الأحد، 20 نوفمبر 2022

38-التباس النخب في معاني الرأي والرأي العام

 

الرأي:

عندما تتحدث وجمع من الناس سيتردد على مسمعك (هذا رايي، واحترام الراي واجب، والخلاف في الراي لا يفسد للود قضية)، كلام يقارب الترديد بالتقليد، فاكثر الناس تعبر عن رد الفعل وانطباع عن موقف ما بالرأي بينما هذا ليس رايا، فالراي يتكون عندما يكون عندك بوابات نقد تحمل صفة تفكير النقد، والنقد ليس معناه الانتقاد حتما، أي تبيان المساوئ، بل النقد كتبسيط لمعناه هو عرض الإيجابيات والسلبيات لأي فكرة ، وحقيقتها أنها عرض الإيجابيات والسلبيات ليس من وجهة نظرك إليها وحسب بل من وجهة نظر من يطرحها كحجج منطقية متشكلة بعد تفكير يظن من فكر انه تفكير عميق وهذا يعتمد على آليات التقييم والقيم الحاكمة إن وجدت، عندها سيتحول انطباعك عن الموضوع بما قد يخالف ما تكون أول مرة إلى راي وهذه النتيجة خالية من الأنا وإنما هي عملية علمية عقلية بحتة لهذا فهي لا تفسد الود لان لا علاقة لها بالود، واحترام الراي كمخرجات تفكير علمية ويرد عليها بمخرجات تفكير عقلية وليس بالتسفيه أو التقليل من شأنها وهذا ما يعنيه احترامها.

والراي مهم لأنه يعتبر ركيزة تتحول كحقيقة موثوقة علميا مالم تدحض بالتجربة والبديل وخلاصة عندما تدخل التجربة ومعترك الصراع السياسي أو الاقتصادي وتنجح لزمكان ما، لكن الراي ليس موقفا عقديا أو قيميا وإنما هو من مخرجات التفكير بالدليل العلمي وان كان يتحد مع البحث العقلي الاستقرائي والاستنباطي لكنه اساسا علميا لا يعتبر ولا يؤدي إلى ثوابت أو مواقف حدية لا تقبل الجدل والتراجع، وادراك هذه التفاصيل مهما لان ما يجري في واقعنا من مآسي هو الذي يتعلل به الفاشلون بالثبات على الموقف باعتبار رايهم موقفا وهذا ليس صحيحا وفق ما ذكرنا.

الراي العام:

الراي العام هو انطباع وايحاء بالراي وإقناع بالتعامل مع الغرائز والحاجات من أناس يجيدون هذا باساليب علمية أو مخاطبة تلك الغرائز مباشرة لاستحصال راي عام مؤقت لفترة مؤقتة حول قضية أو حزب أو امر يحتاج إلى دعم للثبات في سوق السياسة والاقتصاد، بالعموم هو راي يتشكل عند عامة الناس أو راي شعبي غالب وبه عدة أنواع تعتمد على منطق الاستقبال للفكرة والراي أو ما يمكن أن يكون كرد فعل وقابلية الناس على رد الفعل أو العمل الإيجابي، وقد يكون راي عام دولي يستقطب لفكرة يقودها طرف ما دفاعا عن قضية تهم البشرية أو يكون لها زرعا في الاهتمام الدولي وحصادا للنتائج ويمكن أن يتكون نتيجة التقاء المصالح المتعددة في الانحياز لراي أو فكرة.

أنواع الراي العام:

الراي العام ما بين ظاهر وباطن يعتمد على قوة وفاعلية الحراك الشعبي لإبراز أو إخفاء الراي خشية إظهاره، وهو غالبا ما يكون عند شعوب العالم المتخلف متدنيا بغياب معنى الدولة وان كان بها تراتيب ومسميات إدارية وليس من الغرابة أن يصرح اثنان في لقاء واحد برأيين متناقضين وكل يصر انه يعبر عن راي الجمهور بل عموم الشعب.

الراي العام السلبي وهو في وجهين إما تلقي الأحداث والمطروح بالانسياق وراءه بحثا عن مصلحة مرتجاة أو اتخاذ جانب الانتقاد بلا أية دراسة أو أفكار بديلة وإنما رفض كل شيء إما كرها بالمقابل أو عجزا عن تقديم حل أو الرغبة بالسعي لتحقيق المطلوب، أو قبول كل شيء نتيجة الجهل والأمية أو المعتقدات المتخلفة والتي تخاطب غريزة التدين سواء كانت دينا أم لم تك فهي تدخل في باب التقديس وغالبا ما يكون هذا في مجتمع مفكك بغلب عليه قصر النظر وأحادية النظرة والركض وراء متطلبات الغرائز والحاجات، وهذا مجتمع ميت يتنفس ممكن أن يكون وقودا لأي مغامر أو دجال، أو صراعات عبثية من اجل رفض الآخر.

الراي العام قد يكون ليس بحثا عن الحقيقة وإنما المصلحة ومحكوم بالجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والتشابه في النظم بين الدول.

معظم الأمور التي ترتكز إلى غير الفهم هي توافقات مؤقتة ومشاريع بركانية خامدة محتملة الثورة في أي وقت، فراي الأغلبية تجاه فكرة اقتصادية أيا كان هو تجاهل لحقيقة عند الأقلية قد تكون أنجع فعلا، والتوافقات هي تحييد لمشاكل فاعلة لكن دون إطفائها.

أين النخب:

إن كنا نعني بالنخب كتلة التأثير فهي حاضرة دائما لأنها من يصنع المشهد غوغاء أم رعاع أو نبلاء حملة الفكر والقلم ونظريات الاقتصاد والسياسة.

أما إن كنا نعني النخبة الإيجابية في المجتمع السلبي أو المفكك وفق ما وصف سابقا، فان هذا لا يعني الطبقة المنتقدة المتذمرة السلبية والتي تلقي عجزها على الجمهور، ولا يعني الإيجابية المتفاعلة مع الواقع لتعضيده، ولا السلبية المتفاعلة مع الواقع في تعطيله بإضرار البلاد والعباد.

ولعل المفكرين هم الأسوأ حظا عندما يظنون بان النخب ممكن أن تصنع من خيالهم أو فيه فيخططون لها أمورا لا يمكن إلا أن تكون جهدا عبثيا يعبر عن هفوة فيلسوف أو مفكر وهذا الأمر يحصل تكرارا.... فلا يمكن أن تكون الأدوات الفاسدة منارات إصلاح وان تمكنت فهي تتمكن لتفسد، ولا يمكن أن يكون العاجز قائدا لأنه لن يأمل أكثر من كرسي يرضي غروره.

النخب التي نعني تضع الآليات وسبل إدارة الأزمة ليس تبريرا وإنما وفق تخطيط وتدبير لقيادة الواقع نحو ما يحبه الشعب ويصمت عنه، وللأسف هذه النخب شحت مع الزمن وغلبة المصالح والغرائز على النخب نفسها فتصطف في الجانب السلبي من مصلحة الجمهور لأنها لم تعد تبني على علم وإنما يغرها أن تتجمع الناس وهي تقرع كالطبول.

 

                                                                                                          محمدصالح البدراني

https://arabi21.com/story/1475713/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AE%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85



الثلاثاء، 25 أكتوبر 2022

36 - الاتحاد الخليجي الاستراتيجي ت لماذا عماة نفط الموحدة

 


الاتحاد الخليجي ضرورة استراتيجية

لماذا عملة نفط الموحدة؟

 

الذهب الأسود:

في تقارير متعددة متشابهة ومقالات ذكر أنه في عام 1944، وعندما بدى انتصار الحلفاء واضحا، اجتمعت 44 دولة في ولاية نيوهامشر لتناقش موضوع العملة لضبطها. ونلاحظ من هذه الجملة أهمية العملة واستقرارها بعد الاضطرابات خصوصا وأن الدول كانت تعوم عملاتها الى عملات أخرى كما يحصل اليوم، واتفق على نظام يسمى (بريتون وودز) حيث أنشئ صندوق النقد الدولي لتحديد السيولة للعملات وقرنت بالدولار الذي قرن بالذهب حينها، فأصبح الذهب هو المعيار عمليا للنقد وكانت أوقية الذهب تساوي 35 دولار، وأعطيت ميزة تغيير سعر القيمة هذا لموازنة المدفوعات وصندوق النقد الدولي.

في عام 1971 فكت الإدارة الأميركية ارتباط الدولار بالذهب فلم يعد الدولار مقوما بالذهب، لكنه استمد قوته من الطلب لكونه العملة التي يتم التبادل التجاري الدولي، وبالذات النفط (الذهب الأسود)، الذي لا تكتفي منه الدول الصناعية ذاتيا. ولو رأينا واقعنا اليوم، وبعد كشف الغطاء الذي حدث في الحرب على أوكرانيا، سنجد أن العولمة أضعفت الدول العظمى الغربية بالذات وذلك لأنها لم تقم صناعاتها كاملة وإنما أجزاء تصنع حول العالم، ومنها دول تعتبر منافسة قد تتحول إلى عدو يوما ما كالصين وحتى تايوان إن دخلت في حياض الصين، وروسيا اليوم وسيطرتها على الطاقة وخاصة الغاز الذي تتدفأ به وتطبخ وتصنع أوربا.

الدولار اكتسب معظم قوته من خلال نفط الخليج الذي يباع بالدولار وتوافق العالم على هذا فاصبح الدولار مطلوبا وبالتالي فيعتبر نفط الخليج داعما لقوة الدولار الذي يعرف قيمة حتى عملات الخليج من خلال صندوق النقد الدولي ، على الرغم من أن صرف الريال السعودي والإماراتي والقطري وعموم عملات بلدان الخليج متقارب بالنسبة للدولار إلا أن أي من عملات الخليج لم تتخذ عملة تجارة عالمية وهو امر ممكن؛ وأثناء كتابتي للمقال، كنت أدقق ما توارد عندي من أفكار، فوجدت أن هنالك من تناول موضوع العملة الخليجية وتوحيدها بشكل أكاديمي وفي عدد من المقالات والبحوث الاختصاصية، بيد أنى اليوم أكرر ما كتبته في عدد من المقالات حول (عملة نفط الموحدة) والتي لا تقول بتوحيد عملة مجلس التعاون الخليجي فحسب بل ربطها بالنفط وجعلها عملة التبادل التجاري مع المنطقة ككل والعالم، ومنطقتنا مستهلكة للمنتجات ولكنها تنتج الذهب الأسود.

الدولار بغير الذهب:

الدولار بغير الذهب ورقة خضراء تعتمد في قوتها أساسا على التبادل التجاري والنفط بالذات، وهذه قوة خليجية في الأساس، لا بد أن تستثمرها دول مجلس التعاون الخليجي، والا فكلفة ورقة عملة 100 دولار الحقيقي هو 9 سنت في العملة القديمة و13 سنت في العملة الجديدة، أي 0,13% من قيمتها الورقية والمدعومة من النفط أو ما يمكن كتابتها 0,0013   كرقم، وبإمكاننا معرفة العوائد الناتجة من الفرق بالكلفة والقيمة التي وضعتها التعاملات التجارية فيها والتي تستحقها عمليا دول الخليج.

الوضع الدولي والتموضع لدول الخليج في النظام العالمي الجديد مهم جدا ولا بد إن يحسب الموقف المتخلي عن دول الخليج لولا ظهور أهميته بالنسبة للطاقة بعد حرب أوكرانيا الحالية، لهذا فلا بد أن يُحفّز المفكرون والمفكرون الاقتصاديون أيضا لبناء استراتيجية واضحة لدول مجلس التعاون التي هي ما نقوله دائما الدول الأكثر تأهيلا إن رمم المجلس وأعيد أحياؤه كنواة لاتحاد (عربي) واسع اقتصادي وسياسي لاحقا وبنيت توافقات مصيرية بين أعضائه لان قوتهم تستند إلى اقتصادهم ومدى إمكانية الحفاظ على استقرارهم لذا فهم بحاجة إلى

·      أذرع وعلاقات استراتيجية مع دول المنطقة كتركيا مثلا لكونها دولة صناعية وتمثل ربطا غير مباشر بالناتو مما يوفر حماية قوية ذاتية تقريبا وهذا يحتاج إلى إعادة نظر وإعادة تنظيم ضرورية في دول مجلس التعاون إن أرادت هذه الدول أن تكون لها كلمة نافدة وذات نفوذ في النظام العالمي القادم والذي سيمر بفوضى أصلا تحتاج تكاتف لهذه الدول مع بعضها وإسناد وديمومة موارد قوتها.

·      واستقلال اقتصادي متمثل بالعملة أولا للبحث عن موضع لإحداث التوازنات وكسب الحلفاء بطريق ذكية وليس بالاستقطاب لاحد أقطاب الفوضى القادمة بقيادة راسها مجلس التعاون الخليجي.

أن ما مطلوب فعلا هو تغيير كبير وإعادة رسم المسارات بكل الفقرات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والعلاقات ونوعها وكيفية التماهي مع الأحداث للخروج بأقل الخسائر مع أكبر أرباح ممكنة في التصدر للقرار العالمي الذي تستحقه المنطقة ممثلة بمنظومة لها هيكلية ولكن تحتاج إلى تفعيل حقيقي.

الكلام لن يتقبله الجميع:

اعلم إني أتكلم خارج السياقات وما بنيت عليه السياسات وخارج القناعات وتصور أن هذا العمل يحمل من الخطورة والمعاناة؛ نحو من سيتركك تفعل أو من سيسكت، بيد أن واقع الحال من يدفع دول النفط باتجاه عملة يدعمها النفط وتحرك التجارة بشكل مضمون القيمة.

لكن هذا نوع من المخاوف التي يولدها الخيال تماما كما ولد هذا المقال الخيال، لكن بين الخيال والخيال ظرف مواتي حاكم وتخطيط محكم لان المسالة مصيرية ووجودية أن كان قرار وجودك كنظام ودولة بيد غيرك ويساوم عليه القوي ولا تعلم إن كان يضعك في الخسائر والأرباح، وامتلاك المصير ليس سهلا في هذه الظروف ولكنه ليس مستحيلا أن أُحسن التخطيط وأعيد النظر بالسياسات الداخلية والخارجية وتمهد لإصلاحات تعطي الديمومة للنظم ويصبح السؤال ما الذي سنقدمه للعالم من جديد الابتكارات.

رابط العربي 21

https://m.arabi21.com/Story/1470226

 

 

                                                                                                    محمدصالح البدراني


السبت، 22 أكتوبر 2022

35 التمـــاثيـــــــــــل المكســـــــــــــورة -----وتعاقب الاجيـــــــــــــال

 


تحطيم القدوة وتسفيه الإبداع

ظاهرة

ظاهرة تكاد تكون بارزة في مجتمعنا نخبتهم وعامتهم انهم يجيبون على أي سؤال باي موضوع وليس مكتفيا بالجواب وإنما يرفض الراي الآخر وان كان من مختص، والأخطر من كل هذا هو أناس تعلم أمرا جزئيا في مسالة ما وتفهمها كما تفهمها وتريد إذلال الناس بفهمها لها.

طبيب إن أردت فهو طبيب، ومهندس لا يشبهه أحد وعالم في الفيزياء موسوعة رغم انه لم يقرأ ولم يدرس أيا من هذه العلوم لكن سمع كلمة من هنا ومن هناك فظن أن هذا هو غاية العلم وما دونه عين الظلام

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالىلقد صحبت مالكاً فسئل عن ثمان وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منهالا أدري.

أين الخلل:

الخلل في المسلمات والتعريف بالمصطلحات تبسيطا، فالمثقف تعريفه الدارج مرتبط بمعرفة شيء من كل شيء، ومن هنا ليثبت أي متكلم انه مثقفا فهو لابد أن يكون عالما بكل شيء، وهو في كل مجلس موجود، رغم انه لا علاقة له بهذا المجلس وعمومه.

التماثيل المتكسرة:

في رواية (لرجاء النقاش) بهذا العنوان، يطرح الأمر وكأنه مرض عند بعض الناس ممن لا يحب النجاح وانه يسفه الناجحين، وانه لو رأى جمالا يشوهه وان لا شيء في الحياة سوي إلا هو طبعا.

أميل إلى تعديل فكرة النقاش لأنها تطورت مع الزمن لاسميها تحطيم القدوات وتكسير التماثيل الناطقة أو القدوات وتسفيه الأبداع.

لم تعد قلة من الناس ترى بهذه العين السوداوية بل اليوم باتت مشروعا يرتقي به الأدعياء وتدفن به الطاقات وهذه من معالم الفساد في البلاد والعباد، فما حاجة الفاسد لإنسان صالح إلا انه يزعجه وحاجة اللص إلى إنسان دعي مطيع وليس لعالم، فان أبدع العالم قيل هذه أوهام وخيالات ولا تحاكي الواقع، ومتى كان إصلاح الواقع الفاسد يجري بمحاكاة الفساد!

في الحالات الفردية التي كانت في الماضي تحس فعلا أن هؤلاء يسعدون عندما يقنعون المحيطين بهم أن الأبيض اسود وان الجميلة التي تمر بقرب القبيحة فتصفها القبيحة بالفساد بعد ابتسامة صفراء هي فاسدة فعلا وان القبيحة هي العفيفة النظيفة، بل آمن أن كل الجمال عنصر فساد لان مجرد ظهوره بحرية فهو مشروع فساد، وان في القبح أمان وسكينة.

كذلك لا يوجد بيننا من يبدع بل مزايد يبحث عن الظهور والمنصب ومنافس، ذلك يأتي من ذات الانطباعات تجاه البطل الواحد والفرد الوحيد المتميز في القبيلة لذا كان التميز سببا لعداوة هؤلاء الفاشلين ونخبة الفاسدين للنخب والصالحين.

المبدع قوي بلا دروع

تشخيص النقاش للناس الجميلة والمبدعة بان قوتها في إبداعها وانها اضعف الناس في الدفاع عن نفسها، وانها لا تنتبه للناس التي تتآمر ضدها والذين هم اولئك الناس الأنانية العدمية التي تحطم كل حسن وجميل، بل هي تساعد هؤلاء على الإيقاع بهم وتخلية طريق الفساد والعدمية أمام الفاسدين المبدعين بأساليب الخيانة والضرر بهؤلاء المبدعين، وحتى لو عرف المبدعون من ضرهم فهم لن يعاتبوه أو يشعروه بعاره لانهم لا يحبون أن يروا إلا الجمال في الناس وان أخفاه قبح الطمع والجشع وفقدان المروءة وانحدار الأخلاق، ولعلنا إن اردنا وصف المبدع، فهو إنسان بسيط محب قوي ذي عزيمة وقرار لكنه بلا دروع أمام الفاسدين رغم انه يعرفهم وقلة من المبدعين يملكون القدرة على الاحتياط أمام الشر رغم رؤيته بوضوح وهو يتقدم نحوهم ليقضي عليهم فلا وقت لديهم المهم هو الهدف، فيضيع المبدع وما ابدع في واقع فاسد؛ فيا ترى هل ينفع نثر البذور.

الفساد لا ينتظر أجيالا لينتشر 

جيلك يا محمد رجاء النقاش سبق جيلي بعشرين عاما، أنا من رأيت العدمية وهي تنتقل من الفرد إلى ظاهرة في مجتمع لا تراعي صداقة ولا قرابة ولا زمالة ولا تلتزم بقيم إلا أنا الشيطان، ورأينا كيف يسيل لعاب البعض "المسالم" ممن يعرف ويخفي راسه كالنعام من اجل فتات يلقيه الفاسدون، ورأينا كيف المال هدف تنزف الكرامة من أجله، والأمانة مغنم ما دمت تسلم، وكيف أمه المظلومين تبحث عن حكام لتشتكي على الحكام.

ورأينا تخفي بالدين وإساءه له بالكلام ممن يتكلم وهو لا أمانة ولا مروءة ولا سلوك لعظيم القيم التي يزعم، إن تمكن ظلم وان انحاز نقم لا تفهم منه الا ما يفهم وهو عن الحقيقة بعيد، ما بين بعد عن الواقع وفهم ما يدعيه، وبين مخلصين تائهين مجمدين لا هم متمكنين فينصحون وان نصحوا لا يُسمعون، فأغلقت الطريق إمام الدعاة وأمام من يريد الإصلاح بالحق بسبب وتلك من الادعاءات التي يزعمها الأدعياء.

ورأينا مثقفين يهدمون بدل البناء ويعيشون طفيليات تحب الشهرة بدل عمل الأتقياء المتخفين، وتحرق الشموع بدل أن تحيطها بزجاج النور، وتزعم نصرة التمدن وهي تحرق أعلام العلم والمدنية، وتفترض نفسها علمانية وليبرالية وديمقراطية وقد جعلت من هذه المزاعم دينا وليس آلية أو أيدلوجية فقط، بل تُكَفِّر (بالخيانة، والجهل، والتخلف) من خالف رأيها حتى لو كان علمانيا.

نكران بطرس للمسيح

لم يك بطرس خائنا حين أنكر المسيح لكنه خاف والخوف يضعف الإيمان فكان درسا، أن ضعف إيمانك فانت ما زلت قادرا على استعادته وحمل الرسالة فلا تتهاوى كما فعل يهوذا حين كان عدميا ناكرا للقدوة حسودا حقودا ........ فالمسيح رسول وعنوان الجمال، لكنه لم يحتط ليهوذا وإنما علم بنفس بطرس الداعية وضعفه، والله منجي عبده كذلك ينجو كل صادق مخلص مبدع كما انجى الله المسيح، فالحياة رسالة تؤدى وعندها تكون نهاية مهام المرسلين والمصلحين.

                                                                             محمدصالح البدراني

رابط: الزمــــــــــــــــــان

https://www.azzaman.com/archives/413272

الأربعاء، 6 يوليو 2022

34 - تشوهات مرعبة في شخصية النخبة

 



الشخصية:

دعونا نجيب سؤال ما هي الشخصية؟: هي العقلية والنفسية من القيم الحاكمة وهي العقلية التي تقود السلوك البشري والنفسية التي تصدر رد الفعل تجاه الحراك الحياتي ومواجهة الواقع وان كانت مستندة لأي فكرة أو عادات وتقاليد أو أي من قواعد التربية أو النفعية كما في الحداثة فتتحول إلى سلوك أو إيحاءات نفسية إيجابية أو سلبية وفق ما ذكر.

العقلية غالبا يشكلها ما يسمى بالمنظومة المعرفية للمجتمع، والنفسية ترتكز على مدى تفاعل العقلية المتولدة منه مع المحيط، وفي واقعنا هنالك إعادة تغذية مسخ بين النفسية والعقلية فيخلق تشوها واهتزازا في الشخصية وبالتالي الهوية نفسها التي تعرّف الإنسان، التوازن الداخلي في معالجة الغرائز والحاجات، التبرير ولَيْ مخرجات المنظومة المعرفية، استغلال القيم لتحقيق تلك الحاجات والغرائز، وما يحدثه التوازن مؤثر جدا في صحة وسلامة الشخصية.

الشخصية تؤثر في صحة وسلامة مخرجات منظومة الإنسان وبالتالي تؤثر على المجتمع دون وجود دليل واضح على مرض اجتماعي له ظواهره في الواقع ولكن غير واضح المصدر بالضبط، والحقيقة انه في المجتمع ككل لكن باتجاهات متعددة من فساد إلى انتقاد لكل شيء لكن ذات المنتقد يعود للتبرير عندما يحل محل الظالم أو الفاسد.

إذًا هي منظومة تنمية التخلف التي نعيش بها من كره الظلم والفساد ليس لجنس الظلم والفساد وإنما لان أثره واقع على المظلوم حتى يأخذ المظلوم مكان الظالم.

المنظومة المعرفية:

منظومة الأمة المعرفية تحدثنا عنها في مقالات سابقة وأنها ارتكزت على جمود وتمسك بالماضي كحالة نجاح أمام فشل في الواقع، لكن هذا التمسك جعل هنالك تقديسا لأحداث وأشخاص، في التاريخ وترجمات قاصرة علميا وشروحات مبهمة لا تتفق مع حركة المعلوماتية وتنامي المعرفة وتعطيل للمثاني ومما ظهر مثلا لا حصرا:

انفصال عن الواقع

توقف التحقق والمراجعة

توقف في الاستقراء واستنباط ما يعالج مخرجات الاستنباط

اعتبار أن الفكر والهوية قادمة من التاريخ وثابتة لا تتغير وما يتغير هو بدعة وهذا قفل كامل للتعامل مع الواقع فإما أن يحول الأمة إلى مجموعة سواتر متصارعة أو أمة سلبية تحوي النفاق داخلها والكبر في نفس الوقت تعيش على الهامش وتعيش التخلف كثري أحمق أو طبل أجوف.

غير أن البشرية ومما أوصلها النظام الحداثي ايضا إلى واقع مسدود ربما لا يتضح لمن لا يستطيع تفسير الواقع، وغياب القيم الأخلاقية وسيطرة قيمة النفعية وما تفرضه من سلوكية؛ كل هذا يجعلنا أمام حتمية إعادة النظر بالمنظومة المعرفية بل وكل الأجهزة المعرفية في العالم وهذا طريق يحتاج جهدا تقف أمامه حواجز.

حواجز الإصلاح في المنظومة المعرفية:

التمييز بين المصطلحات والفهم العميق للمفاهيم، وتبرير بعض المتصدرين للدعوة دون التمييز بين المعاني يخلق جهلا مركبا، ففي الوقت الذي يخاطب هؤلاء الدعاة والمصلحين من كل المعتقدات الغرائز والحاجات ومنها غريزة التدين وينبهرون بكم المريدين، فيضخون لهم كل شاردة وواردة ويفترضون في انفسهم القدرة على الإجابة عن كل الأسئلة، سيقعون في موضع من اغرب ما يكون، وهو السور والبوابة التي يختفي ورائها الجهل ومنتجات الإلحاد والشذوذ والانحدار الحضاري القيمي الفكري المتمدن في نفس الوقت، فعندما يطلق المصلحون سهام العلم تسقط أمام التجهيل الذي ولده هؤلاء الذين امتهنوا الدعوة والإصلاح ولكنهم اضحوا من مقدسات الناس والشباب المستثار بغريزة التدين وعلى حافة العلم، هذا الواقع المؤلم لا يحسه إلا من يحمل الفكر الإصلاحي ويحتاج إلى قلوب تعقل وليس أناس متدينين بلا فهم للدين، بل أن بعضهم جنح إلى التطرف واضحى من يفكر بغير طريقه آخر ومرفوض ويكرر جملا يظنها علما وهي محض خزعبلات ومنقولات لا أساس لها منسوبة لصالح أو نبي أو رسول.

ومن هنا كانت الممارسات السلبية من النخب الدعوية والمثقفة بل الازدواج السلوكي واعتلاء المبادئ بدلا عن رفعها.

زيف في النخب:

كثير من النخب تنظر إلى نفسها أنها المعيار وأما الآخرون فيقاسون عليها، أو ترى أي منجز من خلال مصلحتها، وظهور هذا النوع من النفاق بفروعه التي تكاد بعدد المصابين به ـــــــــــ لاتساع سلوكياته ـــــــــــــ هو حالة هدم باسم الإعمار وحالة استغلال باسم الاستثمار وحالة تجهيل باسم المعرفة

قسم يجعل الجاه هدفا فيدوس كل ما في طريقه من قيم أو ناس ليصل إليه ولا يهتم لكم ما يخسر جراء ذلك بل قد لا يرى خسارته نتيجة وجود نفاق من نوع آخر يغطي المرآة التي تريه بشاعة صورته، فترى تعطيلا لمهم وإظهارا لتافه وتسييرا لعاطل وتعطيلا لصالح، ووضع الناس في غير واضعها أو تجاهل الآخرين كجهد أو سرقة جهدهم.

هذا يحققه غالبا قسم آخر من النفاق هو الفساد الذي يستعين بالجاهل لتمرير الخطأ من خلال جهله أو تعالمه بما لا يعلم وإبعاد العالم لأنه يشكل خطرا نوعيا على تطلعاته التي قد لا يراها فسادا وإنما وسيلة لتحقيق فائدة، لا يتسع المجال لمزيد من الأمثال.

هذا وغيره من أسباب انحدار الأمة الحضاري وتخلفها المدني ووضعها على هامش الحياة وانهيار البنى التحتية والمنظومة الأخلاقية وبالتالي حياة ضنكا تحتاج إلى منظومة تغيير ثم إصلاح لصناعة الحياة، لكن الضنك قد يزيل نفاقا يحمي النفاق.

رابط الزمان

https://www.azzaman.com/%D8%AA%D8%B4%D9%88%D9%91%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B1%D8%B9%D8%A8%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D8%AE%D8%B5%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AE%D8%A8%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B5%D8%A7%D9%84/

رابط كتابات

https://kitabat.com/2022/07/06/382781/

 

ا

الأربعاء، 22 يونيو 2022

33 - معـالــــم انقـــلاب عــالمــــــــــي

 

منظـــــــــــومة إصلاح الحـــداثة

 

مقدمات:

عندما تبدأ أية منظومة منتجة أو مديرة أو متغافلة عن الأزمات وبغرض الاستفادة منها وليس منظومة تنتج الإصلاح عالميا، فهي منظومة آيلة للسقوط وهنالك خلل في أقطاب العالم تحتاج إلى إعادة اصطفاف

منظومة الحداثة التي بنيت على الإقطاع أساسا ولتتطور نحو الرأسمالية وتتخذ طريق العلمانية وغيرها كآليات والنفعية كمنهج سلوك قيمي عندها وتعاملت مع نظم استبدادية في الخارج لتحقيق النفعية، كما اتخذت في الشرق آليات أيدلوجية قمعية غالبا.

جنوح نظام الحداثة الغربي وعجزه أمام أسئلة ولدتها الحداثة نفسها بتوسع الاختراعات والمواصلات والتواصل لدرجة تقارب العالم دون إمكانية السيطرة عليه، وعجز الاتحاد السوفيتي السابق عن تمثيل التحدي وحصول القطب الواحد الذي اثر سلبا على العالم من امتصاص للثروات وقلاقل وفوضى تتيح عملية السلب هذه دون التفكير بأسلوب الارتقاء المدني وتبادل المنفعة وهو أسلوب نشأ منذ الاستعمار القديم باستنزاف الشعوب وعندما ثارت تلك الشعوب والتي كانت تركز دعواها لقرون على أن المحتل غريب أبدلت تلك الدول نفسها بمستبدين يحققون ذات الأغراض تقريبا ولتبقى تلك الدول سوقا.

معالم تململ:

الغرب وأمريكا وصلت مرحلة انسداد في اختلال التوازنات مع رغبة واضحة للصين وروسيا ويمكن ضم كوريا الشمالية كقوة استراتيجية، ظهرت قوى تدفع باتجاه ضرورة إعادة التوازن إلى معادلة مضطربة على حساب الدول الضعيفة رغم أن بعضها يقوم عليه اقتصاد العالم كما دول الشرق العربي عموما، فالان العالم بما يشبه مرحلة التعويم وعلى الدول بما فيها دول الخليج والمشرق إن تجد لها مكانا في التوازن الجديد.

في عشر سنين مضت ظهرت بوادر

·      اتضاح تضخـــم الصين كقوة متطورة في النظام السياسي رغم بقاء الحزب الشيوعي، ومتطورة اجتماعيا رغم بقاء الاشتراكية كفكرة عاملة واتجاه الاقتصاد بشكل مواز للاقتصاد الرأسمالي، لكنها لم تك تشكل قطبا ثانيا فهي تعلم أنها لا تملك أدوات التغيير في اقتصاد مبني على الدولار ، لكن الآن باتت تريد أن تأخذ موقعها في مرحلة التعويم.

·      دخول روسيا في مرحلة إحياء للقيصرية وليس الارتكاز على الشيوعية من جديد، وهذا سيتطلب دخولها في التوازن ليس كخزين للنفايات السوفيتية أو عامل تهدئة لدول كانت في الاتحاد السوفيتي، بل وتريد استعادة ما فقدته بسبب الاتحاد السوفيتي عن زمن القيصر وهذا السبب الرئيس في التحركات العسكرية في أوكرانيا وبعد تحقيقه تنتقل إلى خط السباق على النفوذ لهذا تتجنب الخوض في حرب نووية أو عالمية رغم دخول الغرب العملي في هذه الحرب بالمال والسلاح وتقييد روسيا.

·      هذه الحرب أبرزت تعديلا على خطط الغرب عندما استخدم سلاحه في حصار روسيا ضده، فبعد أن كانت الفوضى عزم و إرادة لمنطقة الشرق والخليج، متناسين أنها تدعم أساس اقتصادهم وعملتهم، تسببت روسيا بقلب المعادلة عندما بان العجز واضحا في مواجهة التدهور الاقتصادي حتى قبل أن يدخلون مع روسيا حربا مباشرة، لهذا فان تعديلا سيكون على استراتيجية المنطقة عندما تململت وتلكأت عن التجاوب المجاني ومن المستحسن أن تضع قيودا للعبة ليكون لها دور في الجيوسياسية والتوازن بعد القادم من فوضى حتمية تفرضها مخاض إعادة التموضع الجيوسياسية والقطبي في العالم وهو ممكن في اجتماع الخليج القادم.

لماذا يجب أن تعيد الدول العربية حساباتها:

واقع الحال أن التغيير حاصل قادم لكن إعادة التموضع لا ترتكز على أيديولوجيا أو بروز فكر جديد، وإنما تكرار لتموضع حصل في الحروب العالمية السابقة، بيد أننا أمام تموضع فشل وصناعة أزمات وليس تموضعا واعدا بحياة أفضل وان لن تحصل لكن تقارب العالم يجعل الثقة بها شبه معدومة.

النظم الغربية نفسها تتعرض لضغوط شعبية للخروج من نظام العولمة آلية الحداثة في الانتشار والهيمنة ورأينا خروج واضح لبريطانيا، بيد أنها بقت تكافح لبقاء مكانتها بالحداثة لهذا وضعت نفسها في الواجهة في حرب القرم الحالية رغم أنها ليست الأولى في تقديم الدعم، لكن بصوت عال وفقدان الدبلوماسية التي عرفت بها بريطانيا، ولابد لها أن تعود لتضع أسس جديدة مع الشرق العربي لتحصين وضعها القطبي من خلال مشاركات وارتقاء مدني متبادل يجعل المنطقة هادئة والشعوب مسترخية في رفاهية لا تخسر بها شيء لأنها أموالهم حقيقة.

تداخل الغرب مع النازحين نتيجة المشاكل، اظهر إن الغرب ليس متصالحا مع نفسه وان هنالك بروز لمشاكل من نوع جديد وتحديات واهتزازات أكثرها وضوحا في العلمانية اللائكية والتي تبدو متناقضة للناظر، وظهور الإسلام فوبيا.

العالم كخلاصة يتحرك بلا عروة، ولو إن المسلمين فهموا الإسلام وكأنه ينزل اليوم وتخلصوا من سجنهم التاريخي في الاجتهاد والنموذج، لكان خير العالم وإعادة توازنه على قيم أخلاقية وتفاهم بدل الصراعات التي ستتقارب زمنيا إلى أن تصبح مستمرة كما الفوضى شائعة اليوم خفية أو ظاهرا كذلك ستكون الحروب إن لم يتيقظ المسلمون بفكر رباني مفهوم صحيح وليس طلاسم وطقوس ونقل التاريخ بمشاكله وأفكار ظنية تضيع قيمة التاريخ كعظة وأشخاصه كقدوة.




رابط الزمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان

https://www.azzaman.com/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A5%D9%86%D9%82%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A/

                                                                                                              

الاثنين، 13 يونيو 2022

32 ــ السلبيـــــــــــــــــــــــــــة

 




السلبية والإيجابية:

منذ خلق آدم ومسيرة خلقه وفاعليته تشير إلى الإيجابية في الخلق والسلبية في انحراف المهام أو غياب معالجة المعلومة (يسميه القرآن العزم) وبالتالي الفهم، فإعطاء المعلومة إيجابية، لكن عدم تدبرها سيقود إلى نقطة ضعف الخلق وهي الأنا، والانا نار تأكل ما تمر عليه تتعاظم لكن لا ديمومة لعظمتها بل تخمد محتضرة تحت رماد خلفته.

الإنسان يتجاوز سلبيات الأنا بالحب، لكنه قد يحول الحب إلى أنا عندما تطغى الغرائز والمشاعر السلبية فيخلق وهما لا وجود له فيولد رد فعل عند الآخرين سلبيا بينما هو يظن انه يشع إيجابية، كذلك حبه للإنجاز في عمله قد يعطيه رغبة بإنجاز ما لا يطيق فيتوهم صنعه، وقد يفقد الإنسان عزيزا فتجمد الأنا عنده على محبة مشاعره تجاه من فقد فيكون سلبيا في استقبال الحياة بذات كفاءته.

سلبية خطأ الفهم:

الله ﷻ علمنا معنى القضاء والقدر بيد أننا فهمنا معانيها خطأ فقاد عجزنا فكرنا، لتنعكس على قوة إيماننا ودورنا في الحياة؛ بل حتى تفسير وقبول مؤامرات الأخرين، والمؤامرة هي تعبير عن تخطيط مسبق لهدف غالبا وفق فهمنا يؤدي إلى الإضرار بالآخر، لكن هذا التخطيط جزء من الحياة وليس قدرا مقدورا نستسلم له إلا بشذوذ فكرنا وتمرينه على معنى القدر انه امر مقر للإنسان بينما هو مجموعة من سنن للكون وضروريات صنعها الله ووضعها لتكون لمن يديرها من البشر وفق كفاءته، فترى استسلاما حتى لمخططات البشر والقوى التي تبدو لا تقاوم، وكما أوُهِم آدم بالخلود وملك لا يبلى يوهم الضعيف بان القوي له إمكانية التحكم بمصيره، فالتحكم في مواطن ضعف النفس هو تصديق عملي من الإنسان لتقبل أية حركة يعتبرها بما فهمه من معنى القدر انه لا يرد، ومعنى القضاء بان هنالك مقررات لحياته بالتفاصيل، لكن القضاء له معنى آخر ناقشناه في مقال سابق.

الخلط بين الرغبات والغايات:

الحاجات والغرائز تؤسس الى أمنيات ورغبات وغالبا هي تعبير عن نقص ينبغي سداده ولا سؤال عن الوسيلة، لكن العمل وفق هذا سيقود إلى ارتجالية سلبية حيث جعل هذه الهواجس أهدافا لكن بلا تخطيط، ومن المؤكد أنها ستفشل وفي احسن الظروف سيضطر الإنسان إلى التوقف والتخطيط وهذا لا يعني نجاحه لان التخطيط في مرحلة التنفيذ يعتبر تكتيكا ولا يكون محكما قطعا ويخضع للخطأ والصواب، هذه السلبية سيقوم المسؤول عن الفشل بتحميلها للظروف أو للآخرين أو لموانع وتحديات كان ينبغي دراستها والتخطيط للتغلب عليها وتكون مضمن المسار الطبيعي في إدارة المنظومة، وأما اعتبارها رئيسة ومعوقة بل شماعة الفشل فهذا هو من مخرجات السلبية في الشروع إلى الغايات التي لن تدرك.

الإنسان منظومة

وكما التخطيط مهم لأي منظومة فان أي إنسان هو منظومة بحد ذاته فهو أمة متى حمل غاية عظمى حتى لو كان وحده (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً)، الحوار يحتاج إلى تخطيط وتحديد الأولويات، فمن سلبيات الحوار أن يتجول إلى حالة دخول بالفروع والانشغال بها بعيدا عن المسالة المركزية فلا يصل المتحاورون إلى جدلية لما يريدون أن يطورون من امر، أو انهم يظنون أن الفائز واحد فينشغل الجميع بإعاقة البعض بدل الهدوء والتفكير الإيجابي بالمحافظة على ما عندك وعند الآخر للفوز ، وهذه لها فعالية معروفة أجراها رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد مع نخبة تعليمية

نكمـــــــــــــــــــــــــــل بعضنا:

التطوير للأهداف بالضبط تطبيق ما ذكر بالسطور السابقة، جمع الطاقات والاهتمام بما عندك وعند العاملين الأخرين تكاملا للوصول إلى الأهداف بجمع الطاقات وهذا هو ما يسمى بالموازنة ومنها التخطيط ودقة المراقبة وحساب المعطيات، والسلبية تحصل عندما تتصور أن حلمك سيفسره من لا يمتلك معرفة به وان عرف فلا يملك آلياته وان ملك آليات فهو لا يدير التحديات من اجل تحجيمها وعزلها، ثم نسمع من كثر ولسنا نتحدث عن إخلاصهم أن هنالك تحديات منعت العمل!

أو أن هنالك تخطيط خارج المنظومة لإعاقة العمل فيها، وما يفعل استخدام أساليب تقليدية وإظهار عواطف تتفاعل مع التحديات لتكون من ضمنها وليست بحل على أية حال.

خلاصة القول إن السلبية بمواقفها ومشاعره متولدة عنها هي حصيلة غياب المنطق عن منظومة الإنجاز، في تحديد الأنشطة والمؤثرات والمتطلبات، وعند الفشل تبدأ أوهام النجاح الذي بلا دليل أو برهان وهذا محزن عندما يقع فيه الطيبون.

رابــــــــــــــــــــــــــــــــــط الزمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــان

https://www.azzaman.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%B7%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D9%85/

رابط كتــــــــــــــــــــــــــــــــــــابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات

https://kitabat.com/2022/06/12/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a8%d9%80%d9%80%d9%80%d9%8a%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d9%80%d8%a9/

 

الخميس، 2 يونيو 2022

31 ديالكتيك الحداثـــــــــــــة

 



الحداثــــة حداثات


لم تأت الحداثة كقطعة منعزلة أو أحياء للثقافة اليونانية كما يزعم، بيد أنها واقعا حداثات، سواء في التسلسل التاريخي أو التعدد في التطبيقات واقعيا، متأثرة بطبيعة البيئة التي هي فيها كأي مخرج مدني وهي ليست إلا تراكم للجهد البشري وان صنِّف إلى حالات متعددة، فالحداثة في أمريكا ليست الحداثة في فرنسا وفرنسا غيرها في إنكلترا، وهذه متغايرة مع من دخل في نظامها مثل الصين ودول الشرق الأخرى المشاركة في تطوير المدنية.

الحداثة هي انقلاب مدني مجتمعي قيمي سلوكي ولكن ليس بتعريف واحد، فالقيم في الحداثة التي أتت مع الرسول ص هي قيم أخلاقية نابعة من فكر له نظرة عن الكون والإنسان والحياة، وتفاعلت عالميا لقرون عدة، وابتكرت وأنتجت نظاما حدث الرؤى وطرح أسئلة وإجاب عن أسئلة، وكان مرتكزا على الربوبية  والألوهية لله وان اصل العمل هو ما ينفع الناس والحقوق لا تؤخذ بالغلبة وإنما تعطى الحقوق عدلا لأضعف الناس واقل فئة في المجتمع مع القوي ومع الأكثرية؛ لكن الحداثة في عصرنا الحالي هي ليست أخلاقية ولأنها لا تنطلق من فكر عميق وتعتمد التدين كحالة غريزية معتبرة وربما تتعالى وتنخفض وربما تعالج منظور الدين كي لا يعترض طريق النفعية لان اليهودية هي شريعة دين لا تصلح للتطور والعصرنة، والمسيحية دين كما يصفه المسيحيون دين بلا شريعة، فيكون الأمر حسب من يتولى صناعة القرار، لكن سلوكيتها منطلقة من النفعية وتحويل الاله الواحد إلى الدولة لهذا استغرقت في فوضى الاستبداد تحت أي مسمى، وتراجعت الأخلاق وفق التدهور القيمي الطبيعي نتيجة بعده عن ربط السلوك بالله وباليوم الآخر، أو ما يسميه المسيحيون بيوم الدينونة، فكانت تبعية عكسية انتقلت من قوة ومحاكم التفتيش إلى التعايش وقوانين تستحدثها الحداثة والتعايش مع أخلاقيات منافية للقيم التي تؤمن بها وهذا ليس تعميما وإنما هو غالبا ما يحدث كوضع المثلية مثلا وهو احد الإفرازات المرضية للحداثة وعجزها عن إدارة مجتمع سليم كآدمية، حيث انتقلت بقانون العقوبات من الرفض الحاد بعقوبات كالإعدام والحرق إلى أن من يعارضها الآن يصبح متعدي على حقوق الإنسان وفي نفس الدول التي كانت تحكم بذاك وهذا وحدث هذا الانتقال ربما خلال قرن من الزمان.

اللامعقول في الطرح الغربي

يرتكز الطرح الغربي كما نوهت إلى انقطاع الحداثة وكأنه زرع بلا بذور ولا سابق له، وان إلغاء القيم وتاليه الدولة هو البديل لإحداث تقدم ورفاهية لم تتحقق بوصفها فعلا واغلب ما يحصل هو الاستيلاء على ثروات الأخرين وعدمية في العداء المستتر أظهرتها حرب القرم الأخيرة، ورؤية أن الحق ما يفعل بما لا يحق للآخرين تكراره وهذا التخلف في العقلية والنفسية يوضح اذا ما استقرئ كمواصفات الشخصية غير المستقرة، فالحداثة والمعروضة وكأنها إنتاج غربي بحت هي حالة مدنية عبر التاريخ وان عالميتها التي لم تنجح نجح بها الإسلام دون إخضاع للبسطاء وإنما بإزالة جلاوزة الظلم والاستعباد لتترك للناس خياراتها، وهذا ما اعتمد تشويهه بل درس لأبناء المسلمين بطريق مشوهه إثارة غريزة السيادة والتملك فكان الفساد مرافقا حتميا للحركات الإسلامية عند توليها السلطة أو العجز عن إدارة الدولة وفرض أمور تخرجهم عن اصل من أصول القيادة والسيطرة في الإسلام للحاكم (ما أنت عليهم بوكيل) فلا إجبار ولا إخضاع ولا احتقار للآدمية فالإنسان كريم مهما اعتقد حتى لو كان ملحدا، علي واجب أن يكون حرا في قراره ولله الحكم في أمره ما لم يشع فاحشة أو يروج لخداع ناس لم تكتمل أهليتها وعلمها.

نوع من القوننة في حداثة مطلوبة في الفكر الإسلامي لكيلا يكون هنالك ازدواج أو ضعف في الشخصية بتشتت العقلية وتدهور النفسية بالعجز والكراهية وهذا حتما يحصل عندما يكلف الإنسان نفسه بما لم يكلف به، هذه الأمور واضحة حتى في النص، لا إشاعة للفساد ممن فسد، فان لم يؤثر بسلبية على بيئته فهو حر بأمره.

جدلية تراجع المدنيات الحداثية

المدنية حالة متطورة ترفض الثبات والموثوقية وإنما منهج علمي يرتكز على مبدأ الصح والخطأ لكونها نتاج بشري وليس من ماهية الإنسان الحسن المطلق.

لقد قامت دولة مدنية تحمل عقلية لقيم إسلامية ترافق عملية التطور المدني بدرجة ما، وانتشرت عبر العالم لتغير الموازين، ومن الطبيعي أن يكون هنالك رفض في بقاع العالم للتغيير خصوصا وان له صبغة دينية لكن ما في العالم من قوى مضادة عاجزة عن صد تقدمها وهي تتصاعد في الانتشار تماما كما يعجز عالمنا اليوم عن التصدي لمخرجات الحداثة الشاذة سلوكيا أو أي منها، لكن تقدم الحداثة الإسلامية بدأ يأخذ طابع الثقة والغرور ونوع من التمكين بدرجة أن لا ينظر إلى العدو بجدية أو يرى ضرورة التطور ليتفاجأ بتطور الأسلحة المواجهة كما الالتفاف عليه من الشرق ليس الهند ودول شرق آسيا تمثل هذا الالتفاف كليا، بل الاختراق الداخلي غير المسيطر عليه في الاقتصاد.

صحيح أن الحداثات الغربية سدت تلك الثغرات التي اخترقت بها الدولة العثمانية وغيرها من الدويلات التي تمثل حالة التمزق الممثلة للترف والغفلة وضيق الأفق من الحكم الوراثي المنتشر آنذاك رغم تعدده الذي لم يك إيجابيا قطعا بل كان ينخر بعضه والجميع منشغل عن تقدم الغرب في شرق آسيا ولذي منه بدأ احتلال البلاد العربية بجنود هنود أصلا، وكان يمكن أن يحدث تلاقح ثقافي ممتاز يوقف حالة الصراع التاريخية التي استمرت ولحد الآن في تصاعد عندما افرت عصبة الأمم الانتداب المباشر على العراق مثلا، لكن مراوغة بريطانيا وتحويل إدارتها إلى إدارة الهند الشرقية خلق اضطربا في الداخل العراقي فالهنود متدربين كتكنوقراط وليس متدربين على إدارة احتلال، وهنالك انفه عند العراقيين كان يمكن أن تعالج بالإقناع لو تولت بريطانيا الانتداب مباشرة، وبدأت مرحلة التطوير والمشاركة مع العراقيين الذين يمكن أن يضيفوا الكثير للحداثة المشتركة وكان يمكن أن يبقي بريطانيا في المقدمة، كخط ثاني مقارب لها بالحجم وذو ثروات، وهذا لا يترك أمريكا تتفوق لتحل محل بريطانيا ثم لتكون بريطانيا شبه تابع للقرار أو تأخذ دور الأسماك المرافقة للحيتان أو القرش.

اليوم الحداثات تتهاوى لاصطدامها ببعضها فلا قيمة تجمعها وإنما هنالك القيمة الأساس وهي النفعية ما يفرقها حتى وان بدت مجتمعة، حتى التوجه بنفس مسيحي لم يخطط له إحيائيا وإنما نوع من العصبية بلا فهم كمظهر يبرز الفشل، الإنسان أصبح عمليا عبدا للدولة، وباتت المنظومة القيمية أمرا حتميا للإنسان، معاداة الغرب للإسلام ظنا انه ضد الحداثة هو انطباع أتى من زمن حروب الفرنجة والتحشيد بتصوير الإسلام شر مطلق لتبرير التحشيد الذي اتضحت مراميه وبما ثبته التاريخ لكن لم ينعكس ما اكتشف على تقييم السلوكية الغربية تجاه الإسلام لانهيار المنظومة ولم تعد تشكل اكثر من خطر يصطنع عند الحاجة لحاجة منظومة الحداثة إلى تحديات كي تستمر ونلاحظ حذا وانتقال التحديات في حرب القرم الحالية.

ما يهدد الحداثة من المسلمين هي الصورة المشوهة التي حولت إلى واقع على الأرض كحالة الكل يعلم أنها شاذة وغباء من يشيطن الإسلام لمجرد انه مخالف له، لكن لو تركت الأفكار المستنيرة باستقراء للواقع والمستنبطة للحلول فان هنالك ما سيعود على الإنسانية بخير كثير لان الإسلام بأصله لا يرفض المخالف بل يحمي المعتقدات الأخرى وما نراه اليوم من التطرف عكس هذا بل المخالف فئة واسعة هي المسلمون انفسهم وتطورت إلى كل ما لا يفكر بطريقهم، وتضييق الواسع ليس فهما صحيحا، فغاية الإسلام العدل وغاية المسلمين تهيئة البيئة لامتلاك الإنسان أهليته وقراره وهو مسؤول عن قراره وليس فرض أي صيغة أو منظومة حكم إلا مما اتفقت الأمة عليه.

عندما تتحول العلمانية أو محاولات التميز بالدين وكأن الحقيقة عدمية وتتخندق فهذه من معالم التخلف والانحدار الفكري ولابد أن نفكر جميعا بالارتقاء الفكري لأنه المقدمة الصحيحة نحو حداثة من نوع آخر تتناسب مع تقارب المسافات والزمن في صناعة حياة تحترم الآدمية والكرامة الإنسانية ذلك لان ما يعرف بمصطلح الحداثة اليوم بات يعاني من التيه والهرم؛ فلابد من رؤية جديدة تقود الواقع كقيمة أخلاقية ليس لخلق العدو بل لإيقاف الانحدار في الآدمية.

 

 

نشر في عراقيون بعنوان (جدلية الحداثة وعلى جزئين)

 

136- جدلية ازدواج الشخصية في المجتمعات.. استعمار الأفكار (2-2)

 رابط عربي 21 صراع  قيمي الذي في مجتمعنا مهما كان دينه، هو متعرض لإضافة قناعات إلى فِكْرِهِ من مراجع فكرية متعددة غزت المنطقة والآن الكثير م...