رابط العربي 21 اضغط هنا لطفا
مدونة تعالج يقظة الفكر الإسلامي والفهم الإنساني والحداثة بما يرتقي بالقيمة الادمية >>>> multi languages by google available
عندما تكون الأمة في حالة انحدار حضاري وتخلف مدني تعيش في الفوضى وأحلام اليقظة.. فمن أمة ممتدة لمشارق الأرض ومغاربها مكانيا وبعد أن فقدت حضارتها الفكرية وتقوقعت في محاريب السلطة؛ انهارت وتفككت فلم يعد هنالك وجود لما يجمعها فاتجهت إلى الروابط الهابطة التي تخاطب الغريزة ولا تنتج فكرا
الحالة الجديدة تبنى على صفحات الزمن المر بإعادة الاصطفاف وتقام معاهدة تبقي السلم بين الجميع، كمعاهدة وستفاليا التي حوت في الحقيقة عدة معاهدات في الأمور السياسية والمعتقدات والاقتصاد، وأوقفت الحروب بعد ثلاثين عاما 1618-1648من الهراء؛ حيث تمر أمتنا في أحداث مقاربة لها من الهول والتفاهة
رابط العربي 21 اضغط هنا لطفا
نشر في الـــــــــزمان الدولية
الإحسان:
هذه الكلمة تدل على مخرجات منظومة عمل فكرية أو فعل محسوس، حينما تدقق في جملة تكتبها وتتأكد مما تحمل في معناها فهو إحسان، الإحسان هو الإجادة في التوجه الإيجابي لان المفكر الذي يجهد نفسه لتغليف الحقائق أو يصر على خطأ بسبب الانا فهو لا يحسن صنعا، بل يظن انه يحسن صنعا، أولئك وصفهم الله ? بالأخسرين أعمالا، والإحسان في الحقيقة معيار أخلاقي في جانب منه لانه يعبر عن كفاءة المنظومة الآدمية في عمارة الأرض وإقامه السلالة والعمل على استثمار الموارد إيجابيا من أجلها، تماما عكس ما يحصل في واقعنا من محاولات لتدمير السلالة البشرية وقفل المنطق في النظر إلى الماهية البشرية مما جعل الإنسان يبدو وكانه عبارة عن طفرة سيئة وليس مخلوقا بقضاء ولا قدر له، ومن الإحسان هو الرغبة والتوجه بهمه دؤوب إلى الحقائق والتعلم مهما كان علمك، هنالك أمور يخلط بها الناس بين الراي والثابت من الوقائع، فالراي هو راي ليس ثابتا البتة لانه في المراجعة إلى أن ينتج عنه عمل فيحكم عليه كواقع إن كان حسنا أم قبيحا، لكن احترام الراي هو احترام المعتقد وتوجه الناس، أما ما هو دارج الآن الاختلاف لا يفسد للود قضية فهو في مسائل المعتقدات وليس تشكيل الافكار والانطباعات مهما كانت وفي درجة من الفاعلية البشرية، تبيان المساوئ بما يظن أنها مساوئ دون دراية فهذه افعال وأقوال ليست محترمة وإنما تخضع لقوانين تفكيك السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، وهذه النظرة الخاطئة تكون خطرة إن استقرت في عقل صاحب قرار أو سياسي أو مدير، عندها سيفقد موقعه اهم ما به من المرونة المطلوبة في سياسة الظرف وإدارة الأحوال.
من اجل هذا سنتطرق هنا إلى موضوع الإحسان في القيادة والإدارة ومنها السياسة وما يعنيه الإحسان في وصفها وتثبيت أركان السليم منها وهذه ليست إلا زاوية نظر لمفهوم الإحسان الواسع.
الإحسان سمة الإداري الناجح:
معايير الاخلاق
الإداري الناجح هو إنسان يحمل السمو في معايير الأخلاق، لكن في ذات الوقت هنالك إداريون مستمرون في قيادة المنظومات وهم ليسوا يحملون سمو السلوك ومعايير الأخلاق ومنها الإحسان الإيجابي وان كانوا مبدعين في الجوانب السلبية.
الأنانية أولى معالم الإبداع في الإضرار بالموقع الإداري لانه لن ينتج إيجابية واستمرار للارتقاء بالمنظومة إلى مطاف الأمان وتمتلك الصيرورة أي القدرة الآمنة على التقدم أثناء عملية التحول الإداري بين الأزمان أو الأشخاص أو الظروف الصعبة في متغيرات المعطيات البيئية أو الموارد البشرية أو نوعية التحديات التي تواجه المنظومة، وهذا يتطلب برنامجا تدريبا وتأهيليا للأسف ما انفك فقدانه واضحا في دول العالم المتخلف، رغم وجود تسميته وهياكله لكن بلا رؤية أو إحسان في العمل بهذا الاتجاه، رغم أن هنالك نوع من السيطرة الظاهرة، لكن نتيجة عدم الاطمئنان من المدير أو القائد الميداني، وعدم الاطمئنان هذا يخنق الإبداع ويلغي حالة الاندماج الإيجابي بين المستويات الوظيفية المتعددة أو التكاتف بين المستوى الوظيفي الواحد لأداء العمل فالسلطة ليست كل الإدارة أنما بالإدارة ترسّخ السلطة وان الأنانية توظف مواصفات القائد ومواهبه نحو العدمية في النظرة إلى المستقبل والدمار لمؤسسة أو وحدة عسكرية أو مدنية.
إن القائد الصالح لمهمته بالإحسان يعتبر نفسه في كينونة المؤسسة ولا يمتلكها بل ينتمي لها وسعادته عندما يكون فيها أو يحقق نجاحات جزئية هو أو يشجع عليها ويكون نوعا من التكامل بين المواقع، ومنها القيادي أو المدير القائد، وهذه الصفاة لا تتوفر في مدير يطبق اللوائح ويحسن استغلالها ويحقد ويتصيد الفرص للانتقام ممن يعتبره متجاوزا عليه أو يخاف على كرسيه منه، بل على العكس يرتب ويطور من يحتمل أن يكونوا البدلاء لتستمر بعده في نجاح مستمر، لا غيرة من مبدع ولا حسد على مكافأة مادية تأتي لمن معك ولا تشملك فيعيق هذا عن استحصالها كحق للزملاء ممن يعملون في المؤسسة أو الوحدة أو الشركة، وعندما يكون هذا باعثا للارتياح عند المدير فهو مدير ناجح وقيادي.البخل على المبدع أو التخلف عن الدفاع عنه يعني أن المدير أو القائد ليس محسنا وإنما يتجه إلى السلبية ولو كان إنصافا لقيّم سلبا لانه تجاهل دعم كادر مهم تحسبا لمنصبه بلا اهتمام لمصلحة المؤسسة أو المنظومة أي كانت وهو إعدام للإبداع بينما المدير المحسن هو من يسعى لنجاح كل فرد من أفراد مؤسسته وإبرازهم وتقديمهم والسعي لان يكون عملهم مثمرا كل حسب طموحه وتوجهه وسيكون هذا النوع من الإحسان مفيدا للقائد والسياسي والمدير، فالنجاح لم يك أبدا بذات الإنسان وإنما بإدارة الطاقات وتوجيهها واختيار المفكرين والمبدعين وتمكينهم من الإحسان في مواهبهم وطاقاتهم لتســتمر وليس ومضة وتخفت أو انه يتأذى منها فيموت في الحياة.
إن محاولة الإنسان في خلق الإيجابية وتحسين أفعاله وردود الفعل لأفعال الآخرين، سيجعل الجو تدريجيا إيجابيا مرضيا له ولذاته، أما إجبار المحيط على ما يريد دون تمهيد أو مقابل وبالسلبية فهو سيخلق جوا لا مجال للإيجابية فيه، فالانا كما تعلمنا لا ترضي الخالق وليست صفة أهل النعيم.الإنسان لابد أن يتفاعل مع واقعه إيجابيا ليس بالانحراف مع المنحرفين وإنما بتعظيم الإيجابية عند الناس فلا يوجد إنسان خير كله ولا شر كله، ومن تجاوز حدود الاثنين بشكل مَرَضيٍّ فهذا يحتاج إلى تصويب، ومن اختار الطيبة فهو يعرف ويسامح فذاك رقي في الإنسانية، ومن اختار الشر فذاك خطر على المجتمع الذي هو فيه، وقواعد الإصلاح معروفة نموذج منها:
ماهي المشكلة:
1- مشكلة امتنا مركبة
والتركيبة في التفكير والجهاز المعرفي المشوه في البلاد العربية هو تقريبا ذات
الجهاز الذي ابتليت به دول العالم الثالث، بعضها تمكن من الخروج منه كومضة فترة
زمنية خلق صناعة وأفعال لكنه ارتبط بأشخاص حققوا الصعود المدني مع بقاء التخلف
الفكري الحضاري فكان هبوطا، ربما مهاتير محمد احد النماذج الإصلاحية الحقيقية
والطيب اردوغان، ومازالت محاولات في بلاد العرب لكنها تحت المجهر تقمع عند ظهور
برنامج أو رؤية تسعى ليكون للبلاد مكانة عند العالم، هذا النموذجان اللذان وضعتهما
هنا لم يقاربا الغرب بروح الهزيمة وإنما توجه كل إلى اقرب مدنية ليكون معها نوعا
من المشاركة بكوادر بلدهما وهما يحملان فكرا حضاريا إسلاميا متفتحا فتكاملت الهوية
مع الكينونة مع الرؤية التي تحتاج تعديلا لأنها عمليا
مرتبطة بوجودهما في الحكم والإنسان عمره محدود.
2- نحن نتعامل بعقلية
عدمية تقودها الدعايات الفارغة وتعظيم القيادات الحكومية لدرجة أن تصدق هذه
القيادات أنها تفعل إنجازا فعلا فتطغى فيعود الشعب المصفق إلى بودقة النفاق،
فيمتدحهم أمامهم ويدعو الله أن يزيلهم ويبقى جيش من الجهلة المنتفعين المشحونين
بالكراهية يقومون بتعميق أسس ترسيخ الأخطاء بدل النصح، وإدامة حالة الصراع
والمجتمع بدل محاولة أن يكون الحاكم قائدا حقيقيا يحيطه ناس وعقول تخطط وتقارب
فيجد نفسه رغم جهله وكانه عالم العلماء وخبير لا يدانيه خبير، مخيف برد فعله النزق
فلا يقبل نصيحة لانه يعتبرها شتيمة وخطرا على كرسي حكمه...... من هنا نجد أننا في
القرار لا في العير ولا في النفير ولا أحد يذكر مناطقنا رغم ثرواتها وأنها تملك
روح العالم وطاقته، وتملك أفريقيا ثروته ورفاهيته، والناس هنا تحكمها الأنانية
والدونية فلا مناص من إبقاء حالة التخلف طالما بقي تفكير الحاكم والمحكوم كسلطة
فوقية تبعد النخب العالية التي ممكن أن تؤسس لدولة، ومادام هنالك استجابة لوقف
التكامل بالأمن الغذائي والاقتصادي وحتى السياسي فشعب عريق ينبغي أن يكون له
الاستقرار والتوافق والتصالح مع نفسه وتنوعه ميزة لما ذكرنا.
الخلل وجدليته:
دون شك أن الخلل في الإدارة، والإدارة
ليست الإدارة العامة فحسب بل ما يقود هذه الإدارة وهو التوجهات والفهم السياسي
لمعني الحكم والدولة، وفي بلداننا تمازج رهيب بين الأثر من ولاية التغلب وقبولها
النفسي على مدى عصور وبين ما زرعه الغرب من دونية وسلطات عسكرية غالبا أو دنية
تمثل حالة من التخلف في الحكم والتوجه نحو القمع وخلق الأسباب، ففي الوقت الذي
كانت القضية الفلسطينية شماعة الطغاة في القمع كان الاغتصاب الصهيوني في وضع
مستفيد حتى من إعلام معادي له وعمليات عسكرية اقل تأثيرا من تلك العمليات التي
يقوم بها الجيش ضد الشعب وقمعه، بل استفاد الصهاينة من الخوف في توحيد مجموعات
متنوعة ثقافة وأصول في محاولة لجعلها مجتمع واحد وغذت المشاعر بالكراهية مقابل
كراهية بدل أن تحاول الاندماج ضمن الناس دون حاجة لإقامة دولة بلا مقومات حقيقية أو
دستور أو حدود، لكن العدوانية جزء من التركيبة لتثبيط الاختلافات عبر الزمن وولادة
جيل آخـر لكن الفساد في النظام جعل معاناة كافية ضد هذا الاندماج حاله حال الأنظمة
المحيطة به والتي باتت في حاله تخادم معه وتعادي الشعوب والنشاط السياسي والمجتمعي
من حيث تدري ولا تدري فتعيش الصراع المبدد بدل رعايتها وتنظيمها وفق توجه الدولة
والاستفادة من تلك التنظيمات، وهنا نجد أن هذه التنظيمات تخاطب مظلومية الشعب
فتتجه إلى معاداة الحكام والحاكم والذي لا يتساهل مع هذا فكانت شيطنة النظم وشيطنة
الحركات متبادلة مما أضعف خطط التنمية الحقيقية والاستثمار والترابط الاجتماعي
والمجتمعي من أنشطة مدنية أو حكومية وهذا عمليا يؤدي إلى تصادم وتبدد الطاقات
الموجودة عند هذه التنظيمات والدولة، والتعامل بين الدول تعامل بلا ثقة أو تخطيط،
والنتيجة فقدت التفاهمات لاهم ما يحتاجه الزمن الحالي في وضع الدول العربية
والإسلامية وهو فضاءات التكامل في إدارة الموارد بأنواعها وتوزيع المهام فتباينت
الشعوب وبالمحصلة افتقرت من ناحية وان اغتنت من ناحية، فالتكامل الثقافي والمعرفي
والبشري والاستثمارات والقوة والأمن الغذائي والصناعة والاقتصاد ممكن بين الدول
العربية وبينها ونبين الدول الإسلامية، لكنه يحصل بتردد وبلا تخطيط محكم أي خلق
بالتفكير الاستراتيجي استراتيجية لعموم الحياة فتكون المنطقة رقما مهما كما عوامل
مؤهلاتها المتبددة، وهذا واقع لو تفكر به قادة السلطات وقرروا الإصلاح لإنشاء دول
حقيقية فواعل في العالم ولما قطب من خلال اتحاد أو نظام ما يجدونه مؤثرا يجيد
التعامل مع الأقطاب الأخرى كالصين والولايات المتحدة أو أي قطب يظهر بدل من يختفي.
ما نستخلصه:
نحتاج إلى إعادة نظر في الجهاز
المعرفي السائد بين الحاكم والمحكوم والإيجابية وليس العدمية وعلى الصدق المنتج
وليس النفاق المخدر، وان نصنع التاريخ لا أن نفقد الحاضر ونعرقل المستقبل، وان
نفهم معنى السياسة المستدامة، ونؤسس لرؤية لا تعتمد على شخص وإنما تؤمن بها
وتتبناها الأمة وهذا ممكن جدا وان ندرك أن قوتنا في داخلنا وحماة حكم الحكام هم
الشعب وان واجبنا خدمة الشعب وإقامه حضارتنا الفكرية ومشاركتنا ببناء المدنية وليس
شرائها ونبقى مستخدمين لا منتجين فيستخف بقادتنا أناس ليسوا ذوي قيمة رفعتهم
مكانتهم وأوصلهم شعبهم والأمثلة وحاضرة.
للقراءة في الشبكة مبـــاشر
جدلية الفكرة:
فكرة أي حزب أو مؤسسة اجتماعية هي أن هنالك واقعا ما يراد أن يدار بشكل صحيح أو أن فيه مشاكل وانحرافات تحتاج علاجا، سواء كانت سلوكية أو قيمية، أو حاجات اقتصادية أو خدمية.. هذه المؤسسات والأحزاب لا تُبنى اعتباطا وإلا ستكون تجمعات مرحلية تنفض لا رؤية لها ولا غاية، وكذلك الإدارات التي تتشكل إن لم يك لها سند وخلفية، فهي ستنقرض مع أول إعادة تنظيم أو تثبت ولكن وفق رؤية مؤسساتية.
لو نظرنا إلى المرتسم، سنجد فكرا أو مصدرا للفكرة كالإسلام أو الرأسمالية أو الشيوعية أو القواعد والنظم الاقتصادية والإدارية للمؤسسات، وسنجد أن مفكرا يظهر ليطرح فهما مستقى من المصدر كالإسلاميين والشيوعيين مثلا، فكل المفكرين أو قادة الفكر عبر التاريخ ظهروا هكذا عندما وجدوا واقعا يعكس مشاكله في أفكارهم فيستدعون الحل من خلفياتهم التي يؤمنون بها. لهذا الحد فهو تنظير فيه نوع من الرؤية ومنهج التصدير للفكرة، ومن هذه الرؤية تأتي رؤية شاملة تفصيلية ودعامات للأفكار ووسائل إقناع وآليات ترسيخ ونشر الفكرة، حتى يجري إسقاطها على الأرض تنظيميا أو كحكم حيث تظهر الحقيقة من التعامل مع الواقع فإما أن تنجح أو تفشل.
عندما تضع أي مؤسسة خطط الإنتاج والتوزيع ستأخذ في نظر الاعتبار الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والمنافسة، كعوامل خارجية (وتفيد في التنظير لإنشاء المؤسسة ومهامها ونوع بضاعتها، وتنظر إلى السعر العام وعلاقته بكلفة الإنتاج والترويج وكمية الإنتاج والسعر المناسب وهذا يتعلق بالتنفيذ
فإن نجحت، المسار الطبيعي أن تراجع كقيمة ناجحة وتحتاج إلى إعادة تنظيم للآليات لاستقبال مراحل أخرى، كاستكمال البنية التحتية أو الانطلاق نحو النهضة.
أما إن فشلت فهي بالتأكيد تحتاج مراجعة وليس إعادة تنظيم، وهنا يكمن السبب القاتل في فشل المنظومات الحزبية أثناء مراوغتها لنفسها أنها تعيد التنظيم؛ لأن معظم الأحزاب والتي تأنف أن تستمع للنصح تعيد إنتاج الفشل وتتصور أن إعادة تغذية المعلوماتية كانت عند الجيل الفاشل وليست عند الجيل الجديد الذي يتلقى أمورا يعلم أنها لم تعد فاعلة، وهنا يدخل الازدواج والتقمص وتكون بذرة النفاق والفساد، أو التنحي والقعود عند من لا يستطيع الاستمرار بإعادة الدور الذي سيؤدي للفشل والتشظي بمن عبر إلى خط النهاية.
المؤسسات والإدارات:
السياسة هي صنو الإدارة ولا أقول فرعا، لأن الإدارة بلا سياسة تكون حرجة وروتينية ولا تنجح أمام معايير الإبداع.
فعندما تضع أي مؤسسة خطط الإنتاج والتوزيع ستأخذ في نظر الاعتبار الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والمنافسة، كعوامل خارجية (وتفيد في التنظير لإنشاء المؤسسة ومهامها ونوع بضاعتها، وتنظر إلى السعر العام وعلاقته بكلفة الإنتاج والترويج وكمية الإنتاج والسعر المناسب وهذا يتعلق بالتنفيذ.
أين الجدلية؟
العملية كلها من التنظير والتنفيذ والتطوير عند النجاح تقع ضمن امتداد التفكير الاستراتيجي، وهذه الأفكار ليست متشابهة ولكنها مجموعة من الآراء إنما اختيرت للتنفيذ تبعا للجدوى أو الظرف. فالمؤسسات والأحزاب أيضا يفترض أن تكون مؤسسات، ولا أتحدث هنا عن تجمعات انتحلت الصفة الحزبية وهي تعتمد على شخص أو على مصلحة وقتية، وهذه الأحزاب تنفض بمغادرة الشخص أو انتهاء المصلحة وتتناثر بأعضائها أو يلتم حولها الذباب ما دامت هنالك بعض آثار السكّر بلا رؤية إصلاحية للمجتمع أو منهج، وإنما الغاية الكرسي وما يتعلق به من مصالح، فهذه أقرب إلى تجمع بشري على حفل ما وما فيه، لكنها ليست حزبا وفي أحسن الأوصاف أنها كتلة انتخابية.
العملية كلها من التنظير والتنفيذ والتطوير عند النجاح تقع ضمن امتداد التفكير الاستراتيجي، وهذه الأفكار ليست متشابهة ولكنها مجموعة من الآراء إنما اختيرت للتنفيذ تبعا للجدوى أو الظرف. فالمؤسسات والأحزاب أيضا يفترض أن تكون مؤسسات
مراجعة الأحزاب والمؤسسات:
المراجعة عادة تتم على مستويات متعددة:
مراجعة الجانب التنفيذي: وهو متعلق بالأداء والنفوذ أو الانتشار أو عند تباطؤ الفاعلية على مستوى المنتسبين للأحزاب أو المؤسسات، وهنا تكون المراجعة للأجزاء التنفيذية، كمراجعة البنية والهيكلية والأيديولوجيا والمواقع الإدارية ومن يتولاها، وأين تضخ دماء جديدة وأين ترسخ الخبرة وتشخص القدرات وتقيم المستشارين واستشاراتهم، كقائد مع زعماء الحراك إن كان حزبا أو مع مجالس الإدارة ورؤساء الإدارات والأقسام والفروع بأنواعها. وهذه العملية تتم بشكل مبرمج ومستمر من خلال "المتابعة" من المعنيين وتقاريرهم وما يمكن أن يعدلوا في المسارات، وتكون بذلك المراجعة التي تتم عن طريق "الرقابة".
ومن المعلوم أن المتابعة جهاز يسمى خطأ الرقابة الإدارية في المؤسسات، والحقيقة أنه متابعة سواء على صعيد التنفيذ الفني وكذلك المالي والإداري، حيث واجب الرقابة والمالية تصويب أو تبويب التكاليف أو الخطوات التي يقوم بها المدير من أجل انسيابية العمل وصواب الإجراءات والشفافية. فالواجب متابعة وليس رقابة، أما الرقابة فهي تأتي لتقييم الأداء وحصر المعطيات من أجل بناء موازنة على قيم حقيقية تتيح للمخطط أن يعرف متى إمكانيته الاستثمارية أو التوسع أو الانكماش الاختياري، ذات الشيء ينطبق على مؤسسات الأحزاب الرصينة التي غايتها البلد والشعب وأحداث تقدم مدني وتقني في حياته.
خطأ بنيوي تخطئ به الأحزاب الرصينة وتضيع فرصة الإصلاح وتعادي نظم تمتلك قوة لوجستية، بدل أن تتعاون بشكل وآخر على تحسين أداء تلك النظم أو على الأقل الاشتغال على تحسين الشعب وإدراكه، ويرجعون التنفيذ وأين أخطأوا لجزئية كاستحصال أصوات في انتخابات، لكنهم لا يقتربون من الرؤية والفكرة المركزية، وهذا أيضا مرض المؤسسات
مراجعة الفكرة والمفكر والرؤية الأساسية:
هذا غالبا ما لا يحصل في الأحزاب والمؤسسات، وبالتالي مزيد من الفشل في طريق التقدم نحو الأهداف، فالمفكر قد يكون فكّر لظرف ما تغيّر ووضع الرؤية العامة ولكن عند التنفيذ حصل خلل أو التابعون له جمدوا ولم يجددوا.
وهذا من خلال الدراسة لا يحصل، بل يصمم العمل الانتخابي على تفكير سطحي والرؤية نفسها يصر عليها رغم عدم صلاحيتها للدولة، وقد تصلح لجوانب في الإنسان لكن ليس للدولة. أما المؤسسات فمراجعة فشلها قد يتطلب تغيير مدير عام أو وزير وربما النظام الذي يقوده حزب السلطة ككل، وهذا بطبيعة الحال من المحرمات، من أجل هذا نرى الرتابة والدوران حول الذات والتجديد يعني عمليا إعادة الفشل من جديد وبأفراد جدد.
خلاصة القول:
إن ما ذكرناه أعلاه خطأ بنيوي تخطئ به الأحزاب الرصينة وتضيع فرصة الإصلاح وتعادي نظم تمتلك قوة لوجستية، بدل أن تتعاون بشكل وآخر على تحسين أداء تلك النظم أو على الأقل الاشتغال على تحسين الشعب وإدراكه، ويرجعون التنفيذ وأين أخطأوا لجزئية كاستحصال أصوات في انتخابات، لكنهم لا يقتربون من الرؤية والفكرة المركزية، وهذا أيضا مرض المؤسسات.
القراءة على عربي 21 اضغط هنا رجاء
الثرثرة ليست تنظيرا:
الأحكام العامة هي داء في المجتمعات المتخلفة، لأنها لا تعتد بافتراض المصداقية عند الفرد فيحاول أن يبين أنه يمثل رأي الناس أو أكثرهم، أو المكانة الاجتماعية أو المكانة العلمية لدعم رأيه وإقناع الآخرين، غير منتبه إلى أن أكبر العلماء سقطت نظرياتهم التي اكتسبت الرصانة بمكتشفات أحدث منها.
التنظير من المصطلحات التي يستخدمها اليوم أشباه المثقفين لتسفيه رأي نخبة المثقفين، وهم ينجحون في إبعاد الناس عن تبني رأي ينفع الأمة وتضييع الجهد. لقد خسرنا كثيرا من الأفكار عندما يُصدر إنسان عادي أو مثقف أقل قدرة من مفكر حكما قاطعا مانعا محرجا بأن ما يقوله فلان هو تنظير، ويعني بذلك أمورا غير مفهومة ولا تطبق، ذلك لأنه يجهل معنى وأبعاد التفكير الاستراتيجي. وهكذا نجد أن في مراحل مهمة من عمر البلد أُلغي التخطيط كوزارة، وبالاستخفاف والتسفيه فقدنا كمّا من الأفكار كانت منطلقات لحلول بعقلية أصحاب القرار أو من أوكلوهم؛ فكانت مراكز الدراسات لا تعدو كونها ميدالية أو زهرة تزين سترة تشكيلاتهم التي لا ترتقي إلى تنظيم ناهيك عن حزب، بينما العالم يسير حثيثا مستندا على مخرجات هذه المراكز التي تضع الأفكار وتنسق لتهيئ للتخطيط المحكم (الاستراتيجي). وهنا يبدأ خلط آخر ما بين الاستراتيجية والتكتيك وبين الرقابة والمتابعة والعملية الكلية كموازنة وبين معادلة الميزانية، ولا يقصد هنا الجانب المالي فقط وإنما المعطيات والموارد.
التفكير الاستراتيجي والتخطيط المحكم:
التفكير الاستراتيجي هو تنظير في الموازنة لأنه ينظر إلى الأفكار المتاحة من خلال دراسة واقعها وقراءة الحاجة وبيئتها المحيطة، أما من يتحدث بارتجال وبالمفروض أن يكون من باب الانتقاد وعدم الرضا فهذا ليس تنظيرا بل تفكير متعدد الدرجات، يبدأ من التحسس ومحاولة الحل والانتهازية، وحتى التفكير النقدي، وهنا تظهر مشكلة الأمة في التحول نحو التفكير الفلسفي أو الاستراتيجي بالتسطيح والهروب من الجوهر.
فالتنظير إذن تحتاجه الأمة لأنه دفق فكري لكفاءة المنظومة العقلية البشرية، وهو من مخرجات موارد أي بلد إن دخل في التخطيط المحكم (الاستراتيجية) لذلك البلد.
الفرق بين التفكير الاستراتيجي والاستراتيجية التي باتت لا تقتصر على التخطيط العسكري والتي يمكن تعريبها إلى (التخطيط المحكم) هو أن التفكير يكون في مرحلة العصف الذهني لمواجهة أي مشكلة ومن أناس مختصين أو لهم اهتمام عميق بالموضوع، لكنه لا يبحث في التفاصيل، أما الاستراتيجية فهي تبحث في التفاصيل والآليات المتاحة والأدوات، وإمكانية توفيرها سواء محليا أو استيرادا وتحسب الجدوى الاقتصادية وتجري مفاضلة بين الجدوى وإلحاح الموضوع أو تغيير معاملات الجدوى لتأخذ في الاعتبار الحاجة للفكرة كقيمة عددية موجبة لصالح التنفيذ، والمشكلة الحقيقية عندنا هي استيعاب الذات المنفردة لذاتها ووضع الإنسان نفسه في الموضع الصحيح، أهو عالم أم متعلم؟ وأين أكون عالما وأين أكون متعلما؟ هل وأنا أحكم على الأشياء والأفكار مستوعب لها كتفاصيل ومآلات؟
عليه يمكن وضع التعريف للتفكير الاستراتيجي، أو التنظير كما يلي:
التفكير الاستراتيجي: هو مرحلتان؛ تنظير للكلية المستقبلية لا تلتفت إلى الخلف، تفاعلية، وهي أيضا منظومة تؤطر وتتفاعل وتتأمل وتستنتج. والمرونة سمة في التفكير الاستراتيجي لأنه لا يبني على ثوابت وإنما هو ما بعد الهدف لترسم خارطة النوايا التي نزمع القيام بها، وعندما يحين الوقت سنجد مجموعة كبيرة من مخرجات التفكير، وهنا تبدأ مرحلة تخطيط محكم لترشح الخيارات ويتم تبني أقربها لهذا الواقع كي نعبر من جديد لتخطيط مستقبلي.
فالتفكير الاستراتيجي ليس هو ما يطرح من حوارات تعاد دوما وتلاحظها اليوم في مجموعات العالم الافتراضي والواتس؛ تغيب سنين لتعود وتجد نفس الأسئلة ونفس الأجوبة وكل يغرد على ليلاه ويرفض أن يرتقي بالتفكير إلى الصواب، وإنما يأخذ بفكرة الجهل المتغلب.
الأحزاب في عالم التفاهة:
اليوم وكما اعتاد الإعلام توصيف الأحزاب بأنها دكاكين، فهي محض مكاتب متقدمة لمصالح مبهمة لا علاقة لها بالدولة وبناء الدولة وإنما تفكر بالسلطة وتقاسمها لا الرؤية وكيف تنفذها، فهي تجمعات مصالح أفراد يضاف لبعضها صبغة أيديولوجية، وغالبا ما تكون محض صبغة وليس سمة تنعكس على السلوك، فهي تنقل اسما بلا قيم، ويتساوى بهذا العلمانيون (كما يسمون أنفسهم) والإسلاميون (كما يسمون أنفسهم). وهذا ليس في بلد هو من مخرجات الاحتلال كالعراق فقط بل في كل الدول التي تتمسح بالشرعية الديمقراطية، هذه الأحزاب عندها مراكز دراسات، ولكنها شكلية ليست مؤثثة بالمنظومات العقلية وإنما بمجموعة مداهنة لا تحل مشكلة تمتدح بعضها وتخرج بنتيجة واحدة: إننا على صواب وقيادتنا فذة ونظيفة وأن الشعب غير مؤهل وهو شعب فاسد، هذا في الغالب من أجل تبرير اغتصاب الحقوق وأهمها الأهلية التي تغتصبها الحكومات التي يحكمها طاغية أو دكتاتور، فهي سطحية لا تنتج بل تؤخر لأنها ستعتبر الشعب أو شرائح منه هي العدو وبالتالي لا تبني الأمة ولا تبني الدولة.
الأحزاب الحقيقية لديها رؤية وبرنامج يرتكز على التفكير الاستراتيجي والتخطيط المحكم ولديه فكر وأيديولوجيا، ومركز دراسات وتقويم وتأهيل، هذه الأحزاب تبني أناسا يسعون لقيم أخلاقية وخدمة عامة، وفقدان هذا التنظير الذي يُستهزئ به يجعل الأمة في تراجع وفساد وضحالة بسبب المتصدين للعمل السياسي، ويتحول المسؤول من أجير إلى باحث عن التربح ويتحول القانون لحماية المكاسب وجعلها في تشريعات.
المكاسب تجذب الانتهازيين والمستغلين وتبعد فرص الصادقين، ففي الغالب الطبقة المثقفة والعلماء وأصحاب الفكر أقل الناس قدرة على المماحكة والدفاع عن أنفسهم أمام الأساليب السوقية.
وسنتحدث بالجزء الثاني عن المراجعات.
للقراءة في عـــــــربي 21
رابط عربي 21 صراع قيمي الذي في مجتمعنا مهما كان دينه، هو متعرض لإضافة قناعات إلى فِكْرِهِ من مراجع فكرية متعددة غزت المنطقة والآن الكثير م...