الجمعة، 16 مايو 2025

176- مقترح طريق السلام للتجارة الدولية

 رابط عربي 21


فوضى الكراهية:

العالم يتطور في العلم والمعرفة، لكن عقلية الساسة الذين يديرون العلاقات الدولية ما زالت متخلفة وتتعامل مثل الطفل الذي يظن أنه يجب أن يستحوذ على كل شيء قبل أن يفهم أن هنالك حالة يمكن أن يلعب الجميع بنفس اللعبة، فيتصالحون بأن أحدهم يقود وآخر يلعب معه، إلى طفل يمسك بالجهاز ويظن أنه يحرك اللعبة فلا ينافس أخويه ويفسد لعبهما، لكن الساسة لم يصلوا إلى هذه المرحلة بل استقروا عند الاستقطاب والاستحواذ رغم أن بعضهم بلغ من عمر يودع الدنيا لكنه لم يدرك أن عليه العمل لمستقبله في حياة أخرى.

الولايات المتحدة تعتبر تفوق الصين ضارا بها رغم أن الصين فيها عدد سكاني يحتاج الكفاح من أجل البقاء، كذلك الهند وباكستان وروسيا والولايات المتحدة بل دول العالم التي تمسك يد اللعبة دون أن تتصل بالجهاز الخادم، اليوم ضاقت الأمور وهنالك قطب اقتصاده يعاني معالم الفشل منذ 2008، ويريد أن يستحوذ على الاقتصاد العالمي الذي فيه تفاصيل ينساها المختصون بالتقادم لصغرها لكنها أساسية كصامولات الماكنة، الولايات المتحدة سر قوتها استخدام عملتها فما بالك إن شعر العالم بالضيق وأسقط العملة من حساباته التجارية أو جعلها تخضع للتعويم بدل أن تكون المعيار باستخدام عملة أخرى للتبادل التجاري.

ما تفعل الصين إن قررت أن تزيد أسعار بضائعها وعزف الناس عن شرائها؟ كيف ستسير حياة الصينيين؟ الحقيقة أن تفكيرا جديدا يجب أن يأتي ليقف فوضى الكراهية التي لا ينبغي أن يولدها التنافس على الإنتاج والتوزيع.

تنافس مشوب بإرهاصات دفينة:

حديث متكرر عن طريق الحرير وقطع طرق التجارة وغيرها من التداعيات في التفكير، ومرة أخرى يظهر مشروع يفتقد للمنطق في عدة اتجاهات لكنه يحمل طابعا سياسيا وتطبيعا وسيطرة على المحيط والاتصالات والنقل والمواصلات ويحمل الفشل في تفاصيله وأعني مشروعا سمي حينها إعلاميا بهارات أوروبا.. وحديث عن موانئ داخلية، أو أوهام تقتضي إفساد حياة ناس وتهجيرهم وإبادة كالتي جرت وتجري في غزة، وعن موانئ رئيسة كالفاو ومبارك، ومدى صلاحية تصاميمها وأعماقها المناسبة لغواطس بواخر محملة وتقنيات مطلوبة للملء والتفريغ.

نضع مشروعا أكثر منطقية وهو مشروع بري بالكامل، نقل بالشاحنات أو مع النقل السككي والاستفادة من سعة الطريق لإقامة مناطق كعقد للتجارة والأسواق الحرة والاستراحة والتموين والدخول إلى الطريق من مناطق الجوار، وهو يعبر المياه عن طريق أنفاق أو جسور حسب الأفضل ودراسات الجدوى


وكنت ممن شارك في تقديم مقترحات كتطوير قناة الملك سلمان لتكون ضمن هذا المشروع أو ذاك من خلال سبخة الحمر كميناء داخلي جاهز طبيعي يمكن تطويره في جدة، لكي نتجاوز ضعف منطق مشروع بهارات مثلا، الأحداث تتطور والعلاقات الدولية تتشعب إلى السلبية ولا بد أن يطمئن الجميع وتستقر المنطقة ويتحول التنافس السلبي إلى تنافس إيجابي وتعاون، فلا أظن أن هنالك من يتوقع أن حسم التوتر بين الصين والولايات المتحدة سيكون بحرب، ويسلم العالم، لكن هذا مستبعد بشكل مباشر، لذا سينصب الجهد على عرقلة خطط ومشاريع وفرص وسوق وغيرها، وسيتم استخدم علاقات دولية أو أذرع وصنائع ووسائل مخابراتية وغيرها في قطع المسارات وإضعاف العزيمة عن الاستمرار، والنتيجة ما نراه من توترات وتمزق وتصريحات مؤذية وإبادة بشرية وحرب لا منطق فيها إلا الدمار كالتي تجري في أوكرانيا، وتوترات بين باكستان والهند يخشى من معاودتها المحتملة التي قد تكون شرارة لحرب كونية ثالثة.. فما الحل التجاري الذي يمكن أن تستقر المنطقة له، وربما يؤدي إلى مناطق تبادل تجاري وفق قاعدة الفضاءات الدولية كالفضاء الشرقي والفضاء الغربي ومؤسسات للتعاون والتنسيق والتفاهم؟

مقترح مشروع السلام للتجارة الدولية:

المشروع وكما يُرى في المرتسم هو بديل آخر عن المشرع الذي اقترحناه سابقا ونظرنا له كمشروع بحري بالكامل إلا عند التحميل والتفريغ.

اليوم نضع مشروعا أكثر منطقية وهو مشروع بري بالكامل، نقل بالشاحنات أو مع النقل السككي والاستفادة من سعة الطريق لإقامة مناطق كعقد للتجارة والأسواق الحرة والاستراحة والتموين والدخول إلى الطريق من مناطق الجوار، وهو يعبر المياه عن طريق أنفاق أو جسور حسب الأفضل ودراسات الجدوى.

بعض تفاصيل المشروع

المشروع بري؛ نقل شاحنات وسككي وتمتد معه كابلات محورية للاتصالات الدولية، والإنترنت يبدأ من الصين والمرتسم يبدأ من منطقة الحدود بين كشمير الباكستانية والصين عند "كاشي" ويمتد داخل باكستان بنقطتين مفصليتين تسمحان للهند وأفغانستان بالالتحاق بالمشروع، وخط محتمل أول لإيران عند "غوادر" حيث يعبر الماء إلى سلطنة عمان إما بجسر لا يعيق الملاحة أو نفق تحت الماء وهو الأرجح، لكن الكلام الفصل لدراسات الجدوى، ثم يستمر في السعودية (ويمكن إقامة مشروع متكامل عند سبخة الحمر) حيث تلتحق به قطر والإمارات واليمن، ثم إلى البصرة في العراق حيث تلتحق الكويت، وخط اختياري لإيران، ثم يتوجه شمالا إلى الموصل وربيعة ليدخل تركيا إلى إسطنبول إلى أوروبا. وكل هذه المسافة يمكن أن تقام عليها صناعات تجارية ومراكز وأسواق حرة، في تلك المراكز أو المفاصل.. كل أمر كهذا تسبقه دراسات مساحة، هندسية، جدوى، كيفية إدارته في التنفيذ ودليل للتشغيل.

الخميس، 15 مايو 2025

175- مستشار البابا المسلم

 رابط الشبكة مباشـــــــر


لماذا ليون:

جذب انتباهي اختيار قداسة البابا لاسم ليون الرابع عشر بعد نحو 147 سنة من اختيار آخر بابا لهذا الاسم وهو البابا المتوفي سنة 1903 عن عمر 93 سنة م واستمر في منصبه ربع قرن وهي أطول مدة بابوية في تاريخ المنصب، هو بابا اجتماعي محدّث (من الحداثة)، وكتب وثيقته الأولى من نوعها والتي تتحدث عن العدالة الاجتماعية “Rerum Novarum” باللاتينية تهني أشياء جديدة، ودعا لمصالحة الكنيسة مع العلم والفلسفة وتقوي الفكر اللاهوتي وتعليم رجال الدين، ومهتم بحدود حذرة في الحوار، وعنده كتاب عن الحرية وعن الإرساليات فهو كان بفكر موسوعي.

اسم ليون (Leo) له دلالة رمزية وتاريخية قوية في السياق المسيحي، وخاصة الكاثوليكي، وهو من الأسماء التي حملها عدة باباوات عبر التاريخ. إليك معناه ودلالاته:

المعنى اللغوي والدلالة الرمزية في المسيحية

“ليون” هو شكل لاتيني من الكلمة اليونانية “λέων” (léōn) التي تعني “الأسد”.

الأسد في الرمزية المسيحية يحمل دلالات القوة، الشجاعة، والحماية.

الأسد يُعد من الرموز المهمة في المسيحية، حيث يُربط بـ:

الإنجيل بحسب مرقس، إذ يُرمز له بالأسد لأنه يبدأ بصوت “منادٍ في البرية”.

يسوع المسيح نفسه، الذي يُدعى في سفر الرؤيا بـ “أسد سبط يهوذا” (رؤيا 5:5)، أي المنتصر والمخلص.

رمز السلطة الإلهية والحكم العادل، وهو ما يسعى البابا إلى تمثيله كراعي الكنيسة الجامعة.

اختيار اسم “ليون” سيكون على الأرجح استلهامًا لصفات قيادية روحية وتاريخية داخل الكنيسة،

ليون الأول (القديس ليون الكبير): أحد أعظم الباباوات، حكم بين 440–461م، معروف بدفاعه عن العقيدة، وبوقفه لهجوم أتيلا الهوني. يُعد “أبًا للتعليم الكاثوليكي”.

ليون الثالث: هو البابا الذي توج شارلمان إمبراطورًا رومانيًا مقدسًا سنة 800م، مؤسسًا للعلاقة الوثيقة بين البابوية والإمبراطورية.

مستشار البابا المسلم (وجهة نظر):

إن كان البابا الجديد يأخذ بمعنى الاسم واللغوي والمعنوي، فلابد من انتظار سياسته لتقييم الأداء والدور بما يفيد المستقبل من باحثين في الفاتيكان أما إذا يتيمن بمن حمل الاسم، فهذا يفتح آفاق لرؤية ودور للفاتيكان ممكن أن يعان به من المفكرين المسلمين وغيرهم فالظرف

يحتاج التئام لإنقاذ الإنسانية، وهنا أضع اقتراحا أن يكون للبابا مستشارا فاهما للاسلام والمسيحية يتعامل بشفافية مع البابا لإقامة مراجعات داخلية للفاتيكان ودراسة الحوار بشكل جديد فالأسلوب القديم أشبه باللقاءات السياسية الرسمية ليس لضعف الإرادة وإنما لان الآليات غير مناسبة، فوجود مستشار من هذا النوع (والمستشار مؤتمن) حالة انفتاح، إن هذا الإنسان سيتفاعل مع حوار داخلي بلا حرج بكل الأسئلة لانه سيكون من ضمن منظومة الفاتيكان مكلفا بمهمة وفق توجيهات وتفاهم مع البابا والمستشارين الذين يعتمد عليهم.

الحق أقول إن حوارا كهذا مطلوبا لاستعادة الإيمان بدل الإلحاد مثلا ونقص فاعلية غريزة التدين.

يأتي هذا البحث في إطار الجهود الرامية إلى بناء جسور التواصل والتفاهم بين الأديان، ويطرح تصورًا استراتيجيًا لإنشاء منصب “المستشار المسلم في الفاتيكان”، ليكون نقطة ارتكاز في التعاون بين الإسلام والمسيحية الكاثوليكية، انطلاقًا من داخل المؤسسة البابوية. يتناول البحث الخلفيات الدافعة للفكرة، وطبيعة الدور المقترح، والمؤهلات المطلوبة، والتحديات المتوقعة، إضافة إلى تحليل فرص النجاح والتأثير ضمن السياقات الدينية والثقافية المعاصرة.

أهمية الفكرة

يشكل الحوار بين الأديان عنصرًا محوريًا في دعم الاستقرار العالمي وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة. وعلى الرغم من تعدد المبادرات الإسلامية-المسيحية، إلا أن معظمها يظل محصورًا في الأطر الأكاديمية أو الدبلوماسية دون تأثير فعلي داخل المؤسسات الدينية الكبرى. يهدف هذا البحث إلى طرح تصور عملي وغير تقليدي لتفعيل الحضور الإسلامي ضمن الفاتيكان، عبر تأسيس دور “مستشار مسلم” يُسهم في تقوية جسور الفهم المتبادل وتقديم صورة معرفية متزنة عن الإسلام.

أولاً: الخلفيات والدوافع

الواقع الدولي: يتسم السياق العالمي بتصاعد النزعات الدينية المتطرفة والصراعات الثقافية، ما يجعل الحاجة ماسة إلى مبادرات تنطلق من مؤسسات رمزية كبرى.

رمزية الفاتيكان: يشكل الفاتيكان مركزًا عالميًا للكنيسة الكاثوليكية، وبالتالي فإن إشراك صوت إسلامي مؤسسي من داخله يحمل دلالات ثقافية وروحية مؤثرة.

تجديد الخطاب الإسلامي: يسهم الانخراط في مثل هذا الدور في تجديد أدوات التواصل الإسلامي مع الآخر، بعيدًا عن الأطر التقليدية أو الخطابية المجردة.

ثانيا طبيعة الدور

يتسم الدور المقترح بالعمق المعرفي والانخراط الفعّال، ويتضمن المهام التالية:

تقديم استشارات فكرية حقيقية وموثوقة عن الإسلام.  الإسهام في بلورة برامج للحوار بين الأديان تنبثق من داخل الفاتيكان وتتفاعل

بدراسة حقيقية عن الديانتين وما يمكن فعله من اجل البشرية معا وفق مفهوم الرسالة الآدمية ككل

التنسيق مع مفكرين ومؤسسات إسلامية عالمية لتوسيع آفاق التفاعل.

لعب دور ثقافي وروحي يعكس الضمير الإسلامي في السياقات الكنسية، دون تمثيل رسمي لمذهب أو دولة.

ثالثًا: المؤهلات المطلوبة

تكوين علمي متين في الفقه والفكر الإسلامي، إضافة إلى دراسات مقارنة في اللاهوت المسيحي.

معرفة دقيقة بتاريخ الكنيسة الكاثوليكية ومؤسساتها.

امتلاك أدوات الحوار الراقي والوساطة الثقافية.

حضور مستقل ومقبول في الأوساط الإسلامية والدولية، فهو جزء من منظومة الفاتيكان.

رابعًا: التحديات المتوقعة

تحفظ الفاتيكان من قبول شخص من دين آخر في منظومته وهذا امر طبيعي لتخوف بعض تيارات الفاتيكان من التجربة وهذا ينبغي أن يدرس، لان المسلم الذي سيأخذ هذا الدور سيتعرض أيضا للتسفيه من كل الجهات ويبقى صموده مسالة قدرة وإيمان بالمهمة بغياب التمثيل الرسمي والمظلة المؤسساتية

خامسًا: فرص النجاح

وجود نماذج سابقة ناجحة لمشاركة مسلمين في مبادرات الفاتيكان.

انفتاح الفاتيكان التدريجي تجاه الحوار بين الأديان، خصوصًا بعد المجمع الفاتيكاني الثاني.

وجود النخب المثقفة الباحثة عن مسارات جديدة بطرق حضارية وتشاركية.

الخاتمة:

إن منصب “المستشار المسلم في الفاتيكان” لا يشكل فقط مبادرة رمزية، بل يمثل خطوة استراتيجية لإعادة تعريف العلاقات الإسلامية-المسيحية ضمن إطار مؤسسي متكامل. يتطلب هذا الدور رؤية واضحة، ومهنية عالية، واستعدادًا لتحمل مسؤولية فكرية تمتد إلى فضاء العمل المشترك الإنساني والديني

الجمعة، 9 مايو 2025

174- هل تستيقظ منطقتنا أم تخضع للوهم الإمبراطوري؟

 رابط عــــــ21ـــــــــربي هنا

النظام العالمي يعاني من عجز وانغلاق يضعف آلياته في قيادة الواقع، فتبرز من الثغرات رجعية تعبر عن الهزيمة النفسية والاحتماء كما يحتمي الطفل الخائف من تسونامي بأمه. وما يجده الكتّاب أنه نزق وسوء إدارة في ترامب هو واقعيا رد فعل طبيعي على الواقع الجديد، سبقه في ذلك بوتين وما زال الواقع العربي يمثل حالة الفشل بنفس الانكفاء نحو الاستبداد الذي يفرض شرعية التغلب، لكن الجديد هو اعتبار ترامب أن النظام الدولي يقيد الولايات المتحدة، وأن الله اختاره ليجعل أمريكا أعظم. لا أدرى لِمَ يتذكر الكتّاب غالبا في مثل هذا شخصية كشخصية نيرون عندما أحرق روما ليجعلها أفضل ثم قتل بولس وبطرس والمسيحيين بتهمة حرقها رغم أنه كان يعزف ويغني أشعار هوميروس في حريق طروادة، مصدقا المنافقين والمرعوبين أنه مغن وعازف كل المسابقات، والأنا في عقلية الإمبراطور لهوسه بالسلطة.

هل ترامب يقود الولايات المتحدة إلى الدمار؟

قرأت ترجمة عن مقال لأستاذ العلاقات الدولية في هارفارد، ستيفن إم. والت"، وضع فيه ما قال إنها وصفة من خمس خطوات لتخريب السياسة الخارجية الأمريكية:

الخطوة 1: "عيّن مجموعة من الموالين والمنافقين"، وذكر فيها مواصفات قد تتوفر في النظم الاستبدادية في السلطات المتخلفة هنالك حيث يتكلم الرئيس فقط ويصفق الجميع ولا معترض بل الكل ممجد له وهو يقود عربة البلاد إلى الهاوية، ليس المطلوب الكفؤ، بالعكس المطلوب أناس يربطون مصيرهم بالرئيس وبلا مبادئ أو قيم، وعندما تتخلص القوة المستبدة ممن يعارضها فسينطبق عليها قول الصحفي الشهير والتر ليبمان "عندما يفكر الجميع بالطريقة نفسها، لا يفكر أحد كثيرا". وهذا يجعل من السهل لقائد مضلل أن يقود البلاد إلى الهاوية وسابقا نقص المعارضة الداخلية القوية هو ما سمح لستالين بتدمير الاقتصاد السوفييتي، ولماو بإطلاق "القفزة العظيمة للأمام"، ولهتلر بإعلان الحرب على أوروبا، كما سمح لجورج بوش بالتورط في العراق عام 2003.

نلاحظ أن من فعل هذا أتى بنوع من الشرعية، فماو أتى بالشرعية الثورية وهو مؤيد من شعبه ولم يجرؤ أحد أن يقف موقف المخالف بأي شيء، أما هتلر وجورج بوش أتى بالشرعية الديمقراطية وانحرفا بتأييد كما يحصل مع ترامب، هم تجاهلوا الأصوات المخالفة كما يحصل الآن مع ترامب وحتى بايدن في مسألة كفلسطين، والآن تتسع لمحاولة تحويل الاتفاقيات إلى نوع من الهيمنة مقابل الصداقة

الخطوة 2: افتعل أكبر عدد ممكن من النزاعات مع الدول: وهنا يشير الكاتب إلى حقيقة أن السياسة الدولية ليست فرض الإذعان وإنما تفاهمات وتماه حتى لو كانت قوية، فلا ينبغي أن تشكل مصدر خوف لحلفائها لأن العلاقات تقوم من أجل الأمن والاستقرار.

أقتبس: "أما ترامب، ففي أقل من ثلاثة أشهر، فقد أهان الحلفاء الأوروبيين، وهدد بالاستيلاء على أراضٍ من الدنمارك، ودخل في خلافات مع كولومبيا والمكسيك وكندا وغيرها. كما استخدم هو ونائبه جي. دي. فانس أساليب ترهيب علنية مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، محاولين إجباره على التنازل عن حقوق المعادن مقابل المساعدة الأمريكية" انتهى.

الإدارة الأمريكية أجرت فك ارتباط والمنظمات الدولية كالوكالة الأمريكية للتنمية، ومنظمة الصحة العالمية، والواضح أن عدم اهتمام ترامب بالدول الفقيرة يقوض حاجة في كينونة النظام الرأسمالي للاستقرار وليس حبا بالفقراء، وأن منظومة الضرائب مع الأصدقاء تبدو ظاهرا مجحفة للولايات المتحدة لكن الحقيقة أنها تدر ربحا خياليا على الولايات المتحدة؛ لأن صناعتها بالتجزئة تعتمد على مصانع في هذه الدول قرب المادة الخام ورخص الأيدي العاملة وفرض الضرائب هو ضمنيا فرض الضرائب على الذات.

الخطوة 3: "تجاهل قوة القومية". محاولة ترامب التأكيد على عظمة بلده واحتقار الآخرين سيثير بعد الصدمة في تقوية الكراهية في الدول الأخرى وسيزيد التحدي من قادة تلك الدول لإرضاء شعوبهم، ولعلنا لاحظنا دولا عدة تململت رغم أن شعبية رؤسائها في الحضيض لتتفاعل مع هذا الإخفاق.

الخطوة 4: انتهك الأعراف وتخلَّ عن الاتفاقات وتصرف بشكل غير متوقع. وبغض النظر عن رأي الكاتب وما طرحه، فالحقيقة أن هنالك فعلا محددات وإلا لن تبقى هنالك علاقات دولية وستعم الفوضى، ولا بد من الالتزام بها وإن ظن غير ذلك وربما هنالك إيجابية للتخلص من هيمنة طالت بلا فائدة.

أما آن الأوان أن يكون السادة سادة فعلا ويستمدون قوتهم من شعبهم ويستغلون اقتصادهم في إنشاء عملة تجارية وتعيد بلادنا مركز العالم الجديد بدل الأسى والفوضى، وهذا الفاصل بين الكرسي والشعب والذي يستغله بكفاءة الآخر، خصوصا بعد أن أصبح أقطاب الأمس الشيوعي والرأسمالي أكثر قربا من الفكر القيصري الإمبراطوري الذي يريد خيرات العالم له، عندها كل أعمالكم لن تكفي


الخطوة 5: "قوّض أسس القوة الأمريكية". ركز الكاتب على مراكز الدراسات والبحوث مستشهدا بالصين، وأن تقليص الدراسات والبحوث ومراكزها هو تراجع في الصدارة التقنية، حتى الجامعات كهارفارد عوقبت لممارستها الديمقراطية، وأقتبس "وحتى العلوم الإنسانية والاجتماعية لم تسلم. مهاجمة هذه المجالات يعوق قدرتنا على فهم مشكلاتنا الاجتماعية واقتراح حلول لها. عندما يسكت السياسيون الأصوات المعارضة، تزداد السياسات الحمقاء ويصعب تصحيحها. لهذا السبب يستهدف الطغاة دائما الجامعات والمراكز المستقلة عند سعيهم لترسيخ سلطتهم".

هل سيطول الانبهار أيتها الأمم النائمة

الحقيقة أن ما طرحه الكاتب وتبنيت شرحه بما اقتبست ووضحت أخرى هو نوع من الإحساس وليس استشرافا واضحا، فهو في حالة يندب ضياع المجد كما يفعل أي مثقف في الدول العربية وهو يندب ما وصلت إليه الأمة. الحقيقة أن انحلال القيود لن يبقي الأمور ثابتة حتى تغير الولايات المتحدة مزاجها وتقرر إصلاح ما فات أو لا تجد خسائر فيما ظنت أنه جنون، وهو في الحقيقة إسقاط تجربة شخصية وإيمان بالفردانية والقوة وهو مذهب الولايات المتحدة أصلا، فالرجل مجسّد أصل الأفكار التي قامت عليها بلاده والتي أتت به إلى الحكم، لكن السؤال: أما آن الأوان أن يكون السادة سادة فعلا ويستمدون قوتهم من شعبهم ويستغلون اقتصادهم في إنشاء عملة تجارية وتعيد بلادنا مركز العالم الجديد بدل الأسى والفوضى، وهذا الفاصل بين الكرسي والشعب والذي يستغله بكفاءة الآخر، خصوصا بعد أن أصبح أقطاب الأمس الشيوعي والرأسمالي أكثر قربا من الفكر القيصري الإمبراطوري الذي يريد خيرات العالم له، عندها كل أعمالكم لن تكفي.

وقد ناقشنا ذلك في مقالات موسعة، إن التطبيع بعد الترامبية لم يعد إلا إضعافا وخسارة، الخسارة لمن يطبعون لأوهام لا يحققها الانتظار ويضعفون بسبب مكافحتهم لقيمهم وتراثهم ونخبتهم بما يسر الأعداء، لكنَّ الخيار اليوم وفرصته مفتوحة بين حلم العبد أن يشتري بدراهمه سيدا يعامله بلطف كما نفعل عمليا، أو يكون حرا سيدا عزيز قومه كما يجب أن تكونوا.

الجمعة، 2 مايو 2025

172 - سؤال في القيادة

عربي 21 اضغط    هنا    رجاء 

التمييز مهم:

القيادة ليست الصدارة ولا الزعامة مثلا، وقد ميزنا بين تداخلات المعنى في مقالات سابقة، فمن وجد في نفسه كبرا أو استعلاء فهو ليس قائدا وإن كان بموضع القائد، كالفرق بين السياسي الذي يفهم السياسة وبين من وضع موضع السياسي فعمل في السياسة، وشتان بين الاثنين. ومن خلال الاحتكاك والتعامل مع بعض المتصدرين للقيادة وجدنا أن دراسة وضعهم تتطلب إيضاحات تفهمهم ذاتهم وتوقف أشد أعداء المشاريع وهي الأنانية أو الكبر، فقد يظهر البعض ويصل القمة بسرعة لينحدر لأنه لا يرتكز على ارض صلبة.

* القائد لا يطلب التغيير من الآخر لأنه يتصور أنه الصواب وغيره الخطأ، فهذه عدمية وانغلاق ونوع من السفاهة يتحول إلى الانعزال التدريجي وإنهاك أرضية تحمله لتتحول إلى رمال متحركة، القائد هنا ينظر إلى المشتركات مباشرة ويحاول توظيفها بواسطة الزعامات التي تعزز بسلوكها مصداقية أي حراك مع الآخر ولا يتبع طرقا ملتوية، هو واضح في رؤيته وتوجهه فهذا أهم رأس مال لديه في مصداقية التعامل مع الآخر، لا يتحالف لينفصل ولا ينفصل ليعود، بل يمتد بالخطوة الواضحة والصبر.

* القائد له مشاعر طيبة لكنه ليس مغفلا ولا يسمح لعواطفه أن تذهب به إلى طريق الخطأ لأن خطأه نهاية مشروع أو انحداره أو فقدان مصداقيته، ولكثر ما لحقت الهزيمة بأناس من حسن النوايا، فالنوايا ليست كافية لنجاح المشاريع أو قيادتها، لذا ينبغي أن يراجع وهو يناقش إيجاد القائد البديل له والذي ينبغي أن يكون معروفا، فرحلة المنظومات إلى النجاح كالطيور المهاجرة وهي تقطع الصحاري والقفار، تشكيلها يُسَهِّل عليها قطع المسافات بلا تعب يذكر، لكن قائدها يحمل ثقل نفسه، فإن تعب، تراجع لينضم إلى السرب ويتقدم بديله ليقود الجميع بنشاط نحو الهدف. هنالك كتلة حرجة تحتاج اختراقا تتأثر بالكاريزما والسمعة، 

القائد لا يولد قائدا، وليس القائد من أمسك بموقع قيادي نتيجة صدفة أو خلل أو اضطراب، بل القائد من عنده بطبعه مرتكزات من سمات القيادة وينميها ويربط السمات الأخرى بالعلم، والعلم تجربة

وكل ما سنتحدث عنه هو للقائد المتعامل بالقرار الجمعي وتحمل مسؤولية منفردة، لأنه من سيتخذ القرار النهائي في كل الأحوال، وليس من الشجاعة أن يحمّل زعماء يرافقونه أكثر من مسؤوليتهم تجاه ما هم مكلفون بتنفيذه، فالزعيم منفذ ويخطط للتنفيد لمهمة محددة وليس قائدا يخطط للمهمة ككل، ومن يتصدر الناس بحكم المهمة هو من يبرزه القائد والزعيم في تفاصيل المسار، ترى ما المطلوب من القيادة والزعامات أيضا بدرجة ما؟

سمات القيادة:

القائد لا يولد قائدا، وليس القائد من أمسك بموقع قيادي نتيجة صدفة أو خلل أو اضطراب، بل القائد من عنده بطبعه مرتكزات من سمات القيادة وينميها ويربط السمات الأخرى بالعلم، والعلم تجربة.

1- الوعي الذاتي هو فهم الذات على حقيقتها وقدراتها وليس الغرور، والتواضع من الصفات الأساسية للقيادة. وكلما فهم نفسه وتعرف على نقاط الضعف والقوة ارتقت الفاعلية، فالقائد لا يغره مديح ولا يثنيه انتقاد ويستمع للنقد ويعدل أفكاره وخططه.

2- الاحترام لمن أمامه وفكر الآخر المخالف والتواصل مع الجمهور والمجتمع بشكل عام، فهو ليس إمعة لأنه يحسن في كل الأحوال، وبقدر شدته ودقته في التخطيط ومتابعة الأعمال فإنه متسامح مسبقا بما لا يذكّره رغم أنه ليس غافلا عنه.

3- مشاركة الآخرين بدعمهم فعلا وإن كانوا يخالفون القائد للقيادة رسالة تعرف نفسها بالسلوك والتعاون مع الكوادر والمحيط.

4- الرؤية ليست هي الطموح للمستقبل فحسب وإنما تعريف الخطوط العريضة للحل. إن المرونة في التعلم هي القدرة على معرفة ما يجب عليك فعله عندما لا تعرف ما يجب عليك فعله.

5- القدرة على إقناع الناس من خلال الاستخدام المدروس لتكتيكات التأثير المناسبة، هي سمة مهمة للقادة الملهمين والفعالين.

القيادات تظهر وقت الأزمات بوضوح وتظهر الزعامات وقت البناء التنموي والصدارة تظهر عند الفوضى الفكرية والسلوكية غالبا، وتكون مرتكزة على جهد الغير حيا أو ميتا مع ضعف البيئة، والنخب المنتجة تظهر مع القيادات والزعامات لكنها تُقمع مع المتصدرين الذين لا رؤية لهم


6- النزاهة هي الاتساق والصدق والأخلاق والثقة، وهي سمة قيادية أساسية للفرد والمنظمة. وهي مهمة بشكل للزعماء المساعدين للقائد والتنفيذيين سواء بالاستراتيجية أو بالتكتيك.

7- إن الشجاعة تمكن كل من أعضاء الفريق والقادة من اتخاذ إجراءات جريئة تحرك الأمور في الاتجاه الصحيح؛ والشجاعة ليست سفاهة أو جرأة وإنما تخطيط وتفكير خارج الصندوق.

8- المرونة والامتنان مع المعية والصمود عند الانتكاسات عوامل مهمة في القيادة والسيطرة.

ما العوامل المؤثرة في القيادة؟

أساليب القيادة المؤثرة وكيفية إدارة المواقف المؤثرة

1- تخطيط العمل يحدد الغايات من المنظومة أو الحزب والأهداف التي في التكتيك لوضع التخطيط لها ضمن الموازنات عند القيادة، وتخطيط التنفيذ لها من الزعماء الموكلة  إليهم قيادة تنظيم العمل وتطوير نظام مؤسسي فعّال لتنظيم العمل، وهذا مهم جدا.

2- التوجيه والقيادة: تحفيز وإلهام أفراد الفريق لتحقيق الأهداف، بالتغاضي حينا وبالتركيز وشحنهم بالثقة والإيمان بالعمل، والقائد لا يحاول تمييز نفسه أو يحس بالنقص إن خالفه أحد بفكرة قد تكون إبداعية، لهذا يسمع من يخالفه ويوجه بدراسة ما يعرض عليه وإن كان مغايرا وربما يقضي بإعادة كل شيء.

3- التحكم والمتابعة: مراقبة تقدّم العمل وضمان الالتزام بالمواعيد وحسن الأداء كنتيجة نهائية.

القيادات تظهر وقت الأزمات بوضوح وتظهر الزعامات وقت البناء التنموي والصدارة تظهر عند الفوضى الفكرية والسلوكية غالبا، وتكون مرتكزة على جهد الغير حيا أو ميتا مع ضعف البيئة، والنخب المنتجة تظهر مع القيادات والزعامات لكنها تُقمع مع المتصدرين الذين لا رؤية لهم وهم الكثرة مما تُرى في الدول المتخلفة. والتخلف دليل فاعلية منظومة تنمية التخلف التي تنتج هذه وغيرها من الإخفاقات.