(إن يقظة الفكر هي مقدمة نهضة
الآدمية)
منظومة الأفكار عندنا بحاجة إلى إعادة تنظيم
الفكر كالبدن بحاجة إلى غذاء يومي لتجديد بنيته بأيض فكري
وليس لتكديس المعلومات فتترهل كما يترهل الجسم بالسمنة، تكديس المعرفة لن يفيد
الإنسان بلا معالجة لهذه المعرفة، فالمعرفة عند أبينا آدم لم تعالج في ذهنه فنسيها
عند حاجته لها ولو انه عالجها وفهمهما لعلم بمنظمة الأفكار تقييم الأشياء ولتعرف
لنوايا من ينصحه بأمر منع عنه، وما ذكر الله ﷻ قصة آدم لولا أنها عبرة لنتجاوز
الخلل البنيوي في نسياننا هضم المعلومة والاستفادة منها وتحويلها للمعالجة والى
قسم التطوير في منظومته العقلية، بيد أن الأكثرية ما انفكت لا تفعل.
القشرية في الدعوة والانضباط
إن صلاح الجوهر سينعكس تدريجيا على المظهر والعكس
ليس صحيحا
اهتمام كبير
للشكليات في مجتمعنا بما يتعلق بالمفاهيم والقيم التي تحتاج إلى فهم كي تكون فاعلة
تفيض بذاتها على محيطها وليست مظهرا فارغا من الفعل بما ينتج من سلبيات السلوك
الموثوقية وتعظيم
الفعل ليس معيارا للنجاح وإنما فاعلية المخرجات فقد تجد من يدير موقعا الكترونيا
وهو يتصور انه بهذا سيصلح كل السلبيات دونما تعمق أو دراية بالأسباب والمسببات وان
الحدث اليوم به كثير من المفردات، فلابد أن تعطى الأنشطة حجمها.
المثقف واجبه تقديم ما لديه والتنبيه
وليس إجبار أحد أو الوقوف عند حد ما، وهذه تبرز مشكلة بنيوية حقيقية، فمتعلمنا
ينتهي عنده الكتاب باستلامه شهادة التخرج، وكأنه بلغ المبلغ الكافي، كذلك استقرار
المثقف عند أول راي ليعتبره حياة أو موت وان واجبه الاستماتة بالدفاع عن سلبياته وإخفاقاته
عند سواتره وقلاعه التي يشيدها، والأدهى والأمر عندما يقف المفكر عند شهرته فلا
يتجدد ويبدأ يعيد معرفته كأسطوانة شرخت فلا تمتد إلى حيث المسار؛ وتستمع منها الإعادة
والتكرار.
انطباعات سلبية
والحقيقة المرة أننا نجيد صنع السواتر والقلاع
وحواجز مع الآخر، لان تصورنا للثبات على المبدأ هو غلق التطوير والتغيير وحتى مجرد
التفكير بان هنالك حقائق في هذا الكون ولسنا نحن الحقيقة المنفردة، هذا يشمل حتما
المنبهرين بالحداثة وتأليهها، ومن الواضح عندما تعاملوا مع الحداثة بمتعدد أفكارها
تعاملوا بموثوقية أصلا تنكرها الحداثة، لكنهم اخذوا سلبيات مجتمعهم ولم يأتوا بإيجابيات
الحداثة ولربما كان هنالك ما يعالج حيرة العالم، لكنهم تمترسوا حيث سواتر
المدافعين عن التقليدية في ثقافة الأمة وبنوا قلاعهم أيضا ومازال التراشق مستمرا،
لا ينظرون إلى من يأتي بفكر حضاري جديد أو آلية مدنية مفيدة.
العاملون في السياسة يتبعون نفس المنهج
الذي لن يسمح لهم بالارتقاء ليكونوا سياسيين وهو الإصرار على رأيهم باعتبار الإصرار
مسالة تمثل الثبات على المبادئ والقيم بينما السياسة هي سبل الوصول لا يمكن إقفالها
بالجمود فكلها طرق نيسميه في صحراء رمالها متحركة والثبات بذات الطريق هو غوص في
الرمال أكيد، للسياسة ملفات تتفق في بعضها وتختلف في أخرى فتتعامل مع المتفق
لتقارب المختلف وان قاطعت بسبب المختلف فلن تستفيد من المتفق ى عليه ويؤدي هذا
لانسداد الطريق، من يعمل بالشأن العام لا يحده زمن بل تقدمه في رسالة يحملها.
البدايات لا النهايات
بداية العمل السياسي عند ظهور النتائج
وليس الانتهاء عند الجلوس على الكرسي، وبداية المتخرج عند التخرج وليس النهاية عند
نيل الشهادة، والمثقف عند وروده المعلومة والمفكر تفكير دائم في التوسعة والتطوير.
أن الهدف ليس إشباع الأنا وإنما ما يمكن
أن أحققه من واجب، لكن الأنا في امتنا هي من أوصلتنا لهذا المطاف عندما غابت الثقة
بعقد المجتمع ككيان إداري سياسي فتحولت عقلية البشر بالانا من الآدمية كانسان إلى
التدني بالخلق حيث بشر جاوة والنياندرتال في أفضل مقاربات الوصف.
تطبعنا أن الثقة بالنفس هي الإصرار
والموثوقية (قلبا وقالبا) بينما الإنسان يتغير ويتوسع فكره وتسافر غاياته مع مسار
الحياة فثبات الفكر انطباع خطأ زرعه سوء الفهم لثقافتنا، ولم يتعلموا أن الثقة
بالنفس مراجعة واعتذار فأمست الأمة عقيمة وبيئة لمنظومة تنمية التخلف.
رابط المستقل
https://almustaqel.net/?p=12184
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق