السبت، 1 أبريل 2023

53 - لمــــــــــاذا نحن متخلفـــــــون ............ (الجزء الاول)

 



مدخل

من المهم التأكيد دائما على ضرورة تعريف الكلمات لقيادة المعنى بالاتجاه الصحيح.

ما هو التخلّف؟

أن تبقى في محلك أو تتباطأ في السير نحو هدف هو تخلّف، وأن يصبح هدفك اللحاق بالركب هو تطلّع نحو التقدم، وألاّ تعرف الطريق للوصول للهدف هو جهل، وأن تضع لك طريقا ومنهجا للوصول إلى الهدف فتلك محاولة جادة للحركة، وأن يقال لك هذا الطريق خطأ بالبراهين وتصر على طريقك المقلوب فهذه جهالة، أي انحراف فكري وانحدار حضاري مرافق لتخلّفك عن مسيرة الآخرين نحو التقدّم (المدنية)، وبمرور الزمن تحصل تنمية للتخلّف. وعندما تقاد هذه العملية أيديولوجيا عندها نصبح أمام منظومة هي "منظومة تنمية التخلّف".

في البداية كانت هنالك مدخلات لهذه المنظومة مختلطة ولكن كانت مخرجاتها تخلّفا وفاعليتها مع البيئة كانت تواجه نوعا من التحديات العاطفية الغارقة في الجهل.. وهكذا اختفت التحديات لتصبح المنظومة بكاملها -مدخلاتها كفاءتها مخرجاتها فاعليتها بيئتها- تشكّل حالة التخلّف التي نحن فيها.

إذن التخلّف عندنا هو عدم إدراكنا كم التخلّف الذي نحن فيه (الطريق، أسلوب التفكير، ردود الفعل، الأفعال). هو حالة الانحدار الحضاري في البيئة ومنظومتها، هو التأخر المدني، وما يعنيه هذا من تفاصيل تغطي مناحي الحياة ونواحيها.

التخلّف عندنا هو عدم إدراكنا كم التخلّف الذي نحن فيه (الطريق، أسلوب التفكير، ردود الفعل، الأفعال). هو حالة الانحدار الحضاري في البيئة ومنظومتها، هو التأخر المدني، وما يعنيه هذا من تفاصيل تغطي مناحي الحياة ونواحيها


نوعان من التخلّف:

1-التخلّف بسبب الانحدار الحضاري:

حينما تخرج عن أركان الحضارة تدخل في حظيرة التخلّف، فعندما تحوّلت الخلافة إلى ملك عضوض ذهبت ولاية الأمة ودخلت عناصر الظلم واغتصاب الحقوق والشعور بالغبن، وظهرت حركات يؤيدها العجز والحيرة، ولم تكن هذه الحركات إلا آراء متباينة فاحتاجت لدعم فكري، والدعم الفكري قد يكون رأيا مؤصلا أو اختلاقا.

ولعوامل الضعف وانتشار الهوى ومحاولة تكييف الأحكام لتبرير الجور في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ ولخوف الأمة من الفتنة جعلها تتجه للفتنة المؤصلّة على أحكام تاريخية كالتي نعيش فيها؛ لذا كان ضروريا:

1- التوقف والقول بضرورة الاعتراف بالتخلف الفكري والحركي.

2- الفصل بين أهمية السيرة النبوية في التشريع وعدم أهمية التاريخ، بل الدعوة للتوقف عن اعتبار أحداث التاريخ والصفحات السوداء فيه كأحكام تستنبط منها الأحكام الشرعية التي يراد بناء الواقع الإسلامي الجديد عليها؛ لأن هذا يعني إعادة تغذية منظومة تنمية التخلّف بطريقة محبطة قد تؤثر على استقرار العالم كلّه.

3- تغيير وتعديل للجهاز المعرفي بات ضروريا لنقل فكرة الصراع إلى فكرة التعايش.

4- فكرة الصراع وعدم قبول المخالف في حقيقتها نتائج لهذا الانحدار الحضاري الذي أضعف ارتباط الأمة بالسبب الذي جعل منها أمة فاعلة، أما الاحتلال وتمزق الأمة وغير ذلك من أمور يمكن سردها في هذا المجال؛ فهي محض إسقاط لهذا الانحدار الحضاري على أرض الواقع وحتمية تغلّب الهوية البديلة عند فقدان الهوية.

ويمكن قراءة ظواهر باعتبارها نتائج وفي ذات الوقت كعوامل قامت على مدى التاريخ القريب؛ بإعادة تغذية منظومة تنمية التخلف وبشكل مستمر، ومنها:

نلاحظ أن الأمة قد سُلبت منها إمكانية التعمق الهادئ بحكم التطبيقات الاستعمارية وضغوط الصنائع التي هي أشد بأسا وقهرا، بل إن ثقافات ولغات وحتى عادات فُرضت، واستحوذ على الأمة ما يشبه الاستسلام الفكري من خلال المسلّمات الموروثة والأمثال المتخلّفة والتي تُطرح وكأنها حِكَمٌ ومُسَلّمات


أ- أساليب التربية:

نلاحظ أن الأمة قد سُلبت منها إمكانية التعمق الهادئ بحكم التطبيقات الاستعمارية وضغوط الصنائع التي هي أشد بأسا وقهرا، بل إن ثقافات ولغات وحتى عادات فُرضت، واستحوذ على الأمة ما يشبه الاستسلام الفكري من خلال المسلّمات الموروثة والأمثال المتخلّفة والتي تُطرح وكأنها حِكَمٌ ومُسَلّمات. ونرى ما يدعو للتساؤل؛ لماذا يسارع الكثرة من الناس وبجهد مبذول ومشقة وراء ما يظنون أن فيه نفعا ماديا لهم -وقد لا يكون أكثر من دعاية مضللة- بينما لا يكادون يحرّكون أنفسهم للبحث عن الحقيقة والتخلّص من التشويش؟ ولا يبحث الكثرة من الناس عن الذي يرضي الله في الواقع، وهذا ما يعزى لوصف "الضياع، الغفلة، الجهل".

وهذه إنما هي نتائج، لكن المسببات -فيما أرى- هي دخول بعض الانطباعات إلى العادات فتدخل في طباع الناس مع التقادم بسبب أسلوب التربية الذي يقدّم نتائج مستخلصة قد تكون صحيحة أو خاطئة دونما نقاش، لأنها لُقنت دون نقاش أو شروح ويتم نقلها حسب الفهم لها. وهذا نتيجة لظروف الإرعاب التي ولدت الحاجة لإملاء المعلومات بحكم السريّة في التعبير عن المشاعر الحقيقية التي عاشت وما زالت، وتترسخ هذه الانطباعات مفقودة الجذور مزدوجة ومركونة، تخرج عند وجود استثارة لغريزة أو حاجة وتتعايش مع الزمن ولا تتعارض، ذلك أنها ليست مفاهيم يؤيدها الدليل كي تتعارض، فترى الشخصيات المضطربة الآمرة بالخير ولا ترى المضادة في سلوكها.. وهكذا.

ب- المخاض الصعب للخروج من العبودية:

تمر الأمة بمرحلة يسميها المفكرون بالصحوة، والحقيقة أنها ليست صحوة وإنما هي تشخيص للمشاكل وبلا حل، فترى الناس يطربون لكلام الدعاة ويمتدحونهم ولكنهم ليسوا على استعداد لحمايتهم، بل في أفضل الحالات سيقفون موقف المتفرّج عند إدانة أحد الدعاة ما لم ينضموا إلى قائمة المشككين بمصداقيتهم.

وما ينطبق على هذه الأمة هو وضع بني إسرائيل أثناء دعوة موسى (ص)، وبعد الخروج من التذمر جرّاء أي خوف أو توقع لأذى، والبحث عن صنم للعبادة، فتراهم يعارضون إزالة آثار استعبادهم وقد كانوا يكرهونها بالأمس. وهذا نوع من مقاومة إعادة التنظيم في أية منظومة.

الجائع يتصور أن مشكلة العالم هي رغيف الخبز بتعميم رهيب، ويأتي لينفذ خطته ليكتشف أنه دمر الكثير ولم يوفر رغيف الخبز فيقضي الوقت المتبقي قبل إزاحته من ثائر آخر لا تدري ما وجهة نظره، وهو يقمع ويقتل ويهتم بتثبيت ملكه، ويحتج بأنه فشل في تحقيق "برامجه ومخططاته الطموحة" لأن الإمبريالية والصهيونية تتآمر عليه لإزاحته لأنه خطر عليها. وبهذا الهذيان كانت منظومة تنمية التخلف قد ازدادت فاعلية ورسّخت التخلّف في بيئتها


2- التخلّف المدني:

ليس هنالك علاقة مباشرة بين التطور المدني والرقي الحضاري، اللهم إلا من حيث توجهات المدنية وتسخير مخرجات منظوماتها. وكان التخلّف المدني واضحا لفترة طويلة، فلم تبن أسس وقواعد للمدنية الحديثة، وباحتلال بلاد المسلمين وإكمال تجزئتها هيّأ المحتل هذه البلاد لتكون مستهلكة، وعندما نهضت الثورات كانت ثورات ليس لها برامج كاملة، وإنما تنطلق من توجه معارض وتشخيص سطحي ووضع حلول بلا بدائل لكونها حلولا غير مدروسة.

فالجائع يتصور أن مشكلة العالم هي رغيف الخبز بتعميم رهيب، ويأتي لينفذ خطته ليكتشف أنه دمر الكثير ولم يوفر رغيف الخبز فيقضي الوقت المتبقي قبل إزاحته من ثائر آخر لا تدري ما وجهة نظره، وهو يقمع ويقتل ويهتم بتثبيت ملكه، ويحتج بأنه فشل في تحقيق "برامجه ومخططاته الطموحة" لأن الإمبريالية والصهيونية تتآمر عليه لإزاحته لأنه خطر عليها. وبهذا الهذيان كانت منظومة تنمية التخلف قد ازدادت فاعلية ورسّخت التخلّف في بيئتها، إنها الجاهلية المعتقدة بهذيانها دون دليل.

ولعلّنا أصبحنا قريبين من الإجابة على السؤال لماذا نحن متخلّفون؟

أولا: التخلّف الحضاري:

عندما نجهل ديننا ونصرّ على جهله، ويتصدى الجهلة للدفاع عن قيمه بطريقة قتل العصافير لحماية البيدر أو وضع الرؤوس في الرمال، يصبح التخلّف الحضاري حقيقة، ويغدو المجددون شذاذ آفاق، ويخرج من يصدر الفتاوى المقلصة لحقوق الناس خوفا عليهم ولحمايتهم، وما ذلك إلا لعجزه عن المواجهة وتخلّفه.

ثانيا التخلّف المدني:

ليس هنالك من تطوّر مدني بلا استقرار وبلاد المسلمين غير مستقرة لعدة أسباب، منها:

1- أطماع الدول الخارجية.

2- تعدد المراجع الفكرية وصراعاتها على السلطة، وهذا ليس تعدد رأي وإنما تعدد مرجعية. فتعدد الآراء هو اختلاف الأحزاب في برامجها كعلاج وليس في المبدأ الأساس، فلن يُقبل بالشيوعية في هذه البلدان بينما عندنا كل أفكار العالم وتجاربه النظرية ولا تُحارب من الجميع مثل حضارة الأمة؛ جهلا أو كرها.

نشر في عربي 21  ..

                                               انقر سيظهر الرابط اقرأ في عربي 21

السبت، 25 مارس 2023

52 -الرعوية ومنظومة تنمية التخلف

 



الجمهور والخطاب الشعبوي:

معظم شعوب العالم ومنطقتنا بالذات، استرخت على العبودية الخفية بل استطابتها وتدافع عنها، وهذه الشعوب لا تقبل التغيير بل تمجد الظالم خوفا وطمعا، وتتمنى زواله لكن لا تسعى لذلك، بل أثبتت التجارب أن هذه الشعوب ترغب باستعادة الظالم لأنها تحس بفراغ المظلومية، وما يتطلب رفع العجز من مسؤولية، وتستهزئ بالمصلح أو تعتبره أحيانا خطرا عليها؛ لأنه يطالبها بأن تنفض الشعور المترسخ في النفوس بالمظلومية غير المحددة هذه. وهي لا تعرف كيف تعيش خارج القفص، وتهاب صوت الحرية، وترى أنها ستتحمل مسؤولية نفسها بدل أن يتحمل الظالم مسؤولية ظلمها.

إننا حتما سنجد من يخاطب هذه المشاعر، يجتمع له جمهور غفير ويتمتع بكلامه الذي يصف مظلوميتهم ويشتم الظالم، بل يتفنن في ضرب الأمثال، أما من يتحدث عن التطور المدني التنموي والنهضة الحضارية، فقد تجد متسعا من المكان لتسترخي فيه بل وتنام أيضا؛ لأنه سيحدثك عن أمور ربما تتطلب منك أمرا أصلا أنت مقرر ألا تفعله.

الخطاب الشعبوي لا ينتج أفكارا ولا يؤدي إلى عمل بل هو انتقاد وشكوى، حيث ينفس الخطيب أو المحاضر أو أيّا كان عن المتلقي، فيرتاح المتلقي ولا ينتج تحسينا للحال. وكنا نرى هذا في أنحاء العالم بخطب أو محاضرات بعض الخطباء والدارسين للواقع، رغم أنهم لا يختلفون من حيث المضمون عن أبسط الناس في تشخيصه بأكثر من الأسلوب وطريق التعبير.

الخطاب الشعبوي لا ينتج أفكارا ولا يؤدي إلى عمل، بل هو انتقاد وشكوى، حيث ينفس الخطيب أو المحاضر أو أيًّا كان عن المتلقي، فيرتاح المتلقي ولا ينتج تحسينا للحال.


الرعوية وبث الكراهية:

نوع آخر من الخطاب وخاصة عندما يستشعر بعض القائمين على الأحزاب أو الدين بحالة من قلق الجمهور وأسئلة كبيرة تصعب إجابتها، خصوصا رجال الدين على المنابر والقداسات في الكنائس، ومع غزو الإلحاد أو الهروب من الضبابية في التساؤلات إلى دين آخر، فيحتاط البعض وخصوصا مع المغتربين في البلاد الأجنبية التي تواجه الشذوذ والمثلية، أو السؤال عن الثقافة العامة المنقولة إلى البلاد الأخرى، مع الجهاز المعرفي للمهاجرين، فيبدأ بضخ نوع من الانتقاد للأديان الأخرى في تلك البلاد، أو ما يحتويه الجهاز المعرفي للمهاجرين، بكتابة تاريخ وهمي وتلقينه ليكون حقيقة عند المتلقي وفيه كراهية لكل ما غيره، للشذوذ كخطر وليس كمرض، وللأديان في المحيط، كالإسلام مثلا، بل يجري نوعا من التبرئة لبعض آخر من الأديان، التي لا تشكل خطرا لكسب المصداقية، وتجنيد إحساس المظلومية معه، فتجد إنسانا جميلا مهذبا يتحول إلى كتلة بشعة عندما يتكلم عن الآخر، بل يتحدث عن الإنسانية والمحبة، لكن ردود فعله وقوله على أي أذى، يصيب مخالفه هو رد فعل خال من الإنسانية بشع مقيت بالكراهية.

الرعوية هذه هي من أسباب البحث عن فرص مغادرة المكان وفقدان الشعور بالانتماء، رغم الحنين الطبيعي للوطن، ولكن بلا من يكرهه فيه.

الانتماء مسالة تأتي ليس للأرض وإنما للبيئة ككل، ومنها المجتمع الذي تزرع فيه الكراهية دون قصد، وإنما للمحافظة على الرعوية، وهذا أمر تحس بالأسف له عندما تطالع وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك، وتجد أن كل المخالف شيطان رجيم، وأن الملاك هو هذا المسخ المليء بالكراهية، وتجد هذه المسوخ من كل الأديان والطوائف لا تكاد تميزها في تطرفها عما تتكلم هي عنه بالذم، ولكن لا تشعر بأنها تحمل ذات الصفات. فمنظومة تنمية التخلف كما كتبت مرارا، شعارها "نحن نحب الظلم ونحب أن نظلم، ولكن نكره الظلم حين يقع علينا"، و"إن منع الظالم عن ظلمه يعده الظالم ظلما له".

الانتماء مسالة تأتي ليس للأرض وإنما للبيئة ككل، ومنها المجتمع الذي تزرع فيه الكراهية دون قصد، وإنما للمحافظة على الرعوية، وهذا أمر تحس بالأسف له عندما تطالع وسائل التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك، وتجد أن كل المخالف شيطان رجيم، وأن الملاك هو هذا المسخ المليء بالكراهية.


فالتحريض وبث ما يؤدي إلى الكراهية ينبغي أن يراجع حتما من الناس المؤثرين، الذين يقودون المجتمع؛ لأنه ضد الإنسانية، عندما تحطم استئناس الإنسان وأخيه الإنسان. والاستئناس ضروري حتى بين العائلة والأسرة الواحدة، إن فقد التكافل والمحبة، ولا يفيد أمر لإحياء الميت اللهم بإعادة تنظيم الأسرة، انطلاقا نحو المجتمع.

الاستئناس:

الاستئناس من الإنسان، آدم أنس حواء، قبل أن تكون هنالك أحاسيس ببعضهما كجنس مختلف، لذا فكل ما ظهر بعد الإحساس بأنهما جنس مختلف لا قيمة له إن فقد الاستئناس، فلا حب ولا رغبة، ولا تعاون ولا تكافل بلا استئناس. فلو أخذنا الأسرة، منذ بدأ التكوين فستجد أن الاستئناس هو الأساس، فالجمال راحل مع الكبر، والمتع تتضاءل مع مواجهة الحياة، وكل الحياة في حركة ويبقى الدافع للالتئام والتعاضد هو الاستئناس، الذي إن فقد فإن من أسهل الأمور الاستغناء عن جميلة الجميلات، وألطف الرجال معاملة ووسامة وغنى من أموال وأملاك، ومع الاستئناس يبقى الجمال رغم الزمن ويبقى الغنى وإن امتد الفقر.

والاستئناس مزرعته النفس عابرة للزمكان، فمهاجر الوطن مع المحبة لا يهجر معارفه وقد أنس إليهم، فالمكان لا يفقد المحبة والتآلف وكم منا ما زال يتواصل مع مهاجر قد يختلف عنه بالعقيدة والدين والقومية وما كان يجمع بينهما إلا الاستئناس، وهنا ترتقي عظمة الإنسانية التي هي بداية الخلق للآدمية، حيث لم يك إلا آدم وحواء لا يجمعهم إلا الاستئناس، فلم يأتهم إبليس ليريهما أنهما مختلفان.

هذه الحقيقة التي ينبغي البناء عليها من الدعاة والوعاظ في خطبهم والقداسات وفي محاضرات النخب، مهما تغير معتقد من معك. حافظ على أنسك لأنك بهذا فقط تكون آدميا كما خلقك الله إنسان.

https://arabi21.com/story/1501733/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B9%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AE%D9%84%D9%81

الجمعة، 17 مارس 2023

51 - جناحـــــــا العقاب

 

إن الحكمة في السلوك من معالم الحكمة في التفكير الاستراتيجي، والتفكير الاستراتيجي هو تعبير عن إدارة الحياة ككل، وتعبير عن فضاءات التكامل أمام الظرف وما فيه من معوقات ومشاكل؛ بل منعطفات مصيرية تهدد الأمة من أخطاء يرتكبها الجميع مقصودة أو غير مقصودة وإنما تأتي من خلال سياقات العمل، ومن يعمل يخطئ حتما في بعض الخطوات، بيد أن القيادات الدؤوبة والفطنة تستعيد الأمور لتعيد تركيب المعادلة بما يتجاوب مع المتغيرات وأمانة الأمة ككل؛ التي يحملها كل طرف.

راية العقـاب:

إن راية العُقاب يرفعها دوما جناحان متماثلان في إتمام وتكامل عناصر القوة والارتقاء والتحليق عاليا لرؤية المشهد بشكل أوضح، الأمة ككل بتفاصيلها بحاجة إلى تغيير وتعديل وإصلاح للجهاز المعرفي للأيديولوجيا وللغايات، بشكل ينسجم مع واقع ومستجدات الحياة. وقوة كهذه تحتاجها تفاصيل الأمة في ضمان حقوقها والسلام فيما بينها لتتحد من أجل أن تشارك في تطور المدنية، ولا تبقى تبعا أو عالة أو عرضة للإخفاق أمام التحديات، بينما فيها طاقات إيجابية وتنوع تعرقل مزاياه الصراعات.

في منطقتنا هنالك جناحان قابلان للتكامل والتحليق العالي للحفاظ على معادلة الاستقرار والأمن بكل أنواعه في المنطقة؛ هما تركيا بقيادة حصيفة وعقلية بنّاءة واستراتيجية التفكير، والسعودية التي تعتبر بقيادتها الشابة تحمل معاني كبيرة من الحراك والطموح؛ وتعد الجانب الموازن للجناح التركي من نواح عدة تدعم الديمومة والمطاولة، وفي الاقتصاد والمرونة السياسية والعلاقات الدولية


في منطقتنا هنالك جناحان قابلان للتكامل والتحليق العالي للحفاظ على معادلة الاستقرار والأمن بكل أنواعه في المنطقة؛ هما تركيا بقيادة حصيفة وعقلية بنّاءة واستراتيجية التفكير، والسعودية التي تعتبر بقيادتها الشابة تحمل معاني كبيرة من الحراك والطموح؛ وتعد الجانب الموازن للجناح التركي من نواح عدة تدعم الديمومة والمطاولة، وفي الاقتصاد والمرونة السياسية والعلاقات الدولية العميقة زمنيا، والتي ستصبح لامعة عندما تتكامل وتتناغم مع دولة كتركيا في دعم بعضهما للإقلاع بالمنطقة في جو التكامل والتموضع بعد ما هو ينذر بوقوعه في مكان جديد، في معادلة دولية قادمة -تعززت أثناء كتابة المقال- والصمود والإضافة للبشرية، ولتكون المنطقة كالعقاب منيعة شجاعة لا تظلم أحدا ولا تسمح لأحد أن يظلمها، ثاقبة النظر وهي تتعامل مع الفوضى تماما كما في عالم الطيور حيث الصقور والنسور كالعُقاب مهابة لكنها لا تتجاوز حقوقها في الحياة والمحيط.

فضاءات التكامل بين تركيا والسعودية:

من اللافت للنظر تلك الرؤية البعيدة المدى والتي بادرت لها السعودية بدعم الحركة النقدية لتركيا، وهي دولة تمثل نوعا من الاكتفاء والسند في الأمن الغذائي والدبلوماسي والعسكري. فتركيا بحجمها الكبير إن دعمت فهي ولا شك تتكامل مع السعودية للنهوض بالبيئة المضطربة في المنطقة.

التكامل هذا بعيد المدى ويمكن أن يحتوي الصالح من دول المنطقة وما يمكن أن ينهض بمواجهة أزمات عالمية كالجفاف والنقص في الموارد المائية والغذائية والحركة الاقتصادية ونوعية الاحتياجات، لإبقاء درجة من الرفاهية تعطي مطاولة زمنية لتحمل المتغيرات من عامة الناس.

الشركات التركية تستطيع أن تحقق كثيرا من المشاريع والأفكار مثل التي طرحناها في مقالات سابقة:

1- كإدخال الميناء الرئيس إلى داخل الأراضي السعودية أو دراسة هذه مع إكمال فتح قناة تربط الخليج العربي في البحر الأحمر، وهو ما ستكون له أهمية وفرص استثمار لا تقل عن أهمية وجود قناة السويس، بل هنالك خيارات متعددة ستظهر في الحركة التجارية العالمية وخطوطها، وانعكاس ذلك على الاستراتيجية للسعودية، وتطور وتعدد الموارد المالية والاقتصادية، وإقامة أسواق حرة ونقل سلس للبضائع، ومشاريع سياحية، ومد المياه وتحليتها بدرجات متعددة للزراعة وزيادة المساحة الخضراء.

2- إحياء مشروع الأنابيب التركي الخليجي من سيحان وجيحان إلى سد حديثة، إلى أن يتوزع في جنوب السد إلى جميع دول الخليج لنقل مياه عذبة لا تحتاج أكثر من محطات تصفية عادية ليكون ماء صحيا صالحا للشرب متاحا وبكلفة إنشاء الخطوط أو ما يمكن أن يُتفق عليه وفق عقود إنشاء واستثمار أو استخدام بين كل الدول المستفيدة.

تميزت السعودية عند تركيا بموقفها من الأزمة، والآن في دعم تثبيت الاقتصاد لكيلا تؤثر الأزمة عليها، وإن ما سينشأ من علاقات متينة هي مهمة ومُفرحة بقدر ما تُحزن أعداء البلدين


3- طاقات البناء والإنشاء لن تكون كغيرها، بل سيدرَّب كادر سعودي على البناء وصيانة المنشآت بل وتنفيذ المشاريع وإدارتها هندسيا خلال الإنشاء وما بعده في مراحل الصيانة والتشغيل، وامتلاكه من الخبرة ما تمكنه من تحوير هذه المشاريع مع تطور التقنيات والتكنولوجيا في العالم.

لا شك أن بلاد الحرمين هي انتماء كل مسلم ويهمه استقرارها وأمنها بقدر لا يدانيه اهتمام آخر، فهي منطلق الوطن العقيدة الذي يعيش فيه المسلم أينما كان ولا يعرف هذا الإحساس إلا من زار الأرض وتعبد بأمانها وشاهد تطورها العمراني والتسهيلات الجادة التي تتسابق مع متغيرات الزمن.

لقد تميزت السعودية عند تركيا بموقفها من الأزمة، والآن في دعم تثبيت الاقتصاد لكيلا تؤثر الأزمة عليها، وإن ما سينشأ من علاقات متينة هي مهمة ومُفرحة بقدر ما تُحزن أعداء البلدين، لذا فالحذر واجب وتدعيم الخطى وأرضياتها مهم، بل وعمل مركز دراسات استراتيجي لتطوير العلاقات وكيفية بنائها برصانة وديمومة، فإن عُقاب المنطقة سيعلو حتما بجناحيه إن تناسقت حركتهما وسيكون مركزا لحراك أفلاك ثرية ذكية تحتاج فعلا لنواة كي تصلح ذاتها وتعدل المسارات، خصوصا بعد أن تستعيد السعودية علاقتها بإيران، فإن هذا سيجعل الوضع أكثر متانة واستقرارا إن توحدت التوجهات مدنيا، فالمنطقة بحاجة ماسة إلى استقرار زمنا طويلا.

https://arabi21.com/story/1500322/%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%AD%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%A8

الجمعة، 10 مارس 2023

50 - فشل القيم المعلنة في اختبار الجهاز المعرفي ... - عربي21



الأفكار خارج التطبيق:

علينا أولا أن نميز بين الفكر والأفكار، فالفكر هو ما له أجوبة عن الكون وما فيه والإنسان وماهيته والحياة ومسارها، أما الأفكار فهي تمس الحياة وما فيها، وغالبا تأتي من خلال تأثير الواقع على الإنسان المفكر فيبحر في وضع الحلول. وكل ما  يُطرح هو جميل ولطيف ومغر باتباعه؛ من أفكار علمانية ليبرالية أو حتى دكتاتورية وأفكار رأسمالية أو شيوعية (ولنقل أفكارا اشتراكية فلم تصل أمة حديثا إلى تطبيق الشيوعية ولن تصل قطعا)، وكذلك الكلام عن الإسلام وما يقترحه المفكرون من حلول للحكم والدولة.

أما الحديث عن القيم والأخلاق، فإن الليبرالية والنظام الرأسمالي والحداثة عموما لا تتحدث عن الأخلاق أبدا، وإنما منطلقات الحداثة مذ بدأت يمكن أن نسميها قاعدة أخلاقية منفردة (النفعية)، وما نراه من سلوك هو منطلق من قاعدة النفعية ومنها ما يتحد مع الإنسان كأحاسيس مرهفة عند البعض، فتبدو تلك السلوكيات وكأنها مدعومة بقيمة أخلاقية عليا لكنها ليست كذلك.

ذات الشيء في الحديث عن القيم والأخلاق على المنابر أو القداسات بأنواعها، فإننا نلاحظ أن ما يُذكر في خطب الوعظ هو عالم آخر يعيشه المؤمنون الذين يحضرون صلاتهم، لكن مع انتهاء الصلاة تنتهي العلاقة بما قيل لأن لا وجود له حتى بأسلوب مغادرة المكان واقعا، فالناس غير الناس في السلوكيات التي ترتبط بواقع مادي قاتل وليس بجو السكينة النفسية، وهذا انعزال تام من المجتمع عن أهم منصات التربية المجتمعية.

لماذا تفشل المسارات الفكرية والقيمية

هنالك المتعدد من الأسباب لظاهرة الفشل في الإدارة من الإسلاميين كما الشيوعيين، ومعالم الفشل التي تتسارع في الظهور في الحداثة بعد أن قل سمك الغطاء الدعائي والإعلامي من خلال توسع المعرفة وانتقال المعلومة صوتا وصورة، وهو ما وفره التطور العلمي الذي من الخطأ حسابه على أي نظام


هنالك المتعدد من الأسباب لظاهرة الفشل في الإدارة من الإسلاميين كما الشيوعيين، ومعالم الفشل التي تتسارع في الظهور في الحداثة بعد أن قل سمك الغطاء الدعائي والإعلامي من خلال توسع المعرفة وانتقال المعلومة صوتا وصورة، وهو ما وفره التطور العلمي الذي من الخطأ حسابه على أي نظام، ذلك أنه جهد بشري منفصل انتقلت عملية تطويره بين الأمم، فهو جهد وإبداع الإنسان أي كان معتقده أو فكره أو أي صفة معيارية يمكن أن توضع مع مرور الزمان.

فشل الحركات الوضعية العلمانية:

عند التطبيق تأتي مواطن الخلل، فالنظرية الشيوعية قامت على أساس صراع العمال فيه، لكنها أتت في بلد زراعي، وسادت طبقة وفردا، وقُتل المخالف بلا رحمة، وفشلت في النظرة إلى الإنسان والكون، والحياة بالممارسة. الحداثة موضوعها طويل لكنها فشلت في تحقيق ما وعدت به، وتتهرب منه بالتحديات المفترضة والحروب الكونية، ونرى من المقلدين كم من الطغاة والمستبدين وممن هيمنوا على الشعوب حتى اختلت الموازين ورجاحة الرأي عند الشعوب، فمن جهة تريد الخلاص ولكن عندما تبدأ آلام المخاض تقفز عائدة إلى قفصها وتريد دكتاتورا وتترحم على دكتاتور، كمثل العبد الذي سئل إن كان عندك مال كذا ماذا تفعل به، قال أشتري سيدا يعاملني برفق.

إنها مسألة جهاز معرفي لشعوب عاشت في إمبراطوريات لأجيال طويلة، ولها تصور عن الحكم والسلطة ومعنى الحياة مختلف عمّا تزعمه أو تتفاعل معه من أفكار.

فشل الحركات الإسلامية:

الحركات الإسلامية فشلها أنها لا تتمكن من السلطة، وإن تمكنت فهي عاجزة عن نقل الفكرة إلى الواقع


الحركات الإسلامية فشلها أنها لا تتمكن من السلطة، وإن تمكنت فهي عاجزة عن نقل الفكرة إلى الواقع فلا يبقى لها إلا الاسم الذي تشبعه تشويها وتكون أدوات ضلال بدل أن تكون أدوات هداية، بل هي نفسها يظهر عيبها في الاختبار فينعكس السوء في التنظيم على التشرذم والانشطار والخصام لدرجة الفجور في وصف المخالف وإعانة المضادين لفكره الإسلامي ورؤيته المدنية على من كان معه في الأمس بل ضمن تشكيلته في السلطة، والعكس صحيح، أو السلوك في الفساد الإداري والمالي الذي يبدو مقززا جشعا وإما يبرر ذاتيا فيكون فسادا مقدسا والخروج عليه خروج على الله؛ أو أن الفاسد يتكيف مع الفساد فيكون أشرس ممن لم يعرف الدين لأنه ييأس من رحمة الله وهو خائن لأمانة الله حسب منظومته الفكرية.

الفشل نتيجة التكوين:

التكوين التنظيمي

في العهد السلبي يلتجئ كل من يحس بالظلم إلى الجامع أو الحسينية وهناك يلتقط أثره من له تنظيم حركي، فيفرغ إحساسه بالظلم إلى أن يعتقد التنظيم أنه من "أهل الثقة"، وهو حتما سيتصدر الواجهة عند تولي الإسلاميين السلطة فيعود إلى أصله ليعوض ما فاته؛ بأن يكون كيرقة تأكل كل ما أمامها من حرث وتفتك بمن يعترضها من نسل، ولا نظر إلى "أهل الخبرة" الذين يريدون بناء البلد فلا يمكن قيادتهم من أناس متخلفين فاسدي العقلية والنفسية.

التكوين الفكري:

غالبا ما تلجأ التنظيمات الإسلامية للتعامل مع التاريخ وليس مع الواقع، وتأخذ باجتهادات الأولين ومشاكلهم وصراعاتهم وتنقل الماضي إلى الحاضر فلا ينطبق مع الواقع بل يقلقه ويجعله مضطربا مخيفا مرعبا متخلفا منحدرا فكريا حضاريا ومتراجعا متخلفا مدنيا، والقيادات في حيص بيص تريد تطبيق شريعة من اجتهادات عصور غابرة لم تعد صالحة للواقع، بدل أن تجتهد من خلال استقراء الواقع وإنتاج الحلول، وبدل أن تعتبر أنها مكلفة كما كُلّف السابقون والقرآن ينزل؛ اليوم تنقل التراث البشري بقدسية، فلا تجد في الأفكار الناتجة عن الاستنباط إلا مشاريع إدارة فاشلة ولا علاقة لها بالواقع بل هي مشكلة بحد ذاتها تحتاج علاجا.

غالبا ما تلجأ التنظيمات الإسلامية للتعامل مع التاريخ وليس مع الواقع، وتأخذ باجتهادات الأولين ومشاكلهم وصراعاتهم وتنقل الماضي إلى الحاضر فلا ينطبق مع الواقع بل يقلقه ويجعله مضطربا مخيفا مرعبا متخلفا منحدرا فكريا حضاريا ومتراجعا متخلفا مدنيا، والقيادات في حيص بيص تريد تطبيق شريعة من اجتهادات عصور غابرة لم تعد صالحة للواقع، بدل أن تجتهد من خلال استقراء الواقع وإنتاج الحلول


مرة أخرى هو الجهاز المعرفي ذاته الذي يجر الأمة إلى التخلف والعبودية ويجعلها هدفا للاحتلال والاستغلال والتبعية وقيادتها من الرويبضات، وإحباط الطاقات والعلماء والمفكرين والنوابغ في الأعمال المدنية.

ما المطلوب؟

كما ينقل الإسلاميون الماضي لواقع مختلف بلادة وغباء؛ ينقل العلمانيون تجارب الآخرين بإسقاط تاريخي لا يمكن وصفه بغير البلادة والغباء.

كلها -علمانية وإسلامية- قوالب جاهزة تقليدية لا تنطلق من الواقع وإنما تستنبط من فكرة بلا استقراء للواقع، تطبيقا تقليديا وعيش حالة ازدواج بسبب التطور المدني، مع سوء فهم أن الإسلام هو قرآن وحديث وسنة نبوية، وليس ما نتج بعد وفاة الرسول من خلافات سياسية وبدع واختلال مرضي بالعقلية والنفسية قادت الأمة إلى واقعها الحالي.

المطلوب إصلاح الجهاز المعرفي وترك الماضي للماضي، والنظر إلى الحاضر وفتح مثاني القرآن ورؤية الواقع وإدارته بشكل حسن، وفهم أن الدولة في الإسلام تحافظ على الأهلية لكي يختار الإنسان وعليه يحاسَب من الله؛ لا أن نكون نحن الله في الأرض، وما على الدولة إلا البيان وإدارة الحياة.

https://arabi21.com/story/1498782/%D9%81%D8%B4%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%86%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%81%D9%8A

العربــــــــي 21

السبت، 4 مارس 2023

49 - الإنسان من الاختيار إلى الاختبار فالانتظار

 




نظرة الإسلام إلى الكون:

إن الكون أنشئ قضاء، والقضاء هو إرادة الإنشاء ووضع قوانين وكل ما يحتاج الوجود إليه من عملية تكوينية استمرت ست مراحل (ستة أيام) من الفتق العظيم، إلى أن اكتمل القضاء في الكون بإنشاء السماوات السبع وما فيهن من تفاصيل وقوانين وأقوات. والله موسع في الكون وتفاصيله بحركة المجرات وما داخل المجرات كحركة الشمس وما معها من كواكب، تلك الحركة الحلزونية إلى مستقر وكل ما في المجرة في فلكه، يسبح مع الحركة الكلية بوصف تلك الحركة، بنظام دقيق ومسارات مصممة بعلم الخالق البارئ، غير متصادمة أو متعارضة مع تعدد محاورها بعلم الله بما تضبطه قوانين الفيزياء المكتشفة وغير المكتشفة.

نظرة الإسلام إلى الإنسان والحياة وفق فهمي لها:

إن الله خلق البشر، ويستدل أن آدم ليس أول البشر من علم الملائكة بسلوك بشري عنيف، والملائكة لا تعلم الغيب لتستقرئ ماهية أو سلوك آدم ما لم تر نموذجا له، فكان آدم مختلفا بأمر مهم وهو منظومته العقلية، الذاكرة المعرفية ومعالجتها التي سماها الله ﷻ "العزم"، فمعالجة المعلومة وتذكرها هو الأساس المهم للآدمية كجنس بشري، والتعامل الرائع بين آدم وحواء وتناغمهما خطأ أم صوابا هو من الاستئناس البشر الآدمي بعضه لبعض، فكان إنسانا هو المفضل في خلقه على ما نعلم، ولكن هنالك من هو الأفضل مما لا نعلم.

كان هذا عَرَضَ النسيان الذي تقبّل الله من أجله توبة آدم ودعاءه وندمه، فنزل الجنس البشري إلى مرتبة الاختبار لهذه المنظومة العقلية، فإن استعملها بشكل صحيح كان الواجب محققا في عمارة الأرض وديمومة السلالة، وإن لم يستخدمها كان ما نرى من ظلم وحروب لا ترتكز لقيمة، وإنما هو جشع بشري يعود بالآدمية إلى نسخة جاوة والنياندرتال.


المنظومة العقلية لم يستخدمها آدم؛ لأنه لم يعالج المعلومة، كان هذا عَرَضَ النسيان الذي تقبّل الله من أجله توبة آدم ودعاءه وندمه، فنزل الجنس البشري إلى مرتبة الاختبار لهذه المنظومة العقلية، فإن استعملها بشكل صحيح، كان الواجب محققا في عمارة الأرض وديمومة السلالة، وإن لم يستخدمها كان ما نرى من ظلم وحروب لا ترتكز لقيمة، وإنما هو جشع بشري يعود بالآدمية إلى نسخة جاوة والنياندرتال.

رسالة الإسلام:

الإسلام رسالة حملها كل الأنبياء إلى الإنسان، فكانت بمنزلة تنبيه وتكوين لمجتمع، رسالات نعرف، وبعضها ما لا نعرف، لكننا نعرف الرسالات الثلاث؛ وهي اليهودية التي كانت كخلاصة شريعة، دينا لها زمانها ومكانها وأعقبتها البشارة التي جاءت من مخلوق ليس آدميا، لكن ببويضة آدمية ليكون له جسد مناسب للأرض، هو إنسان بشّر بالرسالة الخاتمة التي تحمل مثاني الزمن والمعرفة بكتاب حمّال أوجه، يُقرأ ويستنبط منه ما يُستقرأ من متغيرات عبر العصور. أما القرآن، فقد حمل شريعة ممتدة متناغمة مع علم الله بتغييرات الزمن، لا تثبت عند حكم واحد، فهمها الأولون ونسيها الآخرون، فكان الحال كما نرى فشلا في الحياة، ولكنهم لا يستغفرون ويعيدون النظر بمنظومتهم العقلية وجهازهم المعرفي الذي ورثوه بل البعض منهم شوّه الأصل بالتفسير ليجعل له جذورا، وهنا تكمن مأساة الأمة في إصلاح واقعها المر.

الفتوحات ما بين الرسالة ومنهج العصور:

إن الله تعالى أمر الأمة بالقسط، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعدل والإحسان والتكافل، وكان أمره في كل شيء عظة ونصحا لتصويب الشطط، لكنه استحباب وليس إلغاء للاختيار؛ فالإنسان مخير في كل أمر من باب العدل؛ لأنه في اختبار لهذه المنظومة التي تشير خياراته إلى نجاحها وفشلها فهو كامل الأهلية.

الفتوحات كانت في الأساس كما لخصها ربعي بن عامر لرستم: "لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فمن قَبِلَ ذلك منا قبلنا منه، وإن لم يقبل قبلنا منه الجزية، وإن رفض قاتلناه حتى نظفر بالنصر". فالغاية هي إيصال الرسالة وإشاعة العدل بين الناس، وليس إجبارا إنما هو اختيار، لكن لا تمكين لظالم على القتال، وإنما إخضاعه وكسر شوكته وإزالة الخوف عن شعبه بفرض الجزية عليه كسلطة. لم تكن الفتوحات الإسلامية بفكرة إمبراطورية أو سلطة خليفة كسلطة أباطرة الروم أو قناصلها، ولا قادة الجيش أو الولاة هم دكتاتوريون أو بريتور، فأساس حكم الإسلام هو ولاية الأمة والشورى التي هي مفهوم واسع، مكّن اعتبار الديمقراطية كأحد آلياته لحين اختيار آلية مدنية أفضل تمثيلا للأمة.

لم تكن الفتوحات الإسلامية بفكرة إمبراطورية أو سلطة خليفة كسلطة أباطرة الروم أو قناصلها، ولا قادة الجيش أو الولاة هم دكتاتوريون أو بريتور، فأساس حكم الإسلام هو ولاية الأمة والشورى، التي هي مفهوم واسع مكّن اعتبار الديمقراطية كأحد آلياته لحين اختيار آلية مدنية أفضل تمثيلا للأمة.


لم يكن الدخول في الإسلام شرطا أو إجبارا، وإنما كان واجب المسلمين حماية الأديان الأخرى مهما كانت وهي بذمة رسول الله، أي لهم حق المسلمين فيما بينهم وحماية رسول الله أكبر من أية سلطة أو عصبية، وهي موجودة عرفا متأصلة في احترام الأديان الأخرى، لا يستطيع تجاوزها إلا من سفه بلا وعي بسيط.

كانت الفتوحات بهذا الشكل حتى اتخذت مناحي الملوك فأوقفها عمر بن عبد العزيز، فسعة البلاد مع نسخ قليلة من القرآن ودخول أمم إلى الإسلام، كان له أثر كبير في تشوه بعض الأفهام وتجييرها وفق الجهاز المعرفي لتلك الأمم.

لم تكن الفتوحات بفكرة الاحتلال، وإنما الإنقاذ والبناء وإعمار المكان وإبراز الطاقات من أي دين أو معتقد، فكانت مدنية لها دور كبير، قوية في معايير عصرها، وثرية فيما قدمته للبشرية بمعايير عصرنا، لكنها عندما انتهجت نظام المُلك ضعفت في المآل، وخشية الفتنة استكان الناس إلى فتح المثاني من مختصين بالعلوم والحياة المدنية، واستدعوا أحاديث الانتظار، فأضحوا قابلين للاحتلال بعجزهم. ثم لم ينشئوا منظومة فقهية تواكب العصر، وإنما تركوا الخرافة تعبث بهم كما عبثت بغيرهم، فاستعادوا المستعمر بعد أن أخرجوه، لينتظروا آخر ليخلصهم من مشاكل تخلفهم، والنتيجة عالات لا تشارك في المدنية إلا بمظهرها وكمستهلك كبير لمنتجاتها.

العالم بحاجة إلى الإسلام لتصويب الحياة، وهو ما لا يمكن شرحه في مقال، لكن الإسلام لن يحتاج إلى فتوحات مع التطور المدني في توعية الآدمية إلى مهمتها في الأرض، بل هنا سيخاطب الذاكرة المعرفية لا للانتشار والرعوية. فلا مؤسسة دينية أو رجال دين في الإسلام، بل لحماية الأهلية الآدمية في القرار والاختيار.


موقف الغرب السلبي:

الغرب يخاف الفتوحات ويقرنها بالإسلام بعقليته الإمبراطورية والعدمية، التي ظهرت في التحشيد لحروب الفرنجة وكسر الكينونة في الاحتلال الحديث، من تهيئة البيئة كمستهلك عالة، وقابل للاحتلال بتنصيب الفاشلين الذين يظنون أنهم أفضل الجميع، بينما الشعوب في استكانة وانتظار للمخلّص، وتغزوا هذه الفكرة الجهاز المعرفي للمؤمنين بالأديان، وعموم العاجزين في انتظار قوى خارجية تخلصهم من ظلم أبنائهم.

لا يُسمح لفكر إسلامي متنور مسالم بالظهور، خشية التمدد الذي انتهى عمليا مع الاتفاق في وستفاليا؛ وإن خرقته دول الاحتلال التي سلبت الثروات وخلقت مجتمعات استهلاكية، أو تفتك بها المجاعة والصراعات.

العالم بحاجة إلى الإسلام لتصويب الحياة، وهو ما لا يمكن شرحه في مقال، لكن الإسلام لن يحتاج إلى فتوحات مع التطور المدني في توعية الآدمية إلى مهمتها في الأرض، بل هنا، سيخاطب الذاكرة المعرفية لا للانتشار والرعوية. فلا مؤسسة دينية أو رجال دين في الإسلام، بل لحماية الأهلية الآدمية في القرار والاختيار، وربما نظام عالمي جديد لن يكون، وأمة رسالة الاختيار تعيش في الانتظار.

https://arabi21.com/story/1497546/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B8%D8%A7%D8%B1

 

 

                                                                                                               


السبت، 25 فبراير 2023

48 - الدولـــــــة، السلطـــــة،النظـــــــــــــام

 



 


المجتمع:

أساس الحياة الإنسان الفرد، ومن أفراد تتكون الأسرة أو مجموعة أسر، فإن تفاعلوا بأمر مشترك كالعمل لأمر متفق عليه له استمرارية سموا جماعة، فإن ربطت بينهم قوانين ونظم أو دولة كانوا مجتمعا. ولاستمرارية المجتمع هذا فلا بد من عقد اجتماعي، ويتم اختيار نظام ما، وتنبثق القوانين فتحتاج إلى سلطة تطبق هذه القوانين باتفاق المجتمع ولحمايته، وحفظ كرامته واستقراره في الحياة وأمنه، وبذلك تكون الدولة التي ينبغي أن يكون العامل فيها أجيرا، والسيد هو الأمة أو الشعب، وكل يعرف واجبه.

مهام وتكليف:

هنالك خط رفيع ينبغي أن نفهمه، هو واضح في الإسلام كمنهج ونظام، بيد أننا متعلقون بصيغ منظومة تنمية التخلف ومعايير الجاهلية في تعريف الأشراف من الناس، فنرى فاعلية واضحة لأصحاب السلطة سواء في الحكومة أو أصحاب المال والأعمال. وسلوك الوظيفة العامة يعتمد على التربية البيتية في التعامل وعلى إمكانية الفرد في أن يحدد دوره، ومع غياب فهم مفهوم الخدمة العامة خارج مصطلحها، نجد انحدارا نحو الفساد متى ما سمح الوضع العام، وخيانة عملية مبررة بعدم القدرة على مقاومة الفساد، لفقد الوظيفة أو التعرض لعمليات إزاحة للنظيف؛ قد تكون بلا تخدير وبكل الوسائل التي تخطر أو لا تخطر على بال، والحجة صحيحة وفاعلة في الواقع.

لكن لمنع هذا، لا بد من تفعيل أصول الخدمة العامة وتربيتها وثقافتها، وتدريب القائم على السيطرة كيف يتعامل مع الشعب بحفظ كرامتهم وأنه موجود لخدمتهم، وهم ليسوا مجرمين أو متهمين، بل هو موجود من أجلهم. كذلك الشرطي، هو منفذ للقانون وليس هو القانون أو القاضي، كما يفهم الموظف أنه مؤتمن على الوظيفة وليس موجودا ليعطي ميزة ما، بل كلما زادت مسؤوليته كلما ثقلت مهمته في تحمل التابعين له وما تعني خدمته، ومن أجل هذا يرتفع راتبه.

الفساد الإداري مجهر كاشف لوجود الفساد المالي، وإلا لسعت الإدارة لتنظيم الإجراءات وترشيدها، ما لم تكن غير مؤهلة لمكانها، وهذا من أسباب الفساد الإداري الذي يقود لمضاعفات شتى، وغياب الدولة واستبداد السلطة وضعفها أمام كل مهامها، وقوتها تصب على المواطن البسيط الذي يستغيث لكرامته.

واجب المدير المتعامل مع المال إدارته بأفضل مخرجات، والمتعامل مع المواطن أن يجد أسلس الطرق التي تساعد المواطن بحفظ كرامته، وليس اعتباره كأنه عبد يطيع الدولة، وليست الدولة من ينبغي أن تكون خادمة له. ما نلاحظه من سوء إدارة وفقدان التنظيم وجهد المواطن الكبير والصغير، وإحساسه بالمهانة والازدحام والفوضى بسبب فقدان التنظيم، يجعل هنالك خطّا آخر للرشوة والفساد المالي، فالفساد الإداري مجهر كاشف لوجود الفساد المالي، وإلا لسعت الإدارة لتنظيم الإجراءات وترشيدها، ما لم تكن غير مؤهلة لمكانها، وهذا من أسباب الفساد الإداري الذي يقود لمضاعفات شتى، وغياب الدولة واستبداد السلطة وضعفها أمام كل مهامها، وقوتها تصب على المواطن البسيط الذي يستغيث لكرامته.

الدولة إذن تمثل ترجمة العقد الاجتماعي والحافظ للقيم وكرامة الناس وعيش كريم، فالدولة هي المجتمع الصحي الذي يسعى للمجموع وحقوق الفرد فيه مصانة وكرامته مقدسة.

أما السلطة، فهي القوة التي تضبط بها القوانين المنبثقة عن العقد الاجتماعي والمعاني لهذه القوة، التي لا تعني الإخضاع والإجبار، وإنما الأمان وتدريب القائمين على السلطة من الحكومة على أفضل الطرق لسيادة المجتمع بالقانون والعدل، وهنا يطمئن الناس أن الخطأ نادر، وإن حصل يعوض ويرمم، وهذا للأسف مفقود في مجتمعاتنا المتعددة في العالم المتخلف، حيث يخشى المواطن على كرامته من إنسان في السلطة لا يفهم دوره أين يقع ولم يتدرب أو يتعلم كيف يقوم بمهامه، ولم يعط الأسبقية في أمور ويؤخر في أمور أخرى.

النظام:

النظام نظامان، نظام المجتمع وهو ما يعبر عن السياسة والدولة وإدارة الاقتصاد، وتعبر عنه رؤية الأحزاب إن وجدت أو الحكومة بطريقة ما، كذلك واجب المواطن تجاه صيانة السلطة وثباتها والدولة والنظام وكيفية تصويبه.

والنظام الاجتماعي، وهو ما يعبر عن العلاقات البينية بين الناس والأسرة والعائلة والجيران، والتعامل مع الدولة اندماجا بنظام المجتمع، وتنظيم العلاقات بما يكون عرفا أو قيما يؤمن بها المجتمع.

التوازن مهم بين الدولة والسلطة والنظام، فلا ينبغي أن تركز على مفهوم وتعطل الأخرى، وهذه السلبية عادة تحصل في العالم إلا ما ندر، حتى الدول المتطورة مدنيا باتت تترهل وتفقد الجوهر؛ لأنها ألهت النمط ولم ترسخ الأسس بالتعليم المستمر وترميمها ومعالجة السلبيات في المتطور من نظام.

لا يمكن إقامة الدولة أو نجاح أي نظام بفرض رأي أو معتقد على المجتمع ككل، بل بإدارة الاختلاف وتماهيه بألا تكون خصوصية المعتقدات أو طقوسها فاقعة، ليكون ذلك مقبولا وسمة ثقافية لا تشكل خطرا على أية ناحية حياتية، من أجل هذا كان النظام الإسلامي يمنح خصوصية للمعتقدات الأخرى لتسوية أمورها الخاصة، ما لم تتداخل مع الدولة عندها، فقوانين الدولة تحكم الجميع، أما أن يفرض رأيا لمعتقد ويتم تجاهل الاختلاف، فإن العقد الاجتماعي يعتبر منفرطا؛ وهذا خطر على كينونة الدولة، وامتحان لصلاحية النظام وشرعية السلطة ومشروعية ما يؤهلها للقيادة باسم الشعب، بل هو نهاية للعقد الاجتماعي الذي يشمل كل هذا. وعندها لا بد من إعادة التنظيم للعوامل الثلاثة أو الجغرافيا، وعدم تلازم والتزام الشرعية بالمشروعية يقوضها أو يقوض الدولة والسلطة والنظام.

التوازن بين الثلاثي:

التوازن مهم بين الدولة والسلطة والنظام، فلا ينبغي أن تركز على مفهوم وتعطل الأخرى، وهذه السلبية عادة تحصل في العالم إلا ما ندر، حتى الدول المتطورة مدنيا باتت تترهل وتفقد الجوهر؛ لأنها ألهت النمط ولم ترسخ الأسس بالتعليم المستمر وترميمها ومعالجة السلبيات في المتطور من نظام.

المؤكد أن التناغم بين فاعليات العوامل الثلاثة يعزز نجاح الإنسان كمنظومة عاقلة.

https://arabi21.com/story/1496255/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%8 9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9- 5


136- جدلية ازدواج الشخصية في المجتمعات.. استعمار الأفكار (2-2)

 رابط عربي 21 صراع  قيمي الذي في مجتمعنا مهما كان دينه، هو متعرض لإضافة قناعات إلى فِكْرِهِ من مراجع فكرية متعددة غزت المنطقة والآن الكثير م...