مدونة تعالج يقظة الفكر الإسلامي والفهم الإنساني والحداثة بما يرتقي بالقيمة الادمية >>>> multi languages by google available
الجمعة، 14 يوليو 2023
70 - مسارات في الحرية والشريعة والحياة
السبت، 8 يوليو 2023
69 - الابراهيمية ورسالة الرسل
فهم
الناس للأديان وتحول الرعوية إلى مفهوم التبعية وربما الاستعباد والتقديس للأفراد
جنح بهذه النخب التي استسلمت لأهوائها الناس كموروث أو جهلا، وبلغ التقديس درجة التأليه
العملي لهذه الناس التي تنزه عن نواقص الآدمية وما هي كذلك، الجهاز المعرفي هنا
تتضارب أركانه وتختل الثوابت، عندما يحدثك النص عن العلاقة المباشرة مع الله
ويحدثك النخب انهم وسطاء، وعندما يقول
القرآن إن اسمكم المسلمون وأنكم أمة واحدة ثم تسمى الناس بأسماء متعددة وانتماءات
متضاربة وتكون أمم بتأكيد النخب استخفافا للناس أو طمعا بدنيا يغلب اليقين بالحق وهكذا
سنجد تركيزا لفاعلية النخب في إبقاء حالة التجهيل بينما الله جل وعلا يدعو الناس
للعلم والمعرفة واستنهاض قابلية الآدمية وإبداعها، ورغم هذا تجد إنسانا يحمل
شهادات عليا ومن علماء عصره يخضع بقدسية إلى إنسان يفترض انه يعلمه دينه لكنه جاهل
في العلمين، تجده عالما في علم الأحياء المجهرية يغسل أو يشرب ما يطرحه حيوان من
بول أو روث، أو ماء آسن قد يكون من دورة مياه يتبارك به وينسى علمه وإن للعلم
ولاية المعروف وهي ليست سلطة تستوجب الخضوع وإنما طاعة ما.
الإبراهيمية
فكرة لا أساس لها:
الديانات
مما نعلم ومما لا نعلم هي مصدرها واحد ما خلى التي نبعت من غريزة التدين عند الناس
البدائيين أو تلك التي لا يعلم اصلها حقا مثل الديانات الوثنية الشرقية وهي
بالمئات، منها لها اصل توحيدي ومنها لا اصل لها وإنما تشعبات مع الزمن تخاطب مخاوف
وغرائز وحاجات الناس والتشبث بدافع الأمل في الذهن والعجز واقع الحال فتنحرف عن
اصلها إلى ما يتجاوب ومحاولة التعايش مع العجز والمشاكل بخلق الوهم ودعمه بالنصوص
أو الحِكَم، فالله عز وجل قدر الأرزاق في الأرض وسن قوانين الحياة والإنسان مكلف
بالسلالة وعمارة الأرض، فهو مسخر له مسعاه في أنواع الرزق بعدل الله سواء رزق مادي
أو رزق معنوي ولا تجتمع كل مجامع الرزق عند بشر وإنما تتوازن بالرضا، هذا المعيار
المستمد من منطق الوجود يحدد مهمتك، وان تميزك للحق والصواب وإدارة الغرائز
والحاجات وإبداع الأفكار واكتشاف الأشياء من خلال التجارب العلمية مع فهم القيم
والأخلاق ومعاني الرسالة أيا كانت هو اختبار لمنظومة العقل.
فالديانات
المعروفة هي اليهودية وهي بموسى من سلالة إبراهيم، والمسيحية وهي برسالة عيسى وهو
ليس من صلب آدم وإنما خلقه خاص بروح (امر) خاص كما خلق آدم من تراب ثم قال له كن
فكان، فلا تعتبر المسيحية منسوبة لسلالة إبراهيم، وأما الإسلام فهو من محمد وهو من
سلالة إبراهيم، ولا علاقة لهذا النسب بتمييز ما، فبني إسرائيل الأوائل كافرهم
ومؤمنهم كما موسى فالسامري وقارون من ذرية إبراهيم، وقبائل العرب المستعربة ومنها
الرسول محمد من ذرية إبراهيم كما أبا جهل وأبا لهب وسائر كفار العرب من سلالة إبراهيم
وكانوا يدينون بالوثنية وعبادة الأصنام، فهل عبادة الأصنام ديانة إبراهيمية،
فالمسالة ليست السلالة وإنما الرسالة وفكرة الرسالة.
هذه
الديانات متعددة الميزات لكن لها دعوة واحدة ومناهج وأغراض متعددة وليست متصادمة
لو دققنا، لكنها لا تتفق بمراكز مهمة إلا إذا تحولت إلى أحدها، الإسلام كلمة شاملة
كتوحيد ولكل منهاجه والإبراهيمية فكرة أحادية النظرة لا تتفق والإسلام القابل
لخيارات الإنسان وأهليته ولا تتفق والمسيحية التي لها نظرة خاصة بالخلاص، ولا
اليهودية التي لها ثقافة خاصة بالمعاملات والعيش، فالإبراهيمية دعوة سفسطائية لا
اصل لها وإنما يراد منه تحويل الكل إلى نسب بشري قد يؤدي إلى الفوضى والإلحاد
وتفكك المجتمعات بلا شريعة واضحة ومحددات سلوكية وأخلاقية.
اليهودية
شريعة دين، وكانت صالحة لإدارة الحياة في زمنها لكن ليس فيها اجتهاد وقيدت أحكامها
زمكانيا لكثرة الأسئلة فكانت أمة (اذبحوا بقرة) وكان ممكنا بهذا أن يذبحوا أي
بقرة، لكن كثرة أسئلتهم جعلتها بقرة محددة، أما المسيحية فهي دين يتعامل مع التدين
وينفي أن يكون له شريعة، وأما الإسلام فهو دين وشريعة؛ القرآن مثاني تفتح عبر
العصور ويملك آلية التجديد (أمة اقرأ)، بيد أن نشوء المؤسسة الدينية وتعاظم تأثيرها،
أفقد الأمة المرونة لتتصلب أمما.
الديانة
الإبراهيمية المزعومة ضد طبيعة البشر التي ولدت فئات متضاربة بدين مفصّل لاتباعه
كاليهودية، ومعرّف بدقة كالإسلام، واجتهدت الناس في الكينونة والمقدس واتجهت إلى
فلسفة الأقانيم ودرجة القداسة لإثبات رؤية كل مجتهد كالمسيحية، وما نراه من
المسلمين اليوم عجب العجاب وتسطيح رهيب للمنظومة العقلية الآدمية.... فالديانات
الثلاث بفروعها ومذهبها، ليست واحدة بشرائعها رغم أن أصلها واحد هو الدعوة إلى
التوحيد لله، ما بين شرائع أصولية وشرائع تتجدد بالفهم عبر الزمن وهذا أيضا لم
يحصل عند المسلمين فبقت الناس تستحضر الماضي وتعيش أحداثه وبهذا غابت عن الواقع، الإبراهيمية
نوع من الجمود بالفكرة وأحادية النظرة وتريد شيئا واحدا في عالم يتطور ويختلف
ويلتئم وتتجاهل أن هنالك مئات الأديان الأخرى التي تفوق الديانات الثلاث مجتمعة في
العدد، وتريد حصر الدين بطقوس لاتسمن ولا تغني من جوع وتعمق إيقاف الزمن، وتثبيت
لرفض التنوع والاختيار، أي تلغي المنظومة العقلية ليكون التدين لإشباع الغريزة بدل
الدين الذي يكون الثقافة والشخصية، فهي
ليست وسيلة تتناسب مع إرادة الله في اختبار منظومة الإنسان العقلية وامتلاكها
أهليتها خياراتها وإنما استعباده من خلال فكرة وما تتفرع إليه وأهداف موجودة أو
تستحدث هكذا دين واستقطاب باطل يحجب الهداية من أمم تفوق اتباع المناهج الثلاث
لليهودية والمسيحية والإسلام، وهم بمجموعهم لا يشكلون نصف البشرية عددا كانتماء
وواقعا اقل من هذا بكثير.
الحجاب في كل الأديان:
اليهودية
كانت ومازالت تركز عل حشمة المرأة وملابسها جلباب اسود ونقاب وهو ما يرتديه
المسلمون من السلفية، وهو ذاته بلا برقع ملابس المسيحيين لبداية القرن العشرين
وظهور نظرية فرويد في الكبت وتأثيره السلوكي والتي مازالت فاعلة رغم أن المرأة
البريطانية آنذاك لو عرضت عليها صورة ما يُلبس الآن، لما توانت بوصفه بأبشع الوصف،
ولا شك أن ملابس السيدة مريم العذراء بتماثيلها تؤكد أنها كانت محجبة، وحصر الهيأة
بدور العبادة هو إطاعة لفرويد ونسيان لما امر به كل دين وفق فهم الناس وسلوكها.
والآخر مع الفطرة
هنالك
حراكان عمليا، أحدهما يعمل ضد الفطرة البشرية ويشيع الشذوذ ابتدأ بالملابس لكل جنس
إلى العقائد اليوم وتغيير جنس الإنسان والاعتداء على الطفولة والبراءة، وهذا ليس
أمرا غير منطقي فهو منطقي جدا في تعريف الدولة الحديثة التي هي بديل الاله بالطاعة
وتتعامل مع الأفراد وليس الأسرة، وتعاظم الليبرالية الجديدة التي تهتم بالمتعة
والخيارات التي تحرر الكبت حسب زعمهم ووفق ما سمعنا من شاذ التوصيف وهذا ما لا
يتسع له فقرة في مقال.
رابـــــــــــــــــط عــــــــــربي 21 انقر هنا
الجمعة، 30 يونيو 2023
68 - وفي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ
النفس الآدمية خلق دال على العظمة الإلهية في خلق يحمل القدرة على التعلم والإبداع، من تشييد أبنية لا يُرى الإنسان إن وقف قربها لفرط فرق حجمهما، إلى إصلاح الإنسان بالطب والعلوم التي ما انفكت تتوسع وتُذهل. النفس هي أنت وأنت خلق الله. ألم تر أن الإنسان ما كُتب له الخلود في الأرض ومع هذا يعمرها، لا يغلبه إلا قضاء الله. وإبداعه يأتي بحسن إدارة أقدار الله باتباع سنن الكون؛ فالنفس الآدمية غير الجسد البشري، إنها أنا وأنت وكل كينونة حية من بني آدم. ولعل ما ذهب إليه المفسرون في أغلب الأحيان هو الأفعال الحيوية الموجودة في كل الأحياء المعروفة تقريبا، فهي ليست ميزة، وإنما التمييز للنفس التي تفكر وتقرر وتستوعب وترتقي درجات، وكلما تقدمت في العلم تجددت فكرا بازدياد المعرفة والخبرة والتفكر بها وهضمها.
علينا أن نوضح التباسا دارجا بين النفس وبين الروح التي تعني الأمر بالتكوين لكل الخلائق، فخلق جبريل أمر وخلق آدم أمر وكل صنف بأمره واسمه، فالروح لم تأت إلا مفرد في القرآن وتعني أمر الخلق والحديث عن النفس بمفردة النفس وجمعها.
عمل النفس ومنظومتها العقلية
المنظومة العقلية التي هي النفس الآدمية حقيقة الأمر، والنفس لتقريب الصورة كالخزان الرئيس للحاسوب لكنه فاعل يعقل ويتخذ قرار أي له مساحة العزيمة والإرادة، فلا بد إذن أن يمتلك الأهلية كاملة ليحكم عليه وفق ما يملك من معلومة ويحللها فيستقرئ أو يستنبط أو يضيف لها الجديد، وهذه المنظومة تفقد الأهلية عندما لا يُتاح لها التفكير أو القرار حتى وإن فكرت، فالنفس تعتمل في منظومتها العقلية مسارات (سيناريوهات) متعددة لكل أمر وكل شيء ومشاهدات يحللها الفؤاد وكذلك نزوات وغرائز وحاجات تحكم صلاحيتها معايير أخلاقية، وتستقر السيطرة لأحدها فتتحول إلى إرادة التنفيد فإما أن تنفذ أو لا يكون لها فعل، بيد أن للزمن دورا كبيرا في إحياء النوايا بتكامل الأسباب.
الوعظ لا يصلح النفوس:
مع الزمن تتطور المدنية وتفرض محددات ومتطلبات سلوك، فليست الأخلاق منفردة تعمل في واقعنا كمعايير وإنما هنالك عامل إضافته الحداثة، لكنه حوّل المعايير الأخلاقية إلى شعارات تُزعم لكن لا تطبيق لها في أرض الواقع، ربما تستغل في التنمر على الآخرين، فهي ليست منكرة ولكن لا بيئة لتطبيقها. وفي أقوام أخرى تعتبر النفعية معيارا يحدث السلوك الحسن، فيكون الإنسان في دور العبادة شيئا وعندما يغادرها يعود لحياة أخرى ولا يشذ الواعظ نفسه عن هذا الوصف؛ وهذا الأمر خلق ازدواجا وتنحية للقيم عن الواقع، فلم يعد الوعظ والواعظون وسيلة إصلاح أو قدوة، بل نحتاج إلى نموذج على الأرض من خلاله يجري الخطاب الأخلاقي. وهذا النموذج ليس قالبا يفرض فوقيا، وإنما ينمو مع خطط التنمية في الحياة المدنية.
علاقات النفس:
في النفس هنالك دولة كاملة بوزاراتها الرئيسة، فهنالك وزارة تعنى بالداخلية ممكن أن نسميها الإدارة المحلية، وهي تدير تعاملات الداخل وتطوير الذات ومراجعة المعلومات وتقديم التقارير لاتخاذ القرار، تتعامل مع المعلومة والحاجات والغرائز والقيم المكتسبة وما يأتي من الخارجية التي تتعامل مع العادات والتقاليد وعلاقات الإنسان مع الآخرين، ومدى قوة العلاقة وأبعادها وتتفاعل الأفئدة هنا لتشكيل ردود الأفعال ومدى انضباط المنظومة العقلية في ترشيد الأفعال وردود الفعل.
هنالك تصويب للتفكير ومتانة المعايير والمتغيرات، فالآدمي السليم هو من ملك قلبا سليما أي منظومة عقلية سليمة تتفاعل مع المعطيات وتحسن التعامل.
الإنسان مخلوق يمتلك أدوات إصلاح ذاته وتتطور، ورضا الإنسان عن ثبات ذاته موت سريري ومباهاة بإشهار التخلف بسوء فهم معنى الثبات والحقيقة، لهذا فكر المفكر ليس في كتاب أو مقال منشور بل في كتاب يكتبه.
كيف تعرف نفسك:
النفس (أنا) لها استقلالها، وتندمج مع اسمها في مرحلة متقدمة عندما تعلم أن الاسم الذي ينادونها به يحمل تصور الآخرين لها وليس تصورها ثم تعتاد أن تكون كما تريد البيئة أو تفهم البيئة نظرتها لذاتها فتقول أنا، وفي البداية لا تقول أريد وإنما فلان أو فلانة تريد. والتربية مهمة في تصويب النفوس فمن تربت نفسه على الشك بالبيئة لا يستقيم له حال ولا تجد له عِشرة دائمة ناجحة، ومن زادت ثقته بالناس تعرض لامتحان سفه الآخرين، لكنه يبقى برقي الإنسانية يألف ويؤلف وهي صفة ممدوحة في الإسلام.. والنفس تستعبد بما تعتاد عليه ما لم تثبته عندما تراجعه، فتحررها هو تحرر من تصوراتها وقيودها ووضع مسارات لأحداث ليست حقيقية فيتملكها الخوف المعطل، بينما التغيير هو نوع من إبدال المسارات أو التراجع عن المتاهات المسدودة لخيارات أخرى، وسنة الكون الحركة والبقاء في ذات الدوار هو تضييع لأمور أفضل قد تكون وراء الجبل الذي ينبغي أن ترتقي سفحه.
ميزان الحكمة
النفوس التي لا تتوسع فكرا ولا تتطور علما ولا ترشد رأيا، نفوس ميتة فلن تتمكن من الارتقاء بالبشرية، والنفوس التي لا تحب لا تهدي للرشاد، والنفوس التي ملكتها الأنا فقيرة مهما ملكت من مال ووضيعة مهما أحاطها الجاه، فلا يمكن يُستعبد الإنسان وإن استعبد! ما لم تستعبده ذاته بالأنا، فلننظر إلى أنفسنا كيف صنعها الله وهي تدير ذاتها بأدواتها وكيف تشح عن غنى وكيف تعف عن فقر وكيف ترتقي بالمعرفة عندما تتفكر ويكون لها عزما، تلك النفس التي نُبهنا إليها أن نبصر ببصيرة المنظومة العقلية ولم يقل أفلا تنظرون، لأن النظر يرى السلوك والظاهر أما البصيرة فهي تفكر وتدبر ترى القيم في ظاهر السلوك وباطن العزم والإرادة واللتين يعبر عنهما الفعل والفاعلية في المجتمع.
الأحد، 25 يونيو 2023
67 - استراتيجيات ملحـــــــــة
مشكلة المنطقة:
في واقعنا الإقليمي العربي والمحيط الإسلامي بها لا نجد لها أي حساب في الاستراتيجيات الكبرى وإنما هي واقعة ضمن التكتيك ككيانات وظيفية يتمكن بعضها من بعض ويعادي بعضها بعضا وبحراك وإيعاز ضمن التكتيك في استراتيجيات الدول الكبرى وفي صراع الدولتين الأكبر نفوذا وسيطرة على الاقتصاد، على الرغم من أن هذه الدول العربية والإسلامية هي مركز الأرض وتملك الطاقة والثروات الطبيعية والبشرية التي تبدد بسوء الإدارة ومن خلال التداعي وعدم الاستقرار، فلا خطط حقيقية تبنى ولا تعاون مخطط له أو تدرس جدواه وفوائده، لكن أحيانا تتحرك بعض الدول في تكتيك دولة عظمى ضد مصلحتها وربما وجودها ككينونة أو سلطة هي السبب في الخوف والانصياع، بينما لو اتجهت هذه الدول للتكامل في متعدد القضايا التي موضوع الساعة والتي هي مجرى الدم واللمف في جسد الدول الصناعية لكان لها وجود ورأي وذكر بدل التجاهل الآن وكأنها ليست على الخارطة إلا آبار نفط ومناطق استهلاك.
◄ أسباب ذلك:
تجهيل: عوامل كثيرة لن احصرها حتى لو أردت لكن أتحدث عما يمكن أن يراه المواطن الذي يفكر في واقع الحال، فنلاحظ البارز أن الاهتمام بالكراسي والوجود عليها وطلب حمايتها ممن لا يهتم بها والخوف من الشعب الذي هو القوة الحقيقية التي تدعم النظم، فيكون كما يقال العدو داخلي تحتار بان تقضي عليه أو أن ترضيه، فلا ترتبط السلطات إلا بالمنتفعين، أو جيوش من الجهلة الذين يتغير موقفهم وفق ما يرونه مصلحتهم وهم أصلا لا أهلية لهم للحكم على المصلحة فتندثر النخب وتوأد الكفاءات أو ترحل تلك التي تجعل بجهدها ومخرجاتها قيمة لأي كيان.
أفيون العصبيات:
إثارة وتأطير الخلافات العقدية أو ما ينتج عن إثارة غريزة التدين أمام معلومة أو فهم قليل، فيربى الناس على التدين وليس الدين ثم يستغل هذا في تأجيج الصراعات وهذا لا يخلق تفاهما مدنيا بل أحادية النظرة، يرى عيوبه في الآخر كما يراه ولا يرى نفس العيوب فيه، وهذا العماء لا يعتمد على علم وثقافة أو تأهيل علمي وظيفي بل يميزه التوقف والمراجعة مع الفهم وتحسس الأمة بسرطان ينمو داخلها، وهذا لا يقتصر على المتدينين بدين بل المتدينين بالعلمانية وما تحويه من أفكار منقولة من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار فهو أفيون يضرب موطن العقلانية بالوهم وان سمى البعض نفسه بالعقلانيين، المشكلة أن الكذب في هذا الاتجاه ليس بتصديق الناس له وإنما بتصديق من يكذب لنفسه فيكون الفساد.
تبديد الثروة:
هنالك فائض نقدي وإمكانيات للاستثمار بل توطين الصناعات والهيمنة الاقتصادية على العالم والتحول من الوظيفية إلى الفواعل فقيادة الاقتصاد العالمي في المال والأعمال والسياسة، والمعاملات الاقتصادية من بنى تحتية كالثروات الطبيعية والبشرية متاحة ومتوفرة، بيد أننا نرى أن هنالك مجالات مفتوحة لتبديد المال باستثمارات لا معنى لها أو قيمة في ارتقاء البلد، أو شراء لكماليات وطاقات لا يحتاجها الواقع مجرد تبديد للأموال وقناعة السلطات بينما هنالك معاناة للطاقات وسوء معاملة واهتمام بالكوادر التي في المنطقة وإحساس بالدونية أمام الكوادر الأجنبية وصرف الأموال لتقوية إنتاجهم ولكن لبلدانهم، وهنا تأتي عملية الطرد بلا امر وإنما ارتحال الطاقات لتخدم بلا ذكر أو عوائد للبلد الذي تهرب منه الطاقة، فتجد مستشفيات يديرها أطباء عرب من عباقرة الطب ويستدعى طبيب اجنبي ربما اقل مهارة بأموال طائلة نتيجة الهزيمة النفسية والإحساس بالدونية، الاستثمار خارج الإقليم يشجعه ديمومة الخلافات وعدم الاستقرار التي تثيرها أيدولوجيات مثارة مزعومة محصلتها إبقاء التخلف وتبديد الثروات مهما كانت أو وصفت الأسباب من غباء وتفاهة.
◄ ما الحل؟
الحل ليس صعبا ولا هو سحر أو معجزة، بل هو متاح ويحتاج مراجعة من الدول الرئيسة التي تمتلك الطاقة والثروة وحكمة في السياسة مع تفاهمات بينية تحل التنازلات الخارجية، ولست أدرى إن كان ما تفعله السعودية أو الإمارات في هذا الاتجاه فمن الصعب استبيان الاستراتيجيات إن بنيت بسرعة في عمر الزمن لكنها لا يمكن أن توصف بغير «الحصيفة» وهي تتوجه نحو الشرق أو قراءات الإمارات الواقعية من خلال تحركها نحو تركيا، وكذلك قطر في حراكها بذات الاتجاه أيضا وهذا سابق لهذا الوقت بحكم وظيفتها السياسية في المنطقة فمن الطبيعي أن تحافظ على روابط ودول الجوار الإسلامي.
الموضوع بالتأكيد لن يغطيه مقال.
السبت، 24 يونيو 2023
66- الفكر الشامل والحكـــــــم الشمـــــــولي
الفكر الشامل والحكم الشمولي
الشامل والشمولي
الفكر الشامل هو ما له نظرة عن
الكون والإنسان والحياة، وأسس لقوانين تدير هذه الحياة.
الإسلام فكر شامل في تركيبته الأساس
وليس(شموليا) ففيه أحكام متعددة وتتكيف مقاصدها عبر العصور وهي غير التشوه الشمولي
الذي نعرفه أو الذي يتعامل به "اغلب" من يصل إلى السلطة من يرفعون يافطة
الإسلام، فتراهم يحكمون بما يسمى الحق الإلهي وهم يظنون انهم يحكمون بالإسلام
ويظنون أن البيعة بالصناديق أو غيرها هي توقيع عبودية على بياض.
فالشامل في أحكامه لأمور الحياة
بمقاصد عصر حكمه هو غير الشمولي الذي ينتقل عبر العصور بلا تغيير فتراه عاجزا عن
الظهور بغير الفعل الغريزي أو الديمومة بغير استثارة الغرائز من حب البقاء أو
التملك أو السلطان أو التدين كحالة مضافة في الإسلام عن العلمانية أو اليسارية
التي تفرض الراي بالدم.
لا يكفي أبدا أن يطلق الاسم على
فكر عامل أو نظام حاكم ليكون فعلا هو التطبيق للفكر، وإنما هي اجتهادات أحيانا
وأحيانا أخرى تخلف وبلادة، حتى في الأفكار التي نبعت من منظومة عقلية فلسفية
بشرية، تحتاج إلى فهم وتفسير، والا فان الصراع لا يخلق الاستقرار اللازم لمدنية
إنسانية أو حياة كريمة تليق بالآدمية.
فالفكر الشامل هو من يملك قواعد
وأسس التشريع وآليات التجديد من داخله، والإسلام هو كذلك لولا أن عطله الإسلاميون
بالعيش في الماضي فيعجز عن أي إصلاح للواقع بل يفسد الداعون إليه أنفسهم بحمل أوزار
الماضي ولا يرون فسادهم باعتبار فعلهم حق لمالك وهروب من فكر طوباوي لا يناسب
الواقع والحياة فيدمر النفسية التي تحمله لتدمر هي الأخرى الحياة.
عندما يتعامل المسئول مع الشعب
وكأنه سيد هذا الشعب وليس أجيرا عند الشعب فانت أمام حكم شمولي.
إن كان المواطن آخـــر هموم السلطة
فانت أمام سلطة شمولية
إن ثبتت منظومة الحكم ميزات ما فاق الواجب فهو
مال مغتصب وان كان بقانون لكنه ليس شرعيا، فانت أمام حكم شمولي وان لبس لبوس الإسلام
وزعم الورع والتقوى.
من يحكم؟ أم كيف
سيحكم
من البديهيات في عالمي الأفكار والأشياء أن المنظومات المتخلفة دوما
لا تتحدث عن الإنجاز لتختار من يحكم وهو يعرف كيف يحكم بل تتحدث
عمن يحكم أن كان منها أو من غيرها، وترى الناس تتفاعل وتتحدث
عن الانتخابات ومن سيفوز فيها ولا تسال عن (كيف يحكم) أي رؤيته
وبرامجه وكيف سيحقق لها آمالها التي تنساها هي ومعاناتها التي
أصبحت من ضمن حراك الحياة اليومية، كانت الناس هذه تسمى
اللامبالية أو غير المهتمة، لكنها في عصرنا تسمى حشود المجالس
والكيبورد، لن ترى من يسال كيف ستقوم بعملك وماهي رؤيتك لهذا
العمل، بالمقابل يعتب هؤلاء العاملين بالسياسة على من لا ينتخبهم بل
يعتبرون عدم الخروج للانتخابات ذنب كبير دون أن يرى الجرم في اختلال الموازين
وفقدان الرؤية لتحسين حياة الناس.
لا دولة بلا تخطيط:
الدولة ليست تسيير حياة يومية من خلال
أجهزتها المتعددة وكفى، بل الدولة ما لها رؤية تجاه متعدد الأمور في الحكم
والعلاقات الدولية والجيوسياسية أو استراتيجية.
البلد مهما ملك من مقومات وآليات متاحة
وثروات بشرية وطبيعية فهو لن يتجاوز مرحلة السلطة في أحسن الأحوال ما لم يمتلك
القدرة العقلية والمنظومة العقلية المتوازنة التي تفكر بطريق استراتيجية وتنتج ما
يمكنها من استثمار الثروات بكافة أنواعها بشكل صحيح، وسبق الزمن في سد متطلبات
تصبح معيقة وملحة وتدخل البلاد في حرج إن لم تُفعّل، وهذا ما يحصل في بلداننا بشكل
وكأنه امر طبيعي ليست القيادات مسؤولة عنه.
خلاصة القول:
حكم الفكر الشامل انشغال أهل الفكر
باستقراء الواقع واستنباط ما يدير الحياة بشكل عادل وما يعين الناس على الاختيار
وتمكينهم من أنفسهم (امتلاك الأهلية) لان الله جعل الآدمية في الأرض لاختبار
أهليتها، وليس واجب الدولة أن تجبر مخلوقا على ما لايري أو يعاقب على تفكيره مالم
يشع فاحشة في المجتمع أو يسيء لبنيته وترابطه ووجوده، فالحكم للفكر الشامل حكم
خدمة وأجراء لإدارة المصالح الداخلية والخارجية والتفكير بدقائق الأمور لتمكين
الناس ما كان استطاعة لذلك.
وأما الحكم الشمولي فهو الإحساس
بالسيادة لا على العمل بل على الناس، وظهور السطوة والسلوكيات المنحرفة والفساد
وظلم العباد وباسم الحرية والعلمانية أو باسم الله تجري كل أنواع الجحود بالنعم
وانتهاك كرامة خلقه، وتظهر أهمية من يتولى الحكم ولا يسأل عن رؤيته وقيادته، وليس
كيف يحكم، أما كيف يحكم فلا يبدو اهتمام لان نجاحه هو أن يفشل غيره وبرنامجه هو
منافسي فاشل.
إن الإسلام فكر وحكم شامل وليس شموليا وإنما ظهر شموليا لانه يستدعي اجتهادات حكم المتغلب أو الخلافات السياسية والفقهية القديمة ويتخاذل الدعاة والمثقفون عن التوجه للاتحاد واغرق الباب على الجهل والرجعية في التفكير والتبني، ومن ثم إبراز ما يقود العصر بفكر إسلامي وكان القرآن ينزل اليوم
وليس باستدعاء سلبيات الماضي وفق قراءات مشوهة تنتقص من الدين والرسالة
وتمزق الأمة إلى فرق بدون أن يكون لذلك مسوغ إلا الجشع والطمع وفاعلية الغرائز بدل
المنظومة العقلية، ولاشك أن من يزعمون الليبرالية والعلمانية أو غيرها هم بذات
الكهف والنفق المسدود لان طريق التفكير واحدة والجهاز المعرفي واحد وهم لا يعرفون
كنه ما ينسبون أنفسهم إليه إلا ظنا؛ فالأمة لن تنهض إلا إن عرفت هويتها وكينونتها
وهذا ما لن يكون وفق الأساليب العدمية اليوم التي تصدرها الجهل والجهالة.
السبت، 17 يونيو 2023
65 - بنـــاء الامـــــة وبناء الدولـــــة الجـــــ الثاني ـــزء
الدولة حاجة مجتمع وأمة:
الدولة، إدارة شؤون الشعب، الشعب كان
عائلة من اسر، ثم قبيلة ثم مدينة، ثم اقتضت المصالح أن تتوسع الدولة إلى مدن
لتتكامل مع بعضها في الإنتاج والأعمال، فكانت دولة إمبراطورية تصب إليها موارد من الأطراف
لسد حاجتها، فتأطرت متطلبات جديدة للشرعية، كبرلمانات بشكل مجلس أعيان يعطي الشرعية لعظيم أو قيصر، وان لم تك فبنقاء الدم
والحق الإلهي، والسردية أن تتنازل الشعوب عن حرياتها وتعتاد الأجيال وتنسى أنها
تنازلات، إلى أن أتى الإسلام بمبدأ البيعة المنطلق من مفهوم الشورى، والبيعة عقد
بين الحاكم والمحكوم، وله حدود رأيناها في تكرار البيعة لرسول الله ﷺ مع تغير
الظرف والحال وليس هنالك بيعة مطلقة إذ لابد أن يعود للشعب في اخذ ما يسد الموقف
من شرعية، ومثال ذلك ما حدث في معارك بدر واحد والخندق والعقبة وغيرها من يراجع
السيرة بتمعن يدركها، وانتقلت إلى الراشدين، إلى أن تحولت إلى الملكية في العهود
التالية وفي الغرب عندما انقلبوا على الملوك تحولت إلى الدولة القومية، ثم دولة
الحداثة التي تمتلك الإنسان برضاه ووفق نمط الحياة الذي يطلبه الواقع والقانون
وهنا نرى أن الدولة باتت حاجة واقع مع الحاجة الاجتماعية بتعاظم الحاجات وتفرع
العلوم والمعاملات، وتعدد الكيانات وتباين الراي والفكرة فلابد من موجه لكل هذه
النغمات كيلا تكون نشازا.
إن بناء الأمة مهم جدا لتكون الدولة،
فلا تتبنى الدول بالمستعارات الاصطلاحية الرنانة كالفسيفساء ودولة المكونات،
فالمكونات التي لا تشكل أمة لا تستطيع بناء دولة، بل ستبقى كيان هلامي يستعد
للتشظي والهروب من ضغوطات القوة والنفوذ، ومن يتعامل مع هكذا واقع لا ينبغي أن
يعمل بشروطه وإنما بإقناع الكل بإصلاح شروط تفكك وان بدت الناس مجتمعة، فمن يجتمع
هم باحثون عن مصالح آنية لا تنتج مدنية ولا عمران، ولا ثبات لدولة الإنسان.
هنالك سرديات غير هذه لحراك التأسيس
للدولة بيد أنها بمعنى واحد في كل الأحوال، فالدولة دوما تحدّث كما وضعنا من
سردية، فهي بمحتوى الفكرة والحاجة المستجدة أوجدت الحداثة في أوربا، وكانت الدولة
المسيطرة على كل امر بمفهوم الوكيل المطلق الذي اخذ بعض حقوق المجتمع مباشرة واخذ الأخرى
لسيادة القانون فكانت الأمور بيد السلطة والسلطة للدولة، لكننا هنا سنتحدث عن بناء
الدولة، عن ضمان الأمن والاستقرار والنظام، أو نمط الحياة الهادئ ما امكن، وعن قوة
مفوضة بالقانون وتطبق القانون فإما أن تنجح أو تتنحى لغيرها في انتخابات، هي
كالبيعة لكن محددة بزمن أما البيعة فهي امر محدد بالشروط العقدية، والتي لابد عند
تحديث العمل بها أن تحدد بحد اعلى للزمن كأحد أطرها وتديره آلياتها.
بناء الدول وبناء الأمم:
كيانات بنيت بلا تاريخ كالكيان
الصهيوني، وكيانات وضعت في قالب الديمقراطية ولم تراعي بناء الأمة كجنوب السودان
المتكون من مجموعات قبلية زجت في نظام ليس لها مقوماته، فأما الكيان الصهيوني فهو
دعا إلى مشترك هو الدين لكن الدين اليهودي شريعته لا تحدّث فهي شريعة دين وليس
دولة، فكان عامل الترابط هو الإعلام والانطباعات الجاهزة المستخدمة الدين كعصبية،
وفي ذات الوقت الخوف من المحيط كأداة لتجمع غريزي ينفرط بالاستقرار إن حصل.
كذلك دول فككت وتشظى نسيجها كمجتمع، مثل
الدول التي تعرضت للاحتلال أو قامت بها حروب داخلية كالعراق وسوريا واليمن وليبيا
وغيرها ممن هو مهدد بها، هذه الدول بحاجة إلى بناء نفسها كأمة فما نراه من تشكيل
لبقايا إدارة تاريخية، أو سلطة لا يشكل حقيقة معنى الدولة التي تحفظ الأمن
والاستقرار وكرامة الإنسان بما يعتقد أو التصالح مع كل هذا ليكون مقبولا عند
الجميع بالعقلية والنفسية وليس مجاملة تخفي الاستنكار والاحتقار.
إعادة بناء الدولة: هو مشروع مهم يحتاج لأناس تفكر وإعلام حي فاهم
ومدرب ومقتنع بعمله، وكلفة عالية مادية ومعنوية لتعديل الشخصية في هذه البلاد أي
العقلية ومنظومة الجهاز المعرفي والنفسية، وهذا يعني التعامل مع المختلف كأمر
طبيعي لا ينقص من كينونته شيء ولا يسمح بمس كرامته.
ماهي احتياجات بناء الدولة:
صراع الشرعيات هو اهم ما يواجه إنشاء
الدولة، فشرعية سابقة، وقوى تجد نفسها أنها أحق بالحكم وشرعية قبلية وشعبية وثورية،
وشرعية دينية أو مذهبية، وشرعية دولية تجد أنها تدافع عن نفسها من خطر قيام دولة،
وشرعية قوة خارجية تريد أن تبني الدولة على مزاجها ووفق مصالحها، وشرعية ناس اتو
من خلال الحراك كأدوات لكن أصبح لهم وجود وفق تخطيط الأحداث وتشوهات المتضادات،
فكيف سنخرج من هذه الشرعيات بشرعية الدولة.... من المؤكد أن الحاجة للكثير منها ما
يلي:
·
قيادة على قدر عال من المسئولية لا تبحث عن
مصالح ضيقة أو خالية من الرؤية أو متشبعة بحب السلطة وترفض الآخر سواء كانت
إسلامية أو علمانية أو أي تسمية أخرى، وإنما تثبط التحديات لكيلا تنشغل بها أو
تعتبرها همها الأول.
·
قيادات قادرة للتحدث مع بعضها والوصول إلى حالة
من بناء الأمة وثقافتها بعيدا عن منظومة تنمية التخلف والإقصاء وقادرة على التعاون
لبناء الأمة؛ لا تختلف على الأولويات أو العائدات.
·
أن تكون هنالك رؤية وبرامج، لا تقارع الموجود أو
المهزوم وإنما تطرح نفسها وتنشئ إنجازاتها.
·
ضرورة وقف الصراع، وجعل المعيار هو الإنجاز في
طريق بناء الدولة وتراص المجتمع وليس البقاء في السلطة واستحصال النفوذ والمكاسب
والمال، أو استخدام السلطة لفرض الراي.
·
الدولة ستحتاج إلى قوة جيش وشرطة كبيرة تحمل رؤيتها،
لكن ضمن خطة السلم والحرب كالبناء والاستقرار والمصالح، وهذا يحتاج تربية ومنظومة
تعليم خاصة.
النظم
ديمقراطية، دكتاتورية، وراثية، كلها نظم لها مساوئها ومحاسنها، الغرض هو كيف يحصل
الاستقرار وبناء الدولة فهي مسائل مدنية ليست أيدولوجيات ولا يمكن تحويلها إلى
أيدولوجيات، إنما بناء الدولة يحتاج إلى عقليات استشارية نظيفة، وليس إلى هياكل
منقولة عن تجارب أخرى تحمل الفساد وليست مهتمة لبناء الدولة وكذلك قوالب البرلمان
والسلطة إلى لجان الإغاثة أو المؤسسات الدولية إلى كل ما هو في طريق بناء لن يكتمل
أبدا بغير بناء الأمة وثقافتها وترابط أفرادها، لا تذكر فيها مكونات واختلافات وان
كانت محترمة ضمنا لان ذكرها اعتراف بالتفكك وليس البناء.
رابط العــــــــربي 21
الجمعة، 9 يونيو 2023
64 - بناء الامة وبناء الدولة الجــــــــــــــ الاول ـــــــــــــزء
بنــــ الامــــــــــةــــــاء
اضحى لزاما تعريف المعاني والأفكار في زمن أصبح
فيه عرض الحلول وكأنه راي مقدس، لا يتحاور الناس وإنما كل يرى أن ما اقترحه
متكاملا رغم انه بلا دراسة وربما ليس في اختصاصه، ولا آليات أو منفدين هو لا شك
استنارة يظنها البعض في طرح يؤيده البعض الآخر ممن يقلب صفحة لينسى ما قرأ.
هذا الموضوع مهم جدا بعد تفكك الأمة عبر
القرون، وتمزق الدولة في كل تعاريفها، ونحن نشاهد الأثر الواضح في امتنا ما بين
التقسيمات القومية والتقسيمات الطائفية والصراع غير المبرر بتعالي رفض الحراك
الفكري والتعدد والتنوع الإيجابي والخلط الملتبس بين معنى الدولة والأمة ونقض غزل
الاثنين بالجهل ومنظومة تنمية التخلف التي جعلتنا مفضوحين فعلا بكم التخلف المدني
والانحدار الحضاري بعد أن سترنا ردحا بورقة التوت التي للأسف كانت دكتاتورية
وطغيان ومصادرة لأهلية الشعب وحقوق الأنسان.
إن أي إنسان يمتلك القناعة انه يملك
الحقيقة، فهو في الواقع يمتلك حقيقة إدراكه التي هي ادراك نسبي للبيئة الإنسانية
المتعددة المساقط على ارض الواقع، لكن هذا لا يعني انه خطأ أو يعطيه الصواب
بالمطلق، فالتفكير السليم هو الذي تدعمه سنن الكون ويستطيع التفاعل مع التعدد
الفكري والدرجات في المدنية من خلال إيجاد واقع تعايش طبيعي وليس تكيف مضغوط،
فالإنسانية لها واجبات رئيسة مما نراه من مجمل مخرجات المنظومات الإنسانية، وهي
تشترك بها كقيمة ترتفع وتنخفض وفقها ألا وهي الإعمار والكرامة الإنسانية أو
الآدمية وفق التعبير القرآني.
معظم من ينادي بالأيدولوجيات ويقدسها
سواء المنسوبة للدين أو الأفكار الأرضية الشائعة تجده عند تطبيقها يفرغها، لتتحول
بشكل وآخر إلى الاستبداد، لأنها لم تتجذر في الواقع كبذرة وإنما أضحت شجرة هرمة في
الخيال لا تجد وسيلة لغرسها في الواقع إلا بخيال معتنقيها، وان مظاهر اتباعها في
الواقع تعاني من انفصام بين الفكرة والتطبيق إلى أن تصبح الفكرة مجرد عادات أو
تقاليد طقوس لها زمانها ومكانها وتنتهي بمغادرة هذا الزمان والمكان.
حتى الإسلام وهو المتميز عن الأديان
بشريعته ذات المثاني، وثقافة مجتمع لا تقتضي أن يكون كله مسلما أو مؤمنا باي دين
يعيش اتباعه كغيره هذا الانفصام لان من يدعو إليه لا يسمع ولا يقرأ أي محاولة
لتجديد الخطاب واستقراء الواقع لاستنباط من المثاني واغرق في الرعوية أو مؤسسة
دينية أصلا لاوجود لها في الإسلام، وإنما يعيشون في تقديس للماضي وبكل إيجابيات أضحت
تاريخ، أو سلبيات مازالت متفاعلة تهدر طاقات الناس وتعيق اتحادهم أو فهمهم لصحيح
الرسالة، التي هي رسالة لهذا الجيل كما هي رسالة لأجدادهم لكن منظومتهم العقلية
استعمرت بالخرافات والخوارق واستحالة ادراك القدوات التاريخية أو الوصول إلى
مكانتهم وعلمهم بمنطق محبط.
أي عقيدة أو فكر لا يمكن أن يستمر في
قيادة المجتمع مالم يحوي أدوات تحديثه، والإسلام فيه أدوات التحديث لكنها أهملت بل
أصبح الحديث عنها منكرا عند الغالب من المسلمين أنفسهم.
بناء الأمة:
الأمة ما تميزت بثقافة ومنهج معين وتجانس وتماهي رغم
التعدد والتنوع، هذا ما اعرفه بها في عصرنا الحديث وواقعنا ، وان كان تعريف الأمة
ممكن أن ينطبق على شخص واحد كنبي الله إبراهيم u فهو لو دققنا فانه ينطبق عليه تعريف الأمة الذي عرفناه، والأمة
شعوب متعددة أو شعب واحد، والثقافة الاجتماعية مهمة في هذا حيث تجتمع عليها الأمم
وان كانت متعددة الأعراق والعقائد، لكنها متجانسة في القبول لبعضها معاضدة متصالحة
مع نفسها يجمعها السلوك الظاهر لغيرها وان كانت خصوصيات في الطقوس والملبس والمأكل
لكل فرد أو مجموعة فيها، تتقدم إلى المجتمع من خلال أعرافها الخاصة لتصب في المنتج
العام لها، فهي علاقة فكرية مدنية متصالحة منتجة متعاونة، أما إن لم تك منسجمة حتى
لو كانت في ارض واحدة وتحت حكم واحد فهي ليست بأمة وإنما أطياف قابلة للصراع
والفتنة والانعزال عن بعضها، فلا مصلحة تربطها بجمعها إن لم تك خصوصياتها الداخلية
مفهومة وتجد مشاركة وتعضيد وحماية من المجموع، ويساعد في هذا البناء التصور
المنقول للأجيال مالم يمزقه الجهل والخوف على الرعوية من تبديل المعتقدات وهذا
سيجعل البعض يخلق حواجز مع أبناء الأمة وتتطور للكراهية والانعزال وفقدان الانتماء
وربما تتولد حالة من الكراهية مؤذية للحياة المدنية.
بناء الأمة هو بناء تكاملي باحترام التعدد والقبول
بقرارات المختلف التي بدورها تتفهم التنوع والاختلاف بالمشاركة والخبرة، وان لا تجري
أي توسيع لمتطلبات الرعوية أو التميز والانا بشكل مبالغ فيه، يجعل هذا الجزء صغر
ام كبر وكأنه قطعة ميكانو متخلخلة لا ينتقل من خلالها السائل اللمفاوي للحياة في
الأمة، حالة انتماء عقلية وعاطفية إذن ترسخ في التربية البيتية وتقدس في دور
العبادة والإرشاد والندوات والاحتفالات والمشاركة بنمط جامع أو مقبول يميز الأمة
ككل عن طريق الإفهام والفاعلية المشتركة والاندماج والإعلام ووضع مشتركات في
الآداب والفنون.
عندما نتحدث عن الأمة فإننا نتحدث عن محتوى مهم لإقامة الدولة وبغيرها قد تكون هياكل دولة بيد أنها سلطات، وربما من المتعارف عليه أن نتجه بتفكيرنا إلى الحكام عندما نتحدث عن الدولة، والى العقيدة عندما نتحدث عن الأمة، أو نمط حياة يتضح في الغرب، ويبدو عندنا في العادات والتقاليد التي هي عماد المظهر الثقافي، لكن الحقيقة أن الأمة من الفرد والفرد من الأمة هذه العلاقة التي تشكل المعنى الرصين مع كل ما ذكر من تفاصيل فكرية أو عقدية، الأمر يبدو معقدا في الوصف لكنه يفتح مجراه عمليا مع ما سنتحدث عنه في الجزء الثاني حول الدولة.
رابط عـــربـ21ـــي
136- جدلية ازدواج الشخصية في المجتمعات.. استعمار الأفكار (2-2)
رابط عربي 21 صراع قيمي الذي في مجتمعنا مهما كان دينه، هو متعرض لإضافة قناعات إلى فِكْرِهِ من مراجع فكرية متعددة غزت المنطقة والآن الكثير م...
-
رابط عربي 21 صراع قيمي الذي في مجتمعنا مهما كان دينه، هو متعرض لإضافة قناعات إلى فِكْرِهِ من مراجع فكرية متعددة غزت المنطقة والآن الكثير م...