الأحد، 6 مارس 2022

12 - الإسلام بين جدلية الحداثة والالتباس

 

الإسلام بين جدلية الحداثة والالتباس

 

لا تكنّى الدولة بالإسلامية لمجرد أن من يحكمها متدينون أو مسلمون، فالتدين غريزة والإسلام منهج حياة ومنظومة قيم ونظام وليس قوانين عقوبات أو ما يفقد أهلية الإنسان في القرار بالجبرية


 

من الخطأ الشائع أن نقول التاريخ الإسلامي، أو الدولة الإسلامية، العودة إلى الإسلام، استئناف الحياة الإسلامية، ومشكلة فهم الغرب للإسلام.

لقد أغفلنا كثرا من الأمور الجوهرية في منهجية الفكر الإسلامي الذي هو غذاء لعقلية الإنسان المبدع وعموم رجاله ونساءه فليس من رجال دين في الإسلام بمعنى رجال الدين كمؤسسة دينية، وإنما ترسخت هذه الطبقة كمؤسسة علمية والحقيقة أنها طبقة اغلبها محافظة على تقليد وجمود وتراجع وغياب الإسلام عن الواقع كذلك غياب العلوم الإنسانية.

التاريخ ليس تاريخ الإسلام:

الإسلام كبنية فكرية ليس من الماضي، ولا هو الذي تحول وتقسم وتشظى، بل مسلمون وغيرهم من صنع التاريخ بأفعالهم وأفهامهم، وهي من نجحت ومن أخفقت ومن تعادت أو تشاحنت أو ائتلفت، لكن الإسلام ليس ما أتانا من الماضي بفوضى اجتهادات وأفهام حاولت أن تتجاوز قدراتها ونطاقها العلمي والفكري فشوهت وتعددت واختلفت على ما لا ليس له وجود أصلا، كالأسماء والصفات والإنسان مخير أم مسير، وأسئلة محلولة أصلا في فهم القضاء والقدر.

هذه الأمور وغيرها نوقشت في مقالات سابقة وفسر معناها، وان كانت الإشكالية حصلت في زمن ما، واختلف عليها، أو كيفت وفق مصالح ولدعم حراك وثورات وأشخاص، فتلك من تاريخ البشر الذي لا يلزم واقعنا بشيء حقيقة وان التمسك به إصرار على التخلف والجهل الذي أعاد المسلمين إلى جاهلية وتناقض مع صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، بل باتوا يعيشون فكرا في الماضي وسلوكا في واقع لا وجود للإسلام فيه إلا تبريرا.

فباتت الناس محكومة بغريزة التدين وليس الدين وتفهم الإسلام المنهج من خلال الغريزة لا المنظومة العقلية، وتذهب إلى ما يسمى الحداثة بتكييف قسري كما حاول الأجداد تطبيق نظرية الفيض على التوحيد ومن خلال فرضيات لا أساس لها وتعاريف قسرية، والنتيجة هي إحساس بالدونية لن ينقذ العالم الذي يتعرض لفقدان التوازن في انحدار فكري أمام ارتقاء عالٍ جدا في التكنولوجيا والتقنية وحالة تناقض بما لم يفهم فكرا أو مدنية.

الإسلام ليس دولة إسلامية:

 لم يقم الإسلام دولة وإنما أقامها مسلمون في زمن اختلطت فيها المنظومة الأخلاقية الإسلامية الراقية التي تركز على العدل والإنصاف والشريعة لا تخترق ومنظومة ترتكز على الأعراف وكانت دولة حاوية للتنوع محافظة على الأقليات فهم نسيج مجتمعي محفوظة حقوقه بذمة رسول الله، وهذا جعلهم سليمين محافظين على كينونتهم ولم يك لهذا شبيه في العالم حينها ولا في علمانية أضحت دينا عند البعض.

فدولة يقيمها الإسلام على العدل والحفاظ على كرامة الإنسان لكن من يديرها البشر باجتهادات تتغير مع الزمان، هي دولة مسلمين إيجابية أم سلبية، وحتى باجتهادات تجاوزت الشريعة في التوريث والجبرية اجتهادات بغرض عزل الشعب أن يكون طرفا في الصراعات على السلطة، أما من يتحدث عن فاعلية الشريعة فهي لم تختفِ لكنها لم تك تحكم الحياة السياسية وإنما حياة الناس عرفا.

العودة إلى الإسلام:

الإسلام في كل زمان هو الإسلام لا حاجة للعودة إليه وهو ليس من التاريخ فامتنا مكلفة به وكل ما هو مطلوب فتح طياته ليقود العصور تباعا.

استئناف الحياة الإسلامية:

من أين تستأنف؟ لقد مر زمن طويل على ابتعاد الناس عن عرى الإسلام وتغيرت الناس فنحن نحتاج لبناء جديد بمثاني جديدة تفتح لهذا العصر.

مشكلة فهم الغرب للإسلام:

ربط الغرب الإسلام بانطباعات منقولة عن الإسلام منذ التحشيد لحروب الفرنجة خلق حالة العداء والخوف من الإسلام وربط بزمان ومكان وعلو المسلمين به، وهذا خطأ بنيوي في الفكرة، فالإسلام ليس له زمان ولا مكان وفكره ممكن أن يحل أينما كان بمنظومة متكاملة تتفق مع الرقي المدني وتضع منظومة أخلاقية مفقودة في عالم اليوم تردم الفراغ الكبير بين الرقي المدني والتدني القيمي، المسالة ليست اتخاذه دين عبادة، بل من الممكن أن يرافق الحياة المدنية بدلا من منظومة القيم التي فشلت فعلا في إبقاء أهلية الإنسان واستمراره بالكفاح من اجل الاستمرار في الحياة فأضحى خادما للمدنية بدل أن تخدمه، رغم القوانين والنظم التي تراعي الإنسان ومعاشه والتي هي بديل عن التكافل لكنها ليست بفاعليته ورسمه، ولعل ما سبب الغرب لمجتمعاتنا كان عشره كافيا للقضاء عليها وليس الإمعان في تخلفها وانحدارها الحضاري، المنقذ إذن منظومة القيم التي تنقل كثوابت في الذاكرة الشعبية وباتت من العادات والتقاليد وتشكل أساسا في نمط الحياة والتعاملات، المشكلة أن هذه المنظومة أخذت بالانهيار وهذا سينتقل بالضرر إلى أنحاء العالم الذي اصبح صغيرا وسيزداد التباعد بين طرفي المعادلة (التمدن والقيم) إلى ما لا يمكن وصفه أو تصوره من انحطاط أن لم يصارح النخب في كل العالم انفسهم ليرمموا ويبنوا الجديد.

رابط جريدة المستقل اللندنية:

https://almustaqel.net/wp-content/uploads/2022/03/issue-62.pdf

 

رابط كتابـــــــــــــــات

https://kitabat.com/2022/03/06/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ac%d8%af%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d8%a7%d8%ab%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a8%d8%a7%d8%b3/

 

                                                                                    محمدصالح البدراني

 

 

الخميس، 3 مارس 2022

11- إضاءة على تخلف الآدمية

 

إضاءة على تخلف الآدمية


 

 

فشل المنظومة الآدمية في القيادة:

في زمن ما قبل الاتصالات وتقلص المسافات، في ذلك الزمن الذي لم تك تحكمه النظريات الاقتصادية والتبادلات المالية، حيث لا مجال لانتقال المنظور الفكري إلا بإزالة المستبدين، والاستحواذ، وسلطة الأقوى فالحروب مبررة، لكن تطور التقنيات والتكنولوجيا احدث فارقا في القدرات في جميع النواحي التدميرية والتواصل بين أية نقطتين في العالم بل بمجموعة نقاط، اضحى الحوار ممكنا، والتعاون على الأزمات ممكنا دون الحاجة للدخول في حروب النفوذ، بيد أن هذا ليس ما يحصل، فالعقلية العدمية والقيم الأخلاقية لم تتفاعل إيجابيا مع الواقع بل اضمحلت أمام قياس النفعية مهما كان الثمن، لكن لا احد يسال لم نحتاج للحروب ونحن ممكن أن نعمل كآدمية موحدة يحدث التوازن بينها عند الحاجة.

إن التمكين ليس لدولة وليس لرأسمال وليس لفكر معين بحيث يلغي الأهلية الحقيقية للناس بحكم الحاجة أو القانون الذي يستعبد الإنسان بحجة النظام أو التسلط الفردي، بل بإعمال المنظومة العقلية الآدمية لإيجاد السبل نحو إبراز الأدمية والتعرف والتكاتف، واستخدام المخرجات المدنية من تقنيات للحوار الفكري والتفاهم الاقتصادي والسياسي، فما يحصل من قتل ليس مبررا أمام كل هذا التقدم التقني مع جمود عقلية الإنسان وتبعيتها لغرائزه في حب التملك والسيادة وغيرها.

لو تعمقنا في الفكر الإسلامي القرآني وليس ما يستمد من أحداث التاريخ لوجدنا ما قلته أعلاه من تمكين للآدمية وليس التمكين عليها، واتباع منهج هابيل وليس منهج قابيل المؤدي إلى الندم.

معالم تخلف تؤدي الانحدار القيمي

إن الأمم ترتقي بالثبات والثبات ليس الإصرار على الراي الذي يرقيه البعض فيسميه مبدأ؛ بل الثبات هو التماسك والثقة بالنسيج الداخلي للامة، بين الأصدقاء والأقرباء وبين المسؤول والعامي من الشعب، بين المدير والموظف، وبالمختصر يكون الثبات هو تجسيد القيم في السلوك، سواء كان هذا بدافع عقدي أو عادات وتقاليد أو بحماية القانون وأدوات القانون في تحقيق السيطرة على الحياة العامة من خلال قناعة عموم الجمهور به، وهذا موجود في دول غربية كالولايات المتحدة بحكم القانون أو اليابان بحكم التوافق بين فاعلية القانون والمنظومة القيمية الحية، لكنه ليس واضحا عندنا لتشوه وضياع الهوية؛ تفككه واقع حال وان لم يضمحل كصورة، لكنه متفاوت وفق تعرض العوائل أو المدن لتأثيرات الأحداث الشاذة والتي زحزحت المروءة والأمانة والقيم بشكل عام. 

كيف ترتقي الأمم:

الأمم ترتقي بعوامل عدة لكننا اليوم سنتحدث عن عامل وظيفي مهم، وهو المصداقية، المصداقية في التعاملات التجارية والقانونية وبين المدير والموظفين وبين أصحاب المهنة الواحدة كبائع الجملة مع بائع المفرد مع التاجر، عندما لا يكون هنالك مداهنة بين هؤلاء الناس بدرجة تتجاوز حدود المجاملة فان هنالك مصداقية لتقييم العمل وثقة بين الناصح والمنصوح، كان تقول إنك أنجزت عملا جيد لكن به هذه النواقص وارى انه يصبح أفضل لو فعلنا كذا وكذا كسبيل لتحسين المنتج.

عندما تكون كل الأمور بتوثيق فلن تسرق الجهود من أحد، فاستغلال الفرص بظلم الآخرين ليس إلا نوعا من الظلم، فعندما يعد موظفا تقريرا لعمل وينسبه مسؤوله لنفسه فهو ارتكب مجموعة من الانتهاكات بحق القيم، سرق وخان وكذب وخدع وغش وغبن وأحبط كاتب التقرير وأساء لسمعة المنصب الذي هو فيه، هذا لن يكون إلا عقبة أمام التقدم والثبات، هذه من عقبات الرقي بالأمة ومن معالم منظومة تنمية التخلف.

لو أنه فعل العكس وقدم التقرير مفتخرا بمن في مسؤوليته، ستنعكس الصفات والدلائل ويكون قائدا قبل أن يكون مديرا لان مزيدا من الإنتاج والإبداع قد مهد له الطريق وحصل هو على تقييم يليق بمكانه وواجبه في اكتشاف وإظهار هذه الطاقات، محاولة التقرب من المسؤول بغير مركب العمل والإنجاز بالمداهنة والتقليل من الاعتداد بالكرامة الإنسانية والمكانة العلمية، أو بسرقة جهود الأخرين على متنوع نشاطهم لن يكون منطقيا في موازنة الطاقات وهذا ما ينبغي أن يقيمه المسؤول بقدرات من الفراسة يفترض انه يملكها من معالم القيادة الإدارية.

صناعة العقبات:

هنالك ناس حائرة بين الروابط الهابطة وبين فكر الأمة، فهي لا تفهم فكر تحمله فتبدو هشة متراجعة أمام الهجمات، وهي ليست إلى الروابط الهابطة إلا عندما تترك ذاتها إلى غرائزها فتكون اشد تطرفا بالهبوط ممن يعتنق تلك الأفكار.

وهنالك من يصنع العقبات ظنا انه يفعل الصواب، أو يحكم بهواه ظنا انه يرضي الله فتراه يجعل من نفسه قاضيا يخطئ هذا ويصوب ذاك وان تمكن فلا يتردد أن ينفذ بمن يخالفه العقاب وربما يكون أداة رعب وإبادة بدل أن يمثل قيمة لصناعة الحياة.

إننا إن أردنا أن نرتقي بالآدمية فعلينا أن نرسي القيم الصائبة الغائبة عن البشرية بفهمها الصحيح ومعالجات لعالم حركة بسيطة فيه تؤثر على الكل، لابد أن ترتقي عقلية الفهم الفكري والقيمي مع ارتقاء المدنية لان ما نراه هو إنسان بدائي يمتلك عنان العلم التقني ويتحرك بغرائزه المستعمرة لمنظومة عقله.

نشرت المقال: رووداو

https://www.rudaw.net/arabic/opinion/02032022

كتابات:

https://kitabat.com/2022/03/03/%d8%a5%d8%b6%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%aa%d8%ae%d9%84%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%a2%d8%af%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d8%b4%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84/

 

 

 


الخميس، 24 فبراير 2022

10 حرب القرم ما بين الحتمية والعدمية

 

حرب القرم ما بين الحتمية والعدمية

 


توصيف المشكلة:

عندما تفكك الاتحاد السوفيتي، لم يك أمام الغرب إلا القبول بروسيا كوريث للاتحاد السوفيتي كدولة وظيفية تحتوي شوكة الاتحاد المتفكك من أسلحة مميزة ونووية، وان الانقضاض عليها يعني تسرب هذه الأسلحة بشكل يصعب عليهم السيطرة عليها، وجاء بوتن الشاب بعد يلسن العجوز بطريق مازالت غامضة لغرابتها وهذا لا يعني أن هنالك مؤامرة ما حتمية لكن هنالك احتمال لطرف داخلي أو خارجي قام بهذا التخطيط فقلم يك الجميع مقتنع بحل التفكيك كحل وحيد.

بوتن اتجه بشكل مباشر إلى تقوية محيطه واستعادة نوع من الاتحاد بلملمه أجزاء ضعيفة تحتاج الالتئام لتكون محمية وقوية، وكانت الحرب الباردة التي توقفت رسميا مستمرة تحت جليد سميك فالناظر الى توسع الناتو التدريجي يجد ان هنالك حصار حقيقي لروسيا يتقدم ببطيء من خلال انضمام دول الاتحاد السوفيتي أو حلفائه السابقين بشكل تدريجي إلى الناتو.

روسيا أحست بالضيق فليس لها منفذ بحري حقيقي إلا من جهة أوكرانيا على البحر الأسود، أما بحار الشمال فهي

 متجمدة لا تنفع أن تقام عليها حركة مستدامة إلا عدة أشهر من الربيع والصيف وهذا ليس كافيا، وأما دخول أوكرانيا

 إلى الناتو فسيضيع حتى ميزة القرم التي ضمتها روسيا في آذار 2014 باعتبارها أعطيت كهدية لتأسيس أوكرانيا،

 وهو امر أشار إليه بوتن في خطابه الأخير حول كون أوكرانيا أراضي روسية.


إجراءات روسية:

روسيا قفزت مبكرا من عنق الزجاجة والضيق إلى ميناء طرطوس السوري وأنشأ أيضا قاعدة برية قرب اللاذقية قاعدة حميم الجوية، ودخل قبل أيام بعد تأييد استقلال منطقتي دونيتسك ولوهانسك الشرقيتين وقد يمتد لضم كافة الأراضي شرقي نهر الدنيبر لكن هذا سيضع كييف العاصمة موضع خطر والتي يمر النهر منها، لكن غاية الروس ليست كييف ولا النهر وإنما الإبقاء على المنفذ إلى البحر الأسود ولربما يترك مساحة دون التقدم إلى كييف بعد مفاوضات ما بحيث يبقى الهدف الاستراتيجي مضمونا.

الحرب الحتمية

الحقيقة أن الحرب لن تكون صفرية حتمية إلا إذا أصر الغرب على عدم منح روسيا هذا المنفذ وهو مطلبها الحالي، فالأمر لا يقبل أن تترك روسيا مصيرها والا ستصبح كالنمر المقيد فهو وان كان قويا فلا يستطيع إلا أن يرضخ لمن قيده وقد تتحول في عصر رئيس آخر إلى أسد السيرك تبدو اكثر من قوتها الحالية لكنها تحت السيطرة، التطويق واضح وأوكرانيا الربة القاضية بعد الدول التي انضمت للناتو سنة 2004 وأكملت الإحاطة لتشكل مع الجغرافيا إحاطة السوار بالمعصم عدى القرم ، فاذا انضمت أوكرانيا وضاعت أهمية القرم فاقتصاد روسيا مقيد من العنق.

يبقى الغرب اهو أمام حرب صفرية: لحد الآن لا يبدو الغرب مجبرا على خوض معركة غير محسوبة، خصوصا أن أداته البحرية لن يكون لها فاعلية بحكم وجود قاعدة طرطوس البحرية وأسلحة كشف عنها ممكن أن تعطل البحر الأبيض المتوسط ليس للمعدات الحربية فقط وإنما أي حراك اقتصادي.

لا غالب ولا مغلوب:

وهي أن تكتفي الدول بما حصل من إنجاز وتكون أمام مواجهة التمدد نحو كييف إن أرادت انضمام أوكرانيا أو ربما كامل أوكرانيا، أو توقف انضمام هذا البلد للناتو ، بل ستمتد الحرب إلى بقية المعصم الذي سيبقى قيد الحوار في تفكيك أواصره مع الناتو جزءا بواسطة السياسة الناعمة وربما حصول انقلابات في تلك الدول مستقبلا لان الانضمام للناتو أن لم يغير الوضع الاقتصادي في تلك الدول نحو الأفضل فان هذا هو إخفاق مزمن للحداثة ومنهجها في ضعف اهتمامها بالبشر في الدول التي تتدخل في سياستها وتريد فائدة التدخل دون الاهتمام بالموارد البشرية وكان صرفها لمبالغ تؤدي لاستتباب نفوذها هو كل التكاليف المتطلبة إنصافا لتلك الدول، وربما هو إخفاق مماثل عند روسيا أيضا لكن هنالك عوامل الثقافة والتاريخ والارتداد الطبيعي عند غياب الأمل بل سوء المستقبل لان النظام الغربي لا ينقل كاملا إلى دول العالم الثالث وإنما مظاهره القشرية ومعالجات منعزلة لا تؤدي إلا إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية بالذات ، لكن للأمانة فلست بالشخص المؤهل للحكم على الوضع الاقتصادي.

الوضع الصفري العدمي:

عندما تتوقف المساومات حول مناطق النفوذ والوضع الاقتصادي ومجال الحركة لدولة كروسيا، أو مدى أهمية ما تريده الولايات المتحدة وأوربا من المعلن حول أوكرانيا فقد تكون هنالك لحظة لا شيء يهم والحرب قائمة وليحصل ما يحصل، فهي حالة عدمية تكون فيها حالة دمار الاثنين لان قبول السلام هو خسارة آنية ومستقبلية، آنية للروس، ومستقبلية بتقلص نفوذ الناتو الذي يريد التحكم بحركة التجارة والاقتصاد مستقبلا كقطب وحيد حقيقة ولا يزيد واجب روسيا عن دوره الوظيفي كمخزن للقوة النووية السوفيتية، وكقطب يثير التنافس المطلوب لاقتصاد دول الأطلسي.

نشرتها

رووداو :      

https://www.rudaw.net/arabic/opinion/24022022


 الصور / 

عن كوكل                                                                                  

الأحد، 20 فبراير 2022

9- مفهوم الدولة بين الحداثة والإسلام

 

مفهوم الدولة بين الحداثة والإسلام

 


,,المدنية هي جهد بشري ممكن أن يرتدي ثقافة وقيم أي من الأمم،،

 

كتاب أسيئ فهمه

كتاب أسئ فهمه من عنوانه وهو كتاب (الدولة المستحيلة) وفي العنوان الفرعي (الإسلام والسياسة ومازق الحداثة الأخلاقي) للبروفسور وأميل إلى تسميته بعالم التاريخ (وائل حلاق)، فهو شرح شرحا أكاديميا لحالة الدولة الحديثة والنظام في العصور الإسلامية المتعددة، ولكن من باب التاريخ وليس طبيعة الفكر الإسلامي ذاته رغم دقة وصف المنهج، خلاصات مهمة ومنطلق لمقالات وكتب، فالدولة بمفهومها المعاصر تختلف فعلا عن نظام دولة أقامه المسلمون بمتعدد النظم التي مرت بها منطقة كانت بسلطة من تولوا امر ناسها، فمن الخلافة والشورى في الانتخاب بطرق متعددة فلا يوجد نمط تسير عليه الأمور لضعف الاتصالات وشحة الآليات إلى الملوك باسم الخلافة، إلى السلاطين بوجود الملوك إلى السلاطين بالتغلب، لكن هنالك منظومة مرافقة للمنظومة السياسية وهي منظومة الأخلاق والشريعة بشكل عام، التعليم، القضاء المستقل من لحظة تعيين القاضي من أي من الذين مضى ذكرهم، إلى عزل القاضي أو إبداله لكن ما بين الزمنين لا تأثير قطعا على القاضي وحكمه بل لم يجرؤ احد على ذلك لأنه انتقاص من شرعية الحاكم وإهانة للشريعة، نعم يستطيع إبدال القاضي لكن لا ولاء من القاضي الآخر إلا للشريعة بل سيصعب عليه إيجاد من يتولى القضاء وهذا يجعل منه شخصا غير شرعيا أمام الجمهور.

دولة إله ودولة أمة

فالنظام الذي قاده مسلمون لم يؤسس لدولة هي الاله بل دولة تحتاج صاغرة لموافقة (الأمة) كي تكون شرعية، فمهما طغى الحاكم سيجد أن انتقاص شرعيته سيجعله هدفا لمتغلب آخر، وهذا مهم لحاكمية المنظومة الأخلاقية من ناحية ولكن لتآكل المنظومة ككل نتيجة التشوهات لأنها لا تكامل تطبيق المنظومة عند المتغلبين وسيادة التقليدية جعلت تدني في الفهم ليكون انطباعا ويفقد بذلك جذور وجوده في النفوس.

الدولة الحديثة هي دولة اله تدخل في التفاصيل الحياتية للناس وتطلب طاعتها وبرضى تام، ولا ترتكز على منظومة أخلاقية نابعة من جذر عقدي، وإنما من ضروريات اقتضتها الحياة المدنية كالمعاملات التجارية أو الجودة الصناعية، واهتمام الدولة بالعاطلين أو الضعفاء لحد ما ، لكن بقت عوامل حاكمة كالتامين على الصحة والحياة في إدارة خاصة لحركة المال، فلو قلنا أيوجد بديل عن التكافل في مجتمع مسلمين فالجواب نعم وهو ما تقوم به الدولة وتعوضه من الضرائب، فالمواطن يدفع أموال التكافل لكن لا يحس بها كعلاقات إنسانية وإنما هي خضوع للدولة وإرادتها وليس لقيمة أخلاقية.

الدولة في الحداثة دولة تحتكر السلطة والقتل إن أرادت وتجريم من تريد والشرعية لما تريد، فعندما أرادت الولايات المتحدة تحريم الخمور لأسباب غالبا اقتصادية، قتلت ولاحقت ودمرت، من يهرب الخمر أو يصنعه، ودونما ارتكاز لقيمة أخلاقية وإنما هو امر دولة لكنه بعد يوم واحد أصبح مقبولا وشرعيا، وزواج المثليين الذي اقر 2007 وكان محرما قبل هذا، فالمسالة أن تدخل الشاذ من الفعل في القانون يصبح شرعيا بل تطالب به الحداثة أقواما آخرين لتطبقه وقد كان ممنوعا عندها قبل هذا، فسيادة القانون يعني سيادة الدولة وليس قيمة أخلاقية أو نحو هذا، وهذا حتما سيخلق بونا شاسعا بين القيم والتطورات الغريبة، وتأثير الشاذ الذي اصبح مقبولا على المجتمع الذي يجب أن يتعامل ويحترم ما يراه غير صحيح لأنه سيحاسب قانونا إن ابدى امتعاضه على ما أقرته الدولة.

أزمة مجهولة

هنالك إذًا أزمة كما وصف كتاب الدولة المستحيلة وهنالك نخر في النظام والمجتمع وهنالك تدني للقيمة الإنسانية متلبسة برقي القيمة الإنسانية وفق تعريف الدولة الاله أمام ضغط عالم الأشياء وتباعد عالم الأفكار القيمي عن إثبات حاكميته، وهذا ينسجم مع حالة رفض الموثوقية التي انطلق منها ما يسمى عصر التنوير كرد فعل على قيم أخلاقية تطبق بانتقائية أو تعتبر مقدسة لان من نطقها كاهن وبسلطة ميتافيزيقية حلت الدولة محلها تماما ولم يتغير وضع الإنسان إلا للأسوأ كقيمة حقيقية في الشعور بالحياة والعلاقات الإنسانية فكلها خاضعة لقانون العقوبات.

هذا حدث في المجتمعات التي استضافت الحداثة دون فهمها، فازدواج السلوك وضعف القيم وغياب تأثير الشريعة وانحسارها على مستوى شخصي بلا توعية أو تربية أوصل الأمم إلى انحدار حضاري فكري ناهيك أن الحداثة لم تعدهم بالتقدم المدني بل أتت تريدهم سوقا ولتحقق ما تراه مناسبا لها في تلك المجتمعات.

هل يمكن أن يكون تفاهما بين الحداثة ومجتمعاتنا، نعم هذا ممكن ولكن كيف يحتاج شرحا ملخصه لا يوضحه؛ أن المدنية هي جهد بشري ممكن أن يرتدي ثقافة وقيم أي من الأمم.

                                                                                                 محمدصالح البدراني

السبت، 12 فبراير 2022

8 عملة (نفط) الموحدة

 


 


 

ومضة المقال

في منطق العملات أن تحدد قيمة العملة بثروة طبيعية أو قوة اقتصادية من نوع ما ولكن ليس العكس الذي يحصل في تحديد سعر النفط بالدولار، والدولار لا دعم له إلا قبول الدول النفطية التعامل بالدولار كعملة قيمة للنفط، ونشهد هبوط لقيمة النفط مع هبوط قيمة الدولار الشرائية والتي لا توازن فيها؛ الخبير الاقتصادي الصيني سونغ هونغ ينغ[1]، واضح جدا أن ارتكاز الولايات المتحدة اقتصاديا هو على نفط الخليج الذي أعطى هيمنة للدولار على الاقتصاد العالمي، وهو مرتكز على ضمان امن وهمي للأنظمة العربية الخليجية، هذا الأمن المطلوب فعلا كحقيقة ولكن ليس بدوار الخوف باختلاط مصالح تحتاج مراجعة بعد تغيير الوقائع على الأرض.

أساس المشكلة:

·      المشكلة الأساسية أن الدول النفطية تحتاج تطويرا في الهيكلية الإدارية وصنع القرار بما يعزز وجودها بحيث تكون قوية.

·      أن هنالك انهيار كبير للدولار وبالتالي هذا سيجعل أو متاتي من انهيار النفط، فالانهيار متبادل بين الثروتين ووفق الخبير المذكور لابد من إيجاد وسيلة للنجاة.

·      أن دول الخليج بحاجة إلى حماية من نوع ما وهذا امر طبيعي في بلدان ثرية وصغيرة أحيانا؛ وكأي بلد هي حماية لثروته وليس لنظامه فالنظام يعالج إداريا لكن الثروة تحمى عسكريا أو بتقليل التحديات.

الحلول المتاحة:

يقول الخبير الاقتصادي الصيني أن الحل ربط العملات بالذهب، أو النفط بالذهب.

ربط النفط بالذهب هو كربط الذهب بالذهب لمن يملكه، فالبلاد العربية تملك ذهب الموارد ومنها النفط، لكنها ليست منتجة للذهب لتربط عملتها به، لكن السؤال هنا أي عملة ممكن أن تربط بالنفط ولا تقبل الدول البيع بغيرها، أهي الدرهم أم الريال أم الليرة التركية أم التومان الإيراني، ثم ما حاجة أصحاب الثروة للبحث عن عملة يظن أن بها القوة والقوة في داخلها ومنها.

عملة (نفط)

إن الدول النفطية بحاجة أن تتوحد وان تكون الدول القوية منها حامية للدول الأضعف وان تصدر لها عملة ولتكن على سبيل المثال اسمها(نفط) يجري التبادل بها بدل الدولار ورصيدها نفط وموارد هذه الدول الغنية بالثروات المعدنية بأنواعها، وان تجري هذه الدول تحالفات اقتصادية وتنتبه إلى الأمن المجتمعي والغذائي عندها بدل الرعب الذي ثبت أن الدول المستفيدة تستغل خوفهم من بعضهم لتبيع لهم ما تريد وتهددهم ببعضهم متى ما تريد، وانها تجعل فعليا بعضهم يضر بعض لكي لا تنشأ أية روابط بينهم مع تعاظم التقليدية في النظم الإدارية المدنية وليس في الفكر الحضاري الذي من الواضح أن هنالك بدايات سريعة للتخلي عنه وهو أساس وجودها الحقيقي وحمايتها الفعلية من التفكك والانهيار.

إن على الدول النفطية أن تتوحد وان تلتئم مع الدولة الأقوى صناعيا وعسكريا وهي تركيا وان تتجه إيران لذات البعد المدني لتتمكن من التفاعل مع الإيجابيات وبهذا يحمى الجميع ليس ليكون قطبا ضد الولايات المتحدة أو غيرها وإنما لخلق حالة من التوازن، والحفاظ على الثروات ومصالح الشعوب وحقهم في العيش الكريم، الولايات المتحدة ممكن أن تكون فيه أو أي من الدول الصناعية شريكا في استثمارات متبادلة، وهو امر مهم لحماية المصالح المشتركة وانسيابية التجارة الدولية النفطية وغيرها من التبادلات؛ ولكن ليس بهيمنة تجعل المنطقة قلقة يولد إنسانها ويموت وهو لا يعرف معنى الحياة.

إن الحلول الإدارية دوما متاحة وممكن أن تقدّم لتجديد نظم إدارة الحكم و تكون ناجحة وعصرية وقابلة للديمومة ومستمرة في العطاء دون الحاجة لتنازلها عن ثقافتها وقيمها التي هي رصيد الأمة وما تفتقده الحداثة هو ما تتنازل عنه هذه المنطقة من العالم وهذا كقطع الغصن وأنت تقف عليه، رغم أن مظاهر الحداثة واختفاء مرضها بدرع الوصف أنها نمط حياة مازالت تغري وهي آيلة إلى الانحدار، وان التوحد على درب النجاة بين دول المنطقة ضروري لنفع البشرية، خير من صراع كصراح التيس على حافة جرف من صخر فلا الرابح ناج ولا الناجي هو الخسران

     رابط جريدة الزمــــــــــــــــــــــــــــــــان اللندنية

https://www.azzaman.com/%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%86%D9%81%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A/

موسوعة الأخبار

https://hathalyoum.net/articles/2917338-%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%86%D9%81%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%E2%80%93%C2%A0%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD-

تنبيه: المقال هنا في تعديل بتصرف وإيضاح عما نشرت الجريدة



[1] برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة / تقديم الأستاذ احمد منصـــــــور 

الجمعة، 11 فبراير 2022

الإنكـــــــــــــــــــــــــــــار

 

الإنكـــــــــــــــــــــــــــــار

 

فلسفة تحمل المسؤولية

·      المسؤولية عن العمل لها فلسفة مهمة فهي اختبار أداء لمنظومة العقل في عملية اتخاذ القرار، واختبار بالمجمل لعمل أي منظومة إدارية أو فنية.

·      هي نوع من آليات التطوير والحصانة للشأن الخاص والعام

لكن لطبيعة المجتمع الباحثة عن المثالية واعتبار الخطأ في القرارات عيب ينقص من قيمة الإنسان وهذا التصور المنزه لبشر أصلا لا يملك في خلقه الكمال هو خطأ شنيع في منظومة التفكير القيمية لتقييم الناس.

المسؤولية تأتي معها المسائلة؛ ومساءلة الذات هي مساءلة كما المساءلة الشعبية أو مساءلة الإداري عن إدارته أو الفني عن الإنجاز، فالأصل قناعة المسؤول بما يعمل وإقناع الناس يأتي بظاهر الإنجاز وإقناع رب العمل بما يتحقق له من عمل به ديمومة وديمومته هي شهادة الجدوى والنوعية والدقة والإخلاص.

كيف يتعامل العالم مع هذا الأمر

الأمم تقبل بناقدين لكل تفاصيل نظمها، بل تسهل لهم ترتيب ندوات وقاعات كبيرة تتسع لجمهور كبير وتسجل محاضراتهم التي تنتقد النظام الرأسمالي والحداثة، ومن ابسط الأمور إلى أكبرها وكل ما يتعلق بالمحدثات ونرى ناقدين وفلاسفة يتحدثون بعمق وقسوة عن النظم، هذه النظم لا تفعل ذلك لمجرد التسامح فقط بل إن أمثال هؤلاء يشخصون فجوات لا يراها من هو داخل المنظومة كعامل بها ويرى الإيجابية ويتمناها، ومن هنا يجري سد الثغرات.

الإنكار الوهمي

تجد غالبا في المجتمعات المتخلفة من لا يقبل أن يكون مخطئا أو يعتذر، لأنه يعتبر أن الاعتذار دليل الفشل واعتراف به وقبول بنتائج الحكم عليه كفاشل وفي هذا انتقاص من قدراته وأوهامه بالتفوق أو انه سيحقق النجاح، ولعلها تعتمد على ثقافة مجتمع ففي قاموس اللغة د تجد معنى مساءلة ليس التحقق وإنما اللوم، لهذا فهو حتى إن اجبر على الاعتذار فهو يطرحه بشكل تبريري، اني لم انجح لان المعلم لم يشرح الموضوع جيدا أو اني لم أفز لان حكم المباراة ضدي، أو هنالك من يتعمد إفشالي، ولا تستغرب إن أتى نادي لكرة اليد مثلا  أو مصمم لعمارة بخبير أو  مركز بحثي ليقول أن التصميم ممتاز وان لا غبار عليه فاذا فشل الفريق أو سقطت العمارة فالحكم ومراقب الخط هما السبب أو سقوط العمارة لان السكان عدد نفوس أسرهم كبيرا، والحقيقة أن لا الجمهور ولا من يحقق بالكوارث يصدق ما يوهم به امين النادي أو مالك العمارة نفسه بما يعرف حقيقته، فهذا الإنكار الوهمي هو مرض في الحقيقة وينبغي مواجهة الذات قبل أي احد آخر بدل خداع الذات ليستعد النادي موضوع مثالنا على تحسين الأداء وربما تغيير المدرب أو اللاعبين أو الاستعانة بتقنيات أخرى ليرتقي النادي بدل أسلوب الإنكار الذي يقود للفشل ويضيع الوقت ويحمل المسؤولية لمن ينكر تحملها ويفقد الثقة عند المشجعين بان هنالك خللا في المصداقية عند النادي لا ينفع معه أي محاولة للترقيع.

إن خداع الذات هو تضييع فرصة عمل على الإصلاح بالظن أن ما قمنا به صالح لا يأتيه الخلل من أي جانب، بل علينا أن نقول إن ما فعلناه نراه جيدا، ومن يرى عيبا فيه فليدلنا على كيفية إصلاحه، وهنا تجب الإشارة أن الانتقاد ليس كالنقد فمن يرى الخلل فليضع الحلول أو يشير إليها، لان تبيان العيوب انتقاد لا يأتي إلى حل وإنما تشكيك في عمل ربما يكون صوابا.

زبدة القول

أن الحفاظ على مكاسب سابقة لا يأتي بإنكار الواقع، بل بتصحيح الأساليب والتكيف مع الواقع، كما أن علينا أن ندرك أن مصارحة الذات بالمرض أولى خطوات الشفاء فهي من سيدلك على الطبيب وهي من سيساعد الطبيب عندما تصف له الأعراض، والطبيب سيشخص وفق الأعراض ومعاينته لك المرض فيقرر نوع الفحوصات ثم العلاج كما أن النقد ـــــــــ وهو تبيان المحاسن والمساوئ لغة ـــــــــ مفيدا جدا في رسم الطريق إلى الصالح والأمثل، وهو الأسلم من السقوط في وهم الإنكار.

 

رابط رووداوو

https://www.rudaw.net/arabic/opinion/110220221

 الصورة : من العربي الجديد


 

 

                                                                                           

الاثنين، 7 فبراير 2022

الحداثة والشرق الأوسط


الحداثة والشرق الأوسط

تباعد المسافة بين الرقي المدني والقيم الأخلاقية يولد تدني للقيمة الآدمية  

 

النظام الرأسمالي منظومة متكاملة

الحداثة أتت كرد فعل تصاعدي على الثيوقراطية الدينية والثبوتية، لكنها وقعت في الثيوقراطية والثبوتية العلمانية، وغادرت التقديس إلى التيه بحدود القيم، فبعد ثورة التنمية والثورة على حكم الهوى من رجال الدين باسم الدين وامتصاص الناس انعكس الأمر إلى البعد عن اليقينيات والثوابت فبات كل شيء قيد النقاش فلا حقيقة إلا ما ترى وهي في هذه الحالة الالة والمنتج ولوازم الاستقرار التي تتيح للمدنية بالتطور، فهنالك رعاية للأعراض الجانبية للرأسمالية بان تأخذ الدولة الدور القيمي في مساعدة المحتاجين بدل التكافل المجتمعي، أو تقوم منظمات المجتمع المدني بهذا، لكن كل هذا ترقيع لا يقوم عن قيم عند الناس أو كفئ بل هو سد الثغرات.

الحداثة بالنسبة لمجتمعنا نظام مدني تطور تقني وتكنولوجي، لكن تصور الناس للحداثة هو أماني وأوهام لا تمثل الحداثة، فهم ما بين ناكر لقيم مجتمعه فيصطدم مع ثقافة قومه أو انطباعاتها، وما بين انطباعات عن شرح المصطلحات الحداثية مع المفاهيم الإسلامية وهذا خطأ كبير متخلف حقيقة الأمر وقعنا به جميعا بادئ الأمر وآن زمن تصحيحه.

هنالك من يتخيل أن بالإمكان نقل تجربة رأسمالية باتجاه التحول نحو اقتصاد السوق وهذا سوء فهم للتطبيق فالنظام متكامل يعالج ما استطاع من سلبياته، لكن نقل قطعة منه خارج النظام تعني كوارث اقتصادية.

ارتفاع مدى الضغط النبضي

الحداثة عرجاء، وعدت أن سعادة الأنسان بهذا التطور المدني وما ينتجه وفق توصيف عالم التاريخ البرفسور وائل حلاق منذ انطلاقها بما يسمى عصر التنوير لكنها تتداعى الآن إلى منزلق يسيء إلى تكريم الإنسان وقيمته، استعاضت عن ثيوقراطية الدين الذي بلا شريعة واعتبرت رجالاته أن كلامها مقدسا بثيوقراطية العلمانية بآلهة متعددة، منها إله العلمانية نفسها عند أوربا والتي تطعم بعصبية تستدعيها غريزة التدين، أو بإله الرأسمالية الذي اتخذ من كل الآليات، كالديمقراطية واللبرالية وحقوق الإنسان أدوات لتيسير ألوهية الدولة والقبول بكيانها ونظامها كما في أمريكا، حتى أن هنالك مفاضلة لمن يريد التوطين هل تؤمن بالنظام، الآليات تتعامل مع القيم منطقيا فترفض المستحدثات في جنوح القيم ثم تقبلها، مثلا من الناحية الاجتماعية، العلاقات بلا زواج، أو زواج المثليين، في البداية قومت بشدة ثم قبلت عندما أصبحت بقانون، نرى أن هذا القانون هو مفتاح الحلول، أن يبقى كل شيء منضبط بالدولة، وكأنها تشبه ولاية التغلب والمتغلب هو الدولة، هي من تمتلك السلاح، هي من اذا قتلت فقتلها شرعي، هي من تسن القوانين ويصوت عليها في مجالس ديمقراطية، والديمقراطية كما حقوق الإنسان واللبرالية كلها آليات لحماية أصحاب المصالح وراس المال وعموم الحراك المدني الذي لم ينجح في أحداث القيمة الإنسانية الحقيقية، وبالتالي مع الزمن يتباعد ضغط المدنية علوا مع انخفاض في ضغط القيم فنجد تعاظم في الضغط النبضي ما بين الاثنين فبالتالي تمتلئ رئة التنفس الإنساني(التوازن) فتختنق الأدمية والبشرية.

الدولة ـــــــــــــكما يصفها حلاق ــــــــــــــــ دولة مستعمرة وهذا حقيقة وصف يطابق نشأتها وحاجتها إلى أسواق ومواد خام، فهي لا أخلاقية أيضا لأنها كانت تنقل المدنية بمظاهرها الاستهلاكية وقشورها ليبقى المستهلك متخلفا ـــــــــ كما ينوه د. رفيق حبيب ـــــــــــــــ ناهيك عن تصميم النظم لتقاد بطريق طاردة للكفاءات، فعندما احتلت الولايات المتحدة العراق كانت الناس بعقليتها القديمة ونظرتها للحداثة بإيجابيه فتوقعت أن يجري تقدما مدنيا ومشاركات وارتقاء ، لكن ما حصل كان كما يرى من خيبة امل وقلاقل، هم كمحتل معنى البناء مختلف عندهم، لكن الناس أملت فتخلت فازدادت تخلفا وخراب في البنيان.

يريدون أن يصدروا الحداثة إلى مجتمعات أخرى كالإسلامية، بطرق شتى إعلامية وثقافية، والبنك الدولي أو الحرب إن وجد تصور لخطر ما محتمل، وقد أبدعت المجتمعات المهزومة في تبني السلبيات وهجران القيم بلا فهم، أو قاومت بتقليدية فتضرر الجميع.

أين المشكلة:

القيم الإسلامية التي تحتاجها الحداثة والتطور المدني لضبط إيقاع المجتمع، كحاجة مجتمعنا إلى التطور المدني تماما؛ بيد انهما لم تتحاورا، فخوف الدولة الاله من تاريخ بني على الانطباع والكراهية للإسلام لا يحتمل إلا يضيع فرصة إحداث التوازن النبضي المؤدي إلى انهيار مأساوي.

الإسلام وقيمه ليس له وجود في الواقع، وواقعهم مشوه مغلوط انطباعات عن كل شيء بلا عمق، لهذا فبين الاثنين حاجز يمنع الإصلاح، مشكلة الحداثة مع الدين الإسلامي إسقاط لتاريخ غربي بقيم بعيدة عن الإسلام الحضاري، لكن المسلمين ابتعدوا أيضا عن فهم الإسلام كمنظومة أخلاقية بمنظومة تنمية التخلف، والمنقول هو تاريخ تخدير وسلبيات ومشاكل بصيغة وصف لا يبني دولة ولا يبني إنسانا، فالمصلحة التي تؤلف الناس بالمحبة والائتلاف في سبيل رضا الله غابت، وشوه بعضه لتكون المصلحة في الاختلاف والكراهية، فالحاجة بنهضة حقيقة الإسلام مهمة ومفيدة للعالم ككل ليبني علاقاته على التكامل وليس الاستغلال والكراهية التي تنحدر بالآدمية.

رابط كتــــــــــــــابات:

https://kitabat.com/2022/02/07/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d8%a7%d8%ab%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b3%d8%b7/

رابط المستقل:

https://almustaqel.net/?p=10889

 

136- جدلية ازدواج الشخصية في المجتمعات.. استعمار الأفكار (2-2)

 رابط عربي 21 صراع  قيمي الذي في مجتمعنا مهما كان دينه، هو متعرض لإضافة قناعات إلى فِكْرِهِ من مراجع فكرية متعددة غزت المنطقة والآن الكثير م...