مدونة تعالج يقظة الفكر الإسلامي والفهم الإنساني والحداثة بما يرتقي بالقيمة الادمية >>>> multi languages by google available
السبت، 5 أكتوبر 2024
129 - معالم الفشـــــــل الجزء الأول الخطاب المتشنج
سردية الصمود ضد المستجدات
في خطبة موحدة ليوم الجمعة، وهي خطبة توزعها الأوقاف للواعظين على منابر الجمعة لأسباب عدة، تظهر الإخفاقات في الفكر السائد وفي الفهم للإسلام بشكل واضح، وتحشد لمقاومة الإصلاح والتغيير بشكل غير مقصود، وإنما هذا هو الموجود من الجهاز المعرفي الموروث عند كل المسلمين وغير المسلمين والعلمانيين والملحدين، وكل ما يخطر لكم على بال في بيئتنا المزدحمة بالأفكار والأيديولوجيات، ذات اللسان الذي لا يتوقف الأصم عن سماع المخالف الأعمى، عندما يُعرض عليه أمر جاد للقراءة. هم يستقون تفكيرهم من ذات الجهاز المعرفي، ولو تأملت من يزعم أنه ثائر على الأعراف، ستجد أنه يجعل من مخالفته هذه دين (الإلحاد، التحرر، العلمانية)، وتجد أن هنالك نوعا من العصبيات عند الطوائف تعدّ خطوطا حمراء عند من يعترض على العصبية والاستقطاب، ولا يرى نفسه أنه متعصب أو طائفي، وهذا ليس غريبا، فهو من سمات منظومة تنمية التخلف وفاعليتها وبيئتها وإبداعها في التخلف مع الزمن.
فعندما يحذر خطيب أو واعظ موجه من جهة عليا يفترض أنها دعوية من المستجدات، ويتخذ موقفا دفاعيا تجاه الانفتاح على العالم، فهذا مؤشر سلبي لدعاة يعدّون أي ضال هو مشروع إصلاح، وأي مخالف هو مشروع للتفاهم.
الإنترنت أضحى في متناول اليد ومتطور، لدرجة أنه يستكشف اهتمامات المتصفح ليقدم له المزيد مما يهتم به هو، لا تحده قيم ولا منظومة أخلاقية ولا قواعد اجتماعية، وإنما يضع قواعد تعدّ الثوابت عندك مخالفة لقواعد المجتمع.
أخذ موقع دفاعي من المستجدات باعتبارها خطرا هو الخطوة الأولى للاستسلام، لكن علينا فهم كل جديد ونصنف الإيجابيات فيه والسلبيات، وفق معايير ما بعد الفهم لما عندنا من فكر ينبغي أن يرتقي عن الانطباعات، ونحن في المجتمع مها كانت عقيدتنا الدينية أو فكرنا السياسي، يجب أن نفهم.
كيف نفهم:
طبيعة الإنسان الاختصار، والتعلق بسبب واحد للمشكلة؛ بمعنى تكوين انطباعات عن الأشياء والأفكار والاصطلاح الضيق لمفاهيم واسعة، وهذا التصور يسمونه تبسيطا، بينما هو تضليل للمنظومة العقلية.
الفهم يأتي من كفاءة المنظومة العقلية في تجسيد المعنى بشكل ملائم ليكون مقروءا، كتابة أو صورة أو مشهدا أو فكرة؛ ومن هذا فهم الفكر والكتب ونصوصها، وما يطرح من معاني وغايات في نصوص كتب الأديان لتعريف الغايات التي تحقق للوصول إليها مجموعة من الأهداف، وكذلك الأسس الفكرية التي ترسي عليها القيم، والقيم بأنواعها التي تعرف السلوك عند الإنسان، وهذا يحدد إما بمنطلق قيمة واحدة، أو مجموعة من المنطلقات التي هي معايير للسلوك كالأخلاق.
فالأخلاق مثلا هي معايير وليست صفة أو سلوكا؛ لأن المعيار يمثل حالة قيمية ثابتة الجوهر، أما السلوك فنسبي، ويعتمد على العقلية والنفسية ودرجة ارتباطهما لإحداث الفاعلية والبيئة والتفاعل إيجابيا أو سلبيا بين منظومتي الإنسان والبيئة، أو أي كيان من فرد إلى ألوف والبيئة.
الإسلام وضع معايير قيمية مرتبطة بالفكر، لهذا فالنفسية المرتكزة إلى الإيمان لا تتأثر بشكل فاقع بالمادية ودرجتها؛ لأن التأثر يعني اهتزازها عند الفقر وتكبرها عند الغنى؛ بل ربط العقلية والنفسية وهما محورا الشخصية بالفكر نفسه، لهذا فالفهم الجيد يجعل حالة التدين أقرب إلى المنظومة العقلية، وضعف الفهم يجعلها فريسة الحالة الغريزية، التي هي المفرق للسلوك المؤدي إلى الغايات من عدمه؛ وهذا له تأثير على إدارة مستجدات الحياة أو التلاقح ومدنيات أخرى قد لا تحمل فكرا حضاريا، فعندما يضعف الفهم يظهر الخوف من المواجهة، وتصبح القضية تمترسا ومقاومة بدل احتواء مطلوب؛ لأن الرسالة ليس ملك أحد ولسنا وكلاء لا عليها ولا على الناس، وإنما نحن مكلفون، ومن ضمن التكليف أن ندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة. وهذه لن تكون فاعلة بفكر بعيد عن الواقع أو منفصل عنه، لذا كان من الضرورة بمكان أن ينقى الجهاز المعرفي المنقول وراثة، الذي يراد أن تحشى به تلافيف حافظة الجيل، الذي سيصطدم بأسئلة لم تتوفر لها حلول أو أجوبة منقولة من الماضي.
فيديو في الميديا يتحدث فيه رجل دين نزق عن موضوع لا يعني دينه، فأخذ يصف قومه بالرقي عموما وأنه ليس همجيا، ناسيا أن كلماته تعبر عن تدن في الشخصية كعقلية ونفسية؛ لأنه يخاطب انفعالاته وليس واقعا ملموسا. فالتعميم والتنزيه والتعريض بمواطنيه، ليست سلوكيات ناضجة وإنما همجية ينكرها عن نفسه ويصف الآخرين بها. هذا نوع من التعبير عن كراهية ومشاعر بدائية فاعلة لعصبيات لا تنسجم مع إنشاء الأمة، وهو أمر مضر بقومه؛ لأنه يبقيهم في حالة انفصال شعوري عن أمتهم وانتمائهم للأرض، لأنها إما لهم وحدهم وهذا ليس ممكنا، أو أنها ليست مكانا للاستقرار، فيتخذ الناس طريق الهجرة بحثا عن سلام متوقع، فيكون هو سبب الأزمة، ولا يفهم هذا فيزداد كرهه للمخالف ويتهمه بتهجير رعاياه. نوع من المتضادات تخلق شخصية مضطربة تبدو مسالمة، ثم تنقلب حاسدة أو صلفة في التعبير، ظانة أنها وحدها مظلومة، ولا ترى أن من تحدثه مرّ بذات الظرف والمظلومية.
الحاجة للإصلاح في كل المنظومة
هنالك حاجة لإصلاح المصلحين في منظومة تنمية التخلف واستخراج الأفكار القاتلة؛ لأن غياب الرؤية والتأمل والسكينة والتعمق، في الفكر ومحاولة التفاهم.
انتشار الفساد والممنوعات لا يقضى عليه بالوعظ؛ لأن من يتجه إلى هذا استغنى عن الوعظ ومحتوياته أو البيت وتربيته، وهو مسألة منفصلة عن الفكر بحكم انفصال الفكر عن الواقع، لذا فالحل بالقانون والتشدد على مسببات تلك السلبيات، فما ينتشر من فساد لا بد أن يكون من قوة فاعلة، فإيقاف تلك القوة من الرأس هو الحل، وليس مطاردة الضحية وترك هذه المنظومات الفاسدة حرة، ومتابعته من الوعاظ عند هذا لتقييم نتائجه كجهة رقابية، تعادل أي منظومة في المجتمع معترف بها، دون خوف أو تقوقع أو تقييد لنشاط وفاعلية وتوسع مدارك الأولاد.
السبت، 28 سبتمبر 2024
128 -نحو استراتيجية عراقية للموارد المائية
المياه في العراق قصة مدنيات نشأت على الحوضين، وكانت الأنهار دوما تسجل في حياتهم الأساطير والى يومنا هذا؛ هو ما يحصل رغم أن التطور والتسارع والأحداث والفوضى المناخية التي تتقدم معلنة عن تغيير مناخي قادم بغض النظر عما ينسب إلى أسباب كالاحتباس الحراري أو توقف لب الأرض والتغيير المحتمل بالمغناطيسية وما سيتأثر به المناخ في العالم وهل ستنقلب الأقطاب وما يعني هذا من كوارث على البيئة والبشرية.
الموارد المائية وزارة الحياة:
الناس تظن أن مواجهة المشكلة تكون بانتظارها تأتي ثم نرى الحلول، هذا للأسف واقع وطبيعة تفكير من لا يعرف معنى وزارة الري أو الموارد المائية كماهية وفلسفة عمل ويتعامل معها وكأنها وزارة خدمية تتعامل مع المواطن بشكل وظيفي يومي متعلق بمراشنة المياه أو كيف تصل المياه إلى الفلاح أو ملئ الأهوار، أو مشاريع غير ناجعة ولا أقول غير مدروسة كاستخدام مياه المنخفضات الميتة المالحة عمليا كالثرثار في تجاهل المضطر لتلوث المياه عند زيادتها لتحقيق وسد أكثر ما يمكن من الطلب.
ادارة المياه
الموارد المائية في منطقة كمنطقتنا (حوض دجلة والفرات من المنابع والروافد والى المصب) مختلفة في مشاكلها عن الدول العربية الأفريقية كمصر والسودان أو الجزائر مثلا، فخبرة العراق في إدارة المياه موجودة ولكن ليست مستثمرة أو هنالك نوع من التكييف الإداري للاستفادة من الخبراء والباحثين بأساليب غير تقليدية، فالندوات تقام من اجل الندوات ويدعى لها أناس يعرفون بالعلاقات أو يقبلون أن يحاضروا فيها، لكن ليس من مراكز دراسات تستطيع أو مصممة للقيام بمهمة استقبال القادم من متغيرات ستصل بشكل لا أظن انه معلوما بشكل واسع بأكثر من توقعات وفرضيات وربما سيحصل بشكل مفاجئ، تستعد له دول تفهم مجرى الأمور وتهمله أخرى، وبلدنا يرصد لوزارة الموارد المائية مبالغا ليست وفق تخطيط لمعالجة التوقعات والتأسيس أو التمهيد للاحتمالات.
دول المنبع
- ماذا لو تغير وضع القطب المغناطيسي أو حصل انقلاب فيه وما احتمالية ذلك ومدى تأثيره
- ماذا سنفعل إن أصبحت حاجة دول المنبع للمياه بحيث لا يصلنا منها إلا الفائض من مخرجات المياه المستخدمة في التوليد للطاقة
- السدود وكيف يمكن إنشاؤها وما هي الأفكار المبدعة التي ممكن أن تجعلها مفيدة
- كيف يمكن أن نصيغ الاتفاقيات الدولية ومواجهة الأخـــــــــطار والاحتمالات السلبية مع دول المنطقة من ضمنها دول الخليج والأردن.
- حينما تكون أمريكا مثلا وليس إقرارا أفضل دول العالم في الري فهي أفضل دول العالم في تحقيق نجاح للتغلب على مشاكلها النوعية في الموارد المائية ولا يعني أن لها خبرة في حل مشاكل العراق المائية، كذلك أي دولة أخرى عربية أو أجنبية، فدول العالم متنوعة جيولوجيا وإداريا وتقنيا وبيئة مجتمعية وحدود وتوجهات سياسية ومشاكل في الإدارة والأمور الفنية ولكل خبرته في واقعه ولكن عليه ألاّ يكون تقليديا وان يفكر ويبدع حلولا كما الحال عندنا الغائص في التقليدية المقيد للإبداع غير المقدر لما يحتمل من كوارث وعلاج مطلوب باستثمار أموال النفط وإقامة المشاريع التي تخفف وطأة الضغط على الموارد المالية الريعية.
- الإنجاز والفاعلية ليس بكم المشاريع وإنما كونها ناجعة وحل والذي يقدر هذا ليس خبيرا أجنبيا أو شركة منفدة أجنبية، بل البلد نفسه وكوادره التي لم تجمع لهذا اليوم فبعد التقاعد تغادر الكوادر أو تتغير اهتماماتها وحتى لو طرحت أفكارا ستكون كمن يتدخل بما لا يعنيه، وهذا طبيعي في عمل التكنوقراط الوظيفي. فلو طلبت من متعهد سفر أن يزودك بمظلة ومعطف مطري وأنت ذاهب لصحراء تحتمل الأنواء الجوية أن تسقط هناك زخات مطرية، لجلبها وربما يعرض عليك أنواع خاصة وغالية الثمن لأنه سيضيفها إلى الفاتورة مع نسبة أتعابه ثم لن يخالفك فتذهب إلى غيره، لن يقول لك لا حاجة لذلك إلا إن استثقل هذا وربما تتغير الأمور والأحوال والتقنيات في أي شيء زمن الثورة الانفجارية الذي نعيش فيه للأسف شبه متوقفين حيارى مشغولين في واقعنا لا نفكر في مستقبلنا ابعد من أنوفنا.
مشاريع الموارد المائية نوعية مزمنة:
الموارد المائية لا تتوقف عند تشخيصك للمشكلة أو أنك ستعاني من الجفاف سنة 2050 (مثلا) وبيننا وبين هذا التاريخ ربع قرن لن نكون أحياءً أو أننا خارج الخدمة فهو زمن طويل وعمر طويل لكنه من مسؤوليتك الفعلية وليس الأدبية.
نحن أن شخصنا المشكلة اليوم فحلها في ابسط تقدير سيحتاج خمس إلى عشر سنوات وبعضها أكثر من دراسة المشكلة والتفكير في الحلول ودراسة الحلول وكيفية إحالتها للتنفيد ومحددات كل خطوة ومن سيقوم بها.
الوضع المائي يمثل حالة وجودية للبيئة وإدارتها ولا يمكن التعامل بعشوائية مع الهجرات وترك الناس للزراعة والرعي أو حياة الأهوار والجاموس، أو البقاء على أنواع من سد احتياجات المياه بالطرق المعروفة أو بالتعاملات وفق السياسة الدولية المعهودة من اتفاقات تقليدية قد ذهب وقتها عندما أصبح الموقف لا يسمح بارتباط لحقوق مفترضة، أو الاستقطاب والشكوى أو الحديث عن تجييش الجيوش، فدول المنبع لا تصنع المياه وهي أيضا لها حاجاتها وعلينا كدول اخضوضرت صحرائها بالرافدين أن نفكر بالحل فنيا وأساليب إدارية داخلية وخارجية لاستقبال الاحتمالات وهذا لا يأتي بفتات الوقت ولا وفق سياقات لا تصنع الحياة.
الجمعة، 27 سبتمبر 2024
127 - المسائل الكبرى.. ما بين منطق منحرف ومنطق مفقود
التوبة:
أحيانا التوبة تكون عنوانا رئيسا وسببا مهما بل شرطا لنجاح شعب أو عشيرة أو أي مجتمع، ويكون خداع الذات والمغالطة وما سنتحدث عنه سببا في ديمومة وتعاظم منظومة تنمية التخلف.
التوبة هي قرار ذاتي لاسترجاع وضع قريب لما بعد الخطيئة، وهو يفوق إيجاد العذر للخطأ ومسبباته بتحمل المسؤولية وإزالة أو ترميم ما نتج من آثار، فليس ممكنا أن تجبر المجتمع على احتواء قاتل يبرر جريمته أو ينكرها وهي ثابتة عليه ويراه المظلوم أمامه متمتعا بعائدات أعقبت الجريمة.
في مرحلة البناء والاستثمار بالذات أو عند فشل في تخطيط سلمي أو حربي؛ إن خروج متصدي حزب أو فرد أو قائد معركة أو رئيس سلطة وهو يتكلم بلغة إنشائية ويبرر دمار للمدنية وكوارث في الفكر الحضاري والثقافة المجتمعية والنسيج الرابط للمجتمع، وهذه أسس تكوين أمة تقوم عليها الدولة؛ لن يفيد كلام هذا المتصدي وهو يلقي اللوم على الظرف أو على الشعب أو شريحة منه بل عليه أن يقف أمام ذاته في نقد ذاتي لرؤيته وآليات تنفيذها.
ما بعد تصويب الواقع السياسي وإزالة الظلم تجري عملية تسوية الحقوق والمظلومية وهي ما تسمى بالعدالة الانتقالية، وهذا النوع أيضا يعتبر توبة عندما يتعلق المعنى بواقع وقانون ومجتمع.
التحديات ملازمة لأي منظومة:
التحديات جزء لا يتجزأ من الحياة وتواجه أي منظمة أو منظومة، من الفرد إلى المؤسسات إلى الدول إلى المساحات الجغرافية وعموم الأرض وحتى علاقة ما خارج الأرض بالأرض، فكله نظام متكامل لتتوفر الحوافز وواجب الإصلاح والفاعلية عبر الأثر ورد الفعل من البيئة ليعيد تغذية المنظومة وإلا لتوقفت الحياة.
أمة واهمة:
أمتنا ليست نائمة وإنما واهمة تعاني من العيش على الماضي وفيه وما سطر التاريخ من سلبيات ليختلفوا عليها ومن إيجابيات فيتفاخرون بها، ومن علوم ليقدسوها، لكنها حياة أشبه بالهلوسة في واقع مدني متطور وعالم يحتاج ما هو متوفر عند هذه الأمة.
حُيّدنا كأمة وتخلينا عندما توقف الإبداع والاجتهاد والتعامل مع الحياة بالنظرة الكلية لتكون حياة رتيبة، فُقد الدافع، لم تعد الاهتمامات واحدة، تغيرت معايير المسؤولية وحدودها. العري الذي بات واقعا رفضناه فكيف يمكن أن تتعرى أمة راسخة وقوية وتبدل عندها تعريف القوة في الذهن المهزوم؟ فهو سيتمسك بمجد مضى ولا يبحث عن تطوير الذات، ويزداد البون إلى أن وصلنا إلى واقع تستورد سلاحك ممن تعاديه وتظن أنه سيزودك بسلاح يمكّنك منه أو من حلفائه، فأسراره معلومة ومضادات له مصنوعة، ومع عقلية تفتقد للسياسة تصبح عملية التطور لدرجة المشاركة في إنتاج المدنية مسألة تتداخل والخيال، ولا يتاح جو للمبدعين فلا بد لهم من الهجرة ليبنوا من هناك.
وما زالت بعض فضاءات التفكير الحالمة تظن أن السلاح الذي يعطى لنا يتجاوز في مهمته وجيوشه أكثر من الفتك ببعضنا، جيوش وجيوش أو شعوب ومنظمات ليست مؤهلة أو لها مهام وهمية فتتجه إلى الفساد، وكأنه يريد عندما يقلد أن يلحق ويسبق دونما تخطيط أو معرفة أولوية المنظومة العقلية والفكرية وفهم الأمور، بل إن بلداننا كما ذكرت هي طاردة للطاقات التي تصنع الحياة.
تشخيص خاطئ وفعل عاجز:
عندما نشخص لا نجلد الذات كما يقال، فأمتنا أمة خيرية بعقيدتها لكنها لا تفهم دينها حقا وجمدت على أفهام سلبية لا تسمح بالتجديد واستدعت الخلافات التاريخية، البعض الإسلامي يكفر، والعلماني منها يخوّن الآخر، فالجهاز المعرفي واحد وإن تعددت واختلفت العقائد، لا قدرة على التفاهم والحوار، ثم نقول إن أعداءنا هم من يكيدون لنا ويفعلون هذا بنا، وكأننا آلات أو روبوتات يحركها هذا وذاك، أو أن الأعداء ليس من حقهم الكيد لك وإضعافك، وأن القوة من تصنعها أنت وستنتصر حتما في جانب ما، فالانتصار ثمرة جهد متجمع والحرب معارك في التكتيك والحرب في التخطيط العام والاستراتيجية.
هل من قائد وقف عند الفشل واعترف بأنه مخطئ وأن عليهم أن ينظروا في أخطائه ويخرج، اللهم إلا إن ضمن وعبأ الجماهير ليعود خاضعا لإرادة شعبه الذي يمجد البطل المهزوم والمخطط الفاشل، وأن النقد ما لم ينته بالانتصار والأشعار من قصائد الانتصار بفشل الأعداء إزاحة القائد المغوار؛ لن يكون إخلاصا ولا وطنية!
ما هي الخلاصات:
1- مواجهة الفعل وانتقاده غير متاح عمليا، ويعتبر الاعتراف بالخطأ هزيمة بينما هو أول خطوات إعادة التقييم لتقويم الدرب، وأن نهضة الأمم تقوم أساسا على عوامل منها النقد والمراجعة.
2- نقدس المتسلطين لدرجة نجعل منهم آلهة وأنهم لا يخطئون ويصدقون هم بدافع غريزة حب السيادة وطغيانها ما يعتبرونه من حقهم، لدرجة أن القتل الرحيم يعتبر مكرمة لمن ينتقدهم.
3- اعتبار تشخيص السلبية اعتداء على الذات، وينبري من يمتدح الأجداد ومفاخر الأمة وإيجابيات تاريخها بما يستوجب اعتذار الناقد الذي أصابه الشطط.
4- نعيش في الماضي بعجز عن صناعة المستقبل ونختلف عليه، بل نعيد خلافات اختلف عليها الأجداد ولم تعد موجودة لنوجدها ونوجد بيئتها ونقتتل عليها بسلاح مَن تطور ويحتاج هكذا سقما في العقلية ليجرب أسلحته بأموالهم وخيراتهم، فترى دولا غنية شعبها جائع أو حكاما كما في أفريقيا محض وكلاء لاستخراج النفائس والمعادن وتسليمها لمن نصّبهم مع إبقائهم معرضين للخطر الداخلي؛ وهم يحتاجونه لبقاء سلطاتهم بدل مصالحة شعوبهم.
إن الأمة بحاجة إلى إعادة كشف حساب حقيقي وأن تسمح لمفكريها بأن ينقذوها، بدل الذهاب في مخدرات استحضار التاريخ وسلبياته ونسيان الحاضر والمستقبل بهذا الأفيون الذي يستغله الطغاة وكهنة الآلهة ببعديها التاريخي والعصري، وهياكلها ويطورونه ليقيدوا به المنظومة العقلية، بحيث يبقى نفوذهم في ثنائية ثيوقراطية وإن كانت علمانية، ولا يهمهم أن الأمة تفقد وجودها وتعيش على هامش الحياة في جوع وجهل ومرض.
الجمعة، 20 سبتمبر 2024
126 - الاسئـــــــلة الكبــــــــرى (المنحدر الزلق)
المنحدر الزلق
مقالات متعددة حول الأسئلة الكبرى، وأشير هنا بالخصوص إلى مقال "نظرية إسلامية الحكم" لننتقل إلى معيق في التفكير؛ هو التصورات والأفكار والمسارات السلبية تخت عنوان المنحدر الزلق.
لا تعمل منظومتك العقلية بالتفكير:
عندما يعيش أغلب الناس في واقعنا وهْم امتلاك الحقيقة أو لا شيء يهم في المقابل، فإنها ستذهب إلى مغالطة تسمى أنف الجمل أو المنحدر الزلق، من يؤيدها فهو الطيب لأنه يشبهها وثبت ما عندها فلا تحتاج أن تشك به أو تراجعه، يطلب منها أن تحتج على الظلم فيكون السيناريو منزلقا من رد فعل الحكومة السلبي إلى الحرب الأهلية إلى التمزق للدولة.
في المنحدر الزلق التفكير في الآيات يعني تقديم العقل وإهمال النقل والحكم بالهوى ومخالفة السلف الصالح، فمعناها تشويه للدين وردة وغير ذلك، بينما حقيقة الأمر أن المسلمة أو المسلم مأمور بالتفكير والتفكر وأن ما يُختبر في الأرض هي منظومته العقلية. فمفهوم الحياة والخليقة منقلب عند هؤلاء ميّالون للطلاسم والغموض بما لا يُتعامل معه ليعقل، وقد يقولها البعض لا تفكر وسلم عقلك، مع أن القرآن لم يذكر العقل اسما أصلا، فهم جهَلة بمفاهيم ومعاني القرآن ويتبنون أفكارا أتت من الفلسفة اليونانية وهم لا يشعرون، ولأنها تعجز عن الإجابات فيطلب منك ألا تفكر ولا يُنتبه إلى أنها مخالفة للنص القرآني الذي يعيب التقليد، ويمتدح المتفكرين والآيات كثر ولا تحتاج لاستدعاء أمثلة.
لا تقتصر السلبيات على فئة دون أخرى، فنجد أن هنالك ممن خرج إلى الإعلام يعرّض بالإسلام بتعميم سلوك فئة ضالة أضرت بالمسلمين بكل أنواع الضرر، ويقدم نفسه على أنه متمدن بكل نزق لا ينضح إلا بالكراهية ويصف المنسوب للشريعة، وقد راقه تصديق أنه همجية وفُحش وهي تصرفات فردية لا تخلو منها أي جماعة أو مجتمع
ماذا يعني الذهاب في المنزلق:
السير على المنزلق يعمق الأفكار السلبية ولا يعطي إيجابية وتشجيعا للتجديد والابتكار وسيادة التردد بدل احتمال النجاح، يدعوك لأمر يقبله لك ولا يقبله لنفسه.
1- استخدام النص لتبرير الطغيان لأنه مستفيد منه، أو يذهب بك إلى القول لو لم يك هذا الوضع لجاء الملاحدة ومنعوا العبادات والطقوس وغيرها، أو علينا أن نختار بين الفساد وبين الإلحاد، بل من يخرج عن هذا فهو مؤيد للكفر والهرطقة والزندقة.
2- ينادي هؤلاء الناس بالتزام الأخلاق وهم يرعون الانحدار الخلقي والمجتمعي ولا يرون أن هذا يحصل أصلا رغم أنه مرئي واضح من غيرهم.
3- يدعون الناس إلى التقشف وهم يصرفون في يوم ما يصرفه من يدعونهم للتقشف في شهور، لأن عدم التقشف سيقود للسرقة والقتل وغيرها ولا بد أن يرضوا بذلك، وتخرج أحاديث كيف أن الرسول والصحابة يعانون من الجوع وهو أمر ليس حقيقيا لأنه يفتقر إلى منطق القوامة ناهيك عن غيره.
4- المنحدر الزلق يدعو لطاعة الحاكم حتى لو فسق وظلم، وكأنه ليس بشرا ليس له من مزايا إلا طاعة الناس خشية الفتنة والذهاب إلى الفوضى، بل إن أحاديث تُنسب إلى الرسول بما ينافي مفهوم الخليقة والرسالة في تخويف الناس من إيقاف الظلم، وتتوارى أحاديث تحث على منع الظلم وتخفى وهي الأقرب لمنهج المسلم ورسالة الإسلام التي أتت لإزالة الظلم بكل أنواعه.
5- أننا سنرى حتما وصف الواقع في نشر الأثر المتداول عن حصول الظلم وتمدده وطرحه وكأنه قدرا مقدورا، وترسيخ معنى الصبر والصابرين في الخضوع للسلبية وللحال المزرية والاحتجاج عليه يعتبر نوعا من الجزع، بينما المعنى القرآني للصبر هو الصمود على الصواب أو العبادة، وأن الصبر هو المطاولة لأن الفرج مع الإصرار وشتان بين المعنيين.
6- ولا تقتصر السلبيات على فئة دون أخرى، فنجد أن هنالك ممن خرج إلى الإعلام يعرّض بالإسلام بتعميم سلوك فئة ضالة أضرت بالمسلمين بكل أنواع الضرر، ويقدم نفسه على أنه متمدن بكل نزق لا ينضح إلا بالكراهية ويصف المنسوب للشريعة، وقد راقه تصديق أنه همجية وفُحش وهي تصرفات فردية لا تخلو منها أي جماعة أو مجتمع عازلا قومه عن الأمة الكبيرة. وغالبا ما ينطلق هذا من رد فعل لإحساس بتراكم الكراهية لدرجة التصديق، بما وضع من حواجز لإبعاد الرعية عن المغادرة وتولد إحساس بالفشل والدونية.
7- هنالك البعض وجد استنهاض الكراهية عند عامة الناس أسلوبا للحفاظ على الرعوية وخلق حاجز بين مواطني البلد الواحد في عزل شعوري كتطرف في النفاق والكراهية، حتى لو شعر بنوع من العاطفة الإيجابية تجاه زميل أو أحد معارفه فإنه يحس بالذنب. هذا الأسلوب أضعف الانتماء وخلق فرصة الخلاص من البيئة في أول فرصة، ولو تلاحم الناس باحترام عقائد بعضهم لكان هنالك تلاحم في تجاوز أي مؤامرة أو حدث بلا خسائر مجتمعية، حيث يغادر الناس إلى وهم التقارب والغرب فيجد الغربة في أسلوب العيش والعادات والتقاليد.
أي نوع من العصبية هو جنوح غريزي ومعطل للإصلاح مزرعة لإنتاج الكراهية والفشل بلبوس النجاح وأكل للذات، عندما يعجز الناس من انتظار الأحلام ورؤية الأوهام وهي تحظى بالتمجيد
8- هذا الاضطراب الذي يقود للتشظي يُحال إلى تفكير المثقفين والباحثين وليس عقلية وتصور من توقف نموه في حل المشاكل، فبات ينقل فشله في الشكوى والتظلم وسد الطرق نحو ابتكار أساليب في التفاهمات، ليخلقوا بيئة مضطربة.
البيئة المضطربة:
بيئة العصبيات والنزعات الطائفية والعرقية أو الاستقطاب بيئة مضطربة، ليس بسبب تعدد الطوائف والأعراق والأديان، بل بسبب الظن بامتلاك الحقيقة وأن الكل يجب أن يكون شبيها له أو تابعا بلا شروط، وربما يتغلب الجهل فيصبح الإلغاء بديل التجاهل والإبادة بديل التهميش والاحتواء. هذه البيئة لا تصلح لإقامة مدنية عصرية فاعلة، وربما عالم اليوم يعاني بشدة من هذه الظاهرة بشكل وآخر بغياب فكرة حقيقية فاعلة لبناء المجتمع والدولة.
الحقيقة أن أي نوع من العصبية هو جنوح غريزي ومعطل للإصلاح مزرعة لإنتاج الكراهية والفشل بلبوس النجاح وأكل للذات، عندما يعجز الناس من انتظار الأحلام ورؤية الأوهام وهي تحظى بالتمجيد، وهذا غالبا في سلطات العام المتخلف الذي تتضح فيه بشدو منظومة تنمية التخلف.
المنحدر الزلق هنا خطأ استخدام العواطف والتلاعب بالحقائق وإنتاج الكراهية التي دوما تتطور لتخلق كراهية مضادة ربما تنسى أسبابها الهشة لتتحول من الخصوص إلى العموم، وتلك بلية ضارة بالمجتمع.
الجمعة، 13 سبتمبر 2024
125 - مســــــــــــــالك مضللـــــــــــة
عندما نستطلع الأفكار منذ القدم سنجد انتقالات مهمة مع الزمن، فلا شيء ثابت ولا يمكن الثبات، وإنما الكون بكل تفاصيله في حالة حراك وتغيير، حتى الفكر فهو يتوسع ليتغير الفهم عند الإنسان بعد أن ظن فيه الثبات بفهم خاطئ ودافع عنه وضحّى، فالساكن لا ينتج قطعا حتى وإن لم يك ميتا.
فلو نظرنا إلى أفلاطون وعالم المثل عنده وأسلوبه في الاستقراء ما بين العقلانية التي تبتعد عن الرومانسية، وإقرار أرسطو طاليس عن طبيعة الأرض محور الكون، والذي تبنته الكنيسة وكأنه منزّل لتحكم بالهرطقة والموت على من يخالف هذا كغاليليو، وما تبناه الفقهاء والفرق الإسلامية من أفكار تسقط كلما ازدادت المعرفة بالماهية.
فالفلسفة العقلية بُنيت بوضوح مع هيكل في النظر إلى الأفكار والمادة، ثم الواجب والمحسوس عند كانط، وانقلاب هذا كله مع ماركس الذي حصر الأمور كلها بجدلية واقعية أو كما افترض هو للمادة ووسائل الإنتاج وفسّر الماضي وحاضره من خلال فكرة الصراع هذه، لكن ما تبين لاحقا أن التفكير بهذا الاتجاه ليس إلا نوعا من المصفوفات الإحصائية التي لا ترتكز إلى الحقائق وإنما إلى التجربة والتي تحتاج دوما إلى ترشيد، فالمفكر كالقائد الذي يتصور أرض المعركة، لكن حقيقة الموقف التعبوي عند العريف أو الجندي.
قام أحد الباحثين المعروفين هذه الفترة بإجراء إحصائية حول طبيعة التصلب في المجتمع العراقي ويفترض أن الغاية هي البحث عن علاج، لكن هل يمكن اعتماد هذا المنهج في بيئة مجتمعنا التي تعطي انطلاقة سلبية حزينة برد الفعل أو ما يسمى لغةً "الخُلق"؟ فمجتمع تعرض لصدمات عبر التاريخ بلا توقف بحكم كون المنطقة هي إحدى منطقتين عالميتين تعتبر مكان الاصطدام (Crash zone)، والانطباع المتشكل من الرد الأولي لأي مجموعة أو شريحة في بيئتها تجاه ما يعرض عليها من أسئلة سيكون متجها للسلبية والشك والظن.
أزعم أننا نحتاج تدقيق الخلاصات، هذا الإحصاء يسمى الإحصاء التجريبي والأساس أن تكون هنالك فرضية يتأكد من صحتها من خلال هذه العملية الإحصائية، لكن باستخدام الأساليب المتبعة في الإحصاء الظاهراتي ستجد نتيجة متباينة وأحيانا مختلفة كليا، فعندما تتعامل مع منظومة متعرضة للانتقاد دوما واللوم من الجمهور وجئت أنت باستفسارك، فهي لن تأخذ استفسارك أوليا بحسن نية.
وأنا أكتب المقال جربت هذا الأسلوب عبر فيسبوك مع جمعية خدمات مولدات الكهرباء فكان الفهم عكس مقصدي والرد جاف وفيه عدوانية، فأجبته بلطف أني مستغرب لجفاف أسلوبه مع مواطن لم يقصد إلا السؤال، وأنه قد فهم سؤالي عكس المطروح، فانقلب كلامه تماما بل كرر اعتذاره وضخّم من لطف أسلوبه وتجاوبه، وانتقل بجوارحه ليقدم لي أية خدمة كتعبير عن إحساسه أنه كان سلبيا ويريد أن يقول إني لست كذلك. أثق بأنه شخص طيب وإيجابي لكن الظرف والضغط جعل أسلوبه بالتعامل بما يراه ناجعا مع البعض. إذن الظاهراتي إيجابي، لكن الخُلق أو رد الفعل الأولي أعطى سلبية، فمجتمعاتنا لا يُحكم عليها بأسلوب علمي رقمي جاف وإنما يُتجه إليها إنسانيا والأمثلة لا تحصى.
بلادنا طاردة لطاقاتها لظرف إبداعهم المفقود ومكانتهم المختزلة، لكن مجتمعهم له ارتباط وتأسيس في نفوسهم. فهذه الطاقات تريد أن تعود وتتغنى بحياتها ضمن مجتمع ظاهره متعصب صلد، وعند فرحه فهو في منتهى الرقة والكرم والإيثار، وقد يكون نفس الشخص يحمل السلوكين. إذن المشكلة في تكييف هذا المجتمع بتعريفه بنفسه وإشعاره بأهميته وفاعليته ونجاحه عندما يكون لطيفا، وأن يفهم قواعد الخلق والسلوك وألا يأخذ الأمور بقسوة الأحكام على فعل قبل أن يرى رأيه إن كان هو من مرتكب الفعل أو هل يمكن أن يفعل هذا، وأن لا يطلب المثالية والتطابق في غيره، بينما هو ومن خلال أسلوب حكمه ومحاسبته هو غير مكلف بالحكم والحساب لم يطابق ما تعصب له.
ترى إنسانا يتعصب لفكره وهو يعيب على الآخرين العصبية، الحقيقة هذا لفاعلية الغريزة وسيطرتها على المنظومة العقلية، يصدر أحكاما عاطفية انطباعية في مفاصل أساسية لا يمكن أن يُنظر إليها ناهيك عن تطبيقها، ثم يتهم بفجور وفحش من يفكر لتكييف ما، ينكل هو بالناس وسمعتهم لأجله غير منتبه لأسلوبه الفج في طرح فكره الخارج عن الواقع والتاريخ بالأسلوب الذي يعرضه فيه. وهذه ظاهره في المجتمع وليست فردية نتيجة أن هذا المجتمع مأزوم نفسيا وفكريا ويحتاج إلى صبر في معالجته وقبوله لتصويب مسار أفكاره، وهذا ليس مناقضا للفكرة السابقة فهذه نتائج تختلف في مكانتها في التقييم عن الأساسيات كالفكر والغرائز والحاجات.
نستخلص:
الأفكار تتوسع في منظومة العقل، وما كان يعتبر من الثوابت ومتبنى كنسيا في مثل أرسطوطاليس هو إنتاج بشري له منطقه لكنه يصوب بالتفكير والنظر إلى الماهية. ثم نأتي إلى فكر الإسلام، الذي فهمه كبار الصحابة ومقاصده، ومن ينظر إلى سيرة الخلفاء الراشدين وسلوك الحسن والحسين، ربما يرى سلوك الحسن نقيض سلوك الحسين رضي الله عنهما، لكن واقعا في المقاصد واحد، كذلك تصلب أبوبكر رضي الله عنه في الأحكام والمرتدين، وتساهل عمر في الحدود عام الرمادة، ورفض توزيع الأرض على الفاتحين حماية لمصالح أهل المناطق المفتوحة وما زال الحكم قائما، ووقف العطاء للمؤلفة قلوبهم وهو فهم لمعاني التمكين في المقاصد واحد، وإلا في زمننا لحُكم البعض على أبي بكر بالتعصب ولحكم على عمر بالتبديد والابتداع. وتصور أن يأتي شخص أو حاكم في زمننا يجتهد اجتهاد كاجتهاده فهو حتما سيحكم عليه بالردة والكفر.
مع كل هذا النموذج الطيب فهم اجتهدوا لعصرهم. ولا بد أن نعلم أن القرآن لا يمر عليه الزمن لكن الاجتهاد يمر عليه الزمن ويغادره، لذا لا بد أن نجتهد لعصرنا ونفكر بشكل يمكننا من إدارة الحياة والحفاظ على أهلية الإنسان الضرورية ليكون الإنسان مكلفا. وهذا هو واجبنا فالشريعة من أجل الإنسان وليس العكس، ذلك منظور يمكن أن يحل مشكلة الإنسانية والبشرية التائهة رغم تطورها التقني فقد وصلت مرحلة التصادم الخطر الذي لا يعلم نتيجته إلا الله.
الأحد، 8 سبتمبر 2024
124 - الروابط الهابطــــــة
في علم الاجتماع تطرح عوامل عدة تؤثر على تكوين الشخصية، والشخصية في تعريفها الدارج سطحي جدا يتمثل في فرض الإرادة الذاتية أو ما تسميه اللبرالية الإرادة الحرة، لكن بتعريف الشخصية في المنظور الإسلامي هي العقلية والنفسية ومدى قوتها يعني اقترابها من الفكر والقيم بالسلوك وليس بالمعرفة وحسب، إما تشوه أو ضعف في الشخصية فهو يأتي من فقدان العزم أي استخدام المعلومة وإحداث الأثر في الفعل، كمثال، كان عند آدم معلوماتية عالية لكنه لم يعالجها في منظومته العقلية فوصف بضعف العزم لأنه لم يستفد من معلوماته في حماية نفسه من الزلل.
الاضطراب السلوكي
عندما تعالج المعلومة ويشرع الإنسان بضبط السلوك تتقدم الشخصية نحو القوة وتنعكس على السلوك والمجتمع، لكن أحيانا تتعارض مع طارئ أو مواجهة لإحدى الغرائز كالتملك والنوع أو البقاء هنا تصبح الأمور في انحراف أو تشوه خارج المنظومة العقلية أي إلى النفسية وهذه تؤدي إلى طريقين إما التبرير للقادم من شاذ السلوك؛ وعند هذا تستعمر الغريزة منظومة العقل بكل معنى الاستعمار أي تعيد بنائها حتى تبدو معقولة للإنسان المريض هذا أو شاذة مضحكة مبكية لمن يستمع إلى تبريراته أو وصفه لسلوكيات ويعني بها الغير بينما هو مصاب بها كالفساد وتطرفه في الحكم على الفاسدين بينما هو فاسد مفضوح الفساد، أو السلوكيات المنحرفة جنسية مثلا أو القمار وغيرها؛ أو صراع من اجل التطابق بين الإرادة والعزم يجري عندما لا يخدع الإنسان نفسه فتتمكن الغرائز منه لكنه يبقى ضعيفا أمام الامتحان خصوصا في غريزتي التملك والنوع وهما غريزتان قويتان تسقط اشد الناس هيبة وكيان.
الظلم تخلف
إما من الناحية المجتمعية فان التشوه في الشخصية يحدثه الظلم بالدرجة الأولى وهو فقدان التوازن، وخصوصا عندما يحصل خلل في العقد الاجتماعي أي الحكم أو المجتمعي وهنا أعنى النسيج والعلاقات البينية بين الأفراد والاختلاف أو التنوع في المجتمع، فيلتجئ الإنسان لحماية نفسه بفقدان الرابطة الأساسية والتي تدير المجتمع عقيدة أو دولة إلى روابط هابطة لا تحمل فكرا ولا تنتج فكرا مثل العرقية والعشائرية وقوانينها أو للحزبية والتكتلات وهذه عملية تدل على تفكك مجتمعي وانفراط العقد المجتمعي والخوف من الحياة ولتأطير المعطيات
1-الانحدار الحضاري الفكري
2-غياب القدرة على المراجعة للأفكار المنعكسة كرد فعل على واقع سيء
3-الفعل الغريزي المتنامي في فترة الفعل السيء
هنالك اعتماد للنقل من الاجتهاد وما تحور نتيجة الظروف السياسية ومتطلباتها في محاولة أن لا تحدث خسائر كبيرة فتعددت الأفهام ونشات العصبيات ثم أضحت انطباعات مقدسة لأمور هي تعتبر من الراي، لكن التقديس افقد المجتمع إمكانية أحداث إعادة نظر وتقويم للمعرفة المنقولة والتي لا يرى تضاربها أحيانا مع النص المقدس وكان الأمران لا يتعارضان بل مظهر الناقل يحدد قبول طرحه، هذا يمثل جانبا من الانحدار الفكري، وهو أساس في جنوح الطاقات المستنيرة وضياعها في ظلام الأفكار المنتحلة أو المستوردة والتي غالبا تأتي منمقة فتتبع من الشباب وهنا تتعامل الغريزة التي تأذت وفق المنتحل مع الإنسان ليحدث فيه الاستسلام أو الصراع الذي ذكرناه.
الإنسان المتعرض للظلم يفترض انه يكره الظلم كفعل لكن بغياب الترابط بين أصل الفكر والإنسان تكون الغريزة فاعلة والعزم ضعيف، فيتجه إلى كره الظالم نفسه ليس لأنه ظالم وإنما لان المظلوم عاجز عن رد ظلمه أو الانتقام منه، وهنا خيط رفيع حساس جدا يقتل الآدمية ويشوه الشخصية، فتراه يلجأ إلى الروابط الهابطة ليحتمي بالعشيرة أو العرقية أو حتى عصبية يظن أنها تحميه وتنصره.
معنى هذا لا توجد مراجعة للأحداث والأفكار ومرة أخرى يفشل الإنسان في الاختبار فيحصل الفساد في الأرض، والذي هو في حقيقته فعل غريزي متنامي لدرجة انه يبرر وكأنه أساس العقيدة وما هو إلا تبرير وتنظير للتبرير عبر أجيال ليكون حقيقة لا ينظر إليها بعين الفهم وخلافها مع الأصل الذي هو في الحقيقة ما يكون تطلّع الظالم اليوم؛ وربما ظلم في رحلة الصراع بين الخير والشر ليتحول هو إلى الشر من حيث لا يدري وتسول له نفسه انه على الصواب وانه في الحالة المثالية ويستمر الانحدار.
الروابط الهابطة لا تبني مجتمع ولا دولة
هذا وذاك يرينا أن الالتجاء إلى الروابط الهابطة لا يبني عقدا اجتماعيا سويا أو يكون باتجاه البناء والتمدن بل يبقي حالة متجددة من الصراع بتبادل موقع الظالم والمظلوم، وأحيانا بين ذات دعاة الرابطة الهابطة على مصالح أو سيادة؛ فاللجوء إلى الروابط الهابطة إذن هو انحدار حضاري فكري وتفكك اجتماعي ومحق للعقد الاجتماعي في تكوين الدول الحديثة وبالتالي صراعات لا تنتهي وإنما هي انتعاش وفاعلية لمنظومة تنمية التخلف وتوسع وثبات بيئتها التي هي فوضى أساسا؛ وان اشد خطر على أمة هو تشوه فكرها وغربة أهلها.
سيقول البعض انه يريد بناء دولة لبني فلان، وسيحاول أن يكون الجميع خاضعا لبني فلان وهذه ليست دولة وإنما نوع من استغلال فورة التمكين التي ستخمد ويأتي رد الفعل بعكسه، لكن بناء الدولة أن تشكل أمة مهما تنوعت انتماءاتها الفكرية فهي تعتبر الكل من النسيج فلا قانون يفرض على الجميع بما يختلف عليه الجميع ولا ظلم وتمييز وإنما تشكيل سبيكة متحدة تعطي الأمة مواصفاتها كما اشرنا في (مقال المكونات والصدمات)، ما خلا ذلك فلن تكون هنالك دولة بل منظومة تنمية التخلف حيث لا اهتمام ولا إحساس ولا همة للمشاركة الإيجابية والعالم وإصلاح عطبه وسد نواقصه بالتكامل الآدمي لإقامة السلالة والإعمار.
السبت، 7 سبتمبر 2024
123 -فلسفة الوجــــــــــود
رابـــــــــــــط عربي 21 هنـــــــــــــــــــــا
البناء الحسي والظاهري لا يكفيان:
في تصورات أرسطوطاليس حول الفكرة الحسية، ومنها ما تبنته الكنيسة كمركزية الأرض وتسطحها التي أثبت العلم وتطوره والتوجه البحثي نحو الفضاء، أنها محض تصورات ليست صحيحة، كانت فكرة "الشك" من تتصدر الإصلاح، وفكرة الشك في الحقيقة تقود إلى اليقين والاطمئنان إلى المسار، شرط أن يبقى هنالك حضور دائم لتجنب الموثوقية بغير "الثابت الجذري".
والثابت الجذري في الإسلام القرآن، وما ثبت من أحاديث بشكل قطعي: "وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَة مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (البقرة: 260). إن هذا المنهج القرآني في الشك واليقين هو دعم للإيمان وليس ضد الإيمان؛ لأنه من متطلبات القناعات التي تجعل إبراهيم يقبل على النار وهو واثق أن الله معه، ولا يكون إلا ما أراد الله.
بناء الصواب على العدد، أو بناؤه على المكانة للأشخاص أو أن الأجيال كلها مؤمنة به، فهل كلها لا تفهم؟! هذا بناء حسي لكنه يعطي موثوقية زائفة عند تدقيق الجذور، كما تم تبني معتقدات مئات السنين، وحورب العلم باسم الدين من الكنيسة وهو محض رأي تبنته عن فكر ملحد أصلا، بل أضيفت للمعتقدات ما يناقض جذرها وخرجت مطعمة من ساقها بثمار ليست للأصل، بل لا تمت له بشيء من صلة، كولاية التغلب وغيرها من المعتقدات التي نراها تمس جذر التوحيد، لهذا في البناء المظهري، نجد أن قبول هذا الأمر وأمثاله من التعريفات المنقولة والمدخلة؛ بغرض سد فراغ فهمها من البشر؛ كلها لا تعطي الفكرة الصحيحة عن الإسلام أو المسيحية.
بناء المدنية يمكن أن يتم في الهدوء ويرتقي بالعوامل الثلاثة التي ذكرها ابن نبي: التراب والزمن والإنسان. هذه لا تقدم معالجات كافية، فهي تُعدّ برمتها كونية قضى فيها الصانع كقدر لبناء وعمارة الأرض، فهي أدوات الإنسان لعمارة الأرض يحكمها ويتفاعل معها؛ لأن الإنسان في مجتمعات متنوعة أو قيد التأسيس، وتحتاج إلى عامل رابع وهو الحضارة الفكرية أي الفكر، حتى المدنية الغربية التي لم تؤسس أخلاقية، لكنها استحضرت السلوك من خلال فكرة النفعية التي تدير المنظومة العقلية لصالح تحقيق الغرائز.
الأساس الفكري والفلسفي للخليقة في الإسلام:
لتسهيل فهم هذا الأمر وأهميته أضعه في نقاط:
1- إن الله جل وعلا خلق آدم كنموذج متطور للفهم والإبداع في الفكرة، لكنه أيضا عبرة لسلالته الأرضية، بأن المعلومات وحدها لا تكفي، وإنما تكون كدسا لا يصل بك إلى شيء، فآدم الذي أعطي المعلومات ونٌبه إلى أن إبليس عدو له، ضعف أمام غرائزه في التملك والبقاء، فتوقف عن معالجة المعلومة: "وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما" (طه: 115).
2- الإنسان في الأرض ليختبر بمنظومته العقلية وتدويرها في الإبداع وحسن الإدارة للمعلومة والحياة، "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا". فهو لم يتلقَ المعلومة دفعة واحدة، وإنما بهدوء وعلى مكث ومن مصادر متعددة، وعنده الوقت والآليات التي يبدعها لمساعدته في الإبداع والفهم ومعالجة المعلومة.
3- ولأن الله عادل، فالإنسان كامل الأهلية في اختياراته، ومع التطور وزيادة الحاجات وإلحاح الغرائز يرسل الأنبياء، وكلما انحرف فهم الناس أرسل رسولا آخر أو نبيا، إلى أن ختمت الرسالات "بقرآن مثاني"، أي طيات، يتعامل مع المنظومة العقلية ليستنبط الإنسان الحلول كل مجتمع، وفق درجة مدنية وما وصل إليه من علم وفهم بما يناسبه لحل معضلاته.
4- الإسلام ليس دين عبادة ولا يقيد الإنسان بفكرة، وإنما في الثوابت كان واعظا بأمره؛ لأن الإنسان قد يتحول من حالة إلى حالة برقي تفكيره كالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، فالإسلام ليس فكرا محدودا أو لعقلية مستعبدة لا تجيد التصرف بالحرية ليقول الحسن والقبيح وافعل ولا تفعل، وإنما ترك الخيار تماما للإنسان.
5- حساب الإنسان نوعان، ما كان في حقوق الله فالله يحاسبه، وليس كما يُظن ومشهور عندما جهل الناس ووضعوا أنفسهم وكلاء عن الله، وأما إن كان هنالك اعتداء على المجتمع واستقراره ونظافته، فهنالك القانون الذي يصاغ لعصره من دستور لعصره من مثاني القرآن.
فليس من وكالة ولا زعم حفظ الآخرين من الضلال فلهم منظومتهم العقلية، ولا إجبار، فإن كان حوارا فسيكون متكافئا، فإن تطورت الأمور سلبيا فلكم دينكم ولي دين، أما إن كانت هنالك محاربة للعقيدة، فحفظها واجب وهي أشد أنواع القتال بل الظلم في التسفيه، فأُذن للذين يقاتَلون بأنهم ظلموا، فإن جنحوا للسلم فالسلم أولى؛ لأن الأصل منع الإفساد في الأرض، وليس فعله.
6- في فلسفة الوجود يوجد نظام ودولة، وهذه الدولة -مؤسسة وفق زمانها- تسعى لإقامة العدل من خلال عدالة القائمين على الحكم والقانون، لا تجبر أحدا ولا تسمح بالفوضى والتمادي والفتن، لكن لا تظلم، فواجبها في عصرنا إدارة الحياة وتمكين الإنسان من خياراته للمحافظة على الأمة.
7- للإنسان مهمة وهي ما قلنا من عمارة الأرض وإقامة السلالة ومعرفته أنه في امتحان لمنظومته العقلية، بيد أننا نلاحظ وقد تغلبت الغرائز من حب السيادة والتملك وغيرها، أنه فاقد للعزم وسلك سلوك الشطط والفساد، وإن غاب الأنبياء فموج الناس ببعضها عظة.
8- إننا في امتحان والله الحكم، هو خلق الكون وقضى فيه نظامه الذي لا يتغير، لكنه وضع الأقدار اللازمة لكي يستغلها الإنسان ويتعامل معها للبناء أو التدمير. وهنا يظهر الإنسان المكرم ألَهُ عزم في التفكير الصائب، أم نسي ذكر ربه بإصرار واستكبار؟
ويتبادر للذهن ماذا أولئك الذين لم تصل إليهم الرسالة، فمن خلَقهم هو أدرى بهم، لكن في عصرنا وقد تقلصت المسافات والزمن؛ فالحوار لأنه منشط المنظومة العقلية الآدمية، وتلك من المهام الإيجابية وفق أصولها: "ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" (النحل: 125).
136- جدلية ازدواج الشخصية في المجتمعات.. استعمار الأفكار (2-2)
رابط عربي 21 صراع قيمي الذي في مجتمعنا مهما كان دينه، هو متعرض لإضافة قناعات إلى فِكْرِهِ من مراجع فكرية متعددة غزت المنطقة والآن الكثير م...
-
رابط عربي 21 صراع قيمي الذي في مجتمعنا مهما كان دينه، هو متعرض لإضافة قناعات إلى فِكْرِهِ من مراجع فكرية متعددة غزت المنطقة والآن الكثير م...