية مبالغا ليست وفق تخطيط لمعالجة التوقعات والتأسيس أو التمهيد للاحتمالات.
دول المنبع
- ماذا لو تغير وضع القطب المغناطيسي أو حصل انقلاب فيه وما احتمالية ذلك ومدى تأثيره
- ماذا سنفعل إن أصبحت حاجة دول المنبع للمياه بحيث لا يصلنا منها إلا الفائض من مخرجات المياه المستخدمة في التوليد للطاقة
- السدود وكيف يمكن إنشاؤها وما هي الأفكار المبدعة التي ممكن أن تجعلها مفيدة
- كيف يمكن أن نصيغ الاتفاقيات الدولية ومواجهة الأخـــــــــطار والاحتمالات السلبية مع دول المنطقة من ضمنها دول الخليج والأردن.
- حينما تكون أمريكا مثلا وليس إقرارا أفضل دول العالم في الري فهي أفضل دول العالم في تحقيق نجاح للتغلب على مشاكلها النوعية في الموارد المائية ولا يعني أن لها خبرة في حل مشاكل العراق المائية، كذلك أي دولة أخرى عربية أو أجنبية، فدول العالم متنوعة جيولوجيا وإداريا وتقنيا وبيئة مجتمعية وحدود وتوجهات سياسية ومشاكل في الإدارة والأمور الفنية ولكل خبرته في واقعه ولكن عليه ألاّ يكون تقليديا وان يفكر ويبدع حلولا كما الحال عندنا الغائص في التقليدية المقيد للإبداع غير المقدر لما يحتمل من كوارث وعلاج مطلوب باستثمار أموال النفط وإقامة المشاريع التي تخفف وطأة الضغط على الموارد المالية الريعية.
- الإنجاز والفاعلية ليس بكم المشاريع وإنما كونها ناجعة وحل والذي يقدر هذا ليس خبيرا أجنبيا أو شركة منفدة أجنبية، بل البلد نفسه وكوادره التي لم تجمع لهذا اليوم فبعد التقاعد تغادر الكوادر أو تتغير اهتماماتها وحتى لو طرحت أفكارا ستكون كمن يتدخل بما لا يعنيه، وهذا طبيعي في عمل التكنوقراط الوظيفي. فلو طلبت من متعهد سفر أن يزودك بمظلة ومعطف مطري وأنت ذاهب لصحراء تحتمل الأنواء الجوية أن تسقط هناك زخات مطرية، لجلبها وربما يعرض عليك أنواع خاصة وغالية الثمن لأنه سيضيفها إلى الفاتورة مع نسبة أتعابه ثم لن يخالفك فتذهب إلى غيره، لن يقول لك لا حاجة لذلك إلا إن استثقل هذا وربما تتغير الأمور والأحوال والتقنيات في أي شيء زمن الثورة الانفجارية الذي نعيش فيه للأسف شبه متوقفين حيارى مشغولين في واقعنا لا نفكر في مستقبلنا ابعد من أنوفنا.
مشاريع الموارد المائية نوعية مزمنة:
الموارد المائية لا تتوقف عند تشخيصك للمشكلة أو أنك ستعاني من الجفاف سنة 2050 (مثلا) وبيننا وبين هذا التاريخ ربع قرن لن نكون أحياءً أو أننا خارج الخدمة فهو زمن طويل وعمر طويل لكنه من مسؤوليتك الفعلية وليس الأدبية.
نحن أن شخصنا المشكلة اليوم فحلها في ابسط تقدير سيحتاج خمس إلى عشر سنوات وبعضها أكثر من دراسة المشكلة والتفكير في الحلول ودراسة الحلول وكيفية إحالتها للتنفيد ومحددات كل خطوة ومن سيقوم بها.
الوضع المائي يمثل حالة وجودية للبيئة وإدارتها ولا يمكن التعامل بعشوائية مع الهجرات وترك الناس للزراعة والرعي أو حياة الأهوار والجاموس، أو البقاء على أنواع من سد احتياجات المياه بالطرق المعروفة أو بالتعاملات وفق السياسة الدولية المعهودة من اتفاقات تقليدية قد ذهب وقتها عندما أصبح الموقف لا يسمح بارتباط لحقوق مفترضة، أو الاستقطاب والشكوى أو الحديث عن تجييش الجيوش، فدول المنبع لا تصنع المياه وهي أيضا لها حاجاتها وعلينا كدول اخضوضرت صحرائها بالرافدين أن نفكر بالحل فنيا وأساليب إدارية داخلية وخارجية لاستقبال الاحتمالات وهذا لا يأتي بفتات الوقت ولا وفق سياقات لا تصنع الحياة.