https://m-salihalbdrany.blogspot.com/ فكــــــر اليقظـــــــة Mindfulness: أكتوبر 2025https://m-salihalbdrany.blogspot.com/

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 أكتوبر 2025

210 - الانبهار والمنظومة العقلية

رابط عربي 21 


معنى الانبهار

في اللغة العربية يعني حالة من الإعجاب الشديد أو الدهشة والذهول أمام شيء مدهش أو مبهر، سواء كان ذلك بسبب جماله، أو روعته، أو تميزه. وهي تعبر عن شعور بالتأثر العميق أو الانجذاب القوي نحو شيء يثير الإعجاب أو يفوق التوقعات.

والانبهار يحصل لجمال امرأة لا تتوقع جمالها، أو امرأة تنبهر برجل يفوق وصف تخيلها، أو لمنظر خلاب قد يمتلك كيانك وتضطر للتوقف إن كنت تقود سيارة لحين استعادة توازنك، وهذا حصل مرة أمامي عندما انبهر سائق سيارة بمنظر بحيرة، فاضطررت أن أوجهه بهدوء ليتوقف جانبا ثم يتأمل المنظر، أو تطور علمي يفوق التوقعات، أو كما يحصل غالبا بانبهار مهاجرين إلى الغرب بنمط الحياة الغربية.

هل يزول الانبهار؟

عندما نقول إن الانبهار سببه أن يفوق ما يبهرك التوقعات، فإن إدراك حقيقة ما يبهرك سيعيد التوازن إلى الإنسان ويتحول التقرير من الفؤاد إلى القلب؛ حيث يعقل المرء، والقلب ليس الذي في الجوف وإنما في الرأس وما اصطلح على تسميته العقل، وهنا يفكر الإنسان ليعطي إطارا ومحتوى حقيقيا لما انبهر له.

وذهابا مع الأمثلة التي ضربت، فقد يقود الانبهار بالمرأة إلى أمر حسن ثم زواج، أو انكسار وانسحاق إن كانت المرأة تولّد عندها استقراء سلبي لهذا الشخص، وباختلاف الأعمار تختلف الأفعال وردود الفعل لكن سيكون أي نوع من المسارات هو انتهاء لحالة الانبهار وحكم الواقع. ولعل هذا أحد الأسباب التي تشارك بارتفاع نسبة الطلاق عندما لا يجري إعمال للتفكير وعقل الأمور، لكن إن توازن التفكير فمن اليسير أن تمهد الطرق ويخطط لبناء الحياة لما بعد الانبهار؛ فإما أن يكونا معا أو ككلمة عابرة في تاريخ حياتهما، وهذا غالبا ما يحصل عند الناضج من الرجال والنساء.

ومن الطبيعي ألّا يدوم الانبهار بالمنظر إلا ضعف أو عدة أضعاف الانبهار بالضوء، والذي يعني غياب الرؤية نتيجة قوة الضوء، سواء الخروج من مكان مظلم إلى مضيء أو بفحص العيون، فهو زمن توازن البؤبؤ مع الإضاءة.

معالم الانبهار:

رؤية الأمور بعين المعجب الذي لا يرى أية وجهة نظر لأي مقارنة، والعطاء المستمر وبلا حدود أو لحظة تفكير، سواء كان ما تعطيه إنسانا أم منطقة أم دولة أم نظاما يستحق فعلا، أو أن هنالك سؤالا عن ماهيته وحقيقته. الإعجاب غير المحدود هو كاندفاع تسونامي، وهو ليس سلبيا بالكلية لكن سلبياته خطيرة، فمعظم المنبهرين بوطنهم الجديد سواء كان في الغرب أو حتى في بلد كبلدان الخليج ووجدوا جوا يستقبل اندفاعهم، وهذا حتما يحصل في الغرب لطبيعة النظام، فإنهم سيُبدعون ويتحولون إلى كتلة نشطة وعقلية مختلفة، أو أن الإنسان الباحث عن راحته غير مبال بمنظومة عقله سيجد راحته وتحول غرائزه حبه للجديد إلى معاداة للقديم أو الوطن الأم بما حمل، لأنه يرى أنه ليس ناجحا في وطنه الجديد فينسب فشله إلى ماضيه ليرتاح بكسله وجهله.

النموذج الأوسع:

ما يغلب على نماذج الانبهار المستمرة هو نظرة المغتربين للغرب ممن لا يفكرون بعمق وإنما يتعاملون مع سطحية السلوك، وحتى الفرد الغربي لا يدرك تماما ما اعتبر من طبعه وتعامل معه بسلمية وإن اختلف معه، الذي حصل في الشرق أن هنالك دينا ومنظومة أخلاق تضبط السلوك، فقضي على أساس منظومة الأخلاق فبقيت العادات والتقاليد والتي غالبا تزداد تصلبا لأنها تعطل الحلول ليس بتغطية البيدر بل بقتل العصافير. فقد فقدت عمليا صلتها بالأصل رغم أنه قرآن يُتلى، وعندما يُستقرأ الواقع لا يُعرض عليه للحل وإنما على تفاسير واجتهادات بشرية، فبالتالي يجري إيجاد حلول كالتي ذكرناها، فبدل قراءة المثاني واستنباط الجديد تبدأ الحلول بالتعصب والرفض كأي مجتمع آخر حتى في الغرب ريثما يحدث انتشار، إلى أن يتغلب فيصبح قانونا في الغرب على أنه مقبول من المجتمع، فلا ضوابط أخلاقية وإنما هو عرف اجتماعي، أما في منطقتنا فيبقى مذموما لكن بلا حلول، وهذا أدى إلى منع المرأة لأجيال من الدراسة، ودوما معاملتها على أنها شرف العائلة والكل وصي عليه، والكل لايفهم لا المرأة ولا الأبناء ولا الآباء، وهكذا يصبح المجتمع في حالة حرجة، ورأينا كيف انتكست سلطة العادات والتقاليد وتفككت منظومة القيم في بلدنا بعد الفوضى، وما زالت تتفكك بسبب ظهور الرعاع وعلو صوت الجهل وانكفاء النخب لفقدانها الآليات في حقيقة الأمر وليس بسبب أي شيء آخر، أما المفكرون فهم في حيص بيص وكل له مشاربه ولا يتوقف لإعادة التفكير جديا وإنما لمسايرة الواقع المؤلم، لهذا انكفأت أدوات الإصلاح لعيوب في تنظيمها فكانت علامات الاستفهام عند المثقف الباحث وهو يرى أناسا عاديين يحسبون أنفسهم من المفكرين فينتقدون ويسفّهون ولا يقرأون لأنهم يحسون أنهم مكتفون، لكن أخطاءهم السلوكية فيشيرون لها ليس كأخطاء بشرية أو ضعف بشري فهذا لا يسلم منه أحد، ولكن في ممارسة الفساد وتأييده من أجل فتات لا يسمن ولا يغني من جوع.

أما الغرب فهو نظام أساسا لم يُبن على قيم أخلاقية معهودة وإنما حوّل الإيجابي إلى سلوكيات مرتبطة بالنفعية، فالجندي البريطاني لم يك يقتل بريطانيا لكنه كان يقيم مذابح في المستعمرات، كذلك الفرنسي كان يقيم من المستعمرات نماذج للتجارب النووية كما في الجزائر، ورأينا سلوك الأمريكان في أبو غريب ومشاركتهم الكيان في مذابح غزة والإبادة التي كان العالم كله يراها والشعوب منتفضة في الغرب، لكن ترامب لما سئل قال أنا لم أر إبادة جماعية إلا في 7 أكتوبر. فما تراه من سلوك ومراعاة للمواطن أو المقيم هو أنه داخل التقاليد، فهو أصلا لسد أسباب أي خطورة على الدولة الحديثة وأي خطورة على رأس المال، ومع هذا يفشل النظام في الأعداد الكبيرة فنرى المشردين وأنواعا من اللصوص والمجرمين تدفعهم الحاجة التي يسببها النظام نفسه، لكن القانون صارم في التعامل لهذا نرى الفوضى عندما يسقط القانون الذي يشبه في تأثيره دكتاتور العالم المتخلف، فرأينا بسقوط النظام العارقي في 2003 ما اصطلح عليه بالحواسم، وهم يسرقون أمورا ليست مهمة لكن تخرب المؤسسات والدوائر.

الانبهار إذن أنواع، وقد يمنح سعادة مؤقتة أو قلقا مؤقتا وربما غشاء من تقييد الرؤية الدائم، لكن الانبهار علاجه تفعيل المنظومة العقلية عندها تتحول الأمور إلى الإيجابية.

السبت، 18 أكتوبر 2025

209- السرعات المتباينة وتبديد الفرص

 رابط عربي 21 هنا لطفا


السرعات المختلفة:

تتسم الحياة بتنوّع تحديات التنفيذ والتفاعل وكيفية تجسير الفجوات، الأمر الذي يظهر في إيقاعات الأفراد المختلفة، سواء في التفاهم، أو السعي نحو الأهداف، أو التعبير عن المشاعر، أو مستوى التفاعل مع المهام.

مفهوم "السرعات المختلفة" يعكس هذا التباين في الوتيرة التي يتحرّك بها الأفراد، سواء في إنجاز المهام، أو التفاعل مع القضايا التي تهمّهم، أو بناء العلاقات. أحيانا، يواجه الشخص الحريص على التنفيذ تحديا عندما لا يجد نفس مستوى التفاعل من الآخرين، حتى لو كان الأمر يهمّ المتفاعل معه، فقد يبدو شخصا مهتمّا بك لدرجةٍ أنّه ينتظر ردّك ليعدّل ما حاول مساعدتك به، وأنت تضعه على فتات الوقت كغيره دون تقديرٍ لهذا التفاني في جهده، هذا اختلاف في السّرعة قاتل للتعاون ويهدر الطاقات.

فهم السرعات المختلفة

قد يدفع شخص ما لتغييرٍ إيجابيٍّ، لكنّه يجد قلة استجابةٍ من الآخرين رغم أهمية القضية، وهذا أسبابه كثيرة، منها تصور الكثرة امتلاك الحقيقة والإصرار على ما يرون وإن كان خطأ، وفقدان القدرة على التعاون والعمل الجماعيّ


إنه التباين في الإيقاعات التي يتبنّاها الأفراد في التفكير، أو اتخاذ القرارات، أو التعبير العاطفيّ، أو إنجاز المهام. على سبيل المثال، قد يكون شخص ما سريعا في تنفيذ المهام، بينما يتأخّر آخرون في التفاعل حتى لو كان الموضوع يهمّهم. هذا التباين قد يظهر في الآتي:

1- التفاهم الفكريّ: اختلاف سرعات في استيعاب الأفكار أو اتخاذ القرارات.

2- السير نحو الأهداف: تفاوت الوتيرة في تحقيق الطموحات.

3- المشاعر والتقارب: تباين سرعات بناء الثقة أو التعبير العاطفيّ.

4- التفاعل مع المهام: الحرص على التنفيذ مقابل التأخّر أو اللامبالاة من الآخرين.

أسباب السرعات المختلفة

تتعدّد العوامل التي تؤدّي إلى السرعات المختلفة، خاصة في سياق التنفيذ والتفاعل:

- الأفكار السلبية: في مجتمعنا، يعتبر البعض التفاعل نوعا من الخفّة أو الاندفاع السلبيّ، والتباطؤ نوعا من القوة في الشخصية والدلال، وهذا أحد الأفكار القاتلة التي تضيع منك المخلص الدؤوب وتبقي المنتفع أو الضارّ.

- الطباع الشخصية: الأفراد ذوو الشخصيات المنظّمة قد يحرصون على الإنجاز السريع، بينما يميل آخرون إلى التأجيل، وهذا لا يعني التأنّي إلا في حالاتٍ قليلةٍ يختلط فيها التردّد والتأنّي.

- الأولويات: قد يرى شخص ما المهمة ذات أولويةٍ عاليةٍ، بينما يعتبرها آخرون ثانوية، أو أنّ الفاعل يرى من الضرورات ما لا يرى صاحب المشكلة نفسه، فينظر إليه أنّه يبالغ، وهذا يتأتّى عندما لا يدرك البعض أهمية الفرق المعرفيّ والتحليليّ والفكريّ، ويتصوّر أنّه أكثر درايةٍ بمصالحه من مستشارٍ أو صديقٍ.

- الخلفيات والتجارب: التجارب السابقة تؤثّر على مدى الحماس أو الحذر في التفاعل، ويندرج في هذا الوضع الاجتماعيّ والأسريّ والعلاقات العامة والعادات والتقاليد، وكلّ ما هو مؤثّر وفاعل باتفاقٍ وقبولٍ من المجتمع بسلبياته وإيجابيات، فتلك التقاليد.

- الدوافع الداخلية: قد يفتقر البعض إلى الحافز الكافي، حتى لو كان الأمر يهمّهم، بسبب الضغوط أو انعدام الثقة.

- التواصل غير الكافي: عدم وضوح الأهداف أو الأهمية قد يؤدّي إلى تفاوتٍ في التفاعل.

تحدّي الحرص على التنفيذ مقابل ضعف التفاعل أحد أبرز التحديات في السرعات المختلفة هو عندما يبذل شخص جهدا كبيرا لإنجاز المهام بسرعةٍ وحماسٍ، لكنّه يواجه ضعفا في التفاعل من الآخرين، حتى لو كان الموضوع يهمّهم. على سبيل المثال:

- في بيئة العمل، قد يعمل قائد فريقٍ بجدٍّ لإنهاء مشروعٍ، لكنّ أعضاء الفريق يتأخّرون في تقديم مدخلاتهم.

- في العلاقات الشخصية، قد يبادر أحد الطرفين بالتخطيط لمستقبلٍ مشتركٍ، بينما يبدو الآخر متردّدا أو غير متفاعلٍ دون إيضاحٍ، ويكتفي بالهروب مظهرا عدم الاهتمام رغم ما يؤذي به الآخر، وهو بإمكانه إيضاح وجهة نظره، وقد يكون من الممكن إزالة مخاوفه.

- في المجتمعات، قد يدفع شخص ما لتغييرٍ إيجابيٍّ، لكنّه يجد قلة استجابةٍ من الآخرين رغم أهمية القضية، وهذا أسبابه كثيرة، منها تصور الكثرة امتلاك الحقيقة والإصرار على ما يرون وإن كان خطأ، وفقدان القدرة على التعاون والعمل الجماعيّ.

هذا التباين يؤدّي إلى:

1- الإحباط والتوتر: الشخص الحريص قد يشعر بأنّ جهوده لا تقدّر.

2- فقدان الدافع: ضعف التفاعل قد يثني الشخص عن مواصلة الجهد.

3- سوء التفاهم: قد يفسّر البطء أو اللامبالاة على أنّها عدم اهتمامٍ.

4- تأخّر الإنجاز: عدم الانسجام في الإيقاعات يعيق تحقيق الأهداف.

كيفية تغطية سلبيات السرعات المختلفة

جزء طبيعيّ من التفاعلات البشرية في المجتمع المنكسر أو الذي تتساوى به الأمور، لكنّها قد تشكّل تحديا عندما يواجه الحرص على التنفيذ ضعفا في التفاعل من الآخرين، من خلال التواصل الفعّال، وفهم الدوافع، والتحفيز، والمرونة


لتقليل التحديات المرتبطة بالسرعات المختلفة، خاصة ضعف التفاعل مقابل الحرص على التنفيذ، يمكن اتّباع الاستراتيجيات التالية:

1- تعزيز التواصل الفعّال: التواصل الواضح هو الحلّ الأول لتجسير الفجوة. يجب مناقشة الأهداف، والأولويات، وأهمية المهام مع جميع الأطراف. على سبيل المثال، في بيئة العمل، يمكن لقائد الفريق توضيح أهمية المشروع وتأثيره على الجميع لتحفيز التفاعل.

2- فهم دوافع الآخرين: ضعف التفاعل قد يكون ناتجا عن نقص الدافع أو الضغوط الشخصية. فهم الدوافع والتحديات التي تواجه الآخرين تساعد في معالجة البطء؛ يمكن أن يتّضح بالسؤال نحو "ما الذي يمنعك من التفاعل؟" أو "كيف يمكنني دعمك؟".

3- تحفيز المشاركة: لتشجيع التفاعل، يمكن استخدام أساليب تحفيزيةٍ مثل تقديم مكافآتٍ معنويةٍ أو ماديةٍ في بيئة العمل، أو إظهار التقدير في العلاقات الشخصية. على سبيل المثال، إشراك الآخرين في اتخاذ القرارات يعزّز شعورهم بالمسؤولية.

4- وضع أهدافٍ واضحةٍ ومراحل تدريجيةٍ: تقسيم المهام إلى مراحل صغيرةٍ مع مواعيد نهائيةٍ واضحةٍ يساعد في تحفيز الجميع على المشاركة. هذا يقلّل من الشعور بالإرهاق والتكيّف.

5- الصبر والمرونة: الشخص الحريص على التنفيذ يحتاج إلى ممارسة الصبر وتفهّم أنّ التفاعل قد يتطلّب وقتا، فكلّ قرارٍ يحتاج وقتا للسريان وإن كان خاصّا.

6- استخدام أدواتٍ مساعدةٍ: في بيئات العمل، يمكن استخدام أدوات إدارة المشاريع. في العلاقات، الأهمّ هو الحوار.

خاتمة

السرعات المختلفة جزء طبيعيّ من التفاعلات البشرية في المجتمع المنكسر أو الذي تتساوى به الأمور، لكنّها قد تشكّل تحديا عندما يواجه الحرص على التنفيذ ضعفا في التفاعل من الآخرين، من خلال التواصل الفعّال، وفهم الدوافع، والتحفيز، والمرونة. السرعات المختلفة عائق قاتل في العلاقات العملية والإنسانية وهو تعبير عن سوء تقدير أو سوء توزيع الاهتمام، مع هذا فلا بدّ من إدارة هذه الظاهرة بلا تذمّرٍ، وإنّما بالتدريب والتأهيل أو زيادة الثقة بين الأفراد، فقد تفقد نفائس وأنت تهملها ببطء سرعات احتضانها منشغلا بوهم من أوهام الحياة.

الجمعة، 10 أكتوبر 2025

208 - طاعة الله باعمال المنظومة العقلية

رابط عربي 21 

  
نقاط مهمة في المقال

1- اننا يجب ان نستمر في البحث والدراسات القرآنية والسيرة النبوية لمعالجة المستجدات في فهم صحيح اي استقراء للواقع ثم الاستناط منها وبعلم وليس تكهنات او فرض راي 

2- امر المسلمين شورى بينهم وليس للحاكم قدسية بل هو اجير عند الشعب لرعاية المصالح وهذا يعني كل المنظومة الادارية ومؤسساتها

ا3- ان الاساس هو تكريم الله للانسان وكرامته هذه تشير الى مهمته في الارض ووجوب ان يملك الاهلية ليحاسب وفرض الوصاية عليه هو ليس من الاسلام ابدا فليس من العدل ان تحاسب مجبرا او فاقد لارادته


المتن
عندما لا نعيد تفسير المعلومة مع المستجدات فنحن دون أن ندري نجمد منظومتنا العقلية ونعطلها كما فعل أبونا آدم عندما استخدمها كحافظة وليس كمعمل لاستنباط الأفكار والفهم وتجديد الفهم والاستيعاب، وهكذا نرى الحال الذي وصلنا إليه حينما يخرج أناس يرتدون زيا ويسمون برجال الدين، مع أن الإسلام ليس فيه رجال دين وكهنوت ولا لاهوت كما هي، والدخول في الأسماء والصفات وغيرها ليس من فكر الإسلام، وتعريف منظومة معينة للحكم ليس من الإسلام، وإنما هنالك قيم ومواصفات يحققها المسلمون لإدارة حياتهم والإعمار، أما ما يسبب الاختلاف والمناكفة فلم تأت به الرسالة المحمدية من الإسلام، بل كانت رسالتها تحقيق الأهلية للإنسان وخياراته ومنع الشطط من التمدد، وانحسار الظلم والباطل وكل ما ينتقص من الكرامة الإنسانية.

عندما نضع الإسلام في صندوق وقوالب، أو نقبل أن نضع فكرنا ومنظومتنا العقلية في صندوق وقوالب تجعل منا بلا أهلية وكأننا في الأرض لننفذ قوالب معينة، فهذا فهم خاطئ لمشيئة الله في خلقه ويسجل درجة قليلة في سلم نجاح المنظومة العقلية.

كثير من المسلمين يقلد ولا يفهم من الإسلام إلا مما سمعه من هنا وهناك أو قرأه في كتب أحد المشاهير، كذلك معظم الذين يسمون أنفسهم بالعلمانيين أو الليبراليين أو غيرهم هم أصلا لا يعرفون حقا ما يدعون إليه، لكن من الواضح أنهم أعمق جهلا بالإسلام من العمائم التي تتحدث بما ينسف الدين وفهمه، وما بين هؤلاء وهؤلاء، تحدث الفوضى ويسكن عمل إبليس ويخرج آدم وزوجه من الجنة، فلماذا نكرر إخفاق آدم عليه السلام؟

معضلة الحكم في الإسلام:

هذه المعضلة أتت من إخفاق منظومة العقل عند المسلمين وليس من الإسلام نفسه أو من سيرة الرسول، بل الفهم الخطأ الذي يفسر أفعال الصحابة وهم فاهمون للإسلام، وفهمهم واضح بما فعلوا، بل لم يفهم غيرهم بعدهم ما فهموا، ويذهب البعض شرقا والآخر غربا بينما جوهر الفهم هو في رؤية الرسالة نفسها. والنسبة للإسلام ما ليس فيه أحيانا يصبح شرعا ما يخالفه نتيجة عدم النأي بالنفس من رجال الدين، فاضحت مثلا ولاية التغلب عملا شرعيا مقلدا معتمدا، وهي ليست من الإسلام ولا تمت للإسلام بصلة، ولكن لمجرد منح الموثوقية لها من الاستسلام لواقع الحال وإضفاء الشرعية على ما لا شرعية له.

من يفهم الإسلام ورؤيته سيعلم أن أي حديث يوصي بالحكم لصحابي هو حديث موضوع، وأن أي فكرة تنتقص من كرامة الإنسان أو يسامح الحاكم بها كميزة عن غيره هو محض حديث موضوع ولا أصل له، فالحكم في الإسلام محض صيغة جماعية تنظيمية توحد الرأي، وما تتفق عليه النخبة هو ملزم كي لا تحدث الفتن، وليس بسبب السلطة أو تعظيما للحاكم أو العالم.

وكل أمر هو شورى في حياة المسلمين لمن يفهم الصواب، فالقرار في الأسرة شورى وفي العائلة شورى وفي القبيلة شورى وفي المدينة شورى وفي الدولة شورى. والشورى ليست رأي الأكثرية فقط، وإنما من السيرة تعلمنا أنها رأي أصحاب الأمر بما يتعلق بهم، كما في بدر والرسول يطلب المشورة ويريد الأنصار، وكما في موضع القتال حيث ألغي رأي الرسول نفسه كحاكم وقائد أمام الخبرة، عندما اتبع رأي الحباب بن المنذر، وإنها رأي الأكثرية، عندما أراد الصحابة الخروج إلى أحد فاتبع الرسول رأيهم، لكنه اتخذ الرأي غير المنظور للجميع عندما أقر صلح الحديبية، لأن غايته استجلاب السلام وتجنب الحروب، فالمشركون هم أعداء إن حاربوا وهم مشاريع دعوة في السلم فحوّلهم إلى مشروع دعوة.

أساس الرؤية:

1- أن الآدمي هو بشر له منظومة عقلية ذات كفاءة عالية وفاعلية مباشرة.

2- هذا الآدمي مكرم وتكريمه من الله مثبت بأمر السجود له.

3- أن له كامل الأهلية والتفكير رغم أن الله قال له: لا تقرب الشجرة، لكن عندما اقترب منها اعتبرها زلة لأنه أول قرار يتخذه، وعندما فكر ندم وهذه أولى بوادر حركة المنظومة العقلية.

4- القرآن عندما يقول "إن الله يأمر.." يتبعها بـــ"يعظكم.."، فالأمر هنا توجيه سلوكي وليس فرضا على المنظومة العقلية، وإنما دعوة للتفكير والاستنباط بما هو في صالح الأمم ووضعها لقوانين تدير البشرية.

5- أن الله عادل ولا ينقص عدله بتقييد من هو بامتحان، فالإنسان كامل الأهلية.

6- لم يوص الرسول لأبي بكر أو عليّ رضي الله عنهما لأنه إلغاء للأهلية، فلا يصح مع العدل أن يحكم رأي الأمة بنسق لا خيار لها فيه؛ والأهلية هي أساس العدل في محاسبة الإنسان على قراراته لاختياره، ونلاحظ مدى تمزق الأمة في الاختلاف على أمر لم يك مشكلة متعلقة بالدين أبدا، بل لم يشكل أي مشكلة والمنقول هو تبرير لما هو شائع.

7- من المحسوس أن العلمانيين والإسلاميين والليبراليين واللادينيين، بل أتباع المذاهب وهم قد ورثوها وتكونت أفكارهم بانطباعات خارج منظومة العقل والرؤية، يتهمون بعضهم البعض بالتعصب والطائفية، وتنتشر بينهم الكراهية لتعطيل المنظومة العقلية وتحكيم العواطف مع الجهل حتى بما ينسبون إليه أنفسهم أو ما يزعمون. وهذا ديدن كل رافض للآخر، فالكيان الصهيوني لا يرى ما يقتل ويدمر ولا يعتبره جريمة، بينما يعتبر أتفه الأمور ضده جريمة ضد الإنسانية، والأمر واضح قد ينسب للصلافة لكنه لا يشعر (ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).

المشكلة الأساسية هي الفهم، والفهم لا يأتي بأن تترك منظومتك العقلية مستعمرة من الأنا الإبليسية أو أهوائك أو غرائزك كالتملك والسيادة وعواطفك.

حتى الكفر لم يفهموا معناه، فأصبح الكل يمتلك الحقيقة والكل يظن أنه مؤمن ومخالفه كافر. هؤلاء الناس نسوا أنفسهم لنسيانهم الله وغوصهم في التفاهة "وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَىٰهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْفَٰسِقُونَ" (الحشر: 19).

إن طاعة الله بأن تحترم الرؤية لما خلق، والآدمية تعني المنظومة العقلية، فإعمال التفكير هو عبادة وتطبيق للغاية من الخلق، أما التقليد والتدين الغريزي وإيقاف المنظومة العقلية فهي مسألة أظنها تحتاج إلى تفعيل المنظومة وهي عند الجميع، هذا لا شك فيه!

السبت، 4 أكتوبر 2025

207 - القيم بين الادعاء والتطبيق

 رابط عربي 21



ظواهر لفهمها وليس للحكم عليها:

كثيرا ما نسمع "الجماعة الفلانية أفكارها هدامة وأنهم أناس يتكلمون ولا يفعلون، وإن ائتُمنوا خوانين وإن كُلفوا فاسدين"، والحقيقة أن الأفكار الهدامة هي ما يحمله المجرمون وفاقدو القيم، لكن ضعف تركيز مثقفي المجتمع وانجرارهم وراء السوقية والرغبة بتحقيق الذات -وهذا عيب كبير ومرض نفسي خفي خطير- يجعلهم ينساقون وراء ما اصطلح عليه بالشعبوية وهي كلمة تقلل من قيمة التوجه نحو إرضاء العامة من الناس.

الأفكار بشكل عام تحمل إضاءة وتنويرا عاليا، لا فرق في ذلك بين الأحزاب أيا كانت؛ علمانية سطحية الفكر تخاطب الجمهور أو شيوعية انقرضت ولم تتخط الاشتراكية التي كانت تسير بضيق وسوء التطبيق، أو رأسمالية في وعود الرفاهية والقيمة الإنسانية التي بانت في الفترة الأخيرة أنها واهية، لكن عند التطبيق الأمر مختلف وكل له أسبابه. وهو ذات الأمر ينطبق على الأحزاب الإسلامية التي غالبا ترى في كوادرها تدينا ولكن فيهم أناس يتسللون للقيادات وهم يرون أنهم هم الدين رغم أن سلوكياتهم لا دين فيها وكلامهم محض نفاق مبين.

فأما ما يهمنا الآن فهو تراجع نظام الرأسمالية بتخلخل أذرع حمايتها في خلق مجتمع مستقر، ونرى أن مجرد المخالفة تتحول الدولة إلى سلطة من العالم الثالث. لكن ما زال هنالك من يؤمن بما يعتقد في السلطة فيوقف تدهور المجتمع نحو الدكتاتورية أو امتهان الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، وهذا مقروء للجميع عند حصول احتجاجات تخالف السياسة في الدولة، فليس من قبول للآخر المختلف فكيف للمخالف؟ ونحن نرى مثلا ما حصل من تدهور في العلاقات بين إيلون ماسك الذي دعم ترامب للوصول إلى الرياسة لأنه وضع صديقه الديمقراطي في ناسا، ثم برر ذلك بأنه لا يجوز إدارة هذا الصديق لناسا وماسك له مصالح فيها.

أما الإسلاميون، فلطالما عاشوا حياة سرية وتواجدهم كان في المساجد، فالمساجد تستقطب المظلوم الضعيف وغالبا هؤلاء متدينون غريزة وعاجزين وليسوا عاملين لقيمة ومبدأ؛ اللهم إلا بما تفرزه المظلومية من كلام تلك المساجد التي تركها معظم من تولى السلطة، فقد انتفت حالة الضعف والشعور بالقهر والغبن وعاد لطبعه متقنعا بتطبّعه، وحل هو محل الظالم واحتفظ بالاسم الذي أوصله إلى ما هو فيه ولم يك حقيقة يفهم ما اتصف به، فتمكن مفسد مؤذ معيق لتقدم الفكر بمنع مفكريه وإهمالهم إن لم يك معاداتهم وهم أصل الفكر وغذاؤه، لكن المتحول نحو دنيا؛ خسارتها جعلته يذهب إلى المسجد فيلتقطه أناس يتصورون أنه على خلق ودين ويضمونه إليهم؛ يقوم بدور طائر الوقواق الذي يطرد الأصل ليطعمه من يجهل نوعه.

إن الأفكار العظيمة ليس بالضرورة عظيم من يدعيها ولو كان من قياداتها، وعلى هذا فليست أفكارا هدامة تلك التي يزعم امتلاكها أناس هدامون، أو سفلة فاسدون وان زعموا أنهم منتمون للدين؛ وإنما هؤلاء مسوخ لبسوا لبوس الصلاح وبشاعة تقنعت بنور الهداية.

ومن البشاعة في واقعنا استغلال الإنتاج المدني لشعوب أخرى باستخدام سيئ، أو بما تطوره عقلية الفساد، فتجد أن البدايات فاسدة كاستخدام الذكاء الاصطناعي في الغش والشر وتندمج مع النفسية، لتصبح أمرا معتادا بتقديم المكانة الاجتماعية أو القيمة المادية على القيم العليا، فبالتالي تخلق حالة من تعايش الفساد مع الاعتقاد ومعرفة الفضيلة، فيظهر كلام يقطر فضائل ودعوات بالإصلاح بينما نجد أن هؤلاء هم أشد العابثين عند هذا يكون المجتمع عاجزا عن الإصلاح والمطلوب تفعيل التفكير للتغيير.

الموقف والخدمة:

إنك لا تصنف الموقف من عظمة الفعل وإنما من ماهيته، وقد يكون دافعه إنسانيا عاطفيا، أو فكريا عقائديا واعيا، أو يكون لسجية عند الإنسان في حب العطاء. وهذا النوع تكثر مواقفه الإيجابية، والمواقف من الفضائل كما الخدمة للناس بتسهيل أمورهم من الفضائل، بيد أن الاختلاف بين المواقف والفضائل أن المواقف لا تسدد وهي دين غير مطلوب وفاؤه لكنه لا يوفى وإن جازيت مَن عمل الموقف على موقفه إلا بالوفاء، لأن الوفاء من الفضائل التي لا ثمن لها ودَين بلا سداد. أما الخدمة فهي بحكم الواجب، فإن لم تك فهي تسدد بخدمة، وهنا يكون للمصالح سوق وفعل ومن الناس من يقوم بالخدمة ليس لينال مقابلا لها من بشر وإنما هي في سبيل الله، فتعلو عند الله ما يفوق علو الموقف عند البشر للبشر.

هذه أمور يتساوى بها الزعم بالتطبيق، فإن زعم من ينسى التنفيذ فهذا ارتداد عن مكارم الأخلاق وخداع للناس وفساد في النفس مهما كانت غايته. فهنا لا صغيرة ولا كبيرة، فكل أمر عند محتاج له كبير، والمحتاج كالأعمى من دله على طريق حاجته أو أتاه بها فذاك خير وإن فعل العكس فتلك خيانة، وإن لم يفعل رغم وعده فذاك مضيعة للفرصة والوقت، لذا قيل "الوعد دين" لوجوب الوفاء له.

217- نخبة المعرفة الجاهلة لجهلها

 رابط عربي 21 جدلية  المعرفة  والتعلم: في زمن مر وما زال أثره فاعلا عُرّف المثقف أنه يعلم شيئا من كل شيء، ثم عُرّف النابغ هو الحافظ لأقوال و...

يقظة فكرgoogle-site-verification: google25f7d3ebc2fdac29.html