الجمعة، 28 يناير 2022

5- فلسفة لعبة الكـــــــــــــراسي

 

فلسفة لعبة الكراسي

 


 

قبل أيام ظهر خبر عن وفاة السيد مهاتير محمد باني بلده الحديث والنموذج القيادي الفذ، ثم ظهر انه كان في حالة صحية حرجة وشفاه الله، وهو رجل في السابعة والتسعين خدم بلده مرتين في التأسيس ثم عاد ليصحح ويرمم المسار وهو بهذا العمر.

لعبة البالونات: الصالح بين الصالحين

يحكى عنه انه وضع بالونات وطلب من المتنافسين أن يحافظ كل على بالونه، ووقف يشاهد أن كل فرد يحاول أن يفجر بالون الآخر ويحافظ على بالونه في نفس الوقت، وبعد انتهاء زمن المسابقة كانت القمصان قد خرجت والناس مجهدة متعرقه، فقال لهم كان بإمكانكم الوقوف فقط؛ لا تعملوا شيئا وتفوزون جميعا، فالمنافسة لا تعني أن يخسر اصدقاؤك........ حكمة في الإدارة وللقيادة الإدارية ولكن عندما يكون الجميع صالحين.

لعبة الكراسي: نظرية الانتقاء الطبيعي

مذ كنا أطفالا كانت هنالك لعبة اسمها لعبة الكراسي، هذه اللعبة كما هو معروف أن توضع كراسي يجلس عليها المتسابقون ثم تنقص كرسي في كل جولة لتنتهي اللعبة بان يكون شخصا واحدا ربما هو الأجرأ ليحتل الكرسي الوحيد.

هذه اللعبة بوجهين، فهي تولد شخصية حاسمة في الفوضى وفي ذات الوقت تعلم العدمية وتوقظ الأنانية بمخاطبة الغريزة من جانبين هما حب السيادة وحب التملك، فهي تعطي الاحترام لإنسان متغلب وتهمش الآخر، وتحتاج اللعبة لمشرف يشرح الدرس، بان يقول للتلاميذ لو اثنان منكم جمعوا كرسيهما لاتسعت لثلاث وانتهت اللعبة بفوزكم جميعا، لكن هذه المثالية تحتاج إلى بيئة صالحة وناس إيجابيين سلوكا، بيد أن كل اجتماع بهدفه، فالمافيا أيضا جماعة متراصة لكنها خارجة عن القانون؛ فعند الفوضى وعلو الغرائز وتخلف المجتمع يصبح البقاء للأصلح كقانون انتقاء طبيعي واجب، ولكل زمان ومكان أحكامه فلا ينبغي جعل حالة الاضطرار اصل.

استووا يرحمكم الله

حينما يقول إمام الصلاة استووا، تجد نظامان يعملان معا الأول إصلاح الإنسان نفسه على من معه فينتظم صف الجميع نعرف منه أن إصلاح الذات هو إصلاح للمجتمع، أما النظام الآخر فهو مدى اندماج الإنسان بالصلاة، وهذه علاقته مع خالقه لكن درجتها قد تجعله يسهو فيحدث خلل في الاستقامة فيعدله الجمع إن شذ، أو لا يؤثر على الصف ككل فلا علاقة للجماعة بما هو في نفسه، فالنظام جماعي لكن على هدف معروف، فالفكرة من النظام البيني مع الله يعني قدرة الإنسان على العطاء لكن هذه القدرة عند من يثمنها والخالق كريم، أما الناس فاعتادت أن تدفع أو تستلم ثمنا لكل شيء، وقد يكون أصحاب الأفكار ممن لم يستطيعوا أن يجدوا كرسي في التدافع بين الأقوياء فيضيع التفاعل بين القوي والمفكر عندما يتخيل انه كتاب على الرف يفتحه عندما يشاء، بيد انه إنسان له نفس وحياة.

الذكورية: من لا يحاور ذاته لا يحاور الآخرين

ولان التفوق يبنى على احتلال المكان والتفرد به، فهو معزز للقوة وبالتالي للذكورية كمصطلح استبداد سواء احتله رجل أو احتلته امرأة، والذكورية كمظهر أو معنى اصطلاحي لاستبداد وانفراد وعنصرية هو من أسباب تضييق قنوات المعرفة أو محاورة الذات ومن لا يحاور ذاته يفقد القدرة على محاورة الآخرين وهذا الأمر هو من معالم منظومة تنمية التخلف، فالأساس هو الحوار في الاختلاف والتوافق، أما ردود الأفعال فهو إخلال لميزة العقل الآدمي خصوصا في المسائل العلمية والفكرية، والتخصيص هنا ليس استثناء فقد تكون عرفت آلية سهلة لتنفيذ تصحيح لأمر ما ويتحدث آخر عن طريق أخرى، فالرشد أن تصغي للكلام فتعرف موطن الصواب وتدع مجالا للجديد وليس تكرار التجارب بذات المواد، فالتغيير يعني تجربة أساليب جديدة.

فكــــــــــــــــــــــــــــــــر قبل أن تسعى للغاية

ما نريد قوله إن العمل الجماعي الإيجابي لا يعني أبدا استقطابا أو تخندقا وإنما توزيع أدوار بشكل ينفع الغايات، ومثال مهاتير محمد نموذجا رائعا عندما جنب السلبيات ومن يروجها ويضع معرقلات في طريق التنمية بالفساد أو التترس والإقصاء (ومراجعته لكل القرارات التي اتخذت قبله فالعدل أساس) واستعاد الطاقات الإيجابية السياسية والاقتصادية التي حذفت من صورة البناء بما يصب في الإيجابية وأسس الصواب لما بعده ووضع قواعد التصحيح عند الانحراف بحيث عندما حصل الفساد وعاد للتصحيح عاد ليجري عملية التصحيح خلال أيام معدودة، وعندما أراد  إعطاء درسه اكتفى بصيغة عملية فكر قبل أن تسعى للغاية بلعبة البالونات.

 

يتابع نشرها الأسبق في رووداو:

https://www.rudaw.net/arabic/opinion/27012022

وكذلك لاحقا في كتابات:

https://kitabat.com/2022/01/28/%d8%af-%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d9%85%d9%83%d9%8a-%d9%82%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%84-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a-%d9%88%d8%b4-2/

 

 

الأحد، 23 يناير 2022

4- النضــــــــــــــــــــــج

 النضــــــــــــج

 

تبني مظاهر المدنية لا تجعلنا متمدنين وإنما مستهلكون لمخرجاتها

 

حكاية

في حكاية تراثية أن أعرابي وجد ضالا في الطريق فاردفه خلفه على فرسه، وتوقف يستظل بشجرة في واحة فارشا زاده ليطعم رفيقه، فأخذته غفوة استيقظ على حركة حوافر الفرس وقد سرقها من ائتمنه فقال الأعرابي: يا هذا، الفرس وما عليها هدية لك بشرط ألا تقص على أحد ما فعلت كي لا تمتنع الناس عن إغاثة الملهوف فتضعف المروءة عند الناس.

القصة بسيطة، لكن معناها كبير، فهنالك رجل ذو مروءة، أعان رجلا لا يعرفه وشاركه الخبز والملح كما يقال، لكن هذا الأخير سولت له نفسه أن يخون من أكرمه.

المروءة حين تفقد لا أمانة ولا أخلاق، ومنظومة تنمية التخلف الفاعلة في مجتمعها لا تبقي مدنية ولا قيمة فكرية ولا عمران.

,, إن حملتك على راحلتي وأعطيتك ثقتي ثم تسرق مالي فانت نموذج لضياع المروءة ،،

 

إن حملتك على راحلتي وأعطيتك ثقتي ثم تسرق مالي فانت نموذج لضياع المروءة، وما أكثرها اليوم بل إن التفاخر بها أشاعها، فلم يعد في المجتمع من يقف لعابر سبيل خشية أن يسرقه، ولا يتعامل بثقة مع غريب أو قريب خشية خيانته، ولا رحمة عند من ملك.

دروع بلا فرسان

حين يتحدث الفاسد بالشرف ويتحدث السارق بالأمانة والكل يراه ويجامله ويعلم انه سارق فاسد فلم تعد هنالك مروءة بل أضحت القيم المعيارية نسبية وهذا هو تمام سقوط معنى المروءة والمنظومة القيمية ككل، وعندما تفقد المنظومة القيمية فأي قانون يحكم واي امر يبقى محترم، حتى الكرامة الإنسانية التي وهبها الله واحترم خلقه بها يفقدها الإنسان في غابة البشر المتحول لان الحيوان في الغاب عنده قواعد فطرية لا يحكمها عقل ولا قيمة أخلاقية نعم؛ لكنها  تقود غرائزه فهو لا يأخذ إلا حاجته ولا يقتل إلا فريسته عندما يجوع وتراه وديعا إن شبع، ولعل هذا درس لمن نظر وفكر فتفكّر قبل أن تستعمر غرائزه منظومته العقلية فتكون مخرجات فعله تحت مستوى الحيوانية.

تغيير الذات خطوة نجاح

 فالإنسان أول نجاحه في تغيير ذاته

الأربعاء، 19 يناير 2022

3-الواجب مركب الحقوق

 

الواجب مركب الحقوق

عندما تتخلف النخب يصبح طلب الرقي بالأماني وتذمر يدعو للغثيان

 

المعنى الانطباعي

لعلنا حين نذكر كلمة الواجب يقفز للذهن المهام التي ينبغي أن يؤديها الفرد ضمن عمل ما أو وظيفة أو خدمة من الخدمات بما يتعلق بالحياة المدنيـــة، لا شك أن هذا جانب صحيح من جوانب المعنى الكبير بتأثيره في مدلول كلمة الواجب.

جرت العادة أن يكون هنالك من يحدد هذا الواجب، هنالك جهة عليا تقوم بهذا وسن القوانين وتطبيقها ولوائحها هو واجب وظيفي من موظف يتلقى راتبا من الدولة لكنه أمام قوانين تطبقها دوائر أخرى هو مواطن، يرفض أن يستقبل أي فكرة للتبسيط في الإجراءات عنده لكنه يقترح هذه الأفكار عندما يأخذ موقعه كمواطن في تلك الدوائر ويرفض الإصغاء له كما يفعل هو تماما.

انعكاسات هذا الانطباع:

التكيف، بهذه الكلمة ممكن أن نختصر وضع المواطن ودوره مع مجموعة القوانين واللوائح التي تصدر من الدولة أي دولة، وربما يصل الحال أن المواطن يفكر بكيفية الالتفاف على القانون وهو يقرأ في النشرة الإخبارية، أكثر من التفكير بتطبيقاته.

لا أحدٌ يفكر أن يطلب عرض القوانين على الجمهور قبل إقرارها، الحالة البرلمانية في الدول المتخلفة لا تمثل حالة شعبية تشريعية بقدر توافقات بين مصالح مجموعات أو تكتلات سياسية، فهذا لا يغير من كون القوانين مشابهة من حيث الفاعلية لقوانين تصدر من جهة سيادية بلا مراجعات.

معنى الواجب الفاعل:

الواجب أن يكون المواطن حريصا على تطوير الأداء وخصوصا النخب المثقفة، لا تكون مفعولا في المجتمع وإنما فاعلا، لكن هذا ليس الموجود فعلا عند نخب تكنوقراط مثلا تعودت أن تكون أدوات تنفيدية ولا تقترح إلا ما يراه رب العمل (من وجهة نظرها) أو ما تستقرئ انه يرضيه، وهذه من الخسائر التي تؤدي إلى انحدار المجتمع وتخلفه، وبعد الإصلاح، خصوصا أن هذه الناس السلبية هي نفسها ستبدي تذمرها من وطأة سلبيات الواقع عليها، وبتخلف النخب يصبح طلب التطور المدني بالأماني وكان الرقي ينزل من السماء لوحده وينسب إليهم فعله.

معرقلات التغيير

عندما تريد أن تقترح شيئا لمدير عام مثلا أو وزير أو أي مسؤول، فحتما ستقدمه إلى من يوصل المقترح له، وستجد حتما سؤالا عفويا منه وهو يستلم مقترحك، أهو طلب منك هذ؟ يعني هل المدير أو أي كان اتصل بك وطلب منك مقترحا لتحسين أداءه، ستقول حتما لا، عندها فوصول المقترح أصلا يعتبر معجزة.... لأنه سيفكر بأمور لم ولا يفكر بها المبدع للفكرة.

ماذا يريد؟ هل سيؤثر على مكاني؟ هل سينزعج الأعلى منه من المقترح؟ ما فائدة هذا المقترح وعوائده عليّ؟

الحقيقة أن ما في عقل المبدع هو التطوير، ولا يمكن أن يحصل تغيير على صورتك وأنت تراها في المرآة، لكن هذا ما اعتادت عليه الناس والأجهزة الإدارية لذا تبقى جامدة لا تتطور إلا بقدر رؤية الإدارة العليا التي قد تكون بنفسية تستقبل التجديد أو لا تريد إلا ما تراه مفيدا لها.

مخرجات هذا الحال:

المواطن يضعف انتماءه لأنه لا يشارك عمليا في القرار، هوية الأمة تتآكل، الإحساس بالغبن سيقود للفساد، فان كان هنالك فساد في الإدارات، فنظرة المواطن تكون إلى الفرصة، لذا ستتوجه الإدارات الدنيا إلى ما تعتبره فائدة استحصال حقوق مفترضة لها، هذا سيفقد المعية القدوة وتتعامل بذات الطريقة أو تصبح غريبة في مجتمعها وهكذا ينتقل الخلل إلى الدائرة الاجتماعية الأوسع فالأوسع فتتآكل الهوية بتآكل القيم وتصبح ثقافة مشوهة وهي الادعاء بالقيم والتطبيق عكسها، وهذا خطر جدا لأنه لا يعيق طريق الإصلاح وإنما يسقط ويشوه آلياته وطرقه

فالواجب إذن

الواجب هنا لابد أن ينظر إليه كحق للامة ككل ومطالب الفرد به كما يطالب الفرد حقوقا من المجموع، والثقافة الإصلاحية المستسقاة من هذا المقال ضرورية، بان يسمع للمثقف والمفكر والمصلح وتستحدث أدوات النهضة، ولابد أن يبحث عن المستجد في تطوير الأدوات والنظم الإدارية والإصلاحية، لان انحدار المجتمعات يجعلها نكرة بلا هوية مهزوزة قابلة للذوبان أو متمردة برد فعل مشوه، أو أنها حواضن لكل أنواع التخلف والفساد.

إن الواجب الذي يؤدي إلى الحقوق ولابد أن يسبق هذا نهضة بعد تخلف، فعالم الأفكار عندما يتغير تتغير الأشياء لان الأفكار من يصنع الأشياء، ولا يمكنك أن تكون في عالم الأفكار صنع أشياء تمتلكها لمجرد أنك تمتلكها وتستخدمها، لكن بنهضة حضارة الفكر ممكن أن تنتج أشياء لم تنتج.

 

السبت، 15 يناير 2022

2- ومضـــــــــــة من الدولة المستحيلة ......... المقال الاول ضمن سلسلة مقالات تتعرض لمضمون كتاب الدولة المستحيلة للعالم (وائل حلاق)

 

 


نشرت في مدونات الجزيرة مباشر

ومضة من الدولة المستحيلة

علاقة الزمان والإنسان تحتاج إلى إعادة تعريف عندما يتعلق الأمر بالقرآن فهو كتاب منزل بالحرف والهمزة [سَأَلْتُ أُبَيَّ بنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ؟ فَقالَ: سَأَلْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: قيلَ لي فَقُلتُ فَنَحْنُ نَقُولُ كما قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ] (صحيح البخاري 4976).

القرآن والإنسان:

القرآن ونفس الإنسان روحان (أي أمران) لا يمر عليهما الزمن، الإنسان ينظر إلى ما مضى من عمره وحاضره وامله في المستقبل، الزمان عند الإنسان له ثلاث أوجه، لماذا؟ لان نفسه في جسد يتأثر بمرور الزمن، أما القرآن فليس له جسد يتأثر بفسلجة فهو مولود كل عصر كلام الله بنصه وحرفه ...

معنى مثاني:

 كلام مثاني أي طيات تفتح بالمنظومة العقلية البشرية لتتحول إلى منظومة قيمية أخلاقية تشريعية تتفاعل مع الشخصية البشرية لتدير الحياة المدنية، الأمة لابد أن تبنى على التقوى كي تهتدي إلى مثانيه فهو هدى للمتقين، فالأحكام تستنبط لكل عصر وليست ثابتة، كلامي هذا من التفكر بالقرآن، النصوص لا تطبق وفق هو فهم العامة، بل لابد من كيان إداري متفق عليه ويشرع قوانين يقبلها المجتمع، ثم تسود هذه القوانين وتوازن دوما وتتابع قيمياً.

الخطاب الرباني:

الإنسان خلق ذو أهلية، والله في خطابه يعظ الإنسان ولا يأمر إلا بما ذكر من عدل وإحسان والتكافل الاجتماعي وتأدية الأمانة إلى أهلها في كل امر (صاحب الإبداع يقدم للمقدمة أمانة، صاحب العلم يقدم بالعلوم، صاحب الراي يستشار... وهكذا) وكذلك ينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، فهذه حدود لا جدل فيها، عدى ذلك فالإنسان وخياره وهو من سيحاسب على خياره ولا يجوز قطعا غصبه على شيء لأنه لن يكون بالإجبار ولو على ما نرى حق إلا أن نحوله إلى النفاق والله يتباهى بخلقه كما هو وينظر إليه حين يتنقل في بحر الفكر والمعتقدات إلى أن يصل إليه بعد البحث باليقين وهكذا وصل من قبل الصحابة وكلفوا، كذلك نحن ينزل علينا القرآن ونحن محاطون بعلوم عصرنا وعلوم الأولين والآخرين بكبسة زر تحصل عليها لتقرأ  كما امرت أمة اقرأ فننتج لعصرنا، أعطانا منظومة عقلية ولم يخلقنا بلا إرادة أو ببغاوات مقلدة.

الإسلام ليس تاريخ

التفكير بان الإسلام أتى من الماضي خطأ ينفي ديمومة كتابه وصلاحيته لكل زمان ومكان والتاريخ المكتوب تعجيزي يخرج القدوة عن قدرة البشر

إن الغوص في التاريخ للعبر وليس لمعالجة الحاضر باجتهادات الماضي فهذا لن يجعل من الإسلام علاج بل يشوهه ليكون مشكلة لأهله قبل غيرهم ليس لأنه هو المشكلة بل تفكيرهم الجامد وغير المراعي للزمان وما مطلوب منهم لإدارة الحياة، فالتقدم المدني التكنولوجي الذي يطغى ليدمر العالم إن لم تنهض حضارة قيمية وفكر أخلاقي يقودها إلى السلام ومهمة الآدمية في العمران ورعاية السلالة الآدمية.

الانبهار والخضوع لماكنة الإعلام لن ينقذ الإنسان من فوضى فقدان السيطرة على تغييرات الحياة المدنية المتسارعة وتعاريفها المشوهة التي ترسخ كانطباعات.

الفكر الإسلامي بسعته وطياته قادر على ترويض الجنوح نحو الانفلات وجعله أكثر توازنا وعقلانية، لكن هذا لن يحصل والمسلمون يجهلون الإسلام أو يخرج من يريد أن يجبر الآخرين على ضحالة فهمه وضيق أفقه، وتحجيمه للكتاب وغلق لمثانيه.

لن يحصل وأمة اقرأ لا تقرأ، أو تمسك بتلابيب الذات في منافع صغيرة، أو تستقطب كل لساتر وتتراشق بينها من خلف متاريس بدل الانفتاح والمحبة ليس بينهم فقط بل في كل مجتمعهم الذي ثقافته واحدة وتطلعاته واحدة مهما تعددت مشاربها ومخرجاتها، فإدارة التنوع تجعل نعمة التنوع والتعدد واضحة وليس وبالا، وهنا فالكلام موجه للكل باي عقيدة أو دين، لابد أن تتعلموا التفاهم ولا أقول التسامح، فانت تتفهم أخيك ولا تنتظره ليخطئ كي تسامحه، وإنما يكون الانفتاح بلا رعوية أو القول أنا افضل منك وأنت لست مثلي بينما أنت تستغفل نفسك حين تشيع الكراهية باسم المحبة.

المسألة هي اعتبار الاختلاف بديهية، ولست بحاجة إلى طرح ما أظنه سيئا أو سلبيا عند الغير من وجهة نظري لأكون ومن وجهة نظري الأفضل أو انتظر سقوط أخي لأقول له أعماك الله بل اطرح ما عندي فقط، وللناس خياراتها.

                                                                                          محمدصالح البدراني

الخميس، 13 يناير 2022

1- افتتاحيـــــــــــــــــــــة المدونة (منهج)

 

مدونة يقظـــــة فكــــــــــــر

عندما تغيب الرابطة العليا وتحل محلها روابط هابطة تظهر أصنام الدجل والتخلف مرتدية أجمل أحلامك لتحولها إلى كوابيس وهذا ليس ظلما واستبدادا عاديا أنــــــــــــــــــــــــــــــما هو من شروط التخلف 

بمنظومة تنمية التخلف

 

لماذا يقظة فكر

 هو ليس سؤالا وإنما تقريرا لهذا الاسم الذي اقر لموقع يقظة فكر الذي أعده مشروع العمر الذي أحبط نتيجة الفاعلية السياسية السلبية في بلداننا العربية والتي تمثل حالة منظومة تنمية التخلف التي تهبط بالأمة ككل وتطفئ النقاط المضيئة.

مدونة يقظة فكر وليدة ذلك المشروع وقواربه التي لم تغادر الساحل لتمخر في بحر اليقظة وتحرر الأمة لتؤهلها لنهضة حقيقة ليس تقليدا أو ذوبانا في مسار الحداثة وإنما لتنقذ الحداثة من حالة الفلتان والطغيان الذي سحق الإنسان كآدمية وان أبقاه كمنتج رائع كروعة خلقه ومهمتها كما هذه المدونة التي أتاحت فضاء للتواصل معكم كأحد مخرجاتها التي باتت بسيطة أمام عظمة التطور المدني والتقدم التقني والعلمي.

هنا في هذه المدونة سأنشر __بإذن الله__ مقالات سبق أن نشرت أو مقالات لم تنشر بحكم عقلية الجمود ورفض التنوير أو تضارب الأهواء والسياسات.

رجاء أيها القارئ:

وأنت تقرأ رجاء لا تشغل نفسك لتضعني في صندوق فانا لم ادخل صندوقا وإنما اتبنى فكرا لا يستقر ولا يجمد مثاني كلما تقدم الزمان بمنظوماتكم العقلية تتجدد.

الحداثة انطلقت وأقلعت في الغرب لأنها لم تولد عفويا وإنما تقولبت وانطلقت من فراغ الى امتلاء، لكنها تحتاجكم يا امه نست دورها وضيعت وشوهت فكرا عالميا إنسانيا مسالما يتفاعل مع البشر لينتج التوازن في الحقوق والواجبات ويرعى الإبداع لا يقمعه، ولا يأخذ دور القاضي ولا المعلم الذي يطلب من الآخرين التلقي وإنما يعرض فكرته ويمضي ويتركها لتلد في كل مجتمع ما ينهض به وبسلام فلا طغيان للمدنية ولا طغيان للإنسان.

لا تركبوا مركبا لا يقلع بكم أو ينطلق، فقط فكروا وسينجلي غشاء التعليم الخطأ وتنجلي معاني القدوة، وينجلي كل غبار التاريخ ودخانه المشوه لتروا مركبتكم (انتر برايس) التي تستكشف العوالم لتسلم الرسالة، فالرسالة ملك للبشرية وليست ملكا لأي قوم من اجل أن ترتقي الآدمية

محمدصـــــــــــــالح البـــــــــــــــــــــــــــدراني

135- جدلية ازدواج الشخصية في المجتمعات.. وصف الظاهرة (1-2)

رابط عربي 21 "مجتمعنا مضغوط بالعيش في التاريخ ويستدعي التاريخ فتطغى خلافات التاريخ على إضاءاته، فإضاءاته مدنية وخلافاته أُلحقت بالعقائد...