فلسفة لعبة الكراسي
قبل أيام ظهر خبر عن وفاة السيد
مهاتير محمد باني بلده الحديث والنموذج القيادي الفذ، ثم ظهر انه كان في حالة صحية
حرجة وشفاه الله، وهو رجل في السابعة والتسعين خدم بلده مرتين في التأسيس ثم عاد
ليصحح ويرمم المسار وهو بهذا العمر.
لعبة البالونات: الصالح بين الصالحين
يحكى عنه انه وضع بالونات وطلب من
المتنافسين أن يحافظ كل على بالونه، ووقف يشاهد أن كل فرد يحاول أن يفجر بالون
الآخر ويحافظ على بالونه في نفس الوقت، وبعد انتهاء زمن المسابقة كانت القمصان قد
خرجت والناس مجهدة متعرقه، فقال لهم كان بإمكانكم الوقوف فقط؛ لا تعملوا شيئا وتفوزون
جميعا، فالمنافسة لا تعني أن يخسر اصدقاؤك........ حكمة في الإدارة وللقيادة
الإدارية ولكن عندما يكون الجميع صالحين.
لعبة
الكراسي: نظرية الانتقاء الطبيعي
مذ كنا أطفالا كانت هنالك لعبة اسمها
لعبة الكراسي، هذه اللعبة كما هو معروف أن توضع كراسي يجلس عليها المتسابقون ثم
تنقص كرسي في كل جولة لتنتهي اللعبة بان يكون شخصا واحدا ربما هو الأجرأ ليحتل
الكرسي الوحيد.
هذه اللعبة بوجهين، فهي تولد شخصية
حاسمة في الفوضى وفي ذات الوقت تعلم العدمية وتوقظ الأنانية بمخاطبة الغريزة من
جانبين هما حب السيادة وحب التملك، فهي تعطي الاحترام لإنسان متغلب وتهمش الآخر، وتحتاج
اللعبة لمشرف يشرح الدرس، بان يقول للتلاميذ لو اثنان منكم جمعوا كرسيهما لاتسعت لثلاث
وانتهت اللعبة بفوزكم جميعا، لكن هذه المثالية تحتاج إلى بيئة صالحة وناس إيجابيين
سلوكا، بيد أن كل اجتماع بهدفه، فالمافيا أيضا جماعة متراصة لكنها خارجة عن
القانون؛ فعند الفوضى وعلو الغرائز وتخلف المجتمع يصبح البقاء للأصلح كقانون
انتقاء طبيعي واجب، ولكل زمان ومكان أحكامه فلا ينبغي جعل حالة الاضطرار اصل.
استووا يرحمكم الله
حينما يقول إمام الصلاة استووا، تجد
نظامان يعملان معا الأول إصلاح الإنسان نفسه على من معه فينتظم صف الجميع نعرف منه
أن إصلاح الذات هو إصلاح للمجتمع، أما النظام الآخر فهو مدى اندماج الإنسان
بالصلاة، وهذه علاقته مع خالقه لكن درجتها قد تجعله يسهو فيحدث خلل في الاستقامة
فيعدله الجمع إن شذ، أو لا يؤثر على الصف ككل فلا علاقة للجماعة بما هو في نفسه،
فالنظام جماعي لكن على هدف معروف، فالفكرة من النظام البيني مع الله يعني قدرة
الإنسان على العطاء لكن هذه القدرة عند من يثمنها والخالق كريم، أما الناس فاعتادت
أن تدفع أو تستلم ثمنا لكل شيء، وقد يكون أصحاب الأفكار ممن لم يستطيعوا أن يجدوا
كرسي في التدافع بين الأقوياء فيضيع التفاعل بين القوي والمفكر عندما يتخيل انه
كتاب على الرف يفتحه عندما يشاء، بيد انه إنسان له نفس وحياة.
الذكورية: من لا يحاور ذاته لا يحاور الآخرين
ولان التفوق يبنى على احتلال المكان
والتفرد به، فهو معزز للقوة وبالتالي للذكورية كمصطلح استبداد سواء احتله رجل أو
احتلته امرأة، والذكورية كمظهر أو معنى اصطلاحي لاستبداد وانفراد وعنصرية هو من
أسباب تضييق قنوات المعرفة أو محاورة الذات ومن لا يحاور ذاته يفقد القدرة على
محاورة الآخرين وهذا الأمر هو من معالم منظومة تنمية التخلف، فالأساس هو الحوار في
الاختلاف والتوافق، أما ردود الأفعال فهو إخلال لميزة العقل الآدمي خصوصا في
المسائل العلمية والفكرية، والتخصيص هنا ليس استثناء فقد تكون عرفت آلية سهلة
لتنفيذ تصحيح لأمر ما ويتحدث آخر عن طريق أخرى، فالرشد أن تصغي للكلام فتعرف موطن
الصواب وتدع مجالا للجديد وليس تكرار التجارب بذات المواد، فالتغيير يعني تجربة
أساليب جديدة.
فكــــــــــــــــــــــــــــــــر قبل أن تسعى
للغاية
ما نريد قوله إن العمل الجماعي الإيجابي
لا يعني أبدا استقطابا أو تخندقا وإنما توزيع أدوار بشكل ينفع الغايات، ومثال
مهاتير محمد نموذجا رائعا عندما جنب السلبيات ومن يروجها ويضع معرقلات في طريق
التنمية بالفساد أو التترس والإقصاء (ومراجعته لكل القرارات التي اتخذت قبله فالعدل
أساس) واستعاد الطاقات الإيجابية السياسية والاقتصادية التي حذفت من صورة البناء
بما يصب في الإيجابية وأسس الصواب لما بعده ووضع قواعد التصحيح عند الانحراف بحيث
عندما حصل الفساد وعاد للتصحيح عاد ليجري عملية التصحيح خلال أيام معدودة، وعندما أراد
إعطاء درسه اكتفى بصيغة عملية فكر قبل أن
تسعى للغاية بلعبة البالونات.
يتابع نشرها الأسبق في رووداو:
https://www.rudaw.net/arabic/opinion/27012022
وكذلك لاحقا في كتابات: